سياسة الصدمة وإقرار الأمر الواقع لم تعد تتلاءم مع شعب شب عن الطوق والحكومة تحكم بعقلية عفى عليها الزمن

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: كان الاهتمام الأكبر للغالبية الذي عكسته الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 14 مارس/آذار، هو استمرار ارتفاع الأسعار والشكوى منه، مع معاودة الدولار للارتفاع.
وقرار محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة بحل مجلس اتحاد كرة القدم بسبب أزمته مع نادي الزمالك، الذي تظلم من الحكم جهاد جريشة، الذي لم يحتسب ضربة جزاء مؤكدة له في مباراته مع فريق المقاصة، وانتهاء المباراة بفوز المقاصة بهدف، ورفض اتحاد الكرة لوم الحكم أو إعادة المباراة، وبذلك تنتهي أزمة الزمالك الذي قد قرر عدم المشاركة في الدوري العام.
كما واصلت الصحف الاهتمام بانتشال الجزء الثاني من تمثال رمسيس الثاني. كما كان هناك اهتمام واسع أيضا بالقرار الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي بالعفو عن الدفعة الثانية من الشباب، الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية بالسجن، بسبب مشاركتهم في أحداث تجمهر وتظاهر دون الحصول على موافقة أمنية، كما يشترط القانون. وكان السيسي قد وافق في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أثناء انعقاد مؤتمر الشباب في مدينة شرم الشيخ على مطالب المشاركين في الإفراج عن هؤلاء الشباب، فصفق الحاضرون لدرجة أنه ضحك وقال «ياه أنتم بتحبوا المظاهرات أد كده؟». ويتم حاليا التجهيز للافراج عن الدفعة الثالثة.
ومن الأخبار الأخرى التي تناولتها الصحف المصرية أمس الثلاثاء خبر عودة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك إلى منزله، وكثرة المقالات عن سوريا والعراق، وقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وتدهور العلاقات بين الرئيس التركي رجب أردوغان والدول الأوروبية. وإلى ما عندنا من أخبار..

التأمين الصحي

ونبدأ التقرير بالهجوم المفاجئ الذي شنه وزير الصحة الدكتور أحمد عماد ضد الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر، أثناء حضوره اجتماع لجنة الصحة في مجلس النواب، ففي «الوطن» كتب محمد طارق قائلا: «الدكتور أحمد عماد الدين وزير الصحة قال بأن منظومة الصحة متهاويه، بسبب القرار الذي أصدره جمال عبد الناصر، بأن التعليم كالماء والهواء والصحة مجانية لكل فرد، فراح التعليم وراحت الصحة. وقال في كلمة له في لجنة الصحة: لا توجد دولة في العالم قادرة على تحمل أعباء الصحة، كما تحملتها مصر. وإذا اعتبرنا أن الأطباء مجاهدين في سبيل الله، لا يمكن اعتبار الأعباء الصحية مجانية، لأن هناك الأشعه مكلفة للغاية وتذكرة المريض التي تبلغ جنيها واحدا غير كافية بالمرة لسد احتياجات المنظومة الصحية. وقال وزير الصحه إن العلاج المجاني أدى إلى تدهور الخدمة بسبب ضعف الموازنة المخصصة لوزارة الصحة، فهي لا تفي بالأعباء الصحية الكبيرة. وأكد على أن كل المحافظات التي تشهد تراجعا في الخدمة الصحية ستنضم إلى التأمين الصحي في المراحل الأخيرة. وأضاف أن تطبيق منظومة التأمين الصحي ستستغرق من 12 إلى 13 سنة».

الوزير الجاهل

وتناول وائل الأبراشي مساء الاثنين هذه القضية حيث تعرض وزير الصحة إلى تنديد شديد من الحاضرين وتدخل في النقاش عبد الحكيم عبد الناصر، وقال إنهم الآن يحاكمون عهد عبد الناصر، متجاهلين أن نظامه تم الانقلاب عليه منذ عام 1974 بواسطة سياسة الانفتاح الاقتصادي التي ابتدعها وواصلها مبارك، وبالتالي لا يمكن تحميل نظامه كل المشاكل التي ترتبت على هذه السياسات. وقال عبد الحكيم إنه أثناء لقاء له وآخرون مع الرئيس السيسي أثناء تقدمه لانتخابات رئاسة الجمهورية قال لهم بالنص «لو استمرت سياسة عبد الناصر لكنا الآن قد وصلنا للقمر». والآن هل ستقيل الحكومة الوزير الجاهل أم ستبقي عليه لتثبت للبنك وصندوق النقد الدوليين أنها ملتزمة بتعليماتهما؟».

انتخابات الرئاسة

أما في ما يخص انتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة التي ستجري منتصف العام المقبل بعد انتهاء الفترة الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي ومدتها أربع سنوات، فقد حذر الكاتب محمد عصمت في «الشروق» في عموده اليومي «أوراق» من عدم تهيئة مناخ صحي لها بقوله:
«أهم شيء يميز الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في منتصف العام المقبل، هو أنها ستقدم لجمهور الناخبين في مصر الفرصة لإبداء رأيهم في السياسات المتبعة حاليا، ومدى قبولهم أو رفضهم لها وهو ما ستحدده نسبة الأصوات التي سيحصل عليها الرئيس السيسي مقارنة بمنافسيه المحتملين، ولكن الأكثر أهمية حاليا هو، على أي مساحة ديمقراطية سيتم إجراء هذه الانتخابات إذا تمت فعلا في موعدها؟ وهل ستكون هناك حيادية من أجهزة الدولة المختلفة وعلى رأسها الشرطة بين مختلف المرشحين؟ وهل يمكن تذليل العقبات القانونية والسياسية التي تقف أمام بعض المرشحين في الداخل والخارج للمشاركة فيها حتى تكون هذه الانتخابات خطوة على طريق الإصلاح تجنبنا انقسامات وخلافات أخرى لا طائل من ورائها؟ قد يكون لجميع الرموز والشخصيات العامة، دور مهم في طرح تصورات جديدة حول كيفية مشاركة الفصائل المتباينة في هذه الانتخابات، وهل تخوضها بعدة مرشحين، أم بمرشح واحد تتفق عليه، وما هي الضمانات التي تطلبها المعارضة لمنع تزويرها ومشاركة المصريين بكثافة فيها. الانتخابات المقبلة ليست ككل الانتخابات السابقة، فنتائجها سوف تحدد مصير العديد من الملفات الساخنة، وأهمها الفلسفة الاقتصادية التي نتبعها حاليا والتي تتماشى مع وصفات صندوق النقد الدولي، وتوسيع مساحات الحرية في حياتنا، وتقليص أو زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية، وبناء مؤسسات ديمقراطية تشارك في صنع القرار، وتفعيل مواد الدستور في ما يتعلق بصلاحيات البرلمان ورئيس الوزراء، وتحقيق المصالحة الوطنية على أرضية ومفاهيم العدالة الانتقالية. المهام صعبة وشاقة على كل الأطراف، وتحتاج وقتا طويلا للشروع فيها، وإعداد برامج انتخابية تليق بالمناسبة وأهميتها، ومن هنا فإن البدء الآن في بحث كل ما يتعلق بهذه الانتخابات، أصبح فعلا وقولا «واجب الوقت» الذي لا نملك ترف التفريط فيه، وإلا فسوف ندفع جميعا ثمنا باهظا لا نستطيع تخيل عواقبه ولا تحمل تبعاته».

«ما تفهمونيش غلط»

ومن «الشروق» إلى «المقال» لنكون مع هشام المياني وهجومه على الرئيس بقوله: «الإعلام دوره محوري في زيادة الوعي لدى المواطنين في مختلف القضايا التي تمس حياتهم، وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه الدول وسبل التعامل معها، ويعكس نبض الشعوب ويعبر عن آمالها وتطلعاتها. الإعلام دوره مهم ومتنام ويجب أن يتمتع بحرية واسعة تقابلها مسؤولية كبيرة في التحلي بأعلى درجات المهنية والموضوعية والوطنية، باعتباره شريكا أساسيا في مسيرة التنمية التي تمثل التحدي الأكبر لنا. تخيلوا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي هو قائل هذا الكلام، نعم هو قائله، وبالفعل يتحدث فيه عن الإعلام والإعلاميين، وبالفعل يتحدث عن حرية الإعلام التي يجب أن تكون واسعة، وتعبيره عن نبض الشعب، ولكن قبل أن تفرحوا هكذا أخبركم بأنه كان يتحدث عن الإعلام الإفريقي، ومع أن مصر دولة إفريقية فمن واقع المعايشة لتعامل الرئيس ونظامه مع الإعلام المصري نستطيع التأكيد بلا شك أنه لا يقصده بهذا الكلام. الرئيس كان يقول هذا الكلام خلال اجتماعه مع وفد من كبار الصحافيين الأفارقة وكلام الرئيس هذا، الذي يتبع كل ذكر لكلمة إعلام فيه بكلمة إفريقي، يوحي بأنه يقول لنا الكلام ده حلو بس مش عندنا ما تفهمونيش غلط. الأهم من كل ذلك هو مدى اقتناع أعضاء الوفد بما قاله الرئيس عن حرية الإعلام الواسعة، ودوره التنموي، وتعبيره عن نبض الشعوب وهم، وما التحقيق مع صحافيين في بلاغات استهدافية لحرية الصحافة يقدمها محسوبون على السلطة وتقدمها السلطة نفسها خير وسيلة للإقناع هي الممارسة وتقديم الدليل الواقعي، ونحن ولله الحمد كل ممارسات سلطتنا ضد الإعلام والإعلاميين وضد الصحافة والصحافيين لدرجة أن الرئيس في وقت من الأوقات كان يتحدث عن الإعلام المصري كما لو كان هو سبب كل مشكلات مصر، وأن الحكومة والنظام يفعلان الصالح، بينما الإعلام يفعل السيئ ثم ما هذا المنطق الذي نشعر من خلاله أن الرئيس يحب حرية الإعلام ودوره الكبير، ولكن بشرط أن يكون خارج مصر ولا داخلها؟».

حكومة ووزراء

وإلى الحكومة والوزراء وإعلان وزير التموين الدكتور علي المصيلحي أنه لا تراجع عن تخفيض حصص الخبز المدعم، بسبب استغلال أصحاب الأفران له، وحصول غير المستحقين عليه وقامت هالة فؤاد، التي شاركت في ثورة يناير/كانون الثاني، بتحذير الحكومة في مجلة «آخر ساعة» التي تصدر كل ثلاثاء عن مؤسسة أخبار اليوم من ثورة جديدة بقولها: « لم تكن أزمة الخبز الأخيرة مجرد مشكلة عابرة طارئة يمكن تداركها بسهولة.. صحيح أن وزارة التموين نجحت في السيطرة عليها سريعا، وتعهدت بتوفير الخبز في أقل من ثمانية وعشرين ساعة، لكن ما لم تدركه الوزارة والحكومة من ورائها، أن سياسة الصدمة وإقرار الأمر الواقع لم تعد تتلاءم مع شعب شب عن الطوق وشاب من كثرة ما مر به من محن وأزمات.. لكن يبدو أن حكومتنا النميسة مازالت تحكم بعقلية عفى عليها الزمن.. فيفاجئنا وزير التموين بقراره الغريب بتخفيض حصة المخابز للكروت الذهبية من 3000 رغيف يوميا لـ500 فقط، وتتعالى على إثره صرخات الغلابة بعدما فشلت حتى في الحصول على «العيش»‬ وكأنه لا يكفيهم ضنك حالهم بفعل غلاء لا يرحم طال كل ما يمكن أن يسد الرمق ويسد جوع البطون الخاوية. وبدلا من أن يخرج الوزير للاعتذار والتراجع عن قراره تعاطفا مع وجوه المطحونين البائسة نجده مصرا على قراره الصادم، مؤكدا عدم نيته التراجع ولا حتى إعادة دراسته والنظر فيه بعين الرحمة، بعدما عصف بما تبقي من قوت الغلابة. عناد الوزير ساندته جوقة من المطبلاتية من داخل الوزارة وأراجوزات التوك شو. موظفو التموين هللوا للقرار الجريء الذي يعصف، ‬من وجهة نظرهم بمافيا فساد أصحاب المخابز، ممن دأبوا على استغلال منظومة الخبز الجديدة للحصول على حصص تفوق المقررة لهم من الدقيق المدعم، وهو ما يشكل خسارة كبيرة على الدولة، فضلا عن حرمان غير القادرين من ذلك الدعم الذي يستحقونه وهم الأولى به. قلل هؤلاء من تأثير هذا القرار على عدد كبير من المواطنين استشهدوا بمحدودية المتظاهرين، ولم يفهم التلميح بقوى شريرة حملوها مسؤولية تأجيج نار الأزمة وإشعال حدة الغضب بين المتظاهرين. أصوات المبرراتية التي انطلقت عبر الفضائيات لم يواجهها إعلاميو الزفة بالهجوم والصراخ والعصبية إياها التي يشهرونها في وجه المعارضين للنظام، بل حافظوا على هدوء بدا غريبا عليهم وانتقدوا على استحياء قرار الوزير، لم يتطرقوا للمضمون وإنما جاء تحفظهم فقط على الشكل وفجائية صدوره. هكذا أديرت أزمة الخبز بالعقلية نفسها التي أدارت انتفاضة يناير/كانون الثاني السبعينيات، قرارات قاسية لا ترحم شعبا مأزوما ورهانا على صمته الواشي بالرضا والخنوع. صحيح أن الأزمة الأخيرة لم تصل إلى حد الثورة، لكن مش كل مرة تسلم الجرة فاحذروا».

تمرير المزيد من الإجراءات

وأمس نشرت الصحف تطمينات الرئيس والحكومة لها بأنه لا مساس بحصة الفقراء من الخبز المدعم، لكنه لابد من تنقية البطاقات من غير المستحقين، وذلك في اجتماع عقده مع رئيس الوزراء وعدد من الوزراء والمسؤولين. ومع ذلك لم يقتنع أحمد الصاوي في «المصري اليوم» بهذه التطمينات فأعاد التأكيد على تحذيرات هالة بقوله في مقال تحت عنوان «عابر سبيل»:
«إنها الرهانات الخاطئة التي جعلت وزيراً مهماً يعتقد أن الناس التي تحملت موجات رفع الأسعار مرة واثنتين وثلاث مرات، وتداعيات تعويم الجنيه دون أن ترفع صوتها، يمكن أن تمرر المزيد من الإجراءات، كما مررت غيرها، فإذا به يمد يده إلى آخر ما يملك مواطن بسيط، أو حتى متوسط يكافح الحياة الصعبة من إحساس بعدم التخلي، وهذه هي الرسالة الأوضح من هذه الاحتجاجات، لا مزيد من التنازل قبل أن نرى قدراً من ثمار التنازلات السابقة، حتى تلك اللحظة. الفواتير باهظة وصعبة وأكثر من يدفعها هم الشرائح الأقل، وتلك المتوسطة التي تجذبهم الإجراءات المتتابعة نحو الأسفل بسرعة وعنف، لكن المصيلحي الذي جاء متأخراً تصور أن من بلع سابقاً «الزلط» سيبلع له إجراءً آخر يراه بسيطاً، ويعتقد أي مواطن أنه محاولة أخرى لنزع آخر ورقة توت تستر بطنه من شبح الجوع، دون أن يدرك متغيرات كثيرة ربما بعضها يتعلق بالزلط المبلوع سابقاً، الذي قد يتحول مع أقل شرارة أخرى إلى حجارة يقذفها الناس على كل من يعتقدون أنهم يمضون بظروفهم الحياتية من سيئ إلى أسوأ، ويحمّلونهم وحدهم فاتورة إصلاح كل شيء ويتعاملون معهم من جديد باعتبارهم العبء الحقيقي الذي يجب الخلاص منه، وقطع كل الحبال التي تربطه بموازنة عامة لا يراد له أن ينال منها نصيباً في خدمات لائقة «نقل وصحة وتعليم وأجور»، ولا في الاستناد إلى النزر اليسير من دعم».

المعنى الدقيق لـ«استقرار الأسعار»‬

لكن عبد القادر محمد علي في «الأخبار» لم يعجبه هذا الهجوم ضد الحكومة فتقدم للدفاع عنها بقوله في بروازه اليومي «صباح النعناع «: «المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء بعث برسالة طمأنة إلى المواطنين حول الارتفاع الجنوني للأسعار، وقال إن الوضع خلال الشهر الحالي أفضل من السابق، وتوقع استقرار الأسعار قريبا وأقول لمن يسأل عن المعنى الدقيق لـ«استقرار الأسعار»‬ معناها باختصار شديد أن كيلو اللحمة يظل بـ 150 جنيها لا يطلع ولا ينزل. شكرا لرسالتك الميمونة التي كان لها أكبر الأثر في رفع المعاناة عن المواطنين ونجاملك في الأفراح».

هبوط الدولار طلع «أونطة»

وبعده تقدم أحمد جلال ليأخذ نصيبه في مداعبة الحكومة بقوله في بروازه اليومي «صباح جديد» في «الأخبار» أيضا: «إذا كانت الحكومة قد فشلت في السيطرة على الأسعار التي تزيد كل يوم، وإذا كان هبوط الدولار طلع أونطة وعاد للارتفاع مرة أخرى، مستغلا أن محافظ البنك المركزي عريس جديد ويقضي شهر العسل ومش فاضي، فلماذا لا نجرب أن نعيش بلا حكومة، ويتم إلغاء مناصب رئيس الوزراء والوزراء ومحافظ البنك المركزي ونمشيها بلدي من غير تصريحات جوفاء وكلام أونطة لا بيودي ولا بيجيب؟ ويمكن الحال يتعدل مش حتفرق كتير».

رغيف العيش

وفي الصفحة الاخيرة من الجمهورية حذّر رئيس تحريرها فهمي عنبة في مقاله اليومي الذي يكتبه تحت عنوان «على بركة الله» الحكومة من وجود عناصر داخلها تعمل لإشعال غضب الجماهير ضدها وقال: «كما قلنا مراراً فإنه من داخل الجهاز الحكومي من يعمل ضد الدولة ويساهم في تأكيد الشائعات، مثلما حدث في محافظة الغربية عندما قام أحد مديري الإدارات في المحافظة بتقليل حصة المواطن إلى 3 أرغفة، فاضطر الوزير إلى إيقافه عن العمل، وإلى التأكيد للمرة الألف بأن مكتسبات المواطنين من الدعم لن يتم المساس بها، وأي تلاعب سيواجه بالحسم. وبالطبع فإن المواطنين سيأخذون وقتاً لاستعادة الثقة في الحكومة وكلامها، خاصة أن «لا مساس» كلمة سيئة السمعة عند الشعب، وتعني العكس تماماً. تعلم الدولة جيداً حساسية رغيف العيش بالنسبة للمواطنين، خاصة محدودي الدخل، ولكن على أصحاب المخابز والمصالح والتجار الجشعين والمحتكرين أن يعوا جيداً أنهم يلعبون بالنار، وأن تخويف الشعب بالخبز لن تكون عواقبه وخيمة على الحكومة وحدها، ولكنهم سيكونون أول من يكتوي بالنار، فكل شيء يتحمله البسطاء إلا المساس برغيف العيش طعامهم الوحيد وملاذهم الأخير».

«إننا فقراء أوي»

وآخر مؤيد للحكومة وداعم لها كانت استاذة الجامعة وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد الدكتورة عزة أحمد هيكل وهي ابنة المرحوم وزير الثقافة الأسبق الدكتور أحمد هيكل وقولها في الصفحة الأخيرة في «الوفد»: «في كل حديث لرئيس الجمهورية وكذلك رئيس الوزراء نجد أن أهم قضية تشغل المجتمع المصري هي التنمية والاستثمار، وزيادة معدلات النمو والتصدير، ومن ثم الإنتاج كعنصر رئيسي وأساسي لنهضة مصر من عثرتها الاقتصادية وانخفاض الناتج القومي وقيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، والزيادة المتوحشة في الأسعار، التي تجعل الحياة شبه مستحيلة لقطاع عريض من الشعب المصري، بعد أن تلاشت الطبقة الوسطى وتحول المجتمع إلى طبقتين، إحداهما طبقة الرأسمالية المتوحشة، والأخرى طبقة ما دون مستوى الفقر، لدرجة أن رئيس الجمهورية صرح بأن مصر بلد فقير، وقال ما يعني «إننا فقراء أوي» ومع هذا نجد السيد رئيس الجمهورية يعمل في اتجاه معاكس لما تعمل به وزارته ومجموعته الاقتصادية، ولكأن الصراع الدائر اليوم هو صراع بين منهج وسياسة يريد رئيس الجمهورية تطبيقها وتنفيذها لصالح المواطن المصري ودفعه إلى الإنتاج والاعتماد على الذات في الزراعة والصناعة. هل نحن فعلاً نريد مجتمعًا منتجًا زراعيًا وصناعيًا؟ أم نحن ننادي ونكتب ونطالب بالترشيد وبغلق منافذ الاستيراد الاستفزازي، وفي الوقت ذاته نفعل غير وعكس كل ما نقول وكل ما نرجو وكل السياسات الاقتصادية والاستثمارية التي خرجت في قوانين ومشروع قوانين ليست إلا لفتح الأبواب لجهنم وبئس المصير، ولإضافة المزيد من النيران في معدل الميزان التجاري والدين الداخلي والخارجي، والأهم أنها دعوة صريحة وواضحة للمزيد من الفساد والرشوة والانهيار الأخلاقي، مثل انهيار الجنيه أمام جميع العملات الأجنبية واستحالة الحياة بهذا التضخم غير المسبوق في التاريخ الاقتصادي المصري الحديث. دعوة للسادة وزراء الاقتصاد والتجارة والتموين والاستثمار ودعوة ونداء لرئيس الوزراء ونواب مجلس الشعب أن نكف ونوقف أيًا من تلك المولات الكبرى التي لن تفيد في حركة الاستثمار ولن تساعد الدولة على التعافي، ولن تكون إلا وبالاً ووباءً وطاعونًا للمجتمع الذي ينحدر نحو الاستهلاك واللاأخلاق والفساد الذي سوف يعم البر والبحر بما كسبت وخسرت أيدي الناس».

معارك وردود

وإلى المعارك والردود وعبد الناصر سلامة في «المصري اليوم» وقوله: «سوف يحصل التعليم في العام المخصص له على الدعم الأكبر في الموازنة على الإطلاق، سوف تشهد الدولة بناء أكبر عدد من المدارس في تاريخها، سوف تشهد إحلال وتجديد العدد الأكبر أيضاً، سوف تشهد المناهج التعليمية طفرة هائلة في التحديث، سوف يشهد المعلمون أكبر قدر من الدعم المادي والمعنوي، كما دعم قدراتهم العلمية والتربوية سوف تتكاتف جهود الأفراد والجماعات لمواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية. اهتمام غير مسبوق بكل ما يحيط بالعملية التعليمية، بدءاً من التلميذ مروراً بالباص المدرسي والحقيبة المدرسية، الكتاب والكراسة التابلت، الفصل الدراسي، الأنشطة والرحلات، على أمل أن ننتهي بنهاية العام من حل كل المشكلات المتعلقة بالتعليم، بما يجعل هناك طفرة لم تكن تتحق إلا من خلال هذه الخطة المتكاملة. المهم أن أحد لم يعلم أن الدستور ينص على إلزام الدولة بأن تخصص كل عام للتعليم نسبة 3٪ من إجمالي الناتج القومي وقدره حوالي ثمانية وأربعون مليار جنيه بينما هي تخصص نصف المبلغ فقط».

معارك الإسلاميين

وإلى الإسلاميين ومعاركهم والهجوم الذي شنه أمس الثلاثاء مؤمن الهباء في عموده «عين العقل» الذي يكتبه في جريدة «عقيدتي» الدينية التي تصدر كل ثلاثاء ضد الذين يهاجمون الإسلام وعايرهم بما قاله البابا وقال: «وقف البابا فرنسيس بابا الفاتيكان (80 عاما) في شرفته المعتادة المطلة على ساحة القديس بطرس، التي تكتظ بالزوار، وبعد أن رفع يده لتحية الجموع بدأ في إلقاء عظة الأحد، التي أثنى فيها على وسائل التواصل الاجتماعي ووصفها بأنها نعمة من الرب، إذا استخدمت بحكمة، ثم دعا الناس إلى حمل الإنجيل وقراءته بالانهماك ذاته الذي يتعاملون به مع هواتفهم المحمولة. وتساءل البــــــابا ماذا يحدث إذا عاملنا الإنجيل كما نعامل هواتفـــــنا المحمولة؟ ماذا يحدث إذا عدنا لنأخذه، بعد أن نسيناه وحملناه معنا كما نقرأ الرسائل على هواتفنا المحمولة؟ وصف البابا تلك المقارنة بأنها مفارقة، وقال إن المقصود منها هو أن تكون مصدرا للتأمل، فقراءة الإنجيل، كما قال، ستساعد الناس على مقاومة الإغراءات اليومية. سبحانك يا رب إلى هذا تبدو الصورة معكوسة هناك كما ترى يطالبون الناس بالعودة إلى الدين والاطلاع على رسائل الله، وهنا يطالبون بتجفيف منابع الدين وإلغاء حصة الدين في المدارس والتخفيف من البرامج الدينية في وسائل الإعلام والتقليل من المظاهر الدينية، حتى لا تطغى على الحياة، والاقتداء بالحضارة الأوروبية الغربية العلمانية في تهميش الدين وفصله عن الحياة وحصره في المساجد والزوايا».

مشاكل وانتقادات

وإلى المشاكل والانتقادات وأولها لعباس الطرابيلي وقوله في «المصري اليوم» في عموده اليومي «لكل المصريين» عن ظاهرة الرشوة وانتشارها في مصر فقال عنها: «كل شيء – في مصر – زادت أسعاره إلا الإنسان سعره في النازل. زمان كان مجرد «سيجارة» تفتح الأبواب من عسكري المرور إلى الموظفين، ولكن تطورت أسعار الرشوة وبالذات في السنوات الأخيرة كانت «الحتة أم خمسة» لها مفعول السحر، إذ كان المتوسط هو ورقة بجنيه واحد حتى في السياسة والانتخابات البرلمانية، كان المرشح يقطع الجنيه الورقي إلى نصفين يحصل صاحب الصوت على نصف الورقة فإذا أدلى بصوته لصاحب الرشوة حصل على نصف الورقة الثاني.
وفي المصالح الحكومية إذا أردت فتح الأبواب عليك «تفتيح مخك» أولاً و«الأوبيج» تعبير أطلقه المصري على الجنيه، وهو البراديس أيضاً أو المعلوم والمشهور عند بعض رجال المرور أن تمنحه جنيهاً فيلغي الغرامة، فهو أكثر احتياجاً من الحكومة ومن ناحيتك تدفع جنيهاً لرجل المرور أو تدفع خمسة جنيهات للحكومة، وبالطبع كانت هذه هي أسعار زمان المرورية. ترى ماذا يدفع المخالف الآن وبعض غرامات المرور تحسب الآن بمئات وأحياناً آلاف الجنيهات؟ ومن هنا، ابتدع المصري حكاية «الدرج الشمال» المفتوح دائماً لتلقي الرشاوى والتسعيرة حسب المطلوب. وكانت هناك وظائف يجري وراءها المصري ليس سعياً وراء الجاه والسلطان، بقدر ما هو العائد المالي منها.. أي من الرشاوى. وكانت المحليات في المقدمة ووقتها وجدنا من يدفع آلاف الجنيهات ليحصل على نعمة العمل في المحليات وأخواتها. وفي داخل المحليات كان الصراع رهيباً للحصول على مكان في الإدارات الهندسية ورخص البناء والتعلية والهدم أيضاً، وكل المواقع ذات الصلة المباشرة بالجمهور.
تماماً كما كان العمل في إدارات مفتشي التموين، خصوصاً في المدن البعيدة عن القاهرة.. أو المتصلة بالأسواق حيث يتسابق التجار لتوصيل الخدمات مجاناً.. ديلفري. لبيوت مفتشى التموين أو بنصف الثمن.. حتى المخابز.
وتطورت مبالغ الرشوة.. إلى أن وجدنا موظفاً إدارياً في مجلس الدولة جمع من الرشاوى 150 مليون جنيه بالمصري.. والدولارات والريالات.. وجعل من بيته بنكاً، وهذا غير ما حصل عليه، واقتنى أفضل السيارات والشاليهات.. وهو مجرد موظف مشتريات، ثم رأينا أخيراً موظفاً في الشهر العقاري.. وموظفاً في وزارة التخطيط – تم ضبطه منذ ساعات – لتقاضيه رشوة بمليون و300 ألف جنيه.. ليه.. هل مقابل بيع مشروع تخطيط؟ أم هو أيضاً موظف مشتريات؟ وهنا نطرح فكرة كانت موجودة عندنا هي: لجنة عليا لكل المشتريات الحكومية. كل وزارة تحدد طلباتها، وتضع شروطها، وتقوم هذه اللجنة باللازم إلا إذا خشينا أن تصل إليها يد الرشوة أيضاً.. تبقى مصيبة سودة. ومرة أخرى، كل شيء زاد سعره عندنا إلا سعر الإنسان، فمتى يرتفع سعر المصري.. وينخفض سعر السلع الأخرى؟».

مشكلة عشوائية

وإلى مشكلة أخرى في الصفحة الأخيرة من «الأهرام» في اليوم نفسه أثارها فاروق جويدة في عموده اليومي «هوامش حرة» عن مشكلة سكان منطقة ماسبيرو العشوائية الواقعة خلف مبنى التلفزيون ووزارة الخارجية ويحدها من جهة أخرى فندق هيلتون رمسيس على كورنيش النيل وكذلك شارعا الجلاء و26 يوليو وسينما علي بابا، ورفض الأهالي عروض الحكومة بنقلهم إلى منطقة الأميرات في المقطم في مساكن جديدة، أو دفع تعويض مالي، لأن الإيجار الذي سيدفعونه كبير، بالإضافة إلى أن أماكن عملهم وأرزاقهم في المناطق الملاصقة لسكنهم والحل الذي طرحوه أن تهدم الحكومة جزءا من المنطقة وتبني لهم مساكن عليها وباقي المساحة تتصرف فيها.
وقال جويدة: «من بين القضايا التي تأجلت سنوات طويلة مشروع مثلث ماسبــيرو، وظل المشروع حائرا كفكرة بين الحكومة والأهالي والقطاع الخاص. هناك أطراف كثـــيرة في هـــــذا المشروع وكلها لم تراع ظروف السكان، لأن الذي سيطر على كل شيء هو الأراضي دون مراعاة لمئات الأسر وآلاف السكان، وكان الخــــطأ الأول هو التقديرات التي وضعتها الحكومة كتعويضات للسكان الذين ســــيتم ترحيلهم إلى أماكن أخرى، فقد كانت ضئيــــلة للغاية، حيث كان سعر المتر بضعة جنيــــهات، ولم توضح الحكومة للسكان أين سيستقر بهم الحال، خاصة أن منهم من يســــكن في المنطقة ولديه محـــــل أو ورشة يتكسب ويعيش منها، وله زبائنه الذين يعرفونه من عشرات السنين هناك أيضا عائلات كاملة يسكنون في عقار واحد وقبل هــــذا كله هناك المدرسة والمستشفى وسوق الخضار والصيدلية وشاطئ النيل، الذي يهربون له من جحيم الصيف وعواصف الزمن. في صدارة المكان يوجد مبنى ماسبيرو العتيق ووزارة الخارجية ودار المعارف وهيلتون رمسيس وهذه هي القطعة الأكبر والأهم على شـــاطئ النيل حتى مسجد أبو العلا».

سياسة الصدمة وإقرار الأمر الواقع لم تعد تتلاءم مع شعب شب عن الطوق والحكومة تحكم بعقلية عفى عليها الزمن

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية