شمالي الأردن: جدل «الولاية العامة» يرافق الرزاز وهو يناور وسط الجنرالات… والامتحان الأخطر «ثقة البرلمان»

حجم الخط
6

عمان – «القدس العربي»: تبدو الزيارة الميدانية التي قام بها رئيس الوزراء الأردني الدكتور عمر الرزاز إلى منطقة الشمال أمس الأول في واحد من تجلياتها الأساسية مناورة سياسية بالذخيرة الحية لإظهار محاولة الحكومة الجديدة التمسك بمبدأ الولاية العامة أولاً ثم التقاطع في بعض التفاصيل مع الملفات السيادية التي لم تكن الحكومات عادة تعتم بها.
هنا لفت مشهد قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية الأنظار تماماً وهم يستقبلون رئيس الوزراء الموصوف دستورياً باعتباره وزير الدفاع ايضاً ثم يرافقونه اثناء تفقده لترتيبات أمنية ولوجستية وعسكرية في بعض التفصيلات بوضوح.
وقوف الرزاز بين كبار الجنرالات الجيش والأمن يمكن اعتباره رسالة سياسية مزدوجة تؤشر على وجود رئاسة وزراء أكثر فاعلية هذه المرة وعلى رغبة المؤسسات المرجعية والسيادية الأساسية بالتعاون مع الحكومة وإظهارها شعبياً بمظهر لائق وصاحبة قرار.
في الجانب الدستوري كان المشهد مرسوماً بعناية ويشيع أجواء الثقة في التعامل مع المستجدات الخطيرة شمالي المملكة حيث يتفقد رئيس وزراء بصفة مدنية ومن عائلة شامية الأصل المستشفى الميداني العسكري ويطلق تصريحات تبثها رئاسة الوزراء وهو يتحدث وسط الجنرالات والضباط الكبار بمن فيهم رئيس الأركان الجنرال محمود فريحات ورئيس الدرك الجنرال حسين الحواتمة اضافة لمدير الأمن العام الجنرال فاضل الحمود.
هؤلاء في العادة تلتقيهم رموز الحكومة بعيداً عن الكاميرات وخلال اجتماعات مغلقة في مجلس السياسات تتبلور فيها اتجاهات وقرارات الدولة. لقد افتقد الأردنيون تماماً ومنذ سنوات طويلة مشهداً يجمع رموز المؤسستين العسكرية والأمنية برموز المؤسسة المدنية. تلك مساهمة بناءة في إعادة بناء صورة هيبة الحكومة والسلطة ترافقت مع قرارات مرجعية ملكية أجهضت تجربة وزراء الظل وأبعدت الدور السياسي المحلي التوجيهي لشخصيات في الديوان الملكي. تلك في كل حال جرعة دعم سياسية ومعنوية مرجعية لم يحظ بها أي رئيس سابق للوزراء.
في الوقت نفسه هي تفعيل لمناورة ميدانية سياسياً من قبل رئيس حكومة يقول ضمنياً أن رئاسة الوزراء معنية بكل الاحداث والملفات وبصورة الهدف منها إنهاء نمط «التقاسم السيكولوجي» الذي استقر في ذهن الجميع في البلاد منذ ربع قرن والذي يوحي أن الحكومة إدارية وبيروقراطية وغير معنية بتلك الملفات التي تخص المرجعيات الأمنية والعسكرية.
بطبيعة الحال لم يكن الرزاز يستطيع اخراج سيناريو مثل هذا المشهد بدون اسناد ودعم ورسائل مؤازرة من قبل مؤسسات مرجعية في الدولة، الأمر الذي ينتهي او سينتهي في العادة بالاستفسار عن صلاحيات أكبر من المعتاد قد تحظى بها حكومة الرزاز وبصيغة تقود إلى تكرار السؤال: كيف سيتصرف الرزاز بكل تلك الصلاحيات؟
يبدو السؤال هنا مفتوحاً على الاحتمالات خصوصاً وان أجواء الثقة البرلمانية الوشيكة في الحكومة لا تبدو مريحة جداً لطاقم الرزاز في الوقت الذي يتواصل فيه التهامس بعنوان مراكز قوى داخل الدولة والمؤسسة تصر على التعامل مع مرحلة الرزاز باعتبارها مؤقتة وانتقالية في المضمون وفي الرموز خلافاً للاتجاه الذي يسلكه ويتصرف به الرجل. الرزاز بكل حال تردد وبوضوح بتنفيذ الزيارة التي أثارت الجدل للمنطقة الشمالية امس الأول لكن حكومته وصلت وإن تأخرت في نهاية المطاف للتحدث عن نزيف الجنوب السوري الخطر والحساس وهو نزيف يؤثر على كل المعطيات في الحالة الأردنية بالتأكيد.
ما قاله الرزاز في تلك الزيارة الميدانية ايضاً مثير فهو في النهاية رئيس وزراء طازج يعلن عن حملة وطنية لدعم اهل جنوبي سوريا. والاهم يعلن موقفاً في غاية الأهمية سياسياً ودون غيره وباسم حكومته وبعنوان ان المساعدات في سياق تلك الحملة ستقدم للمواطنين السوريين داخل ارضهم وعبر الاشارة إلى أن الهيئة الخيرية الهاشمية هي التي ستدير الموقف.
في سياق مثل هذا الطرح وفي اطار الشكل والمضمون وفي نقاط التماس مع ازمة إنسانية وعسكرية وأمنية جنوبي سوريا لم يكن أي رئيس وزراء سابق منذ عام 2011 في مثل هذا الموقع وهو بطبيعة الحال لموقع الذي تطلب إجراءات أمنية كبيرة احتياطا لمنطقة ملتهبة يزورها رئيس الحكومة.
على هذا الأساس بدا المشهد وطنياً بامتياز ويوحي بأن المؤسسات غير السياسية في طريقها للتعاطي مع الاعتبار السياسي… هذا ايضاً جديد في تجربة الحكومات الأردنية والرزاز هنا يخوضه ويلعبه بمهارة لكن امكانات طاقمه الوزاري قد لا تسعفه للاستمرار في النهاية واذا ما قرر مغادرة جلسات الثقة البرلمانية باقل الخسائر ينبغي له ان يؤسس شراكات ويخضع لتسويات مع مؤسسات القرار الفاعلة والنشطة في الميدان فحكومته مهما كانت في الوصف والقوة ليست وحيدة في الميدان ولا يمكنها ان تبقى وحيدة فعلاً إلى وقت طويل.
الى أي حد ستظهر مؤسسات القرار العميقة نواياها الحقيقية في مساعدة تجربة الرزاز؟.. هذا هو السؤال الجدي المطروح اليوم والإجابة معلقة بطبيعة الحال بظروف وبيئة تحضيرات الثقة في الحكومة من مجلس النواب في التاسع من الشهر الجاري حيث الاختبار الحقيقي ليس فقط لقدرة الرزاز على اقناع كتل البرلمان واركانه بمشاركته في حفلة الاصلاح التي يتحدث عنها.
ولكن الاهم ان الاختبار الحقيقي يتعلق بحسم خيارات الدولة بخصوص حمل التجربة على الأكتاف أو التعاطي معها فقـط باعتبـارها مجـرد مرحلة تطلبتهـا ظروف الوضع الاقتصادي التي نتـجت عنه مظـاهرات الـدوار الرابـع الشـهيرة وبالتـالي اسقاط حـكومة هاني الملقي وتعـيين الرزاز.

شمالي الأردن: جدل «الولاية العامة» يرافق الرزاز وهو يناور وسط الجنرالات… والامتحان الأخطر «ثقة البرلمان»
مشهد نادر فيه قليل من «وزارة الدفاع» افتقده الأردنيون وطرح رسائل عميقة
«بسام بدارين»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مواطن - يسرقوننا جهارا نهارا وبإسم القانون !!:

    يستغلون هذه الأحداث لتمرير قانون ضريبة جديد يبقيهم أثرياء إلى الأبد، أفيق أيها الشعب الأردني، هل تعلمون لماذا يصرون على هذا القانون الظالم لأنه يأكل من جيب المتقاعد الذي ليس على راتبه التقاعدي ضريبة دخل وهذا يؤرقهم كثيرا بأن المتقاعد لا يدفع ضريبة دخل لأن هذا القانون سيأخذ من جيوبهم بشكل غير مباشر عن طريق رفع الضريبة على الخدمات الصناعية ومنها الدواء والبنكية، لقد خدعوكم كالعادة بأنهم قاموا بإلغاء هذا القانون، أقرأوا ماذا يقول رجل البنك الأهلي الأردني هذا:

    سرايا – طرح نائب رئيس الوزراء وزير الدولة الدكتور رجائي المعشر، عددا من التساؤلات والمقاربات التي تعتزم الحكومة التوصل اليها خلال الفترة المقبلة وذلك فيما يتعلق بقانون ضريبة الدخل، مبديا امله بالتوصل الى صيغة فضلى للقانون بحوارات مكثفة مع اطياف المجتمع وطبقاته، بدأها الاثنين بحوار مع كتاب صحافيين متخصصين بالشأن الاقتصادي.

    وشدّد المعشّر على أنّ الحكومة تؤمن بالحوار من أجل التوافق والوصول إلى صيغة للقانون تراعي الأولويّات الوطنيّة والمصلحة العليا، مؤكداً أنّ الغاية من تعديل قانون ضريبة الدخل هي توفير الاستدامة في قدرة الدولة على تقديم جميع الخدمات ومواجهة المديونية ضمن استراتيجيّة واضحة.

    وشملت مقاربات الحكومة بحسب المعشر، رسم خارطة توضح آلية متوافق عليها بالنسبة للعدالة بتوزيع العبء الضريبي، وبناء قاعدة اساسية ودائمة لقانون ضريبة الدخل تراعي الاولويات الوطنية المتضمن تحفيز الاقتصاد الوطني، وتحقيق العدالة الاجتماعية.

    واكد المعشر ان التوجه الى حوار وطني للقانون هو المدخل الرئيس لعدالة ضريبية تراعي مصلحة كافة الافراد والقطاعات ولا ترمي ثقلا على طرف للتخفيف عن الاخر، مشددا على ان زيادة الضريبة لا تعني زيادة الايرادات.

    وقال المعشر إنّ أي مشروع قانون لضريبة الدخل يجب أن يتضمن مصلحة الاقتصاد الوطني وعدالة التوزيع ومراعاة البعدين الاقتصادي والاجتماعي، ويساعد للوصول إلى الاكتفاء الذاتي والاعتماد على الذات بحيث تغطي إيراداتنا المحليّة النفقات الجارية.

    واضاف ان اجراء اي تعديل على قانون الضريبة بشكل عام يجب ان يستهدف بناء قاعدة يمكن البناء عليها لإعادة التوازن بين ضريبة الدخل وضريبة المبيعات، مشيراً إلى أن ضريبة المبيعات وتصل إيراداتها الى ما يقارب اربعة اضعاف ضريبة الدخل.

    وبين المعشر ان مشروع القانون يجب أن يعالج قضايا التهرب الضريبي وتشديد العقوبات على المتهربين مع التفريق بين من يتهرب ضريبيا ومن يتجنب دفع الضريبة.

    وانتقل المعشر بالحديث إلى ضرورة دراسة آثار قانون ضريبة الدخل على القطاعات كافة، مشدداً على ضرورة الاستمرار بتحفيز القطاعات لتتمكن من تشغيل الايدي العاملة، مشيرا الى جملة من القرارات الاخيرة المؤثرة على استمرار تقدم وتعزيز القطاع ومن ابرزها قرب انتهاء اعفاء الارباح المتحققة من الصادرات من ضريبة الدخل.

    واضاف ان الحكومة فتحت باب الحوار وتنتظر اي معلومة أو مقترح يفيد بقياس الاثر المترتب على فرض أي ضريبة او تعديلها فيما يتعلق بالقطاعات كافة، مؤكداً أن الحكومة ستولي جميع المقترحات والملاحظات الأهمية الكافية.

    وخلال اللقاء الذي حضره وزراء الشؤون السياسيّة والبرلمانيّة المهندس موسى المعايطة، والمالية عز الدين كناكريّة، والدّولة للشؤون القانونيّة مبارك أبو يامين، والدولة لشؤون الإعلام جمانة غنيمات، دار حوار تمحور حول مشروع قانون ضريبة الدخل وعدد من القضايا الاقتصاديّة.

  2. يقول سامح //الأردن:

    *حتى الآن (الحكومة) تسير على
    الطريق الصحيح وعلى الجميع
    الوقوف خلفها ودعمها للنهاية
    وفقها الله العمل لصالح الوطن
    والمواطن .
    حمى الله الأردن من الأشرار
    والفاسدين.
    سلام

  3. يقول د حمود الفاخري/واشنطن:

    الأخ العزيز سامح انت انسان طيب وتتمنا الخير والخير لكن من يحكم الدول العربية هم حرمية وفاسدين ويطبقون ما يأمرهم به الصهيونية لتدميرنا مجموعة عملااء

  4. يقول احمد ... فلسطين:

    في فترة من حياته يكون الانسان ساذجا يعتمد على ما يسمعه … ولكن بعد حين يصبح اكثر تعقلا فلا يعتمد الا على ما يشاهده على ارض الواقع … اردوغان يتحدث عن ارقام بلغتها تركيا في الصادرات والتنمية والبطاله والناتح وأخيرا تحدي بلوغ الدول العشر الاقوى اقتصاد في العالم … نحن ننتظر الأرقام التي تثبت اننا نسير للأمام … قانون الضريبه او غيره يمنح المستثمر الفرصه لتقيم استثماره فما لا يكون هنا متاحا قد يكون في مكان اخر متاحا وهكذا … لنصحصح العالم لم يعد محدودا نصحك على فئه في منفعة فئه !!! مطلوب تسريح العدد المهول من الموظفين في مؤسسات الدوله الذين تم توظيفهم بلا رقابة او ادنى حاجة …

  5. يقول يوسف//الأردن:

    الرزاز من وزير تربيه لرئيس وزرأ ووزير دفاع …ماهي خلفيته العسكريه ليكون وزير دفاع؟؟؟ والبرلمان الأردني الحالي هو أسوأ مؤسسه علي الإطلاق في الأردن…

  6. يقول سامح //الأردن:

    *حيا الله أخونا العزيز (د.الفاخري) والجميع.
    يا طيب أعرف أن الأوضاع في معظم الدول
    العربية (كارثي ) .
    *دعنا نتفاءل لعل القادم يكون أحسن
    حسبنا الله ونعم الوكيل.
    سلام

إشترك في قائمتنا البريدية