باريس – «القدس العربي»: أحدث شريط فيديو انتشر بكثافة على مواقع التواصل الإجتماعي موجة تعليقات غير مسبوقة، حول ظاهرة المغني السوري العالمي عمر سليمان. ففي الشريط الذي يظهر فيه سليمان، في استديو التلفزيون الهولندي، وهو يؤدي إحدى أغنياته الشعبية، ترحيب مبالغ فيه لـ «أسطورة» رسخت في الإعلام وبين الأوساط الفنية العالمية، كنوع من الـ»إيكزوتيك» العربي و«الاندرغراوند» الشعبي الذي يتم استعادته بين أوساط الـ»هيبسترز» العرب وجيل الشباب الغربي أيضاً.
وتتصاعد موجة التعليقات بين مؤيد لسليمان وبين من يذمه، فقط لكونه مؤدي أغاني، يصفها هؤلاء بـ»الهابطة»، وهي أحكام يقدّر أنها تأتي من «نخبة» مثقفة، لا يعنيها من الفن إلا ذاك الذي يراعي معايير ما. فسليمان، لا يتقيد بنوع طربي ما. بل هو مغن متمرس في حفلات الأعراس والإحتفالات الشعبية، وبات من أشهر الفنانين الشعبيين في العالم.
يتسابق الجميع على حجز بطاقات حفلاته المتنقلة في أوروبا والأمريكيتين، يسمي نفسه الـ «قيصر» (يكتبها عادة الكيصر)، يحاول تقديم نفسه على أنه فنان شعبي، ومؤد في الحفلات، وعلى الرغم من شهرته فهو يتعاطى مع جمهوره بروح النكتة الساخرة والمرحة. ورغم مبالغته في تقطيب حاجبيه وتخفيه وراء نظاراته السوداء، إلا أنه يتعامل ببساطة ممكنة مع مريديه، الذين نشروا الفيديو مذيلاً بعبارات المدح أو بمقاطع من أغانيه وهم يصفونه بـ»أسطورة» الفن السوري الشعبي.
تحوّل سليمان في ليلة وضحاها إلى ظاهرة، لا سيما بعد تخصيص فقرة له ضمن برنامج احتفالات «جائزة نوبل» في النرويج في العام 2013. من بعدها زادت شهرة الرجل صاحب الزي البدوي، والسبحة المتدلاة من يده. فصار نجماً في أوروبا، وازدادت حفلاته الراقصة التي أمست تغري الشباب الأوروبي، المتعطش لهذا النوع الجديد عليه.
يعتبر البعض من مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي أن ظاهرة سليمان «مؤقتة»، وأنها «تشوه صورة الفن السوري»، وهي لن تكون يوماً «نموذجاً» عن هذا الفن، لا سيما أن بعضهم يؤكد أن خلفية سليمان، (كونه مغنيا في مرابع ليلية)، لن تجعل منه فناناً.
لكن أيضاً يعترض كثر على اعتباره أنه يقدم فناً «رديئاً»، لا سيما أن هذا الفن لا يمتثل لذائقة أو معيار ما نخبوي، بل هو فن يقدم نفسه للجمهور بهذه العفوية وبلغة بدوية بسيطة ومرحة، وألحانها خفيفة. وهو ما مكن سليمان، من تسجيل أغنية «كريستالين»، مع المغنية العالمية بيورك في ألبومها «بيوفيليا». وهي سابقة لأول عربي يتعامل مع الفنانة العالمية التي تقدم أنواعاً مختلفة في الموسيقى التجريبية.
وكتب أحدهم على «فيسبوك» أن «سليمان يقدم فناً هابطاً»، وأن ازدياد استخدامه في مواقع التواصل، ونشر فيديوهاته يساهمان في نجوميته، فهو بـ»النهاية لن يكون ابداً ممثلاً للتراث السوري الزاخر بالأسماء والأعمال الجميلة».
لكن سليمان، الذي احتفت به أيضاً هيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي»، وأجرت معه مقابلة حصدت له آلاف المشاهدات على «يوتيوب»، ما زال يعمل بجد في إبراز صوته كواحد من الفنانين السوريين الشعبيين، الذين يريدون إحياء هذا التراث واخراجه إلى العالمية بعد أن كان فقط متداولا وسط أبناء الريف أو داخل باصات النقل العام في سوريا. فهو يقول في إحدى مقابلاته، إن الفن يملكه الناس، وهو يمثلهم. وبالفعل، صار «فانز» المغني إبن قرية «رأس العين»، يتهافتون على ملاحقته على مواقع التواصل، وانشأت صفحات كثيرة على «فيسبوك» باسمه، و«انستغرام»، ولكن تبقى الأشهر تلك التي يديرها ابنه ماهر، وهي الناطقة الرسمية بشكل أو بآخر باسم سليمان (اسم الصفحة «ولدي ماهر»).
صهيب أيوب