في الوقت الذي ترتكب فيه المجازر المروّعة ضد المدنيين في غوطة دمشق الشرقية، وتهاجم قوات النظام السوري وحلفاؤها الروس والإيرانيون هذه المنطقة المجوّعة والمحاصرة منذ سنوات، كان مسؤولو شركات كبرى مجتمعين في قاعة مؤتمرات لمناقشة «فرص التجارة» بعد أن تقوم تلك القوّات بتسوية مدن وبلدات ريف دمشق التي تسيطر عليها بالأرض، وتحوّل من بقي من سكانها حيّا أو غير معتقل إلى أسرى في بلادهم.
الاجتماع الذي حضره 200 مدير شركة اجتمعوا في غرفة التجارة الروسية ناقش كيفية الاستثمار في نتائج العمليات العسكرية وتحويلها إلى فرص تجارية، متناولا قضايا النفط والغاز والخدمات الهندسية والشحن وعقود الإعمار والكهرباء والسياحة وغيرها، وحسب مدير غرفة التجارة الروسية سيرغي كيترن فإن «الأولوية ستمنح، كما قال الرئيس بشار الأسد»، للأعمال الروسية».
يفترض هذا الاجتماع أن جهة عالميّة ستدفع فاتورة «الإعمار» الهائلة التي تقدر بمئات المليارات، لكن هذا الافتراض يثير السخرية أمام ما يجري فعليّاً بين الأسد و«حلفائه» الذين يريدون مقابلاً كبيراً لتثبيته (حتى الآن) على كرسيّه المبني على الجماجم.
حققت روسيا مصالح عسكرية كبرى مقابل تدخلها في سوريا وقد انكشفت أسرار المعاهدة العسكرية التي تمنح موسكو وجوداً جويا وبحريا وبريا إلى أجل غير مسمى، مع إعفاء جنودها من أي ملاحقة قانونية، ولعلّ أهم بنودها ليست أن قواعدها خارج مفهوم سيادة الدولة السورية، كما يسمح لقواتها بالتحرك من دون أي تدخل من جانب السلطات السورية.
وإذا كانت هذه الامتيازات العسكرية الخطيرة لا تصرف بالضرورة إلى أموال، لكنّ وضع روسيا كحامية وضامنة وراعية للنظام، يحمل ضمناً إمكانية تحويل هذا النفوذ العسكري الضارب إلى أكثر من احتلال قواعد على المحيط الأطلسي وداخل مناطق أخرى من سوريا.
أما بالنسبة لإيران، فإن المقابل المطلوب للمساهمة العسكرية الكبرى التي قدمتها لنظام الأسد، يتجاوز القواعد العسكرية التي تملكها، والنفوذ الكبير على الأرض، إلى مصالح وامتيازات اقتصادية تم التعبير عنها من خلال اتفاقيات «تعاون» اقتصادي استراتيجي وطويل الأمد تفتح طهران من خلاله خطا ائتمانيا ثانيا يتم تسديده بقائمة أصول يطالب الجانب الإيراني بنقلها.
وحسب أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني محسن رضائي فإن إيران «أنفقت 11 مليار دولار على الحرب في سوريا، وستستعيد كل دولار أنفقته في سوريا والعراق وفي كل مكان»، والخطة تقوم على الاستيلاء على حصة سوريا المستقبلية من الغاز الطبيعي المكتشف في البحر الأبيض المتوسط، وفي السيطرة على إنتاج الاسمنت.
المقايضة التي يقوم بها النظام هي نقل أصول الشعب السوري، ومصادرة مستقبله البعيد، من أجل تمويل النفقات العسكرية لحربه الدموية ضد شعبه. يضاف إلى ذلك، أن المجازر، إلى كونها مناسبة لنهب معمّم و«تعفيش» لشبيحة النظام ومواليهم، فهي أيضاً احتلال لأراض لم يستطع إقطاعيّو النظام وسدنة خزائنه الاستيلاء عليها أيام السلم.
المعادلة هي أن روسيا وإيران تأخذان بالقوة ما تبقى من أصول مستقبلية للسوريين، فيما تقوم طغمة النظام بإكمال الجريمة ومثل شايلوك في المسرحية الشهيرة تقوم بقصّ رطل اللحم الحيّ من جسد الشعب.
رأي القدس
النظام المصري باع مصر لإسرائيل والنظام السعودي باع السعودية لأمريكا والنظام دمر سوريا وباعها لروسيا وإيران مابقي هو أنظمة قبيحة والشعوب تدفع الثمن! ولنا الله ومالنا غبرك ياالله.