بعد سبع سنوات على الثورة السورية، سأتفق بشكل كامل دون أي تردد مع النظام السوري ووسائل إعلامه وكل القوى المتحالفة معه بأن سوريا تعرضت لمؤامرة شيطانية كان هدفها تدمير سوريا، وتشريد شعبها والقضاء على دورها الاستراتيجي التاريخي في المنطقة. سأتفق أن المؤامرة استهدفت «قلب العروبة النابض» وخنق آخر رمق عروبي قومي في المنطقة العربية. لن أختلف معكم. أتفق معكم أن المطلوب هو الإجهاز على كل من يرفع شعاراً عروبياً يذكـّر العرب بهويتهم، ويريد أن يجمع شملهم تحت راية عربية واحدة. ماشي. سأتفق معكم أن المطلوب تدمير أي نظام عربي يحلم بأن يكون لديه قرار وطني مستقل حقيقي. ولن أختلف مع الرئيس السوري عندما قال في لقاء مع مسؤول كوري شمالي إن سوريا وكوريا الشمالية مستهدفتان من أمريكا لأنهما صاحبتا قرار وطني مستقل، وترفضان الهيمنة الامبريالية والصهيونية على العالم. ماشي يا سيادة الرئيس.
سأتفق مع حلف الممانعة والمقاومة، وسأبصم له بالعشرة أن رأس سوريا مطلوب لأنها العمود الرئيسي في حلف الصمود والتصدي لقوى الهيمنة والاستكبار العالمي. ماشي. سأتفق معكم مئة في المئة أن المطلوب من المؤامرة على سوريا ضرب الجيش السوري في الصميم وتفكيكه كونه أحد الجيوش العربية القليلة الباقية شوكة في خاصرة العدو الصهيوني إسرائيل. سأتفق معكم أنهم قضوا على الجيش العراقي، وقد جاء دور القضاء على الجيش السوري الباسل. ماشي.
لن أناقشكم بأن سوريا هي البلد العربي الوحيد الذي استطاع تأمين الأمن الغذائي والدوائي، فأمّن مخزوناً استراتيجياً من القمح لعشرات السنين، كما بنى مصانع أدوية عظيمة أمنت للسوريين الدواء، لا بل كانت تقوم بتصدير الفائض إلى الخارج. لن أختلف معكم في أن المطلوب كان القضاء على البنية الصناعية في سوريا، وخاصة في حلب التي كانت تحتض أهم المعامل في سوريا، وتنتج أعظم السلع والبضائع. لن أختلف أيضاً معكم بأن المؤامرة استهدفت الاقتصاد السوري الذي بدأ يتعافى بشكل رائع في العقد الأول من هذا القرن. إن قلتم إن سوريا تعرضت لمؤامرة، سأقول لكم، لا بل تعرضت لأبشع مؤامرة عرفها العرب خلال تاريخهم الحديث. ماذا تريدون أكثر من ذلك. نحن متفقون.
لكن دعوني الآن أسألكم: من الذي نفذ تلك المؤامرة الحقيرة على سوريا، ومن الذي وفر لها كل أسباب النجاح؟ من الذي قضى على دور سوريا في المنطقة، وحوّلها من لاعب إلى ملعب، أو حتى إلى ملعوب به؟ من الذي حوّل سوريا من فاعل إلى مفعول به؟ أليس الذي ورطها في صراع داخلي، وفتح كل الأبواب للقاصي والداني كي يدخل ويعبث بأمن سوريا، ويجعلها ساحة لتصفية حسابات دولية وإقليمية وعربية؟ البادئ دائماً أظلم. ومن بدأ اللعبة الخطيرة؟ إنه النظام الذي يشتكي الآن من المؤامرة.
من الذي جعل سوريا تابعاً ذليلاً الآن لقوى إقليمية كإيران ودولية كروسيا؟ من الذي جعل الجنرال الإيراني قاسم سليماني يظهر في الإعلام على أنه القائد الحقيقي لسوريا عسكرياً وسياسياً؟ من الذي جعل كل القرارات المصيرية بشأن سوريا تصدر من موسكو؟ من الذي جعل أصغر مسؤول إيراني يصرح بأن دمشق هي مربط خيلهم؟ من الذي جعل الإيرانيين والروس يتشدقون ليل نهار بأنه لولاهم لما صمد بشار الأسد ساعة واحدة؟ هل كنتم ستسمحون لإيران وروسيا بأن تتصرفا بهذه الطريقة لو كان لديكم فعلاً قرار وطني مستقل يا سيادة الرئيس؟ ستقولون الآن إن المؤامرة هي التي جعلت النظام يسلم مقاليد الأمور لإيران وروسيا. وطبعاً هذا كلام فارغ، فلو أنكم تصرفتم بحكمة في بداية الثورة، ولم يضحك عليكم الإيرانيون والروس ويدفعوا بكم لمواجهة الشعب بالحديد والنار لما أصبحتم الآن مجرد ألعوبة في أيدي بوتين وخامنئي. لماذا لم تقولوا لإيران التي قالت لكم إنها قادرة على القضاء على الثورة السورية كما قضت على الثورة الخضراء، لماذا لم تقولوا لها إننا لا نريد أن نفتح أبواب جهنم على سوريا؟ لماذا قبلتم معها بسحق الثورة بدل النزول عند مطالب الناس؟ هل كنتم ستجدون أنفسكم الآن لعبة في أيدي إيران لو أنكم لم تتركوا الأمور تنفلت من أيديكم بسبب حساباتكم الحمقاء؟ هل كنتم ستفقدون السيطرة على قراركم الوطني المستقل؟
رأس العروبة مطلوب في دمشق. صحيح. لكن من الذي جعل السوريين يكفرون بعروبتهم؟ أليس الذي لم يترك سلاحاً إلا واستخدمه ضدهم لمجرد أنهم طالبوا بقليل من أوكسجين الحرية؟ كيف تريدون من السوريين أن يفتخروا بهويتهم إذا سلطتم عليهم أبشع أنواع الوحوش العسكرية والأمنية؟ هل كان العالم ليعزلكم ويحاصركم ويطردكم من المنظمات العربية والدولية، ويحرم السوريين من أبسط المواد لو أنكم لم تجرموا بحق السوريين؟ هل كان الشعب السوري سيجد نفسه في بطون الحيتان والأسماك في عرض البحار لو أنكم لم تفضلوا الحل العسكري الأمني الإجرامي على الحل المدني منذ الأيام الأولى للثورة؟
لن نختلف معكم بأن سوريا كانت حاضنة لكل حركات المقاومة في المنطقة. ماشي. لكن من الذي دمر هذه الحاضنة الآن سوى طيشكم وعنجهيتكم؟
هل كنتم لتستعينوا بكل الميليشيات المرتزقة لو أن جيشكم مازال قادراً على مواجهة المؤامرة؟ من الذي أوصل الجيش السوري إلى هذا الحال البائس؟ المؤامرة أم سياستكم الرعناء؟ ترمون بجيشكم في قلب جهنم ثم تشتكون من المؤامرة. نعم فإن أعداء سوريا يريدون القضاء على الجيش السوري، لكن بربكم من يقود الجيش؟ ليس بإمكانكم أن تتهموا أمريكا وإسرائيل مباشرة هنا، فأمريكا لم تطلق ولا حتى وردة على جيشكم، لا بل هبت بطائراتها لنجدتكم في شرق وشمال سوريا عندما بدأت تهددكم داعش فعلياً. إذاً: لا تقولوا لنا إن أمريكا دمرت جيشكم كما فعلت في العراق.
لنتحدث أخيراً عن الدمار الهائل الذي جعل سوريا تبدو كمدن الحرب العالمية الثانية وربما أبشع. لقد تحولت المصانع والصوامع إلى حطام. لكن كل ذلك بفضل همجيتكم. لم تتركوا مصنعاً ولا مدرسة ولا جامعاً ولا صومعة إلا وأحرقتموها بحجة دخول الإرهابيين إليها. ثم تشتكون من تدمير سوريا ونهضتها واقتصادها. لن أختلف معكم أن العصابات المسلحة ساهمت في التدمير والتهجير. لكن هذا الدمار الهائل يحتاج إلى طائرات، وصواريخ عابرة للمدن، وجحافل دبابات، ومدرعات، ومدفعية ثقيلة جداً، وراجمات صواريخ، وسلاح كيماوي. وكل ذلك ليس متوفراً لدى الجماعات الإرهابية. ولو توفر بعضه، فبالتأكيد لن يكون قادراً على إحداث كل هذا الدمار الرهيب. ربما دمرت الجماعات الإرهابية عشرين في المئة، لكنكم أنتم دمرتم ثمانين في المئة من سوريا بهمجيتكم وسياسة الأرض المحروقة التي وضعتها لكم روسيا، لأن جيشكم هو الوحيد الذي يملك القوة التدميرية العسكرية الحقيقية. إذاً من المتآمر على تدمير سوريا؟ بالتأكيد أنتم وجيشكم. أو كي لا تزعلوا: من الذي نفذ المؤامرة الحقيرة؟ أنتم بالتأكيد يا من تشتكون ليل نهار من المؤامرة الكونية.
وأخيراً، حتى لو نجحت العصابات الإرهابية فعلاً في تهجير خمسة عشر مليون سوري وتدمير ثلاثة أرباع سوريا، فهذه وصمة عار في جبينكم وجبين جيشكم يا سيادة الرئيس، لأنها تعني شيئاً واحداً: أن النظام الذي يحكم سوريا نظام بائس تعيس فاشل لم ينجح في حماية سوريا وشعبها من هؤلاء الإرهابيين. وبالتالي هو المسؤول عن نجاح المؤامرة.
٭ كاتب واعلامي سوري
[email protected]
د. فيصل القاسم
نعم هناك مؤامرة كونية على الشعب السوري الذي طالب بأبسط حقوقه وبسلمية قل نظيرها
نعم هناك مؤامرة كونية على الشعوب العربية حتى لا تتحرر في إتخاذ القرار
نعم هناك مؤامرة كونية على أهل السُنة لكي يصبحوا شيعة !
ولا حول ولا قوة الا بالله
لكن أخي داود أليس الحركات الإسلامية المتطرفة جزء أو أصبحت جزء من هذه المؤامرة, وعلى سبيل المثال لا الحصر: حزب الله وزعيمه حسن نصر الله وجيش الإسلام وجبهة النصرة وداعش …, ولنا الله ومالنا غيرك ياالله.
حياك الله عزيزي أسامة وحيا الله الجميع
ومن الذي أدخل هؤلاء المتطرفين كحزب حسن وميليشيات إيران لسوريا ؟ أليس بشار ؟
ومن الذي أخرج المتطرفين من سجون تدمر وغيرها ثم يتعاون معهم ليتمددوا بالأرض السورية ليوهم الغرب بمحاربته للإرهاب ؟
ولا حول ولا قوة الا بالله
صحيح أخي الكروي وأنا أعرف ذلك جيداً. لكنهم للأسف هم جزء من هذه المؤامرة وماقصدت إلا توضيح هذا الأمر.
الارهابي الاكبر هو المجرم ابن المجرم بشار الكيماوي مدمر سورية
نتفق مع الكاتب علي كل ما أتفق عليه فكلها حقائق لا ريب فيها. وعليه، النتيجه واحده علي الكل… دمار سوريا. لا فرق بين من وعي المؤامره الأن، في السابق ام لم يعيها. دُمرت سوريا و الكل مسؤول و يدفع الثمن.
المشكله الأساسية هي في أحصنة طرواده العربيه، انظمه البترول السوداء، التي سعت الي دمار العراق ثم سوريا لإرضاء اسيادها. وما خفي كان أعظم!
الدكتور الفاضل فيصل القاسم،
تحية وبعد..
سؤال واحد بحجم القضية السورية اطرحه عليكم:
هل تعتقد أن بشار الأسد كان لينقذ سوريا من هذه المأساة لو انه مع بدء الأحداث تنحى ؟؟!!
ألا تعتقد – وانت الأعرف مني بخبايا الوضع السوري ، أنه وبغياب قيادة حقيقية للمعارضة لها شعبية على الارض ، حتى ولو تنحى بشار ، ستتم المؤامرة وكانت ستصبح مستعمرة أمريكية إسرائيليه او سمها كما شئت بدلا من مستعمرة إيرانية روسية؟؟!!
لا جدال ان جميع الأنظمة الديكتاتورية الطائفية لن تنتج مجتمعا عادلا، ولكن الا تعتقد أن سوريا ما قبل الثورة افضل من سوريا ما بعد الثورة حتى ولو تغير اللاعبون وتغيرت نتائج المعركة؟؟
لا يكفي اخي فيصل الهجوم المستمر على نظام كلنا يعرف دمويته بغياب البديل الذي اتضح وخلال ٧ سنوات من المعارضة انه بديل فاشل.
مع الاحترام
تنميقات لفظيّة من جنابكم، لا أكثر..
فالتدخّل الدولي والإقليمي المتمثّل بإيران وروسيا حصل بعدما أغلق الحكّام العرب أبوابهم أمام سوريا، بل فتحوا أبواب إرهابهم التكفيريّ على سوريا، فهل تريد من النظام السوري أن يقف مكتوف الأيدي ويسلّمهم الأمور؟! أم يطلب العون عليهم حتى من الشيطان..
بل هذا ماجناه حافظ كوهين الأسد … أسرائيل تدافع عن أبن كوهين بشار
…نعم هناك مؤامرة كونية على سوريا . انظروا الى الدول .وخاصة الكبرى منها . كيف تركت الشعب السوري وحيدا . وكان هدف القوى العظمى وبعض الدول الاقليمية فقط تدمير هذا البلد الامن فقط لغاية في نفس يعقوب . اما النظام فكان علاجه لهذه المؤامرة اكثر من سيء
تحليل دقيق لما جرى في سورية . ويرد بصورة موضوعية على أطروحات حلف المقاولة. لم ينجح بشار الأسد في البقاء حياً إلا لأن إسرائيل ترى مصلحتها في إستمرار ما يجري في سوريا. عدم تدخل أميركا جاء لأن هذا يتعارض مع مصلحة إسرائيل. ومجرم موسكو وجميع اللاعبين من إيران وأذنابها في ميليشيات لبنان والعراق ضد الشعب السوري وكذلك نظام السيسي الذي يتوهم أنه يحارب الجماعات الإسلامية وكل الجماعات المؤيدة لعصابة الأسد ماديا ومعنويا ،
كيف يصدق الانسان بأن هناك مؤمرة على سورية وهو يسمع شبيحة النظام تعلن بالصوت العالي وفي مرات كثيرة بل ومكتوبة على جدر المباني ” الاسد او ندمر البلد” . فأين اذن المؤمرة .اللهم الا اذا قلنا ان النظام يتأمر على سورية لتدميرها وهو الواقع بحق.
عزيزي دكتور فيصل
يعني هل تريد منا ان نصدق ان حاكما عربيا يمكن ان يتنحى عن كرسيه بكل تلك السهولة وان قبل ذلك وهل كان السوريون لو تنحى بشار الاسد سيديرون البلد بطريقة افضل ومن خلال الاحزاب والديمقراطية والانتخابات ,اليس هذا ما يجري في العراق الان المشكلة فينا وسببها عوامل كثيرة منها الانظمة نفسها التي تسلطت علينا منذ قيام دولنا وما قبلها كشعوب تحت حكم العثمانيين لا علم ولا تعليم وكذلك امراضنا الاجتماعية كالعشائرية والطائفية التي لا زالت تنخر في جسد بلداننا فعندما يحكم حزب بلد لمدة اربعين عام او اكثر ومنتسبوه بالملايين ويتبخروا في لحظة الدفاع عن بلدهم كما حصل في العراق بعد 2003,هذا يعني ان كل شيء عندنا ليس له مصداقية ولا يجب التعويل عليه قد نحتاج الى متسلطين يحكموننا لفترة قصيرة لكي يقصقصوا اجنحة رجال الدين وشيوخ العشائر والعسكر (شرطة وجيش واجهزتهم الامنية) لكي يستطيع الشعب ان ينهض من جديد
تحياتي لك أخي سلام عادل, مانديلا وغاندي لم يقوموا بثورة بل قادوا عملية تحرر أو تحرير من العنصرية أو الاحتلال, الأمر مهم لأن الثورة لايمكن ضبط سيرورتها بهذه البساطة وخاصةأن الثورة السورية وثورات الربيع العربي لم تكن بالمعنى التقليدي وكانت عملياَ هبات وثورات شعبية بلا قيادات عملياً. بالنسبة لتسليح الثورة السورية لو لم يحدث لم تغير الأمر كثيرا (كما حدث مثلاً بعد أحداث عام ١٩٨٢ حيث وقف الشعب مع النظام فما زداه ذلك إلا قباحة وإجراما) فالسجون قبل الثورة كانت مليئة بالمعتقلين والموت تحت التعذيب والقتل في أقبية النخابرات كانت حدثاً يومياً واستعباد الشعب السوري بابشع الطرق وكل ماأصبح اليوم واضحاً للجميع كان يحدث ولكن دون أن تنتشر أخباره ويعرف العالم ذلك (وحتى الإعلام الغربي كان يقف إلى جانبه ويتستر على جرائمه) ولكن بعد الثورة أصبح الأمر واضحا للجميع أي انكشفت الأمر وانكشفت خداع النظام وانكشف داعمية كإيران والأنظمة العربية الفاشية كالسعودية …, وصدق كلام وشعارات الشعب السوري الموت ولا المذلة ولنا الله ومالنا غيرك يالله.