الناصرة ـ «القدس العربي»: تعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي لانتقادات من الداخل على خلفية «توبيخه» من قبل الرئيس الامريكي باراك أوباما وتهربه من تسوية الصراع مع الفلسطينيين واهتمامه بالأقوال فقط.
ولتوضيح خلفية ذلك قالت صحيفة «يديعوت احرونوت» أمس ان الرئيس الامريكي ورجاله اكتشفوا ان بلدية الاحتلال في القدس صادقت نهائيا على بناء 2610 وحدات اسكانية في الضفة الغربية فيما كان نتنياهو في الطريق الى البيت الأبيض. وأشارت إلى أن اوباما استقبل نتنياهو بترحاب امام عدسات الكاميرات، ولكن عندما اغلقت ابواب المكتب البيضاوي جاء التوبيخ مستهلا اياه بالسؤال «ما هي رؤيتك للسلام. ان مثل هذه الأعمال تطرح الشك حول نوايا إسرائيل بالسلام».
بصقة في الوجه
ونقلت عن جهات في واشنطن ان اوباما يعتبر الخطوة الإسرائيلية بمثابة بصقة في وجهه، منوهة إلى أن هذه ليست المرة الأولى فقبل لقاءات سابقة، ايضا، بين نتنياهو واوباما ونائبه، فوجئ الامريكيون باكتشاف المصادقة على مخططات للبناء في القدس والمستوطنات. وقال نائب رئيس بلدية القدس كوبي كحلون، المسؤول عن ملف التنظيم والبناء، ان المصادقة على البناء في «غبعات همطوس» جنوب القدس، تمت قبل عدة ايام. وفي اتهام لحركة «السلام الان». وتابع «ولكن جهة ما تريد المس برئيس الحكومة بتسريبها المعلومات. هذه الخطة يجري دفعها منذ سنوات».
وفعلا تمت المصادقة على هذه الخطة قبل سنة ونصف، والادارة الامريكية سبق ان شجبتها، ولكن ساعات قبيل لقاء اوباما ـ نتنياهو، نشرت حركة «سلام الآن» انه صدر الضوء الاخضر لتنفيذ الخطة. وقال الامين العام لـلحركة ياريف اوبنهايمر ان «البناء في غبعات همطوس» سيفصل جنوب القدس عن بيت لحم، وسيحاصر بيت صفافا بشكل لا يمكن ضمها الى الدولة الفلسطينية العتيدة، ولذلك يمكن لهذا المخطط ان يدمر فرصة اقامة دولتين». وتقول « يديعوت أحرونوت» ان المواجهة بين اوباما ونتنياهو تحولت لعلنية. وهي بذلك تشير إلى بيان الناطق بلسان البيت الابيض، اعتبر فيه استمرار البناء سيبعد إسرائيل عن حليفاتها. وتشير إلى أن ذلك يثير قلق إسرائيل البالغ، التي تحتاج حاليا الى الفيتو الامريكي لاحباط مشروع القرار الفلسطيني الذي يطالب إسرائيل بالانسحاب مع نهاية عام 2016.
من جانبها كشفت صحيفة «هآرتس» ان الادارة المدنية الإسرائيلية، صادقت مؤخرا، على اقتطاع مساحة من اراضي محمية طبيعية في الضفة، لصالح تبييض بؤرة استيطانية في المنطقة، في الوقت الذي تحارب فيه المزارعين الفلسطينيين بزعم «تدميرهم» للمحمية.
واقيمت بؤرة «ايل متان» بالقرب من محمية وادي الغوير، في عام 2000، وتم انشاء الكنيس التابع لها على اراضي المحمية.
وحول لقاء اوباما ونتنياهو قالت «هآرتس» ان اوباما اوضح لنتنياهو ان الحرب في غزة تسببت بالكثير من القلق في الولايات المتحدة وقال: «نحن نعرف ان علينا ايجاد الطرق لتغيير الوضع الراهن بين اسرائيل والفلسطينيين، كي يشعر الاسرائيليون بأمان في بيوتهم، وكي لا تتكرر مأساة قتل الاطفال الفلسطينيين. وسنعمل على ترميم غزة، ولكن، ايضا على التوصل الى سلام مستقر بين الاسرائيليين والفلسطينيين».
دائرة الاستفزاز
وقال مصدر مطلع على تفاصيل اللقاء ان الرئيس اوباما طرح موضوع البناء في المستوطنات امام نتنياهو، ولكنه لم يتطرق عينيا الى بناء الحي الاستيطاني في القدس الشرقية. واكد اوباما ان البناء في المستوطنات يغذي دائرة الاستفزاز. كما اكد انه خلال الفترة التي تجري فيها محاولات لصد وتليين الخطوة الفلسطينية في الأمم المتحدة، يتسبب البناء في المستوطنات بضرر اكبر.
وبعد ان امتنع نتنياهو خلال خطابه في الأمم المتحدة عن اعلان دعمه لاقامة دولة فلسطينية، فقد فعل ذلك في البيت الأبيض، حيث قال امام اوباما: «ما زلت ملتزما برؤية السلام على أساس الدولتين للشعبين الذي سيقوم ايضا على الاعتراف المتبادل وترتيبات امنية راسخة كالصخر. وعلينا استغلال الفرص الجديدة والتفكير خارج العلبة ورؤية كيف يمكن دمج الدول العربية لدفع جدول الأعمال المليء بالأمل».
تشرتشل وروزفلت
من جهته رد وزير الاقتصاد رئيس حزب نفتالي بينت بلهجة صارمة على تصريح نتنياهو المذكور بالقول ان من يلتزم بمحاربة داعش وحماس لا يمكنه منحهما دولة. وتابع القول مكررا موقفه المعروف « فكرة الدولة الفلسطينية تبخرت في الصيف الأخير سوية مع الصواريخ التي اطلقت على مطار بن غوريون، وسيكون من الجيد ان نستيقظ منها وبسرعة». من جهتها قالت رئيسة حركة «ميرتس» زهافا غلؤون، ان «نتنياهو ليس شريكا للجمهور الإسرائيلي ويشكل خطرا على تحالفنا الاستراتيجي مع الولايات المتحدة.
كما تعرض نتنياهو لانتقادات معلقين بارزين في إسرائيل منهم آرييه شافيط الذي قال في مقال نشرته «هآرتس» بعنوان «عندما التقى تشرتشل بروزفلت «ان الرجل (اوباما) الذي اراد ان يكون فرانكلين روزفلت، استقبل في البيت الأبيض، الشخص الذي اراد أن يكون وينستون تشرتشل. ويرى ان ان اصرار نتنياهو على بناء المزيد والمزيد من المستوطنات الحمقاء، يؤدي الى تنفير البيت البيض ويسمح للإيرانيين ببناء المزيد والمزيد من اجهزة الطرد المركزي المتطورة.
وتابع «صحيح ان نتنياهو يقرأ ويتحدث مثل تشرتشل، ولكنه يتصرف تماما على عكسه فخطاباته درامية لصوت يصيح في البرية، ولكنه لا يستخلص منها سياسة جدية، منهجية وخلاقة، تسبق وقوع الشر .
وبروح ناقدة وساخرة قالت المعلقة السياسية البارزة في يديعوت احرونوت» سيما كدمون في مقال بعنوان «انتهت الاوهام» ان نتنياهو ليس معنيا بالتوصل الى اتفاق سلام ينهي الاحتلال، وانه لا توجد أي صلة بين الكلمات التي قالها حول التزامه بحل الدولتين وبين استعداده (او للدقة ـ عدم استعداده) لدفع هذه الرؤية. لكن الرئيس الامريكي اتخذ قرارا مبدئيا بعدم الدخول شخصيا في مواجهة علنية مع رئيس الحكومة، فلديه ما يكفي من المشاكل.
وديع عواودة