إسطنبول «القدس العربي»: يؤمن سياسيون ومحللون وشريحة من الشعب التركي بأن الغضب الأوروبي الذي انفجر في الأيام الأخيرة ضد التعديلات الدستورية التي تتضمن تحويل نظام الحكم إلى رئاسي في تركيا كان أحد أسبابه الرئيسية هو أن النظام الجديد سوف يؤدي إلى الحد بشكل كبير من تدخلات دول الاتحاد في القرار السياسي التركي.
ويرى أصحاب هذه النظرية أن أوروبا بقيت على الدوام طوال العقود الماضية تستخدم العديد من الطرق والأساليب للتأثير على القرار السياسي التركي وإبقائه تحت سيطرتها بشكل عام وضمان عدم حصول مفاجآت، وأبرز هذه الطرق هي إعاقة أو منع تمرير العديد من المشاريع الدستورية من خلال التكتلات البرلمانية والأعضاء الموالين لها في البرلمان التركي.
وعلى الرغم من أن الأتراك يرون قائمة طويلة من الأسباب التي دفعت الدول الأوروبية إلى محاولة منع تمرير التعديلات الدستورية بكافة الطرق، إلا أن السبب الذي بات حديث الحزب الحاكم وأنصاره وآخرين من الشعب هو خوف أوروبا من انتهاء سلطتها على تركيا وإيمانهم بوجود رغبة غربية جامحة بالإبقاء على الدولة التركية الضعيفة الموالية لهم في كافة قراراتها السياسية والعسكرية والاقتصادية على حسب تعبيرهم.
وحسب التعديلات الذي سيجري حولها استفتاء شعبي عام في السادس عشر من الشهر المقبل، سيتم تقليص صلاحيات البرلمان إلى حد كبير وتحويلها إلى رئيس الجمهورية الذي سيتمكن بدوره من اتخاذ قرارات واسعة وفورية دون العودة للبرلمان الذي كان يحتاج لفترة طويلة من الإجراءات تستطيع خلالها أوروبا من احباط العديد من القوانين والتشريعات التي تعارضها.
ومع اقتراب موعد الاستفتاء في تركيا، شنت العديد من الدول الأوروبية حملة على الفعاليات التي تدعم التصويت بـ«نعم» في الاستفتاء وألغت ومنعت عقد عدد كبير من زيارات ومؤتمرات كان سوف يشارك فيها كبار المسؤولين الأتراك، الأمر الذي تحول إلى أزمة دبلوماسية حادة بين تركيا والعديد من الدول الأوروبية أبرزها ألمانيا وهولندا، وقال أردوغان ومسؤولين آخرين إن ما يحدث هو «حملة منظمة لمحاولة التأثير على نتئجة الاستفتاء ودعم التصويت بلا».
ويرى مواطنون أتراك أن الحملة الأوروبية لها أهداف متعددة ولكنها في رأيهم لا تأتي في إطار الحرص على الديمقراطية في تركيا.
والثلاثاء ركزت وسائل الإعلام التركية على العناوين الرئيسية لعدد من الصحف الأوروبية التي دعت صراحةً للتصويت بلا في الاستفتاء وهاجمت أردوغان بقوة واصفة إياه بـ»الديكتاتور».
المحلل السياسي التركي مصطفى أوزجان اعتبر أن هذه النظرية قريبة جداً من الواقع، لافتاً إلى أن الدول الأوروبية عملت على الدوام على التأثير على القرار السياسي التركي من خلال بعض الأحزاب وقوة العسكر ومن خلال البرلمان وتحول هذه الصلاحيات إلى يد رئيس الجمهورية يعني تراجع قدرة أوروبا على التأثير على القرار السياسي التركي.
وأضاف لـ«القدس العربي»: «لا يوجد في الغرب أحد يريد أن يرى تركيا دولة قوية ومستقلة القرار»، معتبراً أن توجه أردوغان إلى الطلاق السياسي مع الاتحاد الأوروبي وايقاف عملية انضمام بلاده للاتحاد تثير الخوف في أوروبا لأن مسيرة الانضمام كانت وسيلة مهمة للاتحاد للتأثير على تركيا مدللاً على ذلك بإلغاء عقوبة الزنا والإعدام بطلب من أوروبا.
وشدد باكير أتاجان المحلل السياسي التركي على أن «النظام الرئاسي يقطع إلى حد كبير وسائل التدخل الأوروبية في القرار السياسي التركي»، لافتاً إلى أن أوروبا كانت تتدخل في القرار التركي من خلال علاقاتها ببعض الأحزاب والبرلمانيين والقضاة ووسائل الإعلام.
وقال لـ«القدس العربي»: «النظام الرئاسي يمنح السلطة لأردوغان لاتخاذ قرارات نافذة وسريعه وهو أمر يخيف أوروبا التي اعتادت أن تعلم بكل القرارات التركية تدريجياً خلال نقاشها في البرلمان»، لكنه لفت إلى أن هناك العديد من الأسباب الأخرى تدفعت أوروبا لما وصفه «محاربة التعديلات الدستورية في تركيا».
ورأى أتاجان أن تركيا سعت طوال السنوات الماضية إلى الاستقلالية في القرار السياسي والصناعات العسكرية وعلاقاتها السياسية والاقتصادية مع الخارج وتحركاتها الأمنية في سوريا وغيرها لكن «هذا الأمر أزعج أوروبا وجعلها تتخوف من طموحات تركيا التي تريدها ان تبقى دولة تابعة ودائمة الحاجة لها».
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لوح بلجوء بلاده إلى إجراء استفتاء شعبي عام من اجل وقف مساعي بلاده للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في حين قال «مليح كوكشيك» رئيس بلدية أنقرة، الثلاثاء، بأنّ جزءا كبيرا من الشعب التركي لم يعد يرغب بالانضمام إلى أوروبا.
وأضاف رئيس البلدية المقرب من أردوغان رداً على تصريحات الزعيم الهولندي «خيرت ويلدرز» التي قال فيها «لا يمكن لتركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي»، واصفا أردوغان بأنّه قائد إسلامي خطير، رد عليه بالقول: «في أوروبا ما يقارب 5 ملايين مواطن تركي، وأوروبا تخاف من تركيا، ذلك لأنّ رجلا مثل أردوغان يقودها، قائد حول تركيا التي كانت بحاجة 70 سنتا، إلى دولة نمت على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية وغيرهما».
وهدد أردوغان قبل أيام بأن بلاده ستعيد النظر في «مسألة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وكافة العلاقات مع هذه المؤسسة»، لافتاً إلى أن «الاتحاد الأوروبي اتبع سياسة المماطلة فيما يخص انضمام تركيا إلى عضوية الاتحاد»، وأضاف: «العديد من دول الاتحاد لا تستطيع تقبّل نهضة تركيا وتطورها».
كما اعتبر زعيم حزب الحركة القومية المعارض دولت باهتشلي، أن «الملوك والملكات الذين يحكمون عددا من الدول الأوروبية يخافون من تغيير نظام الحكم في تركيا»، مضيفاً: «الشعب التركي سيغير بإرادته الحرة والمستقلة نظام الحكم في البلاد»، متسائلا عن السبب الي يدفع بأوروبا إلى معارضة ذلك.
إسماعيل جمال
وجهة نظر صحيحة خاصة من حيث التدخل بالشأن التركي من خلال أحزاب تركية لها تبعية أكثر للغرب من بلادها !
ولا حول ولا قوة الا بالله
هذه هي الدولة العميقة التي يعتمد عليها الغرب
في التسلل والتأثير في القرار التركي وأردوغان الآن يحاول أن يجتث هذه البؤرة السرطانية من جسم تركيا .
أخي إسماعيل جمال .
انت صاحب المنطق في الكتابه وانا فخور في تحليلاتك وكتابتك واقعيه.
وعندما تكتب يستفيد القارئ منها.