لا يهتم مانحو جائزة «ميوركيس دور» بالرواية التي يقدمها مسلسل «شوق»وهم يقدمون لبطلته سوزان نجم الدين جائزة أفضل ممثلة عن دورها فيه. لا يعنيهم إن كان المسلسل وبطلته يجسدان رواية النظام السوري ونظرته لما يحدث في البلاد، وعلى الأرجح قد تكون الجائزة منحت بالضبط بسبب تبني تلك الرواية، ففي بلد مثل لبنان، ما زال خاضعاً بطريقة أو بأخرى لسلطة الوصاية الشمولية، وممثليها، يصعب أن يحدث ذلك بالمصادفة.
«شوق» هو رواية النظام من دون مواربة، أخطر ما فيه أنه «عفّش» حكاية الناشطة المخطوفة مع ثلاثة رفاق لها منذ سنوات، رزان زيتونة المعارضة للنظام السوري، مع شيء من التمويه، ليجعلها مجرد طبيبة نسائية مخطوفة على يد «داعش»، بل وتصوير كل أطراف المعارضة على أنها «داعش».
اللافت أن بطلة المسلسل سوزان نجم الدين قالت وهي تتسلم جائزتها، محاولة تفسير إطلالتها بفستان ينتمي إلى عصور سالفة «بدّي نوّه على طلتي، اخترت (هذا الفستان) من عصر النهضة الذي كرّس فيه بودلير والفكر الديكارتي معنى الجمال الحقيقي الذي مزج بين جمال الطبيعة وجمال الهندسة المعمارية وجمال المرأة. كمهندسة معمارية وكفنانة حبّيت أعمل هالمزج بين العصر النهضة والحالي».
لا تتوقف نجم الدين عن تذكيرنا بكل إطلالة لها بأنها درست الهندسة المعمارية، هذه هي طريقتها في محاولة تدعيم وضعها كممثلة، لكن الجديد هنا هو هذا التشدّق بأسماء كبيرة مثل ديكارت وبودلير 1821-1867، مع أننا مع الأخير نكون قد تخطينا عصر النهضة الذي يؤرخ له بدءاً من القرن الرابع عشر وحتى القرن السابع عشر!
الأهم هو أن يتحدث موال للنظام السوري، وممثل لروايته الأشد تطرفاً، عن عصر النهضة وقيم ذلك العصر، كما لو أنه قدّم للتو تحفة مماثلة، أو أفكاراً تتصادى مع أفكار ذلك العصر!
في مديح الظلام
يستحق الممثل السوري مازن الناطور جائزة التوتة الذهبية على الفيديو الذي أطلّ به على جمهور السوريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي. فالرجل استغرق ثلاث ساعات بحالها، على ما قال، يمحو ويكتب ليصل، من ثم، إلى خطاب لحثّ الناس على نزعة السلم، بتكليف من منظمة «سلام بلا حدود» التي عيّنتْه سفيراً لها، ورغم ذلك الوقت الثمين المبذول فقد قدّم الناطور الخطاب الأكثر رداءة، إن كان على مستوى الأداء، أو المضمون، أو الكتابة، إذا سلّمنا بوجود كتابة في الأساس، فالحديث يشي بمستوى أميّ تماماً عند الفنان.
فجأة بات الفنان «المكلّف» يتحدث عن «أطراف» متصارعة في بلده، ويستخدم عبارات مثل «بغض النظر عن السبب»، و«كمواطن سوري تأذيتُ كثيراً من هذه الحرب»، و«سمّوني ضد الحرب»، و«لا علاقة لي بالسياسة»، «يا جماعة الحرب ما راح تعمل شي»، و»العالم فيه خير يتسع للجميع».. كلام ذكّرني بتلك العبارة التي يقولها الكبار للأولاد، أو ذلك الذي يأتي في آخر المشاجرة ليقول «العبوا سوا يا ولاد»!، كأن ما حدث ليس سوى إشكال عابر يمكن تجاوزه بـ «تبويس الشوارب» و«مسح اللحى».
يحلم الفنان، المكنّى بـ «ضد الحرب»، ببلد موحد، قلبه على سوريا تحت راية واحدة (لا ندري إن كان الفنان قد تخلى عن علم ثورته الذي قضى في ظلّه مئات الآلاف)، مثاله في ذلك الهند التي تضم قوميات وإثنيات تحت علم واحد، ولعله هنا بالذات ساق المثال الخطأ، فالعلم الواحد، والبلد غير المقسم لم يستطع حتى أن يخفي مصائبه وفتنه التي لا تتوقف كل يوم عن الانفجار من جديد.
السلام، أخي الفنان، لا يكون بتمويه أسباب الجريمة بالحديث عن «أطراف»، ومتصارعين. وبالعكس، لا يكون السلام إلا بتحديد أسباب الكارثة، وبمحاسبة مرتكبي المجازر من دون تأجيل.
ويختتم الفنان «ضد الحرب» خطابه التاريخي بعبارة «أن تشعل شمعة خيراً من أن تلعن الظلام»؟ ويعتبر أن الحديث عن السلام بعبارات من قبيل «قديش السلام حلو» هو أشبه بإشعال تلك الشمعة.
ويظن الفنان المكلّف أن بمجرد حديثه عن السلم وعن «أطراف» فإن الناس ستركض إلى السلم. ليس الكلام و«إلقاء السلام» بكافٍ، قم افعل شيئاً يا رجل، دعنا نرك في مخيمات البؤس، احمل لهم رغيف خبز، خيمة، ثياباً دافئة، وحدّث حينها عن السلام. هكذا يكون إشعال الشمعة، أما حديثك فوالله ليس سوى نوع مموّه من مديح الظلام.
«هاي مشان الحرية»
مع أن رواية النظام الممانع تشهد ازدهاراً مطّرداً، خصوصاً مع وهم الانتصار، وعلى الرغم من الماكينة الهائلة لإعلام المؤامرة الكونية، إلا أن النظام قرر منع نظام الستالايت (الدش) في البلاد، متذرعاً بفوضى الصحون اللاقطة على السطوح، من دون أن يخفي أسبابه الرئيسية، حيث اعتبر أن نظام البث هذا كان سبباً في ما وصلت إليه حال البلد.
لكن على ماذا يخشى النظام ما دام يعتبر الآن أنه وصل إلى المجتمع المتجانس الذي يطمح إليه؟ ألا يفترض أن يكون سوريو النظام محصنين من أي روايات إعلامية مضادة بعد كل ما جرى؟ مم يخاف النظام على وجه الدقة؟ هل هذا مجرد تنكيل بمن بقي من السوريين على قيد الحياة، أم أنها اختراعات لتلهيتهم بالنضال بأشياء مطلبية، أم لعلها صفقات تجارية من أجل تمرير المعدات اللازمة لنظام الكيبل؟!
جوائز بلا حدود
حصلت الإعلامية السورية لينا الشواف، المديرة التنفيذية لراديو «روزنة» على جائزة «مراسلون بلا حدود» لعام 2018 لحرية الصحافة..
يقال إنها نالت الجائزة لكونها عرّضت حياتها للخطر. لا أحد يعرف كيف ومتى حدث ذلك بالضبط. المدافعون عنها قالوا إنها «نازلة طالعة على غازي عنتاب (في تركيا) وعلى المناطق المحررة». فيما قالت الشواف، تعليقاً على الجائزة «أنا يمكن ناجية. يمكن لو ما تركت ومشيت كنت بكون مع هدول الشباب اللي متل الورد اللي قدموا حياتهم».
لكن السؤال للزملاء في «مراسلون بلا حدود»: ألا ينبغي أن يكون المرء صحافياً أولاً؟ أن يقدم شيئاً ذا قيمة على المستوى المهني! فما بالك حين يكون مشهوداً له بتخريب مؤسسة أنشئت من أجل السوريين، وباسمهم. الأداء الإعلامي والبرامج والموقع الالكتروني تحت بصر الجميع. لن تتمكنوا من خديعة الناس طوال الوقت.
كاتب فلسطيني سوري
راشد عيسى
لايك واحدة لا تكفي راشد عيسى
على رأيك يا أخي سامي, لأن فضح هذا التضليل الذي يحصل يعني بالمحصلة كشف الحققة ولهذا تعجبني مقالات الأخ راشد عيسى.
الصحون اللاقطة أصبحت من الماضي بعد إنتشار النت الفضائي ! ولا حول ولا قوة الا بالله