زيارة «تاريخية» لملك السعودية إلى مصر ستنعكس آثارها على المنطقة

حجم الخط
3

الرياض ـ «القدس العربي» من سليمان نمر: لا أحد يمكن أن ينكر أن زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر، التي انتهت أمس، كانت زيارة تاريخية بكل المقاييس، ومن المفروض ان تحقق نتائج تاريخية ليس على صعيد العلاقات الثنائية بين القاهرة والرياض فقطـ، بل على صعيد مواجهة الأوضاع المتدهورة في العالم العربي لاسيما مواجهة المشروع الإيراني في الهيمنة على المنطقة، والتصدي للإرهاب الذي يهدد أمن واستقرار الدول العربية .
فلأول مرة يقوم عاهل سعودي بزيارة لمصر تستغرق هذه المدة الطويلة (خمسة أيام). ولأول مرة يصطحب عاهل سعودي معه وفدا رسميا وشعبيا وإعلاميا يضم مثل هذا العدد الكبير (ثمانمائة عضو).
ومن برنامج الزيارة يبدو واضحا أن الملك سلمان لم يرد أن تكون زيارته لمصر «رسمية» يعقد خلالها محادثات رسمية مع الرئيس المصري فقط، ولم يردها أيضا اقتصادية فقط، تقدم فيها المملكة بعض ما تحتاجه مصر من مساعدات اقتصادية تنقذ اقتصادها المتهاوي – كما تعامل معها بعض الإعلام المصري الساذج – بل أراد الملك السعودي أيضا أن تكون زيارته «شعبية»، لا للترويج لشعبيته ولمحبته عند المصريين، بل للترويج للعلاقات بين الشعبين السعودي والمصري، لذا لاحظنا أنه اصطحب معه800 من أعضاء مجلس الشورى والإعلاميين ورجال الأعمال، ليلتقوا رموز الشعب المصري من سياسيين وإعلاميين ورجال اقتصاد، وليؤكد أن اواصر العلاقة بين المملكة ومصر ليست مرتبطة بالمصالح السياسية والاقتصادية والأمنية فقط، بل هي مرتبطة بتواصل تاريخي بين الشعبين، ومن هنا لاحظنا أنه التقى شيخ الأزهر وقام بزيارة إلى المسجد الأزهر الشريف ليؤكد على وسطية الإسلام السعودي مثلما هو معروف عن الأزهر تسامحه ووسطيته، والتقى مع بطريرك الارثوذكس – وهي المرة الأولى التي يلتقي عاهل سعودي بالبطريرك الأرثوذكسي – ليؤكد على انفتاح المملكة على كل الأديان، والتقى أعضاء البرلمان المصري حين زارهم في مجلس الشعب، وزار جامعة القاهرة التي منحت له الدكتوراة الفخرية، وزار مستشفى القصر العيني الذي قدمت السعودية المنحة المالية المطلوبة لتطويره .
وكل هذه الزيارات والبرنامج الحافل الذي أعد لزيارة للملك سلمان – بناء على طلبه – لمصر، تؤكد مشاعر المحبة والود الخاص الذي يكنه لمصر وشعبها، وهذا ما عبر عنه في موقعه على تويتر حين كتب «لمصر في نفسي مكانة خاصة، ونحن في المملكة نعتز بها، وبعلاقتنا الاستراتيجية المهمة للعالمين العربي والإسلامي، حفظ الله مصر، وحفظ شعبها».
وللعلم فإن الملك سلمان كان أول مسؤول سعودي يلتقي بالرئيس المصري رسميا وذلك في باريس عام 1986، وأول مسؤول سعودي يزور مصر عام 1989، بعد القطيعة المصرية والعربية مع مصر بسبب توقيع الرئيس السادات لاتفاقات كامب ديفيد.
ويرى إعلامي عربي رافق العاهل السعودي – حين كان أميرا للرياض – لسنوات طويلة، أن الملك سلمان بخلفيته التاريخية «عروبيّ الفكر»، ويشار في هذا إلى ما قاله في القاهرة في مؤتمره الصحافي الجمعة الماضي حين قال «قوتنا كعرب في توحدنا»، وأيضا حين قال للأمين العام للجامعة العربية السابق عمرو موسى خلال لقائه به في حفل العشاء «أنا أكره إسرائيل واحب عمرو موسى».
وبسبب فكره العروبي يبدو الملك حريصا على علاقة المملكة مع مصر لمعرفته، أن لا عالم عربيا قويا بدونها .
ومن هنا يمكن فهم كل هذا الإغداق السعودي بالمساعدات المالية على مصر، وكل هذا الحرص السعودي على مساعدة مصر لإنقاذها من الانهيار الاقتصادي .فمصر بسبب همومها الاقتصادية والأمنية غاب دورها في العالم العربي ولم يعد لها أي كلمة في ما يمر به العالم العربي من حروب ومخاطر ومشاكل، وهذا شيء يجب الاعتراف بأن السعودية ومعها معظم دول الخليج الأخرى لا تريده .
والمملكة ومعها حليفاتها الخليجيات تدرك تماما أن انهيار مصر اقتصاديا وتحول مصر إلى دولة فاشلة أمر يهدد أمنها القومي ويضيف مزيدا من الفوضى المدمرة في المنطقة، لذا سارعت معظم الدول الخليجية إلى تقديم المساعدات والمنح المالية لمصر ليس فقط لاحتواء نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أطاح بحكم «الإخوان المسلمين».
لقد أكدت الأحداث التي مر بها العالم العربي والمواجهة التي تتصدى بها السعودية للمشروع الإيراني للهيمنة على العالم العربي، أن السعودية لا تستطيع ذلك لوحدها، كما لا تستطيع وحدها قيادة التحالف العربي الإقليمي (السياسي والعسكري) الذي تسعى إليه الرياض لخلق توازن إقليمي مع إيران أو غيرها من القوى الإقليمية والدولية.
فمن هنا بدا خلال العامين الماضيين أن الرياض هي التي تسعى وراء مصر، رغم بعض الاختلافات في المواقف السياسية التي كانت تظهر بين حين وآخر، ورغم بعض التفسيرات «الخرقاء والساذجة» لبعض الإعلام المصري حول العلاقة مع المملكة .
ويجب الاعتراف أن الرياض هي صاحبة الفضل في إنشاء مجلس التنسيق الأعلى مع القاهرة وهي التي نشطت في تطوير العلاقات الاقتصادية و تقنين المساعدات المالية والتي وقعت اتفاقياتها خلال الأيام الخمسة للزيارة التاريخية للعاهل السعودي .
والآن بعد أن انتهت هذه الزيارة السعودية الأولى من نوعها لمصر، والتي شهدت «سخاء» سعوديا فاق التوقعات، وشهد فيها الملك سلمان ومملكته «عواطف مصرية جياشة»ينتظر الجميع أن تسفر هذه الزيارة عن نتائج تاريخية ليس للمملكة ومصر فقط، بل وللعالم العربي، وأولها عودة مصر لدورها العربي حتى تقود مع السعودية معارك التصدي للحروب والفوضى التي تحيق بالعالم العربي.(تفاصيل ص 3 ورأي القدس ص 23)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد سلامه & فلسطيني من الماينا:

    للحصول على الجزيرتين فان 5 ايام لاشيء يذكر مقارنة مع دول تحارب عشرات السنين لاجل جزيره فما بالنا جزيرتان وكان لزاما على الوفد السعودي الدخول لقاعة البرلمان المصري لاخذ التوقيع التشريعي وبذا يكون التوقيع الرئاسي والسلطتان التنفيذيه والتشريعيه في جيبه ثم يغادر سالما للاستجمام في تركيا
    طبعا الاعلام المصري يجد ذلك مفخرة ان الملك سلمان اول من دخل قاعة البرلمان اي شيء عظيم
    بكرا تشوفوا ماااااااااسر

  2. يقول عصام اﻻسكندريه:

    يشرفنا ان نمنح السعوديه جزيرتين و اكثر ان طلبت حبا فى السعوديه و كرها فى اﻻخوان و بعدين نفسى افهم اﻻخوان ﻻ يحترموا اﻻوطان وﻻ الحدود و يؤمنون بالدوله اﻻسلاميه الواحده

  3. يقول خالد مصيعي. فلسطين:

    يسعدنا ان يكون هناك حب وود بين البلدين لما فيه الخير للعرب والمسلمين. ..بارك الله في الملك سلمان. ..والشعب المصري

إشترك في قائمتنا البريدية