غزة – «القدس العربي»: رفضت عائلة جندي إسرائيلي أعلنت كتائب القيام الجناح العسكري لحركة حماس، عن أسره في الحرب الأخيرة على غزة صيف عام 2014، التسليم برواية الجيش الإسرائيلي، بأنه قتل قبل وقوعه بالأسر، في الوقت الذي أوعز فيه وزير الجيش موشيه يعلون بفتح تحقيق بشأن احتمال حصول منظمة «كسر الصمت» اليسارية على معلومات سرية من جنود مسرحين عن فترة أدائهم الخدمة العسكرية.
جاء ذلك بعد رفض عائلة الرقيب أول في جيش الاحتلال الأسير أورون شاؤول، عن حضور المراسم السنوية لإحياء ذكرى قتلى الجيش الذين لا يعرف مكان دفنهم . وترفض العائلة ما أعلنه الجيش سابقا، بأن نجلها قتل في المعركة، وتطالب باعتباره «أسير حرب» أي أنه لا زال على قيد الحياة. وحمل أفراد عائلة الجندي القيادتين السياسية والعسكرية في تل أبيب المسؤولية عن إعادة ابنها.
يشار إلى أن هذا الاحتفال السنوي لإحياء ذكرى قتلى الجيش الذين لا يعرف مكان دفنهم، أقيم أول من أمس الخميس في إسرائيل.
وأعلنت كتائب القسام خلال الحرب عن أسر شاؤول، خلال معركة وقعت مع القوات الإسرائيلية المتوغلة شرق حي الشجاعية في مدينة غزة. ولم تقدم حماس أي معلومات حول مصير هذا الجندي الأسير، إن كان حيا أو ميتا.
وعقب عملية الأسر هذه قامت قوات الاحتلال بضرب ذلك الحي بقوة، فقصفت مئات المنازل وأوقعت عشرات الشهداء ومئات الجرحى في ساعات قليلة فقط.
وخلال الحرب أعلنت إسرائيل أيضا عن فقدان الضابط هدار غولدن خلال اشتباك مسلح على الحدود الشرقية لمدينة رفح جنوب القطاع، لكن القسام لم تعلن مسؤوليتها حتى اللحظة عن أسره. ولم تبدأ بعد عملية التفاوض حول إبرام صفقة تبادل أسرى جديدة بين حماس وإسرائيل لإنهاء هذا الملف.
وكانت حماس قد أبرمت صفقة في عام 2011، أطلقت بموجبها سراح 1027 أسيرا، مقابل إخلاءها سبيل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي أسرته لمدة ست سنوات.
ووجهت في وقت سابق انتقادات من عائلة الجندي شاؤول ، وكذلك من عائلة مواطن إسرائيلي آخر من أصل أثيوبي أصبح بقبضة حركة حماس بعد دخوله قطاع غزة، إلى الحكومة الإسرائيلية والجيش، واتهموهما بالتقاعس عن اطلاق سراح ابنائهم أبناءهم، إلى جانب إخفاء المعلومات عن مصيرهم.
ونجحت القسام في إخفاء الجندي شاؤول، الذي أعلن خطفه دون الحديث عن مصيره، وتطلب قبل فتح ملف التفاوض إطلاق سراح الأسرى الذين أطلق سراحهم في صفقة شاليط، وأعادت إسرائيل اعتقالهم.
وفي سياق متصل، أوعز وزير الجيش يعلون يوم أمس إلى الجهات المختصة في الجيش بفتح تحقيق بشأن احتمال حصول منظمة «كسر الصمت» اليسارية على معلومات سرية من جنود مسرحين عن فترة أدائهم الخدمة العسكرية. وجاءت أوامره بعد نشر القناة التلفزيونية الثانية قبل ساعات من قراره، تقريرا يظهر أن هذه المنظمة تقوم على ما يبدو بجمع «معلومات سرية وإستخبارية» حول نشاطات الجيش الإسرائيلي.
وسبق إعلان فنح التحقيق بقليل أن اتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هذه المنظمة بـ «تجاوز الخط الأحمر»، وقال إن الجهات الأمنية تحقق في التهم المنسوبة لهذه المنظمة.
وطرح التقرير الذي بثته القناة التلفزيونية الثانية تساؤلات حول تجاوز المنظمة لأهدافها المعلنة، من خلال أخذ إفادات جنود حول انتهاكات مفترضة لحقوق الفلسطينيين في المناطق. وردت المديرة العامة لهذه المنظمة بالقول حسب الإذاعة الإسرائيلية أن المنظمة «لا تجمع معلومات مصنّفة سرية وأنها على اتصال دائم مع الرقابة العسكرية».
وقال الوزير زئيف إلكين في تعليقه هو الآخر على التقرير إنه مذهول من معطياته التي تثير «شبهات قوية بشان قيام المنظمة بنقل معلومات عسكرية سرية إلى جهات أجنبية بما فيها فلسطينية». ورأى انه يتعين على جهاز «الشاباك» والشرطة العسكرية الشروع في تحقيق فوري بشأن إمكانية التجسس ضد الجيش من خلال منظمة «كسر الصمت».
ونقل عن النائب يئير لبيد رئيس حزب «هناك مستقبل» غير المشترك في الائتلاف الحكومي قوله إن هذه المنظمة «مقيتة وتسعى إلى التآمر على دولة إسرائيل وتقويضها». وأضاف أن «توجيه الانتقاد إلى الجيش داخل الدولة أمر مشروع، غير أن منظمة كسر الصمت تعمل على تشويه سمعة إسرائيل في الخارج وتلحق بها أضرارا فادحة».
وتنشط هذه المنظمة منذ عام 2004، وأـسسها مجموعة من الجنود المسرحين من الجيش الإسرائيلي، الذين قضوا خدمتهم العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتوثق من خلال إفادات مئات الجنود حجم الانحطاط الأخلاقي للجيش، والجرائم التي يرتكبها هو والمستوطنون بحق الشعب الفلسطيني.
ويأتي فتح الملف من قبل إسرائيل في هذا التوقيت على الأرجح لوقف نشاطات هذه المنظمة، وعدم فضح الجنود الإسرائيليين الذين ينفذون عمليات إعدام ميدانية شبه يومية في المناطق الفلسطينية. وسبق أن نقلت المنظمة إفادة عن أحد الجنود المسرحين قال فيها «باسم فزاعة الأمن والدفاع عن إسرائيل، يسمح لك كجندي أن تنفذ كل ما يخطر ببالك لتحول حياة الفلسطيني إلى جحيم تسلبه كرامته واحترامه ويعيش مسلسلا يوميا من الذل والإهانة والتضييق».
وكانت المنظمة أقامت قبل سنوات في مدينة استوكهولم معرض صور، روى جانبا من معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال، من خلال مشاهدات وروايات جنود إسرائيليين.
وتعرضت المنظمة بسبب نشاطاتها إلى هجوم من منظمات أخرى يمينية، اتهمت رئيسها بأنه «مزروع» من قبل الاتحاد الأوروبي، واتهمته بأنه «يضر بإسرائيل ويدافع عن الأعمال الإرهابية».
غير أنه رغم ذلك قوبلت حملات هذه المنظمة «كسر الصمت» بتأييد من رئيس «الشاباك» السابق يوفال ديسكين، الذي قال إنه قرأ كل ما كتبته المنظمة، مشددا على أنه لا يحب هذه المنظمة ونشاطاتها خارج إسرائيل.
من أشرف الهور