عمان ـ «القدس العربي» : اللعبة تصبح مكشوفة أكثر، لا يمكن عزل التهديد الإسرائيلي المفاجئ لأهالي قطاع غزة على الأقل في قراءة أردنية عميقة لمسار الأحداث اطلعت عليها “القدس العربي” عن ما جرى مؤخراً في حضن الخليج العربي وتحديداً في المنطقة المخصصة لاستهداف دولة قطر.
تبدو محطة مثل “الجزيرة” وسط بؤرة الأحداث والهجمة الشرسة عليها بهدف “تدويل” قضية تطويعها وإخضاعها أو إغلاقها مخططاً مدروساً بعناية برأي مؤسسات عميقة في الحالة الأردنية بعنوان “قتل الشاهد” المحتمل.
الفكرة أن حرباً شرسة محتملة على قطاع غزة قريبا وستبدأ كما حصل فعلا خلال الـ48 ساعة الماضية بمزاعم حول صواريخ منفلتة غامضة وإدعاءات لها علاقة بوجود تنظيم لداعش بهدف تبرير عملية عسكرية واسعة النطاق لضرب القطاع والبنية التحتية لحركة المقاومة الإسلامية حماس فيها.
المهمة الجديدة للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة تحظى برافعة “عربية” هذه المرة، فحماس برأي وزير الخارجية السعودي او رجل واشنطن القوي في الرياض عادل الجبير حركة “إرهابية” ودعم قطر لحركة حماس هو العنصر الأساسي في سلسلة الاتهامات التي تهدف لإرهاق الدوحة.
مثل هذه العملية من الصعب ان تبلغ مداها الإسرائيلي بدون غطاء “إقليمي عربي” من المرجح أن الدول التي تخطط للحصار على قطر توفره بتعاون واضح وملموس من الجانب المصري، فيما الأردن قرر مسبقاً إبلاغ كل أطراف المسألة بأن اللعبة الجديدة محفوفة بالمخاطر، وبانه لا يستطيع اعتبار حركة حماس منظمة إرهابية. على الأقل كان ذلك الموقف الرسمي للجانب الأردني الذي يمكن طبعاً لاحقاً وحسب مسار الأحداث الإنقلاب عليه بتواطؤ الحكومة عن نمو سيناريو واضح بدأ يفرض بصماته بعنوان إخراج حركة حماس من معادلة قطاع غزة تماماً.
وهي مهمة من الصعب إنجازها برأي نشطاء بارزين من بينهم الشيخ محمد الحديد بدون شن حرب “تدميرية” على قطاع غزة تلتهم الأخضر واليابس تمهيداً لمشروع إقليمي جديد يستفيد من الأزمة العربية والخليجية الحالية. وعليه يمكن القول إستباقاً إن الغارات الإسرائيلية الثلاثة التي شنت فجر الثلاثاء على مواقع تتبع حماس في القطاع هي مقدمة لسيناريو الحرب الجديدة لتطويع قطاع غزة.
الأهم هو ما يلمح له خبير ومفكر سياسي دولي ثقيل الوزن من طراز عدنان أبو عودة وهو يتناقش بالسيناريوهات ما بعد الأزمة الخليجية مع “القدس العربي” ملمحاً الى أن عزل قطر عن حركة حماس والإسلام السياسي بات هدفاً مطلوباً وتفكيك العلاقة التي كانت “تحت السيطرة” ويستفيد منها النظام الدولي مع جماعة الإخوان المسلمين كذلك.
لا يدخل أبو عودة بالتفاصيل لكنه تحدث علناً عن ميزان قوة لصالح إسرائيل هذه الأيام يقبر خيار حل الدولتين ولا يؤدي بكل حال إلى ولادة دولة فلسطينية، ويسمح لإسرائيل بالتفكير بـ”دويلة” او كيان دولة للفلسطينين لكن في قطاع غزة.
يشرح ابو عودة امام “القدس العربي” بأن غزة لا تتمتع بمكانة دينية عند اليهود المتطرفين وإسرائيل طالما سعت للتخلص منها وفيها ساحل وغاز ويمكن زيادة رقعة أرضها قليلاً بحيث تصبح بديلاً للفلسطينيين الحالمين بدولة وعلم.
لا يرى ابو عودة ما يمنع العالم اليوم وفي ظل ميزان القوة من النظر لتأييد فكرة من هذا النوع خصوصاً إذا تقدمت برافعة عربية.
يبدو ان إقامة دولة فلسطين في القطاع يتطلب اولاً “إرهاق ثم إضعاف” دولة قطر وثانياً إخراج حركة حماس تماماً من المعادلة والقضاء على بنيتها التحتية، وهي المخاوف نفسها التي دفعت رموز حماس لإجراء لقاءات مباشرة مع تيار دحلان القريب من ابو ظبي على أمل مغادرة الأزمة المقبلة.
في الأثناء بات من المرجح ان تنفيذ أي سيناريو جديد ضد غزة عسكرياً يتطلب “إسكات” قناة “الجزيرة” تحديداً وإخراجها من المعادلة والعمل وفقاً للآلية نفسها التي عملت بموجبها القوات العراقية في مدينة الموصل بعيداً تماماً عن كاميرات الإعلام.
في السياق لدى “القدس العربي” من الحيثيات والمعلومات ما يؤكد بأن لدى الإسرائيليين “بنك أهداف” جديداً تماماً في قطاع غزة متوفراً لاستهدافات الطيران وان من بين أبرز الأهداف مقر محطة “الجزيرة” في وسط القطاع المؤلف من ثلاث طبقات والإستديو الإحتياطي المتنقل.
ثمة تفاصيل في السياق نفسه تبدو غريبة لكنها تلفت الأنظار وعلى سبيل المثال إنجاز عطاء عبر محافظ سيناء المحاذية لغزة يقضي بتوفير نصف مليون “خيمة” مخصصة لأغراض انسانية ولم يعرف بعد سبب هذا العطاء ولا المجموعات السكانية التي ستقدم لها تلك الخدمة الإنسانية.
السلطات المصرية توسعت مؤخراً ايضاً في فتح المعابر لحالات المرضى فيما اجراس الحرب تقرع على غزة وسط تنبؤات بأن تكون العمليات الإسرائيلية بشعة وقاسية والأخطر أنها تحظى بغطاء عربي سيلوم حركة حماس حصرياً وبدون دعم وإسناد دولي خاصة بعد فرض الحصار على قطر ومهاجمة “الجزيرة” التي يدفع خصومها لان تغادر المسرح.
سيناريو «العدوان البشع» على قطاع غزة قيد التنفيذ: نظام السيسي يستعد بنصف مليون «خيمة»… ومحطة «الجزيرة» أول أهداف بنك الطيران الإسرائيلي و«عزل» قطر كان الخطوة الأولى
بسام البدارين
سيهزم الجمع و يولون الدبر
حقيقةً نحن في زمن من شدة غرابته أصبحت تشكك في نفسك وفي قواك العقلية، الموضوع تجاوز كل الحدود