أثناء المذبحة المستمرة الجارية في سوريا وفي اليوم الذي اغتيل فيه الكاتب الصحافي الأردني ناهض حتر ناقش اجتماع هيئة تحرير «القدس العربي» عدداً من الأخبار ووجد المجتمعون أنها تصبّ، بطريقة أو أخرى، في خانات التوتّر المذهبيّ.
في الشؤون المصرية، قرأنا تقريراً يتضمن انتقادات لاجتماع سرّي بين السفير الإسرائيلي في مصر وقيادات في الكنيسة القبطية، وهو ما توازى مع زيارة وزير أمريكي مختص بـ«حماية الأقلّيات» للقاهرة وسبقه نبأ مظاهرة استقبال الأقباط للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في نيويورك، وفي الشؤون العراقية كان هناك تقرير عن تسابق الشباب العراقيين للزواج قبل محرّم (شهر استشهاد الإمام الحسين)، وآخر عن مطالبة المسيحيين بمحافظة لهم في نينوى، وفي الأردن تضمن خبر اغتيال حتر تفاصيل عن توتّر متزايد بين سكان بلدته الفحيص المسيحيين وتقرير عن مظاهرات لهم تهاجم التيّارات السياسية الإسلامية بأشكالها كافة مطالبة بـ»الاشتراكية والعلمانية».
في زحمة أخبار سوريا الدمويّة قرأنا خبر دخول مساعدات إنسانيّة إلى قريتي مضايا والزبداني (السنّيتين) وكفريا والفوعة (الشيعيتين)، وهجوم معلن للمرّة الأولى لطائرات إيرانية بدون طيّار على مواقع المعارضة السورية، وتابعنا مسلسل تصريحات المسؤولين الروس المستمرة حول «حماية الأقليات» وأن القصف الذي يسقط بنايات بأكملها هو لإرهابيين يحتمون بمدنيين، وفي لبنان قرأنا تصريح الوزير المثير للجدل جبران باسيل عن ضرورة إلزام المنظمات الدولية بشراء تفّاح المزارعين الموارنة لإطعام اللاجئين السوريين (الذين لا ينفكّ يوميّاً يطالب بطردهم وتسفيرهم) وتفرّعت عن هذا الخبر تقسيمات (يذكرها تقرير اليوم في الصفحة الأولى للصحيفة) للفواكه تجعل التفاح مارونيّا والتبغ شيعيّاً والبرتقال سنّياً… الخ.
في فلسطين هناك الشغل الحثيث لحكومة الاحتلال الإسرائيلي على ربط الإرهاب بالإسلام وفي الوقت نفسه إضعاف كيان المسيحيين الفلسطينيين وتهجيرهم وفرض القدس عاصمة لإسرائيل والضغط لاعتراف الفلسطينيين والعرب بإسرائيل كـ»دولة يهودية».
في أوروبا هناك دعوات رئيس وزراء سلوفاكيا لطرد اللاجئين المسلمين من القارّة خوفاً على هويّتها المسيحية واقتراحات بجمعهم في جزيرة في البحر الأبيض المتوسط، وهناك صعود التيّارات العنصرية المتطرّفة وتراجع مستمرّ في الاعتدال وهو ما ظهر في تصريحات جديدة للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وللرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند ولا داعي طبعاً للتذكير بتصريحات وزير الخارجية البريطاني الحالي بوريس جونسون المشهورة التي تصبّ في طاحونة كره اللاجئين واللعب على موضوع دخول تركيّا المسلمة للاتحاد الأوروبي وغير ذلك من تعليقات تزاوج بين الديني والعنصريّ.
في الولايات المتحدة الأمريكية شهدنا آثاراً واضحة لهذه الموجة العالميّة الطامّة والتي تجلّت خصوصاً في برنامج المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي يعادي المهاجرين بشكل سافر ويعد ناخبيه بوضع سور كبير يفصل أمريكا عن المكسيك، وبمنع دخول المسلمين للبلاد، إضافة إلى وعده الأخير لإسرائيل بالاعتراف بالقدس عاصمة لها، كاشفا عن إيمانه بنهج بوليسيّ عنيف ضد الأقليّات التي لا يخلو أسبوع من سقوط أحد أفرادها قتيلاً على يد الشرطة.
يمكن قراءة خارطة الزلازل هذه بالقول إن المنطقة العربية هي المصهر الذي تتركّز فيه تناقضات العالم وإنها عنوان الفشل الذريع لهذا العالم أيضاً.
إصرار القوى النافذة في العالم على التعامل مع شعوبنا بمنطق تفتيتها إلى كيانات دينيّة وإثنية يهودية وسنّية وشيعية ومسيحية وكرديّة، يتراكب مع صراع للاستيلاء على مقدرات المنطقة، وخصوصاً بين المشروع الإسرائيلي الذي يحتلّ الجغرافيا مرتكزا إلى أطروحات الاستعمار الاستشراقيّة حول دولة اليهود المزعومة (وهي أطروحات تتعارض بالضرورة مع شعوب عربيّة تحكم نفسها ديمقراطياً وتتعامل مع إثنياتها وطوائفها بشكل عادل)، والمشروع الإيراني الذي يحاول أيضاً تغيير ديمغرافيا المنطقة ويستخدم طوائفها الشيعيّة (والأقلّيات الأخرى) في معركته مع المنظومة العربية السنّية.
غير أن التلاعب المحموم بمصائر المنطقة العربية لا يعني عدم وجود اختلالات بنيوية هائلة في العالم أجمع يتمّ التعبير عنها بظواهر مثل «بريكزيت» البريطانية (وهي أكبر من كونها رفضاً للاتحاد الأوروبي) وصعود حزب «البديل» الألماني وأمثاله في أوروبا، وظاهرة ترامب، التي ستحكم السياسة الأمريكية من الآن فصاعداً حتى لو لم يفز صاحبها بالرئاسة.
الحديث عن العالم العربيّ (والإسلامي إلى حدّ كبير) بكونه يعكس تناقضات العالم وإشكالياته، لا يستقيم من دون تحميل الأنظمة العربية القائمة الجزء الأكبر من مسؤولية ما يحصل وهي التي اختار أغلبها طريق الاستبداد والقمع والتهميش فدمّرت الشعوب التي حاولت مناطحة خزّان الاستبداد فيما تعلّقت نخب الأقلّيات المذعورة من التغيير بشاحنته فتوالدت عناصر التطرّف والطائفية والقمع وأدخلتنا في دوّامة مجنونة.
رأي القدس
هكذا عالم يريده الغرب المدعي انتمائه للمسيحية وهكذا سيبقى ويبدو ما دام الغرب هو المسيطر والحاكم فهو يري حقيقة قيمه
مقالك يشبه صورة البقرة صورة البقرة تكاثرة فيها الأحداث
السؤال كيف سنخلق في الضروف الصعبة جيل جديد لا يحمل أفكر هدامة تناقض الغرب الذي يدعوا الي المحافظة عن البئية وعلي لأرض كي تبقي لأجيال دعم حكام عرب متخلفين مستبدين.. جزء كبير من الشعوب العربية تأثرت بالثقافة الأروبية الثقافة الأروبية مثل الحرية حقوق الإنسان وهذا ليس عيب والشعوب مستعدة أن تعيش حياة أروبية بدون التخلي عن العروبة والدين لكن الغرب خيير أن يتعامل مع قوي ظلامية متخلفة مثل الحكام العرب.. لو تعامل الغرب مع الشعوب العربية ما كان يحصل. دمر مثلما حصل الآن لكن السؤال هل الغرب مستقل فكريا
اشكر قدسنا الغراء على هذا المقال المعبّر.
دمتم لنا.
بالنسبة لفصية الاجىين علينا ان لا نعيب تثرف الغرب تجاههم .لاننا نحن العرب و الاغنياء منا لم نفتح لهم الابواب لدخول بلادنا و اخص بالذكر دول الخليج و الدول الاخري الغنية عار علينا ترك اخوتنا في العرق و الدين و المذهب حتي مادام تتحدثون عنه يموتون في االحار و تضيع اجيال باكملهة من امتنا . العرب لا لوم عليه لان دوره ياتي بعد دورنا يجب علينا ان نوجه تااوم ااي انفسنا كشعوب و لحكامنا الذين لايجيدون الا الكلام و التساط علي رقابنا لا لوم علي مركل قبل سلمان و لا لوم علي هولمد قبل خليفة و لا لوم علي ريس المجر قبل محمد ااستدس و بوتفليقة و لا علي رخوي قبل السيسي … اين ذهبنا عن مد يد العون لاخوتنا الم متغني بحمايتهم الم تدعي بعص الدول حماية السنة من اي خطر و تقول انها ماطق باسم اهل السنة و الجماعة امريكا تدافع عن اسرايل و ايران ؤقال عنها تحمي الشيعة من يحمي اهل السنه او الحمايه في المفهوم العرلي تعمي النبجح و الكلام لا اكثر الخير في من لا يحتصن ابناىه و لا يحمي اهله . لانه بكل بساطة غير قادر الا علي الكلام و تبتزاز اخوته و الدفع بهم الي السلام و شكرا