تونس – «القدس العربي» :انتقد سياسيون مغاربيون الخطاب «الاستعلائي» الذي يعتمده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال جولته الأفريقية، فيما حذر دبلوماسي ليبي سابق مما سمّاه «وعد ماكرون» لتوطين المهاجرين الأفارقة في ليبيا.
ويقوم ماكرون منذ أيام بجولة أفريقية تعهد خلالها بإنهاء «الإملاءات الفرنسية» على أفريقيا، مؤكدا أنه سيركز جهوده على تعزيز العلاقات بين أوروبا والقارة السمراء، لكنه أثار في المقابل ردود فعل غاضبة من قبل عدد من المراقبين بسبب خطابه «الاستعلائي» الذي أدى في بعض الأحيان إلى إحراج عدد من الزعماء الأفارقة.
وكتب عبد الوهاب الهاني رئيس حزب «المجد» التونسي على صفحته في موقع «فيس بوك»: «فشل كبير اليوم للرئيس الفرنسي ماكرون في أفريقيا في خطاب استعلائي يعُجُّ تكبرا باسم الرجل الأبيض الذي لم يتخلَّص بعدُ من عقدة الاستعلاء وممَّا أسمّيه أنا «مُتلازمة جيل فييري» (نسبة إلى سياسي فرنسي مثير للجدل في القرن التاسع عشر) العنصرية للرجل الأبيض الذي لا يزال يعتقد بصلف كبير أن (الأعراق العُليا عليها واجب تحضير الأعراق السُّفلى)».
وأضاف «امتعاض كبير لدى أشقائنا في بوركينا فاسو من الخطاب الاستعلائي الفاشل للرئيس الفرنسي الذي يريد تحميل الأفارقة عقدة الذنب وتلقينهم باستعلاء قبيح الوصفات السحرية الفرنسية الفاشلة، ويتدخل في غياب تام لآداب اللياقة والضيافة حتى في تنظيم وتحديد النَّسل الأفريقي، ويهين رئيس دولة أفريقية منتخب من بني شعبه، ويتغافل المسؤولية الفرنسية والغربية في نهب خيرات قارتنا السمراء والإبقاء على حكام مستبدين ظالمين فاسدين بالحديد والنار يحمون بهما مصالح القوى الاستعمارية القديمة على حساب مصالح شعوب القارة».
وكان ماكرون أوقع نظيره في بوركينا فاسو روش مارك كريستيان كابوري في موقف محرج أمام حشد من الطلبة، حيث رد على استفسار حول مشكلة الكهرباء في بوركينافاسو «أنا لا أريد الخوض في أمر الكهرباء في جامعات بوركينا فاسو! إنه عمل رئيس البلاد»، وأضاف «لقد تحدثتم إلي كما لو كنت رئيس بوركينا فاسو، وكما لو أن فرنسا ما زالت قوة استعمارية»، وهو ما دفع الرئيس البوركيني إلى الامتعاض ومغادرة القاعة.
وكتب الدبلوماسي الليبي السابق إبراهيم قرادة تحت عنوان «من وعد بلفور إلى وعد ماكرون»: «المصيدة التي نسارع للوقوع فيها. إنها الكمين السياسي في أزمة المهاجرين غير النظاميين من الأفريقيين، برغم التنبيهات الكثيرة كتابة وقولًا مند مدة طويلة. والمقابلة بالتوهين والاستهانة والاستغلال والتوظيف والانشغال، كأننا نتعامى جماعيًا بدفن رؤوسنا في الرمال، حتى نوشك أن نوقع أنفسنا في مخالب مصيدة محكمة الخديعة».
وأضاف «دول المصدر ودول المقصد والدول المُحتملة للهجرة، وإن اختلفت في التقويم والأسباب، فإنها تتفق في الدوافع والأهداف في البحث عن مكان ثالث يدفع ثمن التكلفة أو يخفف منها. وفي مثلما معطيات وظروف، لا يوجد حل إلا ليبيا، ولو بالافتعال والتوريط والاستدراج. لا جدال، أن هناك زحف مهاجرين بمئات الآلاف من جنوب الصحراء نحو أوروبا عبورا واستقرارا مؤقتا في ليبيا، يطول ويقصر، ويهدد ويضغط ويفاقم التوازنات الهشة في ليبيا المأزومة (كما أن) انهيار الأمن القومي والحدودي الليبيي وقلة عدد السكان وسعة وفراغ المساحات وطول المسافات مع توفر الإمكانيات المعيشية نسبيا وسطوة عصابات الإجرام التهريبي المنظمة والدعاية في دول المصدر وعملية صوفيا البحرية الأوروبية؛ كل ذلك جعل ليبيا أو الأصح تم جعلها محطة وواحة وحيدة للهجرة من الجنوب إلى الشمال».
وتابع قرادة «تحاول أوروبا إيجاد حل في جعل ليبيا مركز لجوء ومعسكر هجرة كبير (عبر) مقايضة المساندة والدعم المقدمين لليبيا بمدى استجابتها للضغوط والمطالب الأوروبية في مسألة الهجرة، وكلنا نعرف أوضاع ليبيا وضعف دولتها وتشتت حكومتها، وارتهان الدولة شبه الكامل للإملاءات والشروط الخارجية. وتسوق أوروبا أن تلك المراكز والمعسكرات هي مؤقتة، وأنها فقط لمعالجة الإجراءات، مع تحديد المقصود من كلمة «مؤقتة». مع العلم، أن هناك مراكز لجوء ومعسكرات هجرة موزعة في أفريقيا وآسيا، التي برغم أنها «مؤقتة» فعمر بعضها عشرات السنين، بل إن بعضها له 80 عاما، وتحتوي على عشرات ومئات الآلاف من المقيمين، في أجيال يتوالد فيها الأحفاد، وبتصاريح إقامة. وأصبحت بذلك واقعا قائما برعاية دولية».
وكان ماكرون أكد خلال قمة الاتحاد الأوروبي الأفريقي في ساحل العاج أن ليبيا اتفقت مع الاتحاد الأوروبي والقادة الأفارقة على السماح بإجلاء المهاجرين الذين يواجهون اعتداءات فى معسكرات الاحتجاز، خلال بضعة أسابيع.
وكتب المحلل السياسي الليبي جمال الحاجي «ماكرون في خطابه أمس (الأربعاء) يسعى للانقلاب على مشروع الصخيرات وأي مشروع يقود لوحدة ليبيا ويعود لدعم ما سمّاه حراك حليفيه السراج وحفتر في ليبيا لضمان استمرارهما بالمشهد! وتحت «فزاعة الهجرة غير الشرعية» يتجه ماكرون عبر مبادرة عسكرية لتفكيك شبكات الاتجار بالبشر في ليبيا كما يدّعي، محاولا جلب تأييد الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي».
وأضاف « الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يرفض ويكذب ما نُسب لليبيا في التقرير المزور (الذي بثته شبكة سي إن إن حول أسواق العبيد) ويستدعي السراج الذي لم يرد على كذبة الهجرة غير الشرعية، بل خشي أن يرفع صوته أمام تآمر ماكرون والسيسي على الشعب الليبي، بينما الرئيس الفرنسي يُعلن مؤكدا دخول ليبيا في حروب تحت فزاعة الهجرة غير الشرعية ولم يكتفِ بتكذيب العالم لمزاعمهم، ويرى في السراج وحفتر زعيمين لمشروعه إدخال قوات أجنبية الى ليبيا لمواجهة ما سمّاه محاربة الهجرة غير الشرعية التي تسهم فيها قوات فرنسية بتسهيل مرور المهاجرين عبر النيجر وتشاد!».
حسن سلمان:
الفرنسيون بأنفسهو بدأوا يدركون أنهم أخطاوا لما صوتوا لمكرون هذا الرجل الذي لا علاقة له بالسياسة . المكان الذي يليق به هو عرض الأزياء في باريس