تونس – «القدس العربي»: استبعد الأمين العام لـ«حركة الشعب» زهير المغزّاوي قيام حزبه بأي تحالف مع «جبهة الإنقاذ» والتي قال إنها تشكلت على مقاس أشخاص يطمحون لـ«وراثة» الرئيس الباجي قائد السبسي في الانتخابات المقبلة، كما انتقد قيام أطراف سياسية بتسويق نفسها كممثل للدولة التونسية في ما يتعلق بتقديم مبادرات لحل الأزمة الليبية دون أن يكون لها أي تكليف رسمي بهذا الأمر، مشيرا إلى أن الأطراف الليبيين المشاركين في هذه المبادرات لا يملكون أي قوة لتنفيذها على أرض الواقع.
ودعا أيضا الدولة التونسية لعدم الخضوع للضغوط الغربية للقبول بعودة المنتمين للجماعات الإرهابية واستضافة المهاجرين غير الشرعيين، كما أشاد بالمصادقة على القانون المتعلق بالانتخابات البلدية، مشيرا إلى أهمية ابتعاد المؤسستين الأمنية والعسكرية عن التجاذبات السياسية في ظل المحاولات المستمرة لـ»وضع اليد على هاتين المؤسستين منذ الثورة وحتى الآن».
وأضاف المغزاوي في حوار خاص مع «القدس العربي»: «موضوع التحالف مع جبهة الإنقاذ غير مطروح في الوقت الحالي، لأن هذه الجهة تشكلت على مقاس بعض الأشخاص الذين يطمحون لوراثة الباجي قائد السبسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة ، وداخل هذه الجبهة ثمة مكونات (شخصيات) تسعى لأن تكون هي الرئيس القادم، وهذه الرغبة ستعطل عمل هذه الجبهة وستكون عائقا أمام تقدمها».
وفي ما يتعلق بالمبادرة المقدمة لحل الأزمة القائمة في ليبيا، قال المغزاوي «نحن ندعو الدولة التونسية (رئاستي الجمهورية والحكومة ووزارة الخارجية) لمسك زمام المبادرة لحل الأزمة في ليبيا، ولا نريد للأحزاب أن تتصرف في البلاد وكأنها هي الدولة، كما يحدث الآن مع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، ونحن للأسف كنا سابقا غائبين تماما عن الموضوع الليبي ولم نقدم أية مبادرات، في حين أن عدم استقرار ليبيا يؤدي إلى عدم استقرار تونس، وقد تحدثنا منذ أشهر في هذا الموضوع مع رئيس الجمهورية وقدمنا تصورا لعقد مؤتمر لدور الجوار الليبي يتضمن جدول أعماله مساعدة الليبيين للخروج من حالة اللادولة والفوضى والحيلولة دون تمدد الجماعات الإرهابية المتمركزة في ليبيا وقطع الطريق على التدخل الخارجي، مع الأسف لاحظنا أن الحكومة والخارجية تقريبا غائبة والغنوشي يتحدث الآن عن هذه المبادرات».
وأضاف «يمكن لأي سياسي أو شخصية إعلامية أن يساعد في الموضوع الليبي حين يكون ذلك بتكليف من الدولة التونسية، ولكن أن يتصدر حزب ويقدم مبادرات في السياسة الخارجية التونسية خارج إطار الدولة فهذا مؤشر للفوضى وليس للدبلوماسية الشعبية، لأن من يقوم بالدبلوماسية الشعبية يقوم بها مع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني في البلدان المستهدفة وليس مع الدولة لأن علاقة الدول تكون بالدول وعلاقة الأحزاب تكون مع الأحزاب أو المجتمع المدني، ونحن نعتقد أن المبادرات الخارجية التي قُدمت في الموضوع الليبي لا يمكن أن تنجح طالما لم تراعِ القوى الحقيقية الموجودة على الأرض في ليبيا، وسبب فشل هذه المبادرات حتى الآن أن (الاجتماعات) تُعقد في الفنادق الفخمة ثم حين يعود الفرقاء إلى ليبيا لا يجدون من ينفذ هذه المبادرات لأن من يتصدّرونها لا يملكون قوة على الأرض». من جانب آخر، تحدث المغزاوي عن ضغوط تمارس على رئاسة الجمهورية والحكومة من قبل جهات غربية (لم يحددها) للقبول بعودة المنتمين للجماعات الإرهابية واستضافة المهاجرين غير الشرعيين، وأضاف «نحن نتذكر ما حدث بعد عودة الجماعات الإرهابية من أفغانستان إلى الجزائر، ولذلك نحن طلبنا من الرئاسة والحكومة ألا تخضعا للابتزاز والضغوط والمقايضات التي تقدم لتونس اليوم والتي تتعلق بقبولها استضافة هذه الجماعات مقابل تقديم مساعدات للخروج من الوضع الاقتصادي المزري، ونعتقد أن هذا الموضوع غير قابل للمقايضة والتونسيين لن يقبلوا بعودة هذه الجماعات التي ستكون قنبلة موقوتة على تونس والجزائر، ونحن نؤكد مجددا أن أمن تونس وشعبها ليس للمساومة والمقايضة».
وكان البرلمان التونسي صادق أخيرا على القانون الانتخابي المعدل (بعد تأخر دام أشهرا عدة) والذي يتضمن فصلا يمكن عناصر الجيش والأمن من المشاركة في التصويت في الانتخابات البلدية المقبلة، وهو ما أثار ردود فعل متفاوتة لدى عدد كبير من التونسيين.
وقال المغزاوي «المهم أنه تمت المصادقة على هذا القانون لأن البلاد لم تعد تحتمل أن تبقى بدون انتخابات بلدية في ظل الأوضاع التي تعيشها البلديات في مختلف الجهات، تعطلنا كثيرا في جدل عقيم لأنه لم يحصل نقاش جاد في هذا الموضوع منذ البداية، فحزب «نداء تونس» كان يعتقد من خلال تحمسه المبالغ لتصويت الأمنين والعسكريين أن المؤسسة الأمنية والعسكرية مضمونة، وحركة «النهضة» من خلال رفضها المبالغ فيه كانت تعتقد أن الأمن والجيش غير مضمون في الانتخابات (على صعيد التصويت لها)، في حين النقاش المهم في هذا الموضوع هو كيف نضمن للأمنيين والعسكريين المشاركة في الانتخابات البلدية دون أن تسقط هاتان في التجاذبات السياسية خاصة أن محاولات وضع اليد عليهما قائمة منذ الثورة وحتى الآن». وأضاف «أعتقد أن المشروع الذي قدمته الوزارة (الشؤون المحلية) فيه ما يضمن مشاركة الأمنين والعسكريين في الانتخابات مع حيادهم عن كل التجاذبات السياسية، وبالتالي فالبرلمان خطا خطوة مهمة، عبر المصادقة على القانون، في اتجاه إنجاز الانتخابات والكرة الآن في ملعب هيئة الانتخابات حتى تعد الانتخابات بشكل جيد يضمن حياديتها ونزاهتها لتُعبّر بشكل حقيقي عن إرادة التونسيين».
وحول موقف حزبه من زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تونس والتي عبرت أطراف سياسية عدة عن رفضها، قال المغزاوي «هذا الأمر من مشمولات رئاسة الجمهورية وليس من اختصاصنا ولا يمكن أن نحدد لرئيس الجمهورية من يستقبل ومن يوجه له دعوة زيارة، وعموما السيسي هو رئيس جمهورية مصر العربية وسبق للسبسي زيارة مصر، كما زار تونس عدد من الرؤساء لدينا موقف من زيارتهم ولكننا رغم ذلك لم نحتج على هذه الزيارة، وبإمكاننا عموما انتقاد السيسي أو غيره، ولكن لا نستطيع تحديد من يستقبل رئيس الجمهورية، كما أسلفت.
وعلى صعيد آخر، أكد أن حركة الشعب بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مؤتمرها المقبل الذي من المفترض عده في بداية آذار/مارس، مشيرا إلى أنه سيتم خلال هذا المؤتمر «تقييم المرحلة السابقة سواء فيما يتعلق بعمل الحركة خلال السنوات الماضية أو الوضع الذي تعيشه البلاد والأمة العربية والعالم، كما سنحدد مسؤولية الحركة في المرحلة المقبلة وسنحاول تثبيت خطها السياسي وعلاقتها بمختلف الأطراف السياسية الفاعلة في الساحة السياسية، وموضوع الانتخابات البلدية المقبلة».
تأبى الطبيعة الفراغ و الركود.. من هذا المنطلق تحرك الشيخ راشد مستغلا علاقاته الطيبة مع جميع الأطياف السياسية الليبية.. و لن يثنه أحد عن هذا التحرك الذي يخدم مصلحة البلدين.. و ما على الأحزاب الأخرى الا الانضمام الى هذا المسعى النبيل.. أما الحديث الأجوف في المنابر الاعلامية فلا يزيد الموقف الا ركودا و تعقيدا..