لندن – «القدس العربي»:قبل الهجوم على مقرها في السابع من الشهر الجاري، كانت إسبوعية «شارلي ايبدو» الساخرة تطبع حوالي 60 ألف نسخة تسعر الواحدة منها بحوالي 3.5 دولار ولم تكن تبيع سوى 30 ألف نسخة، أي نصف العدد المطبوع. وبعد أسبوع على الاعتداء الذي قتل 12 شخصًا، بينهم 8 من صحافييها، طبعت المجلة 5 ملايين نسخة في عدد جديد حملت صفحته الأولى رسما جديدا للنبي محمد(ص) يظهر فيه دامع العينين ويحمل يافطة «أنا شارلي»، شعار ملايين المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشارع في فرنسا والخارج لإدانة الهجمات التي استهدفت الصحيفة ومتجرا يهوديا وأوقعت 17 قتيلا في باريس.
شارلي ايبدو، التي كانت تعاني من صعوبة في دفع أجور الموظفين في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي وأعلنت عن أزمتها المالية ودعت مناصريها للتبرع، استطاعت، بحسب صحيفة لوفيغارو، أن تجني 10 ملايين يورو في ظرف أسبوع ما بين مبيعات واشتراكات ومساعدات حصدتها المجلة من جهات رسمية ومؤسسات خاصة. ومنذ تاريخ الإعتداء، عبرت العديد من الجهات عن استعدادها لمساندة الصحيفة الساخرة. ودعت صحيفة «ليبيراسيون» الناجين من الهجوم إلى العمل في مقرها وذلك «طالما احتاجوا إلى ذلك» حسب ما صرح مديرها التنفيذي بيار فريدنرايش عارضاً طابقا كاملا في المبنى وكل الأدوات والوسائل الضرورية لإنتاج نسخة العدد الجدد، والنسخ الأخرى المقبلة.
وأعلن مدراء إذاعة فرنسا و»لوموند» و»فرانس ميديا موند» و»آرتي» و»فرانس تلفزيون» في بيان مشترك استعدادهم لوضع كل مواردهم البشرية والمادية في خدمة شارلي إيبدو وفريق الناجين حتى تواصل المجلة حياتها. وأعلنت بعض وسائل الإعلام الأجنبية أيضا مساندتها على غرار مجموعة «الغارديان» البريطانية التي قالت أنها تمنح مئة ألف جنيه استرليني للصحيفة المنكوبة.
ووحد الموزعون أيضا صفوفهم، فقررت كامل حلقات شبكة التوزيع أن تتخلى لـ «شارلي إيبدو» عن نصيبها من أرباح بيع العدد الأخير من الصحيفة والتي تقدر بـ 50 في المئة من المداخيل، حسب ما قال أحد هياكل الطباعة لوكالة الأنباء الفرنسية. وقال صندوق «صحافة وتعددية» الذي يمكن وسائل الإعلام من تبرعات غير خاضعة للضرائب أن بإمكانه في مرحلة أولية تسخير مئة ألف يورو لصالح «شارلي إيبدو» ثم جمع التبرعات في فترة لاحقة حسب مصدر قريب من الملف.
وأعلن صندوق غوغل/ناشرين «للإبتكار الصحافي الرقمي» على لسان مديره لودوفيك بلاشر نيته «المشاركة في المبادرة الجماعية» دون أن يكشف عن المبلغ. واشترى البنك العمومي للاستثمار في فرنسا 50 اشتراكا في الصحيفة لمقره الرئيسي وفروعه الجهوية الـ42. وأعلن صندوق الودائع والتسجيل فتح صفحة على الإنترنت تتيح لرواد الشبكة تقديم تبرعات لـ»شارلي إيبدو». كما استحدثت الصحيفة تطبيقا يتيح لمستخدمي الهواتف الذكية تحميل النسخة الرقمية بسعر النسخة الورقية نفسها . وقالت «مراسلون بلا حدود» أن حملة التبرعات ستنشر أيضا في الخارج مضيفة: لا، لن تموت «شارلي إيبدو».
وبعد ساعات قليلة من إصدار عددها الجديد الذي ضم 8 صفحات عوضا عن الـ16 المعتادة ، نفدت جميع النسخ من أسواق فرنسا وأظهرت لقطات من مختلف أنحاء المدن الفرنسية طوابير طويلة من الزبائن الذين سعوا للحصول على نسخة من ما وصفها البعض بـ”قطعة من التاريخ”.
وكان العديد من أصحاب الأكشاك الباريسية يرددون لزبائنهم «لم تعد لدينا أعداد» ما جعل كثيرين يشترون «لو كانار انشيني» أكبر صحيفة أسبوعية ساخرة في فرنسا، والتي خصصت صفحتها الاولى، لـ»شارلي ايبدو». وبحسب صحيفة «الغارديان» ستتوفر أكثر من 3،500 نسخة من العدد الثاني للمجلة منذ الهجوم في محلات بيع الصحف والمكتبات المستقلة في جميع أنحاء جنوب شرق إنكلترا. ويحتمل أن يصل العدد إلى 12،000 في جميع أنحاء البلاد في الأيام المقبلة .
مأساة «شارلي ايبدو» دفعت العديد من المتعاطفين للإنخراط في حملة تضامنية مع المجلة عبر شعار أنا شارلي أو je suis charlie . ولكن بالنسبة لآخرين، كان أربعاء فرنسا الأسود فرصة مهمة لتحقيق مكاسب تجارية. فبعد نفاد 5 ملايين نسخة من أول عدد لها بعد الهجوم، توافد الآلاف للحصول على نسخة من الطبعة التاريخية للمجلة عبر موقع eBay للمزادات المتنوعة على الإنترنت. وفي بريطانيا كانت هناك مزادات تبيع النسخة لمن هم خارج فرنسا بأكثر من 600 دولار، فيما سعر آخرون النسخة بآلاف الدولارات.
وبعد أقل من 24 ساعة على الهجوم، سارع عدد كبير من أصحاب المشاريع والمؤسسات إلى الاتصال بالمعهد الفرنسي للملكية الفكرية، لتسجيل علامات تجارية، وصناعية مختلفة باسم «أنا شارلي» وفق ما أوردت صحيفة لوفيغارو الفرنسية، وظهرت العلامة التجارية على مجموعة من البضائع التي شملت القمصان وسلاسل المفاتيح، والملصقات، والأقلام، ودمى الدببة، وأجهزة ومعدات علمية، متنوعة بما فيها أدوات قياس وزن ومعدات إطفاء حرائق وحاويات نظارات.
وعبر مصمم الشعار، جواكيم رونكان، من خلال تغريدة على «تويتر» عن آسفه على «كل استغلال تجاري «للشارة التي صممها بعد دقائق من وقوع الهجوم الإرهابي، وأصبحت ذات شهرة عالمية، خصوصاً بعد انتشارها عبر مواقع التواصل، حيث تم استعمالها في خمسة ملايين رسالة على «تويتر» وحده.
وقال التاجر دانيكا هاركورت أن هذه البضائع لا تهدف إلى إستغلال مأساة «شارلي ايبدو» مضيفاً «ليس هدفنا أبدا تحقيق الربح من بيع هذه القمصان ولكن المساعدة في رفع مستوى الوعي في دعم مفهوم حرية التعبير».
وحسب جريدة «ليكسبريس» الفرنسية، فإن مواقع إلكترونية فرنسية وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي ومحلات تجارية بدأت تعرض سلعا للبيع خاصة بفاجعة «شارلي إيبدو». وبدأت الشركة الألمانية «Spreadshirt Global» المتخصصة في الطباعة على الملابس في فرنسا، بتصنيع بدلات سوداء مطبوع عليها عبارات «je suis Charlie» و»je suis ahmed» إلا أن الشركة تعرضت لإنتقادات شديدة من قبل بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقبل صدور العدد الجديد من المجلة، قام البعض بعرض نسخ قديمة من «شارلي أيبدو» للبيع بأثمنة تراوحت بين 300 و500 يورو.
وقال كريستوف Deloire الأمين العام لمنظمة «مراسلون بلا حدود»: «من المحزن أن نلاحظ أنه بعد هذه المأساة، بعض الناس يحاولون جني الربح من مأساة شارلي ايبدو. نحن ندعو هؤلاء الناس المنتفعين إلى احترام ذكرى الضحايا الذين فقدوا حياتهم في الدفاع عن حرية الصحافة والتعبير. هذه التجارة مثيرة للشفقة».
يذكر أنه في السنوات الأخيرة إستفاد عدد من التجار من مآس مماثلة، مثل تفجير ماراثون بوسطن في عام 2013 حيث وضعت السترات الرسمية والميداليات والممتلكات الشخصية الأخرى الخاصة بالمشاركين للبيع على الانترنت في غضون أيام من الهجوم الإرهابي.
وتعرضت الصحيفة قبل نحو أسبوعين لهجوم مسلح نفذه الأخوان كواشي، أدى إلى مقتل 12 شخصا ، ردا على قيامها في وقت سابق نشر رسوم مسيئة للنبي، إضافة إلى هجمات أخرى أودت بحياة 5 أشخاص، فضلًا عن مقتل 3 مشتبه بهم في تنفيذ تلك الهجمات. لكن الصحيفة في العدد الأول الذي أصدرته عقب الهجوم، عادت ونشرت صورا أخرى مسيئة، وسط تنديد كبير من علماء الدين في الدول الإسلامية.
ريما شري
مصائب قوم
عند قوم
فوائد
هذه هي الليبرالية بتجرد يخلو عن المشاعر الانسانية – فالمادة هي الأساس
ولا حول ولا قوة الا بالله