عمان ـ «القدس العربي»: الإعلان الذي تقدم به رئيس وزراء الأردن الدكتور عبد الله النسور منتصف الاسبوع حول كتلة المبادرة البرلمانية والتعهد بالعمل معها تحت القبة مجددا وللموسم الثالث على التوالي لا يقف عند تأسيس مساحة لاستئناف مشوار الشراكة فقط بين الحكومة وهذه الكتلة البرامجية.
لكن هذا الإعلان يؤسس في الواقع لثمار ما يمكن وصفه بنتائج التفاهم مجددا وبعد سنة ثالثة برلمان بين حكومة مخضرمة وخبيرة تجاوزت عامها الثالث عمليا وبين الكتلة التي تعتبر الأكثر تنظيما تحت قبة البرلمان الأردني في مواجهة هشاشة بقية التكتلات. تعهد الحكومة مجددا بالعمل مع كتلة المبادرة يعني على الهامش مستجدين مؤثرين فالحكومة راغبة في الشراكة وتستعد لمواجهة سيناريوهات رحيلها المحتمل عبر تجديد الثقة بأهم كتلة برلمانية صلبة.
المستجد الثاني يؤشر على ان كتلة المبادرة التي تلتزم بعقل سياسي وطني مبرمج لديها قراءة متباينة في مسار الأحداث حول مستقبل حكومة النسور وتظهر الكتلة بالتالي الاستعداد لتجديد دعمها للنسور للعام الثالث على التوالي على أساس الشراكة وبصورة تخدم على الأرجح مشروعات الكتلة وأدبياتها.
إنتاج كتلة المبادرة التي لفتت الأنظار منذ عامين تركز على الابتعاد عن المشاحنات والمناكفات السياسية والتركيز في المقابل على سبعة قطاعات منتجة في مستوى الخدمات تم اعداد وثائق مشتركة بشأنها مع الحكومة من خلال جلسات عمل مكثفة وعنيفة وطويلة نادرة في الحياة البرلمانية الأردنية مع الوزراء والمسؤولين التنفيذيين مباشرة.
بهذا المعنى تعيد كتلة المبادرة إنتاج صورتها النمطية رغم انشغال العديد من الأوساط داخل وخارج البرلمان والسلطة في التأثير سلبا على الكتلة واضعافها وهو واقع فرضه الاصرار العنيد على اكمال مشوار البرامج برلمانيا حيث لعب طول الوقت دور الأب الروحي للمبادرة الدكتور مصطفى الحمارنة.
الحمارنة ورفاقه في كتلة مبادرة كما فهمت «القدس العربي» منهم مباشرة لا يستعجلان الخوض مع الحكومة في القضايا المعقدة أو المثيرة للجدل والانقسام والفرصة في السياق متاحة للبدء بتدشين قاعدة توافق على عمل برامجي محدد يخدم الناس ويهم المواطن مثل التعليم والصحة والأمن المائي والنقل.
في المقابل يبدو مشهد التكتل تحت قبة البرلمان الأردني مفتوحا في الوقت نفسه على خيارات متعددة وسط حالة انزياح وتمدد وتقلص لكتل ما زالت هلامية وتأثيرها قليل أو نادر وشخصانية في الحراك حسب وجهة نظر النائب المخضرم محمد الحجوج .
بطبيعة الحال يتأثر الاصطفاف في الكتل التي تنقلب على نفسها بين دورة وأخرى بالانتخابات الموسمية لرئاسة مجلس النواب والمناصب الأساسية في البرلمان واللجان.
هذه الانقلابات تحصل داخل السياق الكتلوي عشية كل دورة برلمانية جديدة الأمر الذي يمنع ولادة قوة مركزية منظمة داخل مجلس النواب الذي ما زال بدوره يعاني من ضيق الصلاحيات الدستورية حسب رئيسه المهندس عاطف الطراونة الذي المح إلى ضرورة العمل على تعديلات دستورية تعزز سلطات وصلاحيات الرقابة للنواب إذا كانت التوافقات الوطنية جادة عندما يتعلق الأمر بسلطة التشريع.
يتفق الطراونة على هامش حوار معمق مع«القدس العربي» مع الرأي القائل بان تجربة الكتل ما زالت ضعيفة وبان المؤسسية في المجلس النيابي تطورت قليلا لكنها لم تصل للسقف المأمول ويرى ان صلاحيات التشريع والرقابة ما زالت تشكل حلقة أضعف في التفاعل مع السلطة التنفيذية وصلاحياتها الكبيرة.
وجهة نظر الطراونة ان القصور الدستوري يمنع ولادة مشاريع كتل ناضحة ويتفق الحجوج والحمارنة مع الرأي الذي يقدر بان الفردية ما زالت تشكل طابعا صعب الهزيمة في إداء النواب الذين يتعرضون بين الحين والآخر لنقد جماعي من أبرز ثلاثة أطراف هي الشعب والدولة و في بعض الأحيان الحكومة عبر وزرائها.
اتجاهات التكتل المبكرة قبل نحو ثلاثة أشهر من الدورة العادية المقبلة من البرلمان تفرز طموحات جديدة وتساهم في إنتاج استقطابات تنتهي بانسحابات واستقالات من هنا وهناك داخل الكتل المألوفة.
الزحام شديد في هذه المساحة عندما يتعلق الأمر بالتنافس على رئاسة المجلس والمناصب العليا فيه والزحام لا يقل ارتباكا عندما يتعلق الأمر بتركيبة اللجان التشريعية التي تميل إلى المحاصصة والتقاسم أكثر من ميلها إلى التخصص والعمل البرامجي.
لذلك وبصورة اجمالية لا مستجدات لافتة على صعيد البرلمان الأردني الذي يستعد لعام 2016 وهو عام الانتخابات.
الكتل ما زالت هلامية.. ثلاثة أو اربعة نواب يستقطبون على أساس جهوي ومناطقي أصوات زملائهم للفوز برئاسة المجلس والتيار المحافظ الذي يمثل الثقل العشائري في البرلمان متحفز للانقضاض على أي عملية اصلاح تشريعي يمكن ان تمس بالمساحة المخصصة له.
في المقابل هجوم موسمي متجدد على قانون اللامركزية الاصلاحي وبروفات متوقعة للحرس القديم تستهدف قانون الانتخاب الجديد وحكومة تحاول الدخول عامها الرابع بالتفاهم مع كتلة برامجية يتيمة في المجلس تمثلها المبادرة.
بسام البدارين