ظاهرة داعش والمشكلة السنية

لم تستطع مختلف الحركات والأحزاب الإسلامية السنية في العراق، عبر تاريخها، أن تنتشر أفقيا إلا في حدود ضئيلة. فقد كانت الهيمنة دائما للأحزاب الايديولوجية العلمانية على الساحة السياسية. وقد ظلت الدعوة السلفية في العراق محدودة ليس في مدى انتشارها وحسب، وإنما في طبيعة الخطاب النظري الذي تعتمده أيضا رغم دخولها المبكر إلى العراق من خلال تأثر الشيخ محمود شكري الآلوسي (المتوفى سنة 1924م) بها وبنموذجها الوهابي تحديدا.
إلا أن الحركة السلفية في العراق بقيت محصورة في إطار العمل العلمي تأليفا وتدريسا، والعمل الدعوي من خلال أئمة الجوامع، أو في إطار العمل الدعوي الفردي، أو ضمن مجاميع صغيرة، وعجزت عن تشكيل حركة أو تيار فكري.
وأول محاولة لإيجاد تنظيم سلفي كانت في بداية ستينيات القرن الماضي، عندما عمد مجموعة من السلفيين، إلى تأسيس «جماعة الموحدين» السلفية، متأثرين بتجربة الاخوان المسلمين التي أنتجت تجربة الحزب الإسلامي في العام 1960.
أعقبتها منتصف السبعينات محاولة أخرى للبحث عن هوية سلفية بعيدة عن السلفية الدعوية التقليدية ذات الطابع العلمي والتي وسمت السلفية العراقية تأريخيا، حيث قام بعض الشباب بتنظيم أنفسهم بعيدا عن «حركة الموحدين»، مع احتفاظهم بالإسم نفسه. فتم تشكيل مجلس للشورى، وصياغة نظام داخلي للجماعة. وقد تم كشفهم مبكرا واعتقالهم في العام 1979. وفي السجن انقسمت المجموعة إلى قسمين بعد اختلاف بينهم حول الموقف من العنف. وقد خرجت هذه المجموعة في منتصف الثمانينات التي شهدت نشاطا سلفيا واضحا نسبيا بتأثير تداعيات الحرب العراقية الإيرانية وموقف السلفيين المؤيد للحرب من جهة، وبسبب العلاقة الجيدة حينها بين الحكومتين العراقية والسعودية.
ولم يعرف العراقيون السلفية الجهادية قبل عام 2001، فلم تظهر علامات حقيقية على تأثر السلفيين العراقيين بالتطورات التي كانت متعلقة بالتنظيرات السلفية في هذا المجال، لا في مرحلتها المحلية، كما كان الأمر في مصر مثلا منذ النصف الثاني من السبعينات، ولا في مرحلتها العابرة للحدود بعد غزو أفغانستان في العام 1980، وتنظيرات عبد الله عزام فيما عرف بمرحلة الجهاد الأفغاني،أو الأفغان العرب، أو تنظيرات السلفيين الأردنيين. ولم يكن هناك أي تأثير للخطاب السلفي الجهادي لدى السلفيين العراقيين، وإن كان البعض يشير إلى تأثر فردي لبعض السلفيين العراقيين بالهجرة والتكفير، ولكن هذا التأثر الفردي ظل محدودا، لم يتحول إلى ظاهرة أو حركة واضحة المعالم. وعلى الرغم من ذهاب عدد محدود جدا من السلفيين العراقيين إلى أفغانستان عام 1990، إلا أن هذه الزيارة لم تحدث أي تحول في موقف السلفيين العراقيين عموما من رفض العنف، خاصة وأن شيوخ السلفية العلمية/الدعوية ذوي التأثير الكبير كانوا شديدي المعارضة للعنف.ولم يتغير هذا الوضع بعد العام 1991، عندما حققت السلفية، بنموذجها الوهابي، حضورا واضحا، وإن لم تتحول إلى ظاهرة مجتمعية.
يمكن القول إن النموذج الأول الذي نقل تجربة جماعات الجهاد الإسلامي، وتجربة السلفية الجهادية، إلى العراق، هو تنظيم أنصار الإسلام في كردستان العراق، وقد أعلن عن تشكيله في كانون الأول/ديسمبر2001، أي قبيل الاحتلال.
بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، نشأت بعض الجماعات السلفية المحلية التي شكلت تنظيمات مسلحة، مثل جيش المجاهدين والجيش الإسلامي وأنصار الإسلام ـ الهيئة الشرعية، التي ظلت محافظة على بعض سمات السلفية العراقية التقليدية، وبقيت بعيدة عن تأثيرات السلفية الجهادية الوافدة التي هيمنت على المشهد، منها جماعة «التوحيد والجهاد في بلاد الرافدين»، التي تحول اسمها لاحقا إلى «تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين» بعد إعلان ولائها للتنظيم. وقد شكل التنظيم الأخير مع جماعات جهادية محلية صغيرة في 2006 ما أطلق عليه «مجلس شورى المجاهدين في العراق». وكان من أهم الخطوات التنظيمية التي تبعت هذا الإعلان، إعلان تشكيل ما أطلق عليه «حِلف المطيبين» في حزيران من العام نفسه، وكانت الخطوة الأخيرة في هذا المسار إعلان مجلس شورى المجاهدين عن قيام «دولة العراق الإسلامية» في 15/10/2006، الذي كان النواة لإعلان الدولة الإسلامية في العراق والشام، ثم دولة الخلافة.
وكما هو واضح من خلال هذا السرد السريع لتاريخ الحركة السلفية في العراق، بشقيها الدعوى والجهادي، أن الانتشار الظاهري غير المسبوق للسلفية الجهادية بعد 2003 لا يمكن تفسيره بعيدا عن طبيعة الصراع في العراق، ومن ثم لا بد من التمييز بين التنظيمات السلفية التي قامت في العراق بعد الاحتلال بوصفها منظمات إيديولوجية في سياق تحولات السلفية الجهادية في المنطقة ككل، وبين هذه التنظيمات، وتحديدا ظاهرة داعش، كظاهرة اجتماعية/ سياسية نتيجة فشل بناء الدولة، وتحولات الصراع الطائفي فيها.
إن ظاهرة داعش/ دولة الخلافة، ما كان لها أن تحدث لولا التحلل الذي أصاب بنية الدولة العراقية، حيث استفاد هذا التنظيم بشكل مباشر من عدد غير قليل من العسكريين، ضباطا ومراتب، بعد انتقالهم للعمل ضمن هذه التنظيمات من جهة، والإفادة بشكل غير مباشر ايضا من ظاهرة عسكرة المجتمع العراقي على مدى عقود من الزمن. ومن ثم لا بد من التمييز بين النواة الإيديولوجية لهذه التنظيمات، وبين الغالبية العظمى من الأعضاء الجدد في هذه التنظيمات الذين لا يمكن وصفهم بالأيديولوجيين الحقيقيين! والذين أرادوا استخدام الإسلام السني او التنظيمات السلفية أداة سياسية لها القدرة على التحشيد بعيدا عن البعد العقائدي/ الايديولوجي الذي تمثله النواة الايديولوجية لداعش.
كانت ظاهرة داعش نتيجة مباشرة لاختلالات النظام السياسي الذي أنتج في العراق بعد عام 2003، هذا النظام الذي بني على أساس فكرة وجود منتصرين ومهزومين، ومثّل «السنة العرب» هذا الطرف المهزوم الذي يجب معاقبته بسبب تماهيه مع «الدولة المنهارة»! وقد تحول هذا الصراع إلى واقع بسبب السياسات الأمريكية المتعلقة بالاجتثاث والغاء الجيش العراقي من جهة، والتعاطي مع العرب السنة بوصفهم «أقلية» كانت تحكم باسم البعث من جهة أخرى، فضلا عن السياسات التمييزية اللاحقة التي اتبعتها الحكومات المتتالية المهيمن عليها شيعيا. وكانت النتيجة أن المهزومين ظلوا ينظرون إلى السلطة القائمة بأنها تمثل في النهاية غلبة «رؤية» ذات «هوية» محددة، وليس بوصفها «سلطة» ذات مشروعية معترفا بها من الجميع، وممثلة للجميع.
إن مراجعة سريعة للمحطات الأساسية في بناء النظام السياسي، وبناء مؤسسات الدولة، يكشف عن قطيعة سنية كاملة مع ما تم من العملية السياسية، أو معارضتها في أفضل الاحوال، كما حصل في الاستفتاء على الدستور العراقي الذي رفضته الغالبية العظمى من الجمهور السني.
ومن ثم لم تكن ظاهرة داعش/ دولة الخلافة سوى نتيجة للمشكلة السنية في العراق، وهذا يعني أننا بإزاء ازمة سياسية، ولسنا امام ازمة أمنية تتعلق بتنظيم سلفي جهادي متطرف. ولا يمكن مع وجود هذه الازمة الجوهرية في العراق القضاء على ظاهرة داعش أو القضاء على التطرف بشكل عام.

٭ كاتب عراقي

ظاهرة داعش والمشكلة السنية

يحيى الكبيسي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    التطرف بالعراق سببه الإحتلال الأمريكي
    فالتطرف الشيعي دخل العراق من إيران من خلال الأحزاب العراقية الشيعية وأبناء المسفرين من العراق لتسليم العراق لإيران
    والتطرف السني قدم من أفغانستان عن طريق إيران وكذلك عن طريق سوريا بمعرفة النظام لتوريط الأمريكان بالعراق
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول مراقب.المانيا:

    باختصار شديد. مهما كانت الأسباب والتبريرات.الجميع اقتنع أن داعش لا تمثل الاسلام او بالأحرى تشوهه.وهي مشبوهة .عدا على أنها كانت وبالا خاصة على ألسنة .والجميع لم يقتنع ولا يعلم لماذا الدول العربية وتركيا لم تحارب هذا التنظيم.كفانا الله وكفاكم من شره.

  3. يقول S.S.Abdullah:

    العنوان مستفز حقيقة، ولكن التحليل فيه كثير من الوجاهة، وأضيف لكي نفهم الموضوع بشكل أفضل، أظن يجب أن نرجع إلى تاريخ 8/8/1988، فهناك فرق شاسع بين حكمة الملك حسين وياسر عرفات في عام 1990 وبين خزعبلات حكامنا بعد 11/9/2001 في دعم جنون جورج بوش الابن من أجل استرجاع هيبة أمريكا التي تم تمريغها في التراب، والذي رفض صدام حسين والملا عمر الاشتراك في هذا الجنون الذي اسمه الحرب على الإرهاب، والذي أدى إلى افلاس وانهيار حتى نظام الديون الربوي بين المصارف والبنوك عام 2008، ما بين دجلة والنيل كان مهبط الوحي لليهودية والمسيحية والإسلام، فهل هناك معنى آخر للتعددية؟ يا أيها المثقف والسياسي والرهبان للنظام البيروقراطي لدولة الحداثة فهل هناك جهل وجهالة أكثر من ذلك عندما تظن أننا ضد التعدّدية؟ وأصلا دين الإسلام هو الوحيد الذي سمح بتعدّد الزوجات ولا يزيد عن أربع زوجات، مقارنة ببقية فلسفة أي انسان على وجه الكرة الأرضية؟! وبما أن وادي الرافدين كان مهد الحضارات الإنسانية بسبب مفهوم تدوين اللغات، ومن هذه الزاوية أفهم تدوين لغة الحذاء على ممثلي المال السياسي الفاسد، ممثلا في جورج بوش ونوري المالكي وفي بث حي مباشر على أهم وأحدث تقنيات العولمة؟!

    فما وفرته العولمة وأدواتها التقنية من فرصة لدراسة كل شيء، وأهم من كل شيء، كيف كنّا نفهم ما يمر علينا، وهل له علاقة بما موجود على السطر أم لا؟ فمثلا قول (أسوء العقول، هي من تحوّل الاختلاف إلى خلاف) تبين لي هذه هي بالضبط مشكلة الفلسفة والتأويل بلا أسس لغوية أو معجمية تحت عنوان الحداثة في الإبداع، في النظام البيروقراطي لدولة الحداثة أو ثقافة الـ أنا، التي ترفض الاعتراف بوجود أحد غير الـ أنا، وأبسط دليل عملي على ذلك من حياتنا اليومية ما حصل في مصر بعد 3/7/2013 أو ما حصل في العراق بعد 9/4/2003 ولذلك تجد العراق ومصر الآن متجهة نحو الإفلاس إن لم يكن الانهيار كما حصل في الاتحاد السوفيتي عام 1991، الاقتصاد هو عماد أي دولة/شركة/أسرة، فعندما يكن جزء من هم أصحاب السلطة، في تشويه سمعة الـ آخر بدل محاولة الاستفادة من الاختلاف بالتكامل لزيادة دخل الدولة من خلال تعدّد مصادر الدخل، ستهدر موارد الدولة الكبيرة كما هو حال العراق على الكراهية، فكيف سيكون الحال إذن مع موارد مصر؟ والسؤال الآن هل ستخاطر دول مجلس التعاون الخليجي بإفلاس دولها لحساب جنون وفساد من يحكم مصر والعراق

  4. يقول مهند العراق:

    القطيعة السنية الكاملة هي سبب البلاء ياسيدي ! لو اقتنع الاخوة السنة من البداية او بعد2003 ، او وجدوا من يقنعهم ان الزمان قد تغير وان الامور لا يمكن ان ترجع للوراء وتعايشوا مع هذا الواقع ،لما وصلنا لما نحن فيه الان ! ففي بلد مثل العراق لا يوجد احد احق بالحكم وبالتالي السيطرة على الثروة ومقدرات البلد من غيره من الشركاء في البلد ! فالمشاركة في كل شيء هي الاساس ، هكذا يشعر الجميع انهم مواطنون من الدرجة الاولى لهذا البلد لا فضل لاحد على غيره !
    اما مواصلة الاوهام بالحق التاريخي في الحكم والتمني والتغني باليوم الذي سنعود فبه للحكم وماذا سنفعل ونسوي ،فهو وصفة للخراب والهلاك والدمار ! قل للزمان ارجع يا زمان كما قالت ام كلثوم !!!

  5. يقول سلام عادل:

    ان كل هذا السرد التاريخي للحركات الاسلامية هو صحيح بشكل عام مع العلم ان المرجع الشيعي محسن الحكيم تم توسيطة لقبول الحكومة انذاك بالسماح لاخوان العراق بتشكيل حزب ولكن مع ذلك لم يكن لهذه الحركات الاسلامية اي تاثير داخل حواضنها السنية وذلك لان ابناء السنة كانوا هم المسيطرين على كل دوائر الدولة واجهزتها منذ نشوء الدولة العراقية الحديثة( العهد الملكي)لان اغلب المراجع الشيعية لم تقبل مشاركة الشيعة في الحكومة في ذلك العهد باعتبار الانكليز هم الاوصياء على الدولة العراقية.يتبع

  6. يقول سلام عادل:

    وبسبب العشائرية والمناطقية التي هي ظاهرة معروفة في المجتمع العراقي فاستطاع ابناء تكريت بصورة عامة السيطرة على الجيش وذلك بنصيحة من السيلسي العراقي مولود مخلص لابناء منطقته اما الاجهزة المدنية ودوائر الدولة الاخرى فكانت بصورة عامة من حصة ابناء الرمادي وقسم من عشائر ديالى.وبعد ثورة 1958 استطاع الزعيم عبد الكريم قاسم من بناء العراق بشكل جديد فازداد عدد المدارس في المناطق المختلفة من العراق ودخل ابناء الفقراء المدارس وتدرجوا بعد ذلك ليمارسوا مهامهم في الدولة.ولكن ذلك لم يمنع القوى الاخرى من اجهاض المشروع وعلى راسهم المرجعية الشيعية في النجف والقوى القومية العربية فعادت الامور كما كانت في السابق.ولكن بعد 1968 استطاع البعث مع مشاركة الشيوعيين وقسم من الاكراد العودة لبناء دولة غير طائفية ولا عشائرية ولكن الامور لم تدم طويلا فاستطاع صدام حسين السيطرة على كل الامور بعدعام1979 ورجعنا القهقرى.

  7. يقول سلام عادل:

    بعد سيطرة صدام على الدولة اعاد العشائرية بصورة قوية لكي يبرر تقريبه لابناء عمومته.فلذلك طغيان العشائرية والمناطقية في الدولة العراقية افسد الامور على الاحزاب الاسلامية ولم يكن لها قواعد شعبية تذكر في العراق.ماذا حدث بعد 2003 لقد كان ابناء المناطق السنية يمثلون اكثر من 60% من المدراء العامون والدرجات الوظيفية العليا في الدولة بالاضافة الى المناصب العسكرية واجهزة المخابرات والامن(وزارة التعليم العالي كانت تسمى تهكما وزارة التعليم العاني نسبة الى مدينة عانه كون اغلب المدراء والمسؤولين في الوزارة من هذه المدينة)لقد تم حل الجيش العراقي من قبل بريمر واصبح كل ابناء تلك المناطق من العسكريين بلا عمل وراتب تقاعدي اما دوائر الدولة الاخرى فقد قسمت بين ابناء احزاب السلطة بحسب المححاصصة المقيتة وهنا فقد كثير من ابناء تلك المناطق مراكزهم العليا التي كانت تدر عليهم مبالغ اخرى.وبالتالي وبسبب سوء ادارة الدولة بسبب المححاصصة اتجه الكثير من ابناءهم وكذلك ضباط الجيش والمخابرات الى التنظيمات الاسلامية لكونها هي الموجودة في الساحة بالاضافة الى التحريض الطائفي

  8. يقول عامر:

    بسقوط صدام حسين اصبح كل شيء ممكن و سياسة اوباما هي التي اخرجت بريطانيا من الاتحاد الاوروبي و تناسل العنف و العنف المضاد في كل العالم و العرب عليهم ان يعلموا و قد علموا فعلا ان ظهرهم مكشوف امام من لا يحفظ لهم عهدا….و التحالف الكردي الامريكي واحد من ثمار مخاض الشرق الاوسط الجديد و الفوضى الخلاقة انتقلت الى قلب اوربا و لسنا حقيقة ندري من يصنع التاريخ هل يواصل سيره لتحقيق الفكرة المطلقة ام اننا نشهد نهايته كما يرى التوسير لقد خلق الانسان ليعيش و على عقلاء و حكماء العالم ان يقفوا وقفة رجل واحد لان الدم اغلى من البترول و العرب شعب لا يهاب الموت و لا يقر الضيم مهما طال الزمن

إشترك في قائمتنا البريدية