سوء الأداء الإداري أخطر من الإرهاب والمؤامرت الأجنبية… وتصريحات العجاتي تكليف وليست اجتهادا شخصيا

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي» : لم تتغير اهتمامات الأغلبية إلا قليلا، فرغم اهتمامها ببرامج ومسلسلات التلفزيون، أضيف لها موضوع الخلاف بين أعضاء مجلس النواب والحكومة حول نسبة زيادة العلاوة السنوية في قانون الخدمة المدنية من سبعة في المئة سنويا، كما يطالب المجلس إلى خمسة في المئة، كما تطالب وزارة المالية، لأن رقم 7٪ يشكل عبئا إضافيا على الميزانية.
كما لا تزال بعض إعلانات القنوات الفضائية تثير الكثير من الخلافات، إما بسبب ما بها من ألفاظ خادشة ثم وقف بعضها فعلا أو لطابعها الاستفزازي عن التجمعات السكنية.
وقد وصل الأمر إلى الحد الذي أخبرنا فيه زميلنا الرسام إسلام في «الوطن» أمس أنه كان يفطر مع أسرة فقيرة من جيرانه ففوجئ بمقدم برامج يخرج من الشاشة ويقول لهم:
ها يا عم بقالكوا 15 يوم بتتفرجوا بس هتشتروا أمتى الفيلا أم عشر جناين ولا هتشتري فيلا الساحل الشمالي.
ومن القضايا المهمة التي أوردتها الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 21 يونيو/حزيران العثور من الآن على تذاكر سفر للقطارات في إجازة العيد، بعد أن حدد وزير النقل صرف أربع تذاكر فقط لكل فرد على بطاقة رقمه القومي. والاهتمام كذلك بواقعة القبض على المسؤول عن تسريب أسئلة الامتحانات، وهو موظف في المطبعة السرية لوزارة التربية والتعليم بمشاركة زوجته وشقيقته. وتحقيق وزارة الداخلية مع اثنين من أمناء شرطة في العريش ثبت إبلاغهما الإرهابيين بتحركات القوات لمهاجمتها. كما أقام الرئيس حفل إفطار للشباب الذين تم تدريبهم. وإلى بعض مما عندنا….

المصالحة مع الإخوان

ونبدأ بردود الأفعال على القضية التي برزت فجأة وأطلقها المستشار مجدي العجاتي، وزير الشؤون القانونية وعضو مجلس النواب، في تصريح له وردت فيه كلمة مصالحة مع الإخوان، وما تعرض له من هجمات واتهامات طالت النظام كله، بما فيه رئاسة الجمهورية، على أساس أنه لم يكن يجرؤ على قول ذلك من دون إشارة رسمية من فوق. كما تمت الإشارة إلى أن المستشار الديني لرئاسة الجمهورية وعضو مجلس النواب الدكتور الشيخ أسامة الأزهري يقوم بالفعل بعمل مراجعات داخل السجون مع فريق من الإخوان، ولكن لوحظ أنه بالإضافة إلى أن كل هذا لم يحرك اهتمام ليس غالبية الناس، وإنما لم يحرك حتى السياسيين والصحافيين والإعلاميين أيضا، بقدر يتناسب مع الحدث. واقتصر الاهتمام أو كاد على صحف مستقلة بمبادرات من محرريها، بينما الصحف الحكومية تجاهلت في معظمها ما يقال.
ومن ضمن من شارك في هذا الموضوع صديقنا الفقيه القانوني في جامعة عين شمس وزير التعليم العالي في حكومة الدكتور حازم الببلاوي في حديث أجرته معه يوم السبت مجلة «روز اليوسف» زميلتنا الجميلة هاجر عثمان قال: «الإخوان ستظل كجماعة ولكن انتهى دورها السياسي إلى وقت بعيد. فالشعب لم يعد يتقبلهم يمكنهم إعادة تشكيل أنفسهم كقوى تحت الأرض يقومون بعمليات من حين لآخر، ولكن كقوى سياسية يمكن أن تأخذ الحكم مرة ثانية «مستحيل»
عودة الإخوان ستبقى احتمالا غير وارد، إلا في حال مضت السياسات الأمنية في التضييق على الحريات، فالإخوان قد يستثمرون الأمر، بالزعم أن «نارهم كانت أفضل من جنة 30 يونيو/حزيران». ويومًا بعد يوم ربما يحققون قدرا من التعاطف، وهذا خطر داهم على الدولة. أما رسميا فلا أعتقد أن الدولة يمكن أن تصالح الإخوان الدولة لم تقض عليهم ولكنها ثورة الشعب المصري في 30 يونيو».

«دعم مصر» لا يمانع المصالحة

وفي اليوم التالي الأحد نشرت «الشروق» تصريحات لرئيس «ائتلاف دعم الدولة» في مجلس النواب سعد الجمال أدلى به لزميلنا علي كمال أيد فيه ما قاله المستشار العجاتي: «أكد اللواء سعد الجمال رئيس «ائتلاف دعم مصر» لـ»الشروق» على عدم ممانعة «دعم مصر» صاحب الأغلبية النيابية في المصالحة مع جماعة الإخوان وفق شروط محددة، أبرزها عدم تلوث أيديهم بالدماء، وإدانة العنف، وذلك بعد أيام قليلة من تصريحات مماثلة للمستشار مجدي العجاتي وزير الشؤون القانونية. إن «هناك محاذير تقابل قانون العدالة الانتقالية بشأن المصالحة وإمكانية تنفيذها»، لافتا إلى أنه «لا يمانع في المصالحة مع أعضاء الإخوان ممن لم تتلوث أياديهم بالدماء، وكانت لديهم نوايا صادقة وليس مناورة، وان يعترفوا بأخطائهم ويدينوا العمليات الإرهابية التي حدثت خلال الفترة الأخيرة، وضرورة قيام الإخوان بمراجعات فقهية وفكرية، كما فعلت الجماعات الإسلامية في التسعينيات عندما أقدمت على إجراء المراجعات واعترفت بأنها ضلت الطريق. عندما نجد مراجعات من الجانب الآخر ورغبة في الاعتراف بالخطأ يكون لنا حديث عن المصالحة، لكن حتى الآن لا نرى مثل هذا الأمر، وبالتالي لا يمكن الحديث عنها». مضيفا إننا لا نشاهد سوى حوادث إرهابية غاشمة ضد أبنائنا من القوات المسلحة والشرطة والأبرياء من المواطنين، ولا نجد إدانات من أعضاء الإخوان، بل نرى شماتة من جانبهم في الموت وهذا أمر يثير حفيظة المصريين».

عماد جاد: لا نتسامح مع من يرفع السلاح

ثم نتوجه إلى «الوطن» عدد يوم الأحد وزميلنا عضو مجلس النواب عماد جاد وقوله: «ساعات قليلة بعد تصريحات السيد مجدي العجاتي التي أعلن فيها استعداد الدولة للتصالح مع عناصر جماعة الإخوان المسلمين غير المتورطين في أعمال العنف ،حتى تسرّبت معلومات حول قيام مستشار الرئيس للشؤون الدينية الشيخ أسامة الأزهري بإجراء مراجعات دينية مع عناصر الجماعة الإرهابية الموجودين في السجون المصرية. إذا وضعنا تصريحات العجاتي وحركات الأزهري معاً نكون أمام توجّه دولة بإجراء مصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية، وهنا نكون أمام خطأ قاتل من قِبَل المسؤولين عن إدارة شؤون البلاد اليوم لاعتبارات مبدئية وعملية أيضاً في آن. فمن الناحية المبدئية فإن الدول المركزية وذات السيادة لا تدخل في حوارات ولا تطرح فكرة المصالحة مع جماعة من الجماعات مهما كانت المبررات، فالدول ذات السيادة تحترم دستورها وتطبّق قوانينها. لا تتحاور مع جماعة فرعية ولا تطرح فكرة المصالحة من أساسها، فقط الدول الهشة الرخوة والضعيفة الممزقة والمنقسمة على ذاتها، والعاجزة عن السيطرة على ترابها الوطني هي التي تتحاور مع جماعات فردية وتبحث عن المصالحة مع جماعات من دون الدولة. الدول القوية ذات السيادة تحتكر استخدام القوة وفق الدستور والقانون ولا نتسامح مع من يرفع السلاح في وجه الوطن والمواطنين».

العجاتي: ستستعين الدولة
بتجارب من دول أخرى

أما زميلنا جمال سلطان رئيس مجلس إدارة وتحرير جريدة «المصريون» الأسبوعية المستقلة التي تصدر كل أحد قال: «هذا الكلام لا يملك العجاتي أن يقوله بدون ضوء أخضر أو حتى بدون طلب مباشر من الجهة التي تملك القرار في هذا الملف، لأن هذا الملف تحديدا لا تملك القرار فيه إلا جهة واحدة ومؤسسة واحدة، وأي مسؤول يخوض فيه يمكن أن يكون في الشارع في يوم التصريح نفسه الذي يدلي به. ولذلك كنا نرى مزايدات سياسية من وزراء ومسؤولين يبالغون في هجاء الإخوان والتأكيد على أنه لا صلح معهم، وقد تلوثوا بالدم وأنها جماعة إرهابية، باعتبار أن تلك المزايدات هي السبيل لتعزيز مكانتهم عند «أصحاب القرار»، وبالتالي ضمان استمرارهم في مناصبهم، ومن ثم يمكن التأكيد على أن تصريحات العجاتي هي أقرب للتكليف منها للاجتهاد الشخصي، فهذا الملف لا يحتمل الاجتهاد نهائيا. المستشار مجدي العجاتي ختم «رسالته» بعبارة مهمة جدا يقول فيها: «إنه ليس من السهل التصالح لكن ستستعين الدولة بتجارب من دول أخرى»، وهذا دليل شديد الوضوح على أن «أفكار المصالحة» قطعت شوطا بعيدا، وأن ثمة خططا درست تجارب دول أخرى، وقام بها فريق عمل للاستفادة منها في تحقيق المصالحة داخل مصر، وأن هذا «قرار» دولة.
التصالح مع الإخوان عندما يحدث لن يكون سلوكا شاذا عن المسار السياسي الذي اتجهت إليه الدولة طوال الأعوام الماضية، لأنها تصالحت فعليا مع المنظومة السياسية السابقة على ثورة يناير/كانون الثاني بكاملها، فالجهاز الأمني والجهاز القضائي والرموز السياسية الأبرز حضورا ورجال الأعمال وأذرعهم الإعلامية والسياسية، كل ذلك هو نسخة من نظام مبارك، كل ما تغير هو مبارك وأسرته وبعض الحاشية، ولا ينقص هذه المنظومة إلا عودة الإخوان لكي يكتمل عقدها ويتم طي ملف ثورة يناير بكامله، وتمضي الأمور والموازنات واللعبة على الوتيرة نفسها التي أسسها السادات وطورها مبارك من بعده، وتتحول الجماعة إلى «إسفنجة» الحراك الشعبي، وتقبل أن تؤدي دورها في الحدود المرسومة مقابل السماح لها بهامش من الحركة والحضور النسبي في البرلمان والنقابات والنشاط الاقتصادي والتربوي. النظام الحالي وصل في حربه على الجماعة إلى أمد أبعد مما كان يتوقع، وقد حقق نجاحا كبيرا في حملة «كسر العظام» التي أضعفت الجماعة إلى حد كبير، وجعل بعض «الشيوخ» في الخارج ـ إبراهيم منير مثالا ـ يرسلون إشارات باستعدادهم للتفاهم والحوار غير المشروط، ولكن سيبقى نجاح ميلاد هذا المسار متوقفا على حسم إرادة القرار داخل الجانبين، النظام والإخوان، لأن النظام بداخله أجنحة أكثر تشددا في هذا الملف وترفض فكرة المصالحة مع الإخوان ولها أذرعها الإعلامية والسياسية. والإخوان أيضا لديهم انقسام واضح وحاد بين تيار الشباب الأكثر اقترابا من ثورة يناير ومخرجاتها، وأشد تمسكا بشرعية رئاسة مرسي واعتبارها خطا أحمر. وتيار الشيوخ الذي يقاتل من أجل استعادة السيطرة على مقاليد الجماعة، وربما اقتنع أن اقترابه من النظام والتوافق معه يمكن أن يعزز موقعه ويدعمه في صراعه مع تيار الشباب ويحسم له قيادة الجماعة من جديد».

لقاءات في سجن «العقرب»

وقد نشرت «الشروق» لأول مرة عن تفاصيل ما يقوم به الشيخ أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، في تحقيق لها يوم الاثنين أعده زميلنا محمد خيال وجاء فيه: «كشفت مصادر في سجن العقرب 2 في منطقة سجون طرة، أن ضباط الأمن الوطني في السجن التقوا للمرة الثانية خلال 10 أيام بالشباب الذين شاركوا في محاضرة الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، التي كانت تهدف إلى مراجعة أفكار أعضاء في جماعة الإخوان والمتعاطفين معها، إضافة إلى المتهمين في قضايا الانتماء لتنظيم «داعش». وأوضحت المصادر أن اللقاءات شهدت تساؤلات من جانب الضباط للشباب حول ما استخلصوه من المحاضرة وإلى أي درجة تأثروا بما طرحه الأزهري من نقد لأفكار سيد قطب، التي تعد كتاباته مرجعا أساسيا للمجموعات المتشددة؟ وأشارت إلى أن الغالبية العظمى من الشباب أكدوا خلال اللقاءات مع ضباط الأمن الوطني على أنهم لا يرغبون في شيء سوى الخروج من السجن لاستكمال حياتهم ودراساتهم والتركيز على مستقبلهم ــ بحسب المصادر. وأضافت أن «معظم الشباب في السجون حاليا الذين ألقي القبض عليهم في قضايا متعلقة بتظاهرات الإخوان، أعلنوا خلال اللقاءات أنهم عازمون على عدم المشاركة في فعاليات احتجاجية أو مظاهرات أو حتى في المشاركة المجتمعية العادية، وأن كثيرا منهم قالوا إنهم سيبحثون عن فرصة عمل في الخارج. وتابعت، أن الحديث عن المراجعات في السجون واكبته تيسيرات لأهالي السجناء خلال الزيارات أخيرا. مشيرة إلى أنه في العادة عندما يتم تسريب أي معلومات لوسائل إعلام بشأن ما يجري في السجن من أحداث، تعقب ذلك إجراءات مشددة، إلا أنه في هذه المرة لم يحدث ذلك. وتابعت: بالعكس الزيارة التي أعقبت الحديث عن المراجعات في السجون كانت سهلة للغاية بالنسبة للأهالي، حيث تم تيسير إجراءات دخولهم». وقالت المصادر إن هذا الأمر يعتبر بادرة حسن نية من إدارات السجون».

قنوات خلفية تسهل الجلوس
إلى طاولة التفاوض

ونبقى في «الشروق» ومقال الكاتب طلعت إسماعيل يوم الاثنين عن جديد المصالحة يقول: «لا تعرف السياسة العداء الدائم أو الصداقة المفتوحة، فثمة أسباب للتقارب بين الأطراف، سواء كانت دولا، أو جماعات، وأسباب أخرى للنفور والتباعد، وجميعها يندرج تحت بند مصلحة كل طرف في الزمان والمكان، وغير ذلك يكون ضربا من التخبط والعشوائية في إدارة العلاقات حتى بين الأفراد بعضهم مع بعض. وفي العداء، وقبل أن تضع الحرب أوزارها، عادة ما تكون هناك قنوات خلفية، تسهل الجلوس إلى طاولة التفاوض، كي تضمن للأطراف المتصارعة الوصول إلى أفضل الشروط، لإسكات صوت المدافع ودوي الرصاص في الميدان. وفي السلم لا تعطى الأطراف المتنافسة شيكا على بياض للطرف الآخر، بما يجعله يأمن جانبها، ولا يضع في الحسبان قاعدة المصالح المتغيرة. وعبر التاريخ، القريب منه والبعيد، دخلت الدول والجماعات في صراعات وصلت إلى حد خوض الحروب النظامية بين الدول بعضها مع بعض، أو الحرب الأهلية بين القوى المتناحرة في البلد الواحد، أو رفع بعض الجماعات السلاح في وجه الدولة في وضع ثالث، وهي حالات ربما متكررة، ولا تخص بلدا بعينه دون سواه على خريطة العالم، وعادة ما يأتي الوقت، لتصبح هذه الخلافات العنيفة نسيا منسيا ومن الماضي، لأن عجلة التقدم، تكون قد انتقلت بالجميع إلى مرحلة جديدة تحتم طي صفحة من الألم لصالح الحياة. إذن الحديث الدائر عن مصالحة الدولة مع جماعة الإخوان التي أعلنتها الحكومة «جماعة إرهابية»، ليس غريبا، وبالونات الاختبار التي خرجت عن المستشار مجدي العجاتي، وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، يمكن فهمها في إطار تعبيد الطريق أمام النقلة المنتظرة في دائرة الصراع مع الإخوان منذ الثلاثين من يونيو/حزيران عام 2013، وما تلاها من أحداث، كان العنف عنوانها العريض. المستشار العجاتي الذي تحدث عن إمكانية التصالح مع الإخوان ممن « لم تلوث أيديهم بالدماء» حسب تعبيره، ليس وحده الذي خاض هذا المضمار، فقد تبعه اللواء سعد الجمال رئيس «ائتلاف دعم مصر» صاحب الأغلبية في مجلس النواب، الذي وضع عددا من شروط للمصالحة مع اعضاء الجماعة في مقدمتها«عدم تلوث أيديهم بالدماء، وأن تكون لديهم نوايا صادقة وليس مناورة، وأن يعترفوا بأخطائهم ويدينوا العمليات الإرهابية» وأيا كانت الشروط الموضوعة، فإن الرغبة في المصالحة تبدو قائمة، سواء لأن الدستور «يحتمها»، وفق قانون العدالة الانتقالية الواجب صدوره عن البرلمان في الفصل التشريعي الأول، أي في الوقت القريب، أو لأسباب موضوعية تحتمها الظروف الاقتصادية والأمنية، أو ربما لضغوط خارجية كما يعتقد البعض، نقول إن المصالحة بين مكونات المجتمع الرئيسية عقب حقبة من المظالم، التي كانت وراء الثورة على نظام مبارك، أمر تمليه المصلحة، وأن تشنج المتشنجون، وهاج البعض وماج، مطالبين بالاستمرار في إقصائهم، الذي قد يقول البعض إنه النهج الذي اختاره الإخوان، بلجوئهم إلى العنف، ومناصرة الإرهاب..».

«شبه الدولة» وتهمة التواطؤ مع السلفيين

ومن الإخوان إلى أصحابنا السلفيين والدولة التي قال عنها يوم الاثنين زميلنا في «المقال» أحمد رمضان الديباوي: «مهما حاولت « شبه الدولة» تبرئة نفسها من تهمة التواطؤ المشين مع السلفيين والنفاق الفج المتبادل في ما بينهم بمشاركة ومباركة مؤسسة دينية رسمية كبرى كالأزهر، فإنها لن تستطيع التملص من تلك التهمة التي ستظل تطاردها في صفحات الضمير والأخلاق والدين نفسه، قبل أن تطاردها في صفحات التاريخ تغيب «شبه الدولة» عمدا عن المشهد الحاكم برمته في مركز العامرية غرب محافظة الإسكندرية، خصوصا مع اندلاع أي مشكلة ولو تافهة هنالك، كما هي الحال أخيرا في تلك المشكلة الطائفية جدا التي شهدتها قرية «البيضاء» إحدى قرى منطقة النهضة في العامرية على إثر اشتباكات مسلحة اندلعت يوم الجمعة الماضي بعد تعرض أحد المنازل المملوكة للمسيحيين لاعتداءات عنيفة من جانب بعض السلفيين المحتجين على ما أشيع حول نية الكنيسة تحويل ذلك المنزل إلى دار خدمات ملحق بكنيسة العذراء والملاك ميخائيل، ما أدى إلى وقوع اشتباكات بينهم وبين عدد من مسيحي القرية، واكتفت «شبه الدولة» إزاء تلك الاحداث الطائفية، بأمرين بائسين بؤس إدارتها للأزمات، أولهما تطويق قرية البيضاء بأعداد هائلة من مجندي الأمن المركزي ومدرعات الأمن، وثانيهما استمرار احتجاز نحو ستة مسيحيين على خلفية الأحداث، منهم مالك المنزل الذي أشاع السلفيون تحويل منزله إلى دار خدمات تابعة للكنيسة، وخمسة آخرين. بينما أطلق مركز شرطة العامرية سراح نحو ستة أشخاص سلفيين متشددين شاركوا في التجمهر أمام المنزل والاعتداء على مسيحيين، ولعل مركز ومدينة العامرية في غرب محافظة الإسكندرية ليمثل حالة خاصة تعبر عن تضخم الوجود السلفي هنالك، خصوصا بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وما تبعها من تمدد الوجود السلفي المكشوف، ممثلا في حزب «النور» بعد إذ بات حزبا سياسيا له وجود معتبر في الحياة السياسية المصرية، وكذا وجود في البرلمان الحالي والسابق حتى أنني أستطيع القول بصراحة، ومن دون مواربة أن مركز العامرية يحكمه السلفيون، ولعل من صادفه حظه بزيارة العامرية يكتشف بجلاء مدى تغيير البنية الداخلية العمرانية والسكانية للمدينة، لذلك لا أجد حرجا إذ أنا شبهتها بـ»قندهار» الأفغانية».

خطاب ديني مستنير

وفي «الوطن» عدد يوم الاثنين نفسه قال محمد الدسوقي رشدي عما حدث في العامرية: «أي شيء يضير أو يصيب المسلم بوجع، إذا قام المسيحي في بلدته ببناء كنيسة أو حتى ألفٍ؟ لا الإسلام حرم ذلك ولا الأخوة والعِشرة والمواطنة تقول بأن الدم والفتنة هما الرد الأنسب على تحرك سور كنيسة من مكانه أو تحويل مبنى سكني إلى مبنى كنسي؟ هل تتخيل أن الإسلام قد يتأثر إذا زاد عدد الكنائس؟ هل تتخيل أن المسلمين في مصر سيصبحون في خطر إذا وقعت أعينهم على قبة كنيسة أو صليب؟ إن كنت تعتقد ذلك أو من ساهم في إشعال أزمة كنيسة العامرية فكّر في ذلك، فلا بد أن تعلموا أن الإسلام لم يتلقَّ إهانة أكبر من تلك، ولا بد أن تعودوا لمراجعة بنيان العقيدة الإسلامية لتتأكدوا بأنفسكم أنها أقوى من إسلام شخص هنا أو تنصّر آخر هناك. في أزمة كنيسة «العامرية» تبدو الأمور أوضح قليلاً عن ذي قبل خطاب ديني مشوش حول التدين إلى طقوس ظاهرية، الحل إذن يكمن في الصراحة والمكاشفة في أن يواجه هذا الوطن مشكلاته ويعترف بخلايا التعصب التي تنتشر في أوصاله، حتى ننجح في محاصرتها واستئصالها. الحل يكمن في قانون دور العبادة الموحد الذي خرج تائهاً ولم يعد، ويوجد أيضاً في خطاب ديني مستنير ومحترم يقنع المسيحي والمسلم بأن الأديان لا تنصرها الحجارة سواء شكلت مسجداً أو كنيسة».

الخوف من الفشل

أما عمرو الشوبكي في «المصري اليوم» يوم الاثنين فلا يخشى ثورة ثالثة، ولا يعتبر أن مظاهرات شباب «يوم الأرض» تمثل خطرا على النظام السياسي حتى تُواجه بهذه الحدة، ويواصل قائلا: «لا أوفق على النظرية الأمنية المعتمدة حاليا، أن ثورة يناير/كانون الثاني حدثت بسبب تساهل الأجهزة الأمنية مع الشباب والناشطين، وأنه يجب اعتماد خيار المواجهة الحديدية، الذي يساوي بين نقابة الصحافيين ومتظاهري 25 إبريل/نيسان، وبين المحرضين على العنف من الإخوان وإرهابيي بيت المقدس، وأنشطة بقايا التنظيم الدولي الخارجية المشبوهة. نحن أمام تحديات كبيرة، وأمام أداء سياسي واقتصادي متواضع، وجهاز إداري للدولة ترهل حتى وصفه الرئيس محقا ذات مرة بأنه أشباه دولة، وأمام خطر مستمر للإرهاب رغم تراجعه، كل هذه التحديات وكل هذه المصائب تستلزم أداء مختلفاً وإصلاحاً جراحياً أعمق وانفتاحا سياسياً أوسع. في مصر مازالت هناك معركة ضد الإرهاب رغم النجاحات المؤكدة في مواجهته، لأنه خطر لا يمكن اختزال أسبابه في غياب الديمقراطية، ولا في تدخل الجيش في السياسة، وإلا لماذا ضرب الإرهاب تونس التي بها جيش صغير لا علاقة له بالسياسة، أو أوروبا الديمقراطية، حيث تشهد شوارع باريس على وجود إرهاب فاق ما جرى في عواصم عربية وإسلامية كثيرة؟ يقينا خطر الإرهاب على مصر حقيقي، ولكنه خطر مركب، ومحاولة البحث عن شماعة سهلة من كل الأطراف لتحميلها مسؤولية الإرهاب لن تقضي عليه ولن تحاصره ولن توقف نزيف الدم والشهداء. يقينا هناك أزمات كبيرة، وهناك نجاحات أيضا كبيرة، والمؤكد أن الخوف من الفشل في تجاوز الأزمات مشروع، وهو ما يتطلب امتلاك الحكم رؤية سياسية قادرة على التمييز بين المعارضين للنظام بغرض إصلاحه، وخصوم للنظام بغرض تغييره بالطرق السلمية، وأخيرا أعدائه الذين يرغبون في إسقاطه ولو بالعنف… معارك مصر كبيرة وأزماتها متعددة، ولا أفهم سلبية الحكومة تجاه مخاطر جمة، فالمطلوب هو تعبئة حقيقية من أجل الانتصار على الفشل الإداري والاقتصادي والسياسي، فنحن لدينا فرصة للإصلاح ومراجعة الأخطاء، لأن لدينا نظاما وطنيا لديه شعبية مازالت كبيرة، ومطلوب منه أن يقدم كشف حساب «غير انتخابي» بالحديث عن أوجه القصور بغرض إصلاحها (لأن النجاحات نعرفها)، فلا تتردوا لأن الفشل الداخلي بسبب سوء الأداء أخطر بكثير من الإرهاب ومظاهرات الشباب وحروب الجيل الرابع والمؤامرات الخارجية… فاحذروه وواجهوه».

الأكل على كل الموائد

أما زميله طارق الغزالي حرب فكتب قائلا: «لست أعرف بالتأكيد من الذي يضع قائمة الشخصيات التي تتم دعوتها على الإفطار مع الرئيس كعادته كل عام في رمضان، فيما يُسمى «إفطار العائلة المصرية».. صحيح أنه لابد أن تكون هناك دائرة ما في رئاسة الجمهورية مُفترض أنها قريبة من الرئيس، هي التي تقوم بذلك، ولكنني لا أتصور أنه يتدخل شخصياً في تحديد أسماء بعينها واستبعاد أخرى، وأن كل ما يمكن أن يفعله إعطاء توجيهات عامة بأن يكون هذا التجمع الرمضاني ممثلا بقدر الإمكان للعائلة المصرية الواحدة، وبالتالي فإنه يُحبذ تمثيلاً رمزياً لمعظم فئات الشعب وطوائفه وأعراقه المختلفة من النوبة في الجنوب وحتى سيناء في الشمال.
بناءً على ذلك فإنني أكاد أجزم بأن من تمت دعوتهم من الإعلاميين مثلاً هم من تتصور تلك الدائرة حول الرئيس أنهم من الموالين والمؤيدين والمَرضِي عن أسلوبهم الإعلامي، حتى لو كان تاريخهم معروفا بالأكل على كل الموائد، ولكن لديهم قدرات متميزة على ضبط موجاتهم على أي إشارة تصدر عن الرئيس، فتخرج كلماتهم بعد اللقاء لتبدو مُتناغمة مع ما سيقوله الرئيس من كلمات بروتوكولية بسيطة في حفل إفطار، وليس استغلال الموقف لتأويل كلماته بما يتفق مع ما في نفوسهم من حقد وكراهية. الذي دفعني للكتابة حول هذا الموضوع ما قرأته في عمود يومي في صحيفة «الأهرام» يوم 6/23 تحت عنوان «السيسي وفاتورة السنوات الخمس» لكاتب كان في السنوات الأخيره لحكم مبارك، من أهم الأكلة على مائدته ونجله ووزير إعلامه، باعتباره أحد المُنظرين المهمين لعملية التوريث التي لم تتم بعد أن رفضها الشعب في 25 يناير/كانون الثاني وأيده في ذلك جيشه الوطني.. وبالمناسبة فإن هذا الكاتب هو أول من استخدم تعبير «نكسة يناير» ليصف به الانتفاضة التاريخية للشعب المصري في 25 يناير وثورته التي يذكرها العالم كواحدة من أهم الثورات الشعبية في التاريخ الحديث. ويبدو أنه قد صدر إليه توجيه ما بأن هذا التعبير يتناقض مع ديباجة الدستور الذي أقره الشعب، ويضع الثورة في مكانها الصحيح، فبدأ في استخدام تعبير غريب هو «عملية يناير»! المهم أن السيد المذكور كتب في عموده الذي أشرت إليه عن كلمة الرئيس في هذا الإفطار الذي دُعي إليه ما نصه: «ولعلها المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس عبدالفتاح السيسي بذلك الوضوح عن خسائر عملية يناير 2011 وتأثير الدمار الذي أحدثته في بنية الاقتصاد وفي قدرة مصر على الوفاء بالاحتياجات أو الطموحات»! وبعد أن ألبس الرئيس عباءة العداء لثورة يناير بهذه العبارة، أضاف ببجاحة منقطعة النظير ما نصه «وأجدها مناسبة لمطالبة كل أجهزة الدولة القانونية والسيادية، لا بل التمني على الرئيس نفسه أن يتم إعلان الرقم الحقيقي لخسائر عملية يناير، فنحن دافعو الضرائب ومن حقنا أن نعرف، وإذا عرفنا فلابد أن نسأل عن المتسببين في تلك الخسائر ثم إذا سألنا وحددناهم فلا بد أن تحين لحظة الحساب»! السؤال موجه للرئيس الذي ننتظر إجابته لوضع النقاط على الحروف: هل كان تدهور حالة الاقتصاد والتعليم والصحة والنقل والأمن وانتشار الفقر والعشوائيات والرشوة والفساد وانحدار الأخلاق هو السبب في اندلاع ثورة يناير الشعبية العظيمة، التي أتت بكم إلى سُدة الحكم، أم أن هذا كله كان نتيجة للثورة كما يدعي أحد الأكلة على مائدتك بأنك قلته؟ أرأيتم ماذا يريد رجال نظام مبارك الذين خرجوا من جحورهم هذه الأيام في كثير من زوايا الوطن؟ إنهم يريدون محاسبة من تجرأ وقاد ثورة الشعب المصري فأجهض مخطط التوريث وأفشل مشروعاتهم الشيطانية! السيد الرئيس.. أين أنت من هذا الهُراء الذي يتقولونه عليك؟».

سوء الأداء الإداري أخطر من الإرهاب والمؤامرت الأجنبية… وتصريحات العجاتي تكليف وليست اجتهادا شخصيا

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

    السلام عليكم

    من المفروض أن يسعى لهذا المخرج منذ إندلاع الشرارة الاولى للأحداث بغية توفير كثير من الخسائر في الارواح من بين فئات الشعب المصري .ومن يراهن على القبضة الامنية وشطط القضاء والجزمة العسكرية فهذا صنف لا يحب مصر ولا المصريين بتاتا.لو نقيّم الفترة منذ الانقلاب إلى يومنا هذا لنجد خسائر في الارواح والممتلكات وتفتت أواسرالأخوة بين المصريين نهيك عن تدهور الحالة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد …وكان من الواجب على محبي مصر والمصريين أن يتوقعوا هذا مسبقا ويسعووا لتجنبه وليس من أجل الكرسي أو لأني أخالفك الرأي تكون العصا التي توقف عجلة الرحمة والنمو هذا نستطيع أن نسميه نشز وعاهة في التفكير وما هكذا تبنى الامم .ليس سيلان الدماء وتشتت شعب وتفقيره وسيلة للتحكم والحكم بل تلاقح الافكار هو وسيلة البناء من أجل إنجاب ماهو خير للبلاد والعباد
    إنّ الساعين للمصالحة بين فئات الشعب لمدركون لأهميتها الانسانية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وأمّا أعداء المصالحة هم الفئة الباغية التي تريد مصالحها الضيقة تسير في هذا الجو العبثي الموبوء بالفساد من أجل مصالحهم
    لقد مرت دول بنفس الظروف التي تمر بها مصر الآن وقد إرتفعت أصوات ناعقة محرضة على المزيد من القبضة الحديدية حتى وصل بهم الامر أن قالوا :(يجب اجتثاث الاصوليين من الاصل…)ولكن هذا لم يستطعوا عليه لأنّه الأصل في البلاد ومن رحمة الله بهذا البلد جاء رجل راشيد وقد فرض المصالحة فرضا وأقرّها مراسيم وقوانين وبالفعل رجعت عافية البلد وتوقف سيل الدماء وانتعش الاقتصاد وتآخى الناس ونسوا أحقادهم وإلتمت الجروح وشرع كل واحد في مهامه الاولى بناء الوطن وهذا فضل من الله ثمّ الرجال المحبين لخير البلاد والعباد وليس كمثل شرذمة لايحلوا لها العيش إلاّ في المياة الوحلة الآسنة
    دعوتي وصيحتي لأبناء مصر المخلصين أن يظافروا الجهود من أجل ترميم ما أفسده المفسدون يمكنون للمصالحة التي لا تقصي أحد ثم إحقاق الحق ثم للعدالة ذات الميزان المعتدل أن تقص من كل ظالم سواء أحزاب أو حكومة ولا تخاف لومة لائم لأنها مسؤولة أمام الله ثم الشعب
    وليعلم الجميع الصحوة في هذه الدنيا أصلها المصالحة مع الله ثم النفس ثم المجتمع
    دعاؤنا أن يعيد الله العافية لبلاد المسلمين قاطبة ومصر بالخصوص ثمّ أن يفك الله قيد الرئيس مرسي إن شاء الله وإخوانه
    ولله في خلقه شؤون
    وسبحان الله

إشترك في قائمتنا البريدية