صراع الولاءات والانتخابات وإرادة الإصلاح في العراق

حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي» ـ مصطفى العبيدي: تصدر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، المشهد العراقي محليا وخارجيا هذه الأيام، من خلال زيارته المثيرة للجدل، إلى السعودية ولقاءه مع ولي العهد فيها، وفي دعوته إلى تظاهرات شعبية حاشدة لرفض تعديلات البرلمان لقانون انتخابي يعزز هيمنة الأحزاب الكبيرة ويجهض الحراك الشعبي المطالب بالإصلاحات، كما يبعد القدرات الشابة عن العملية السياسية.
ففي الوقت الذي رحب غالبية العراقيين بزيارة الصدر إلى المملكة العربية السعودية ولقاءه بزعمائها، باعتبارها خطوة مهمة في كسر الفتنة الطائفية المنتشرة منذ سنوات في المنطقة وفق مشروع إقليمي معروف الأهداف أدى إلى أزمات وحروب في العديد من الدول العربية، فقد قوبلت الزيارة وكما هو متوقع بهجوم عنيف وانتقادات لاذعة من القوى المحسوبة على إيران سواء في العراق أو لبنان.
ورغم ان الكثيرين يعتقدون ان زيارة الصدر لا تهدف إلى التقارب مع السعودية على حساب العلاقة مع إيران، لأن علاقة الصدر بطهران ذات بعد تاريخي وديني، وهو لم يصرح بنيته مقاطعتها أو الوقوف بوجه مشاريعها، إلا انه أعلن مرارا حرصه على المصلحة الوطنية للعراقيين، وأيده في ذلك الشارع العراقي. وحتى رئيس الحكومة حيدر العبادي بارك الزيارة معبرا عن تأييده لكل حراك للقوى العراقية نحو الخارج فيه خير للعراق.
إلا ان أطرافا محسوبة على إيران، لم ترق لها هذه الزيارة واعتبرتها خرقا للبيت الشيعي، لذا سارعت إلى توجيه الانتقادات عبر حملة مسعورة، وخاصة عندما أقدم قادة ميليشيات شيعية معروفين بارتباطهم العلني مع إيران، على توجيه انتقادات لاذعة للصدر متهمين اياه بالتوجه نحو آل سعود والتخلي عن نهج الصدريين، كما أعلن المتحدث باسم الصدر الشيخ صلاح العبيدي، في تصريحات، إن «شيعة لبنان، من مؤسسات إعلامية أو شخصيات شنوا حملة تهجم وبث شائعات ضد الصدر بسبب زيارته إلى السعودية، وبدأت تلك الشائعات تبث قبل وصول الصدر إلى السعودية».
وقد أوضح مكتب الصدر حول الزيارة، «استبشرنا خيرا فيما وجدنا انفراجا إيجابيا في العلاقات السعودية العراقية ونأمل انها بداية الانكفاء وتقهقر الحدة الطائفية في المنطقة العربية الإسلامية».
وعد المتابعون توجيه المملكة العربية السعودية، دعوات رسمية لعدد من القادة السياسيين منهم حيدر العبادي ونائب الرئيس العراقي اياد علاوي وزعيم تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم، لزيارتها، بانه تعزيز الانفتاح العربي على العراق الذي يحتاج في هذه المرحلة، كل مساعدة لتخفيف التوتر الطائفي وإعادة إعمار المدن المدمرة.
وفي تطور لافت، يستحق الاهتمام، أثار البرلمان العراقي ثورة غضب شعبية عارمة، عندما أقدم على تعديل قانون الانتخابات ليسمح بترسيخ هيمنة الكتل الكبيرة على السلطة ومنع أي جهود للاصلاح أو زج الدماء الشابة في إدارة البلد، في إجراء اعتبره الشارع العراقي ضربة لكل جهود الإصلاحات التي ينادي بها الجميع عدا أحزاب السلطة.  
ودعت قوى التيارات المدنية والتيار الصدري إلى وقفة حازمة بوجه قرار البرلمان الذي يهدف إلى اجهاض كل الجهود المبذولة لتحقيق الإصلاح في العراق.
وقال الصدر في بيان مكتوب بخط يده، «تمنيت لو ان الشعب يعي ما يحيكه الساسة الفاسدون من مخطط قذر لإعادة الفساد بثوبه الجديد الذي لن يتحكم بقوت الشعب فحسب بل برقابهم ودمائهم أيضا». محذرا من ان تكون التظاهرة دون المستوى المطلوب، و»إلا ستكون رصاصة الرحمة في جسد الاصلاح» ومؤكدا ان «الساسة وبرلمانهم وحكومتهم، راغبون بمفوضية وقانون يراعي مصالحهم النتنة والتي هي ضارة كل الضرر بمصالح الشعب».
 وشارك قادة الحراك الشعبي الإصلاحي ومنهم الحزب الشيوعي وحزب الوفاق بزعامة اياد علاوي ومنظمات المجتمع المدني وكثيرون غيرهم، في دعوة الصدر للتظاهر يوم الجمعة للتعبير عن رفض محاولات الأحزاب والكتلة الكبيرة المتحكمة بالسلطة، لتعزيز هيمنتها والتنكر لكل مطالب الإصلاحات التي نادت بها المرجعية الدينية والجماهير.   
وفي إطار تداعيات مساعي القادة الكرد، لإجراء الاستفتاء المزمع في أيلول/سبتمبر المقبل، تدخل طرف جديد في محاولات ثني القيادة الكردية عن المضي في هذا التحرك في الوقت الحاضر، وهو الأمين العام للجامعة العربية احمد أبو الغيط، الذي وجه رسالة إلى رئيس الإقليم مسعود البارزاني يدعوه فيها إلى مراجعة قرار إجراء الاستفتاء على استقلال كردستان في الوقت الحاضر، إلا ان البارزاني رد على رسالة أبو الغيط، بالتمسك بإجراء الاستفتاء متهما بغداد بتهميش الأكراد وحقوقهم، ومحذرا من صراع وخطر كبير في العلاقة بين بغداد والإقليم، فيما أشار إلى أن الهدف من استفتاء استقلال الإقليم منع الصراعات وترسيخ التعايش السلمي!
ولم يكتفِ البارزاني برفض رسالة ابو الغيط، بل انتقد حزبه بشدة تصريحات رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بشأن استقلال إقليم كردستان التي أعلن فيها خلال لقاء البعثات الدبلوماسية في بغداد بان «الاستفتاء لا يعدو كونه طموحًا للكرد، ولا يمكن أن يتحقق الانفصال في الوقت الحاضر»، واصفا إياه بانه تصريح خطير ورسالة سيئة إلى دول العالم تعرقل نتائج الاستفتاء وتقلل من شأنها.
ويبدو ان القوى السياسية المتنفذة مصرة على ترتيب أوضاعها من خلال عدد من الإجراءات والقوانين التي تحفظ امتيازاتها وتمنع بروز منافسين أقوياء، كما تساهم في تمييع مطالب الشعب الإصلاحية والالتفاف عليها، وذلك بالرغم من نداءات المرجعية الدينية والتيارات المدنية والشعبية.

صراع الولاءات والانتخابات وإرادة الإصلاح في العراق

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية