طرد الجواسيس الروس: طعنة أوباما الأخيرة في شرعية ترامب؟

حجم الخط
14

يضرب طرد الولايات المتحدة الأمريكية لخمسة وثلاثين جاسوساً روسياً (وإغلاق مجمعين لعملاء الاستخبارات الروسية وتجميد الأصول المادية لاثنين منهم بتهمة «نشر شفرة قرصنة خبيثة») عدداً من العصافير بحجر واحد، ولكنّ أكبرها سيكون من نصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذي سيستلم منصبه خلال ثلاثة أسابيع من الآن.
يتعلّق الأمر بالطبع بالدور الذي لعبه عملاء الاستخبارات هؤلاء في استهداف مؤسسات أمريكية، على رأسها الحزب الديمقراطي الأمريكي ومرشحته للرئاسة هيلاري كلينتون الأمر الذي اعتبر مساهمة من روسيا في دعم انتخاب ترامب الذي أبدى، وما زال، إعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقد بادله بوتين، ومؤسسات الدولة الروسية الإعجاب فصفّق مجلس النواب الروسي لانتخابه.
الضربة تستهدف أيضا الرئيس الروسي شخصيّاً أيضاً، وهو الذي كان واحداً من ضباط الاستخبارات مثل هؤلاء الذين طردوا، وقد تحدث الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه طلب من نظيره الروسي وقف الهجمات الالكترونية خلال لقاء وجهاً لوجه معه في لقاء معه خلال قمة العشرين في الصين في أيلول (سبتمبر) الماضي.
بعض المسؤولين الأمريكيين، وبينهم رئيس مجلس النواب الأمريكي بول رايان، والسيناتور جون ماكين، رحبوا بالعقوبات «ولو أنها جاءت متأخرة»، لكن آخرين، وبينهم مسؤولون في إدارة الكرملين، أشاروا إلى أن ترامب سيقوم بنقض اجراءات ادارة أوباما ويعيد الجواسيس الروس، وهو أمر سيُفهم، من جهة، كنوع من رد ترامب لهدية بوتين، وسيُعتبر، من جهة أخرى، طعناً دائماً في شرعيّة ترامب.
قرار أوباما الأخير، بهذا المعنى، لا يأتي في الوقت الضائع لأن مفاعيله مرشحة للتفاعل لاحقاً سواء قام ترامب بإلغائه أو لم يفعل، فشرعية ترامب التي تعرضت للتشكيك فيها قد تكون نقطة ارتكاز في خلاف مؤهل للتصاعد بين ترامب والمؤسسات السياسية والأمنية (ناهيك عن المعارضة الشعبية التي ستتزايد بالضرورة ضد سياسات ترامب الإشكالية العديدة)، فرغم هجوم ترامب على وكالة المخابرات الأمريكية بعد تقريرها الذي أكد التدخل التجسسي الروسي، جاء تقرير أكثر تفصيلاً من مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) يكشف المزيد من الحقائق ويثبت هذه الاتهامات للقيادة الروسية، وهو ما كانت قد ذكرته أيضاً وزارة الأمن الداخلي الأمريكي.
أشار أوباما إلى جانب آخر خطير يتعلّق باعتبار ما حصل في الولايات المتحدة الأمريكية أسلوباً يمكن انتهاجه في بلدان ديمقراطية أخرى وقال مسؤولون في إدارته إنه ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن روسيا ستتوقف عن التدخل في انتخابات الولايات المتحدة أو الدول الأخرى، و»أنهم سيتدخلون في الانتخابات الديمقراطية في دول أخرى بما يشمل بعض حلفائنا الأوروبيين»، والواضح أن فرنسا ستكون أول المرشحين لهذا التدخل، وهي مفارقة كبرى لأن القيادة الروسية، بسيطرتها عمليّاً على السياسة والاقتصاد والشؤون العسكرية والأمنية في بلادها، وكذلك على الإعلام وتضييقها على الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني، تمنع العالم من التأثير فيها ولكنّها تستغل النظم الديمقراطية للتلاعب بها والانقلاب عليها.
روسيا أيضاً، كما صرّح الرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو أمس، تستخدم القرصنة والهجمات الالكترونية ضد خصومها، قائلاً إن أوكرانيا تعرّضت وحدها لأكثر من ستة آلاف وخمسمئة هجوم الكتروني خلال الشهرين الماضيين فحسب، وهي ظاهرة، اعتبرتها مجلة «نيوزويك» تفتح إمكانية «حرب باردة رقمية» جديدة في العالم.
نتائج القرار الأمريكي إذن ستكون لها ذيول عديدة خطيرة.

طرد الجواسيس الروس: طعنة أوباما الأخيرة في شرعية ترامب؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بلحرمة محمد المغرب:

    لمادا تقوم القيامة ونسمع كل هدا الضجيج ضد روسيا في المؤسسات الرسمية الامريكية مع العلم ان الولايات المتحدة اخر من يحق لها الكلام عن عمليات الجوسسة فهي اكبر محطة للتجسس على العالم باكمله وضمنها روسيا فلم يسلم حتى القادة الغربيون من التنصت الامريكي على هواتفهم الخاصة وهم الدين يعتبرون اقرب الحلفاء فادا كانت الدوائر الامريكية ومعها الغربية تصور لنا روسيا بهدا السوء فهم يمثلون الجانب الاسوا الاكثر سوادا وظلمة في هدا العالم لما اقترفوه من جرائم فظيعة ومروعة ووحشية في حق الكثير من شعوب الارض وضمنها الشعوب العربية والاسلامية التي نالت حصة الاسد من هدا الاجرام المنظم فادا كانت امريكا لا تستسيغ تدخل الاخرين في شؤونها الداخلية فلمادا تسمح لنفسها بالتدخل في كل كبيرة وصغيرة في شؤون الدول الاخرى؟

  2. يقول Moussalim Ali:

    .
    – الآخ بلحمرة محمد // المغرب .
    .
    – عمليات التجسس business تتعاطى له كل الدول . لكن حسب بعض” الجرعات” فقط . جرعات مسموحة بها للجميع .
    – وأحيانا عمليات التجسس تساعد على استثبات الأمن حيث يكون اليقين بما يجري في الدول الأخرى (….).
    – لكن لما العمليات تتجاوز الخطوط الحمراء (….) ، فهناك خطير محدق كبير .
    – فمثلا أن يقرر بوتين في نوعية النتائج الإنتخابية الرئاسية لدولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية ، فمستحيل السكوت عنه ومستحيل عدم الرّد عليه .
    – كما هو معلوم في ” تصرفات ” بوتين ، فهو لا يتوقف أبدا .
    – غزى بكيفية همجية اغروزني الشيشان . وسكت العالم . ثم غزى القرم . وتحرك العالم ببطئ . ثم غذّى حركة إنفصالية في شمال شرق اوكرانيا . ثم استعمر سوريا . وقام باختبار ” 60 ” نوعا من أسلحته الفتاكة في حلب ، وعلى رؤوس شعب سوري مدني أعزل .والعالم ما زال ” يجتمع ” في مقر مجلس المن الدولي …. ، ومازال ” يطالب ” بوتين بالسماح بمرور قوافل المساعدات الإنسانية و…..حليب الأطفال ….
    – العالم جد مهتم بحليب أطفال سوريا …(….).

  3. يقول د حمود الفاخري/واشنطن:

    غريب نحن العرب نردد مثل البغبغان ما تردده الحكومات الغربية او العربية مع انا الله نهانا عن هدا كيف عرفتم انهم جواسيس يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ

  4. يقول علي أبو خميرة:

    كأني اقرأ تعليقات ل أناس غربيين “أمريكيين ” يقلقهم ما آلت إليه الإنتخابات الأمريكية أكثر ما يقلقهم ما يجري في حارات بلدانهم من تقتيل وتذبيح بدعم من هذا الأمريكي

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية