عادت صورة الرئيس الآمر الناهي إلى الواجهة مجددا

حجم الخط
3

 

القاهرة ـ «القدس العربي» لم تكتف غزة المتعبة ابد الدهر بإحراجنا نحن الجماهير المغيبة امام اطفالنا ونسائنا، كما لم تحرج المقاومة التي اغلب افرادها من الهواة فقط الجيوش العربية المنتشرة على الخريطة بدون جدول اعمال لأي منها سوى استهلاك اطنان السلع الغذائية مع كل طلعة شمس، لكن غزة الجميلة حتى في لحظات تفجيرها وهدم بيوتها جلبت لنا نحن الجماهير فائضاً من المشاعر عصيا على الاستهلاك.. كم سنة انشغلنا بمعاركنا الصغيرة والتافهة، حتى جاءت غزة فأعادت لنا وعينا الانساني ولفتت انظارنا إلى أننا خير أمة اخرجت للناس.
قيمة المعجزة التي تصنعها المقاومة الفلسطينية في الوقت الراهن هي انها حالت بيننا كشعوب وبين الصعود للرفيق الاعلى دفعة واحدة.. احالت بيننا وبين ان نتحول من طور البشر لطور الزواحف الطائرة..اخذنا الغزاويون من معاركنا الصغيرة واعادونا إلى ما يليق بنا، حيث الجهاد في سبيل الله وكسر أنف جيش الاحتلال الاسرائيلي اسمى أمانينا.. لكن الصحف المصرية تأبى ان تتركنا نعيش الفرح ولو لمرة واحدة، تأبى ان تتركنا نشعر باننا انجبنا رجالا وان ما يجري في عروقنا دم وان العزة لم تنتحرعلى الخريطة العربية بعد.. وأنه لا شيء مستحيل.
وأن تحرير المسجد الأقصى بات اقرب إلينا من حبل الوريد طالما في الجسد الفلسطيني روح تنبض.. وكأن كثيرا من الاعلاميين المصريين المنتشرين في كثير من الفضائيات والصحف يتقاضون رواتبهم بالشيكل، فلا زالوا حريصين على ان يكونوا لصوص الفرح، كتاب حريصون على ان يعيدوننا لعصر ملوك الطوائف وزمن الفتنة لا يجيدون سوى النفخ في النار كلما خفتت، لكن يأبى الله إلا ان يتم نوره. في صحف امس الاربعاء 23 يوليو/تموز كثرت المعارك الصحافية رغم اننا قاب قوسين او ادنى من عيد الفطر، ونعيش اجواء ليلة القدر، لكن ليالي دامية ومعارك ساخنة لازالت تشنها تلك الصحف، الكثير منها ضد غزة وبعضها ضد الاخوان ومن والاهم، والبعض الآخر معارك شخصية.. وعلى منوالها القديم نفسه في زمن المخلوع مبارك عادت الصحف المصرية لتداول جميع عملات النفاق القديمة عند الحديث عن كل ما له علاقة بالرئيس، وكما كانت تلك الصحف تحرص على اختيار صور للرئيس عند استقباله المسؤولين الاجانب وكأنه في موقف القائد الملهم او الآمر الناهي لضيفه، من خلال نشر صور للرئيس وهو يشير بيده لضيوفه وكأنه يعلمهم او يأمرهم، كما كان الوضع في زمن مبارك ومن قبله السادات اختارت «الاهرام» امس صورة يبدو خلالها وزير الخارجية الامريكي وهو شديد الانحناء امام الرئيس السيسي وكأنه جاء لطلب زكاة عيد الفطر وإلى التفاصيل..

لا بديل عن قتل الإرهابيين

لا حديث في الصحف يعلو على الحديث عن مذبحة الفرافرة التي أودت بحياة 24 جندياً، وهو ما دفع الكثير من الكتاب لرفع راية القصاص، ومن بين هؤلاء احمد موسى في «الاهرام»: «القتل هو السبيل الوحيد للقصاص للشهداء.. وليس أمام الدولة سوى هذه الوسيلة الناجزة، ليعلم أي مجرم أنه سيلقى نفس الجزاء وبالطريقة نفسها التي استخدمها في الاغتيال.. فمسألة القبض والتحقيق لا تفيد أسر الشهداء.. لأنهم ينتظرون سنوات طويلة وهم يتعذبون حتى تأتي لهم حقوقهم.. والدول الكبرى تلجأ لهذه الوسائل ومنها أمريكا التي قتلت اسامة بن لادن بعد القبض عليه واستجوابه.. لكنها تخلصت منه وألقت جثته في البحر.. والفيديو الذي أذيع في ذلك الوقت تمت دبلجته لإظهار حدوث مقاومة منه». يضيف موسى:»لا تجدي الطبطبة مع تنظيمات لا تعرف الدين ولا الآخرة.. بل الكرسي لديهم أهم.. هؤلاء لا تردعهم سوى لغة القوة لأنهم بغوا في الأرض فسادا وجزاؤهم القتل في الدنيا.. وما جرى في التسعينيات من نجاح الشرطة المصرية في مواجهاتها مع شبكات القتل والتخريب من خلال منظومة الضرب في سويداء القلب.. وكل من شارك في أعمال قتل في تقديرى أنه تمت تصفيته في المواجهات عدا القليل منهم».

المطلوب توريط الجيش المصري في المستنقع الليبي

لكن ماذا يريد الارهابيون من وراء استهدافهم للجنود المصريين.. عماد اديب عنده تفسير مختلف يطرحه في «الوطن»: «مصادر الإرهاب الرئيسية تأتي من الصحراء الليبية التي أدخلت 15 مليون قطعة سلاح من مخازن سلاح القذافي، ومصادر الإرهاب تأتي عبر البحر من السودان التي يتم بها تجهيز مراكب السلاح والذخيرة، ومصادر الإرهاب تأتي عبر الأنفاق من غزة، حيث يتم تهريب السلاح والذخيرة والقتلة المدربين. الخطة أو المؤامرة هي جر جيش مصر إلى القتال خارج حدوده الدولية في صحراء ليبيا، وعلى حدود رفح، وفي البحر الأحمر قبالة السواحل الدولية للسودان.. حينما يتم استدراج جيش مصر إلى معارك برية في أراضٍ غريبة عنه، وفي أرض قتال لم يعتد عليها، ومع خطوط إمداد وتموين طويلة وممتدة ومرهقة يكون جيش مصر قد ابتلع الطعم». ويرى الكاتب ان «من يقفون وراء تلك العمليات يهدفون الى أن يدخل جيش مصر حرب يمن أخرى لتكلف خزانته العزيز والغالي بشكل يستنزف كل مشروعات الإصلاح الاقتصادي الذي حلمت به جماهير شعب مصر الصبور». يضيف «يحدث ذلك في وقت تشترط فيه حماس ألا يتم قبول مبادرة التهدئة المصرية، وتطالب قطر بعمل ميناء دولي في غزة، للحد من أهمية الدور المصري في فتح وغلق المعابر». ويرى اديب ان «ما يحدث هذه الأيام هو مهزلة بامتياز تديرها قوى شريرة، فقدت عقلها ومصداقيتها. تسعى إلى إضعاف الدور المصري عبر توريط جيشه في حرب بيزنطية تستنزف الأرواح والموارد والطاقات:. ويطالب الكاتب اصحاب الحناجر الملتهبة في مصر التي تنادي بالدور القومي العربي للقاهرة أن تفكر بعمق كي تتفهم الفارق الجوهري بين «دعم الشقيق» أو ابتلاع طعم المؤامرة».

الشرطة المصرية تسير على خطى داعش

وبما اننا بصدد الحديث عن داعش فلا ينبغي لنا ان نهمل ما كتبه وائل عبد الفتاح في هذا المقام في جريدة «التحرير»: «كأنهم شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. هاجمت غارات من الشرطة المصرية مقاهي المفطرين في رمضان. وقالوا طبعا: هذه جنحة. لم يكشفوا أنها من مهام انكشارية الدولة تستخدمها حين تريد أن تقول إنها متدينة. وستجد ساعتها في القانون المصري ما يجعلها تشبه «داعش» وتفتش في عقائد الآخرين يبقى لهم فقط أن تقتلهم. في قوانين الدولة المصرية خردوات من ألف صنف وصنف.. حكم ديني وعلماني وعسكري وملكي وجمهوري. كلما أردت قانونا انزل السرداب وانفض الغبار وضع قليلا من الماء لينشط ويعمل بشكل طبيعي، كأنه لم يكن سجين السراديب أو يتناقض مع الهويات المعلنة للحداثة. وهذه ليست عادات مستحدثة مع السيسي، لكنها كانت تتم بروتينية مملة أيام مبارك». ويدهش الكاتب ان «السيسى يجسد كل تاريخ الحكم في الدولة الحديثة. جامعة التناقضات والأزمان، المقيمة في زمن وحدها، المستقرة مع شيزوفرينيا عمومية لا تتيح طويلا استخدام العقل أو التأمل أو التفكير بعيدًا عن هستيريا الأجنة التي تموت في الأرحام، بسبب داء السلطوية البنيوي. هجمة المطوعين الرسميين لم تأت مع السيسي، لكنها فرقة تؤدي نمرتها في استعراض يثبت تدين الدولة. هي مضاعفات جرح سري من جروح الدولة المصرية. شعور بالذنب مقيم منذ أن هوت الخلافة العثمانية ودخلت مصر مرحلة الدولة الحديثة، من دون شرعية اجتماعية، ولكن بموديل ارتبط مع الاستعمار. وهذه لعنة جعلتنا نستمتع بمنتجات الحداثة ونلعنها. نفخر بأننا أصحاب أول سكك حديدية، لكنه فخر مرتبط بالتدمير والإنكار والشعور بالدونية تجاه ما نعيش فيه. الحكام يستمدون وجودهم من العلاقة مع الغرب، لكنهم وبدرجات تلعب الخلافة بأحلامهم. أرادوها عندما اعتلوا الكراسي أن تكون عروشًا ذات نزعة إمبراطورية وأبهة تاريخية باسم الدين».

لأن تركيا رقصت على السلم
أردوغان يتآمر على مصر

وإلى «الاهرام» حيث الازمة بين مصر وتركيا تشغل بال فاروق جويدة الذي يرى ان الاحلام التركية في المنطقة تبددت للابد بعد ان زال حكم الاخوان على حد رأيه: «كان قادة فلسطين يدركون عن إيمان ويقين ان مصر هي القلعة الحصينة التي وقفت دائما تحمي الشعب الفلسطيني، وتغيرت الأيام والبشر وعشنا حتى وجدنا من يحمل السلاح ضد اخيه، فهذا من فتح وهذا من حماس.. ووجدنا من يشكك في دور مصر ويستعين بأباطرة تركيا التي باعت العرب عشرات السنين للاستعمار الغربي وقسمت بلدانه بما فيها فلسطين.. ووجدنا من يتصور ان مصر يمكن ان تتخلى عن الشعب الفلسطيني وهي التي قدمت عشرات الالاف من الشهداء فداء للقضية الفلسطينية..». ويتابع جويده اسفه على تغير الايام:»لأن الزمان اختلت فيه الموازين واقدار الشعوب وجدنا السيد اردوغان يهاجم مصر بضراوة، لأن مصر استطاعت ان تسقط مؤامرة كبرى ضد مصالحها ومستقبل شعبها..». ويصعد الكاتب ضد تركيا: «هاجم اردوغان الرئيس السيسي لأنه كشف للعالم مؤامرة اردوغان للسيطرة على حقول البترول، حتى لو كان شريكا مع امريكا وإسرائيل.. هذا المستنقع السياسي الذي كشف جميع الوجوه التي نراها الآن في مؤامرة خسيسة لتقسيم العالم العربي الذي لم ينس ما فعلته الدولة العثمانية في الشعوب العربية احتلالا ونهبا وتقسيما.. ان تركيا لم تجد لها مستقبلا مع الغرب الذي طردها من كل محافله.. ولم تجد لها نصيبا مع الروس، ورقصت على الحبال ما بين دولة إسلامية ترفع راية الإسلام وانتماء اوروبي جعلها بعيدة تماما عن الإسلام والمسلمين.. هذه النماذج الرديئة في دنيا السياسة تؤكد ان مصر قد كشفت كل هذه الكوارث في الوقت المناسب ولهذا اغضبت الجميع».

الربيع العربي كاذب
لكن الأمة آخر من يعلم

ومن الحديث عن المؤامرة على مصر إلى الكلام عن حرب على الامة العربية بأسرها يلقي الضوء عليه مرسي عطا الله في «الاهرام»: تفرض علينا معطيات المشهد العربي الراهن الذي اكتسب أبعادا سلبية جديدة بعد الأحداث الدامية في العراق وسوريا وليبيا، وما خلفه العدوان الإسرائيلي على غزة من دمار وضحايا..». ويتساءل الكاتب: «أين أمة العرب من تحديات مرحلة ما بعد انفضاح أكذوبة الربيع العربي، حيث لا زالت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية تتفاقم ويزداد الانفلات الأمني اتساعا وتتعاظم الخلافات والصراعات الداخلية بين القوى السياسية إلى حد التناحر، وبما يؤدي لاهتزاز الهيبة العربية مع دول الجوار الإقليمي مثل إسرائيل وإيران وتركيا، لكي تتمادى في الاستهانة بردود الفعل العربية المحتملة تجاه أي عدوان خارجي! هذا السؤال ليس موجها إلى الحكومات والأنظمة العربية وحدها… ولا هو قصر على المنظمات والهيئات الرسمية التي تندرج في إطار النظام العربي لجامعة الدول العربية، الذي يوشك أن يفقد ما تبقى من مشروعيته.. ولكنه سؤال يطرق باب الجميع من جامعات ومراكز أبحاث ومؤسسات المجتمع المدني وسائر المفكرين والمثقفين». ويؤكد الكاتب على ان سؤاله لا يمكن لأحد أن يتعلل بأنه غير مطالب بالإجابة عليه أو أن أحدا لم يطلب منه الشروع في الاجتهاد بشأنه لأنه «سؤال يتعلق بقدر ومصير ومستقبل هذه الأمة التي تتعرض بعد نكسة الربيع العربي لمخاطر بدأت تمس مقومات الحياة والوجود ووحدة التراب الوطني لتصل إلى استلاب حقوقها التاريخية في الأرض وسائر الموارد الطبيعية، بما فيها المياه التي جسدتها الخطوات المتسارعة لإنشاء عدد من السدود في بعض دول منابع النيل من دون التشاور مع دول المصب».

الجيوش العربية للزينة فقط

لكن لماذا سقطت الجيوش العربية من ذاكرة الجماهير فباتت نسياً منسيا؟! محمد الشبراوي في جريدة «الشعب» يفسر الأمر:»الموقف الرسمي لغالبية النظم العربية تجاه ما يحدث في غزة اليوم وفي فلسطين على مدار العقود الماضية يؤكد على حقائق مؤلمة وصادمة وهي، أن الجيوش العربية ليست لحماية الأوطان والذود عن الشعوب والحدود، ولكنها لخدمة الحكام مغتصبي السلطة الذين يدينون بالولاء للغرب ومشروعه الصهيوأمريكي. والمحتل عندما غادر البلاد العربية بجنوده وعتاده، وضع أسسا وقواعد للتبعية والولاء لمشروعه ومصالحه عبر قادة هذه الجيوش، ولم تشذ قيادات هذه الجيوش عن هذه القاعدة، إلا في فترة قصيرة للغاية، وسرعان ما عادت إلى سيرتها الأولى بعد التخلص من كل وطني يدرك معنى الهوية والأوطان (الشاذلي، وبدوي، والجمسي وغيرهم من المخلصين من جيل أكتوبر/تشرين الاول 1973في مصر أمثلة على ذلك). ويرى الشبراوي ان المحتل نجح في الهيمنة المعنوية على الجيوش العربية، عبر خلق الولاءات وتصنيع العملاء والوكلاء من قادتها، من خلال التدريب والبعثات والإغراءات على كل شكل ولون. وسعى المحتل لبقاء هذه الجيوش وتكوينها وتفكيكها تارة، ثم إعادة تكوينها لأنها السوق الأهم لتشغيل مصانعه ولتصريف منتجاته من الأسلحة التي لم يعد في حاجة إليها، ووسيلته الأهم لاستنزاف المليارات عبر صفقات السلاح التي ما تلبث أن تصدأ في مخازنها العربية، ولا تحسن الجيوش استخدامها أو صيانتها».
ويشير الكاتب الى ان المحتل ضمن تفوقا نوعيا للكيان الصهيوني (الذي تم زرعه في المنطقة) على كل الجيوش العربية وسعى لنزع الإرادة وخلق التبعية المعنوية لدى الشعوب والجيوش، وقد أفلح في ذلك». اما عن الجيوش العربية فيرى الشبراوي انها «منذ أكثر من أربعين عاما لم تطلق طلقة واحدة تجاه الكيان الصهيوني المحتل ولكن وجدنا من وجه رصاصاته إلى صدور وظهور شعبه».

لماذا يتعاطف العالم مع غزة؟

على الرغم من حالة الصمت الرسمي المريب من جانب الحكومات كافة حول المجازر البشرية التي ترتكبها اسرائيل على اهل غزه إلا أن هناك حالة تعاطف شعبي يستفسر عن اسبابها محمد سلماوي في «المصري اليوم»: «سيقول البعض إنها قسوة الهجمة التي خلفت مئات القتلى وآلاف الجرحى، لكن الحقيقة أن تلك القسوة هي القاسم المشترك في كل الهجمات الإسرائيلية عبر مختلف الحكومات والعهود، فقد عايشها الفلسطينيون منذ مذبحة دير ياسين قبل أكثر من نصف قرن من الزمان عبر مذبحة صبرا وشاتيلا إلى الهجوم السابق على غزة عام 2009، لكن المقارنة بين صبرا وشاتيلا على سبيل المثال والمذبحة التي تشهدها غزة الآن تظهر متغيراً جديداً، حيث تحررت وسائل نقل المعلومات والصور من أسر الصحافة الرسمية التي كان يسيطر عليها النفوذ اليهودي في الغرب بأكمله وفي كثير من دول الشرق، لتنتقل صور قتل الأطفال وسفك دماء المدنيين وهدم المنازل والمستشفيات، عبر شبكات التواصل الاجتماعي من «فيسبوك» و«تويتر» والرسائل التليفونية القصيرة بلا رقابة من رئاسة تحرير تقوم بتحديد ما ينشر في الجريدة وما لا ينشر». ويرى سلماوي ان «إسرائيل نجحت طوال العقود الماضية في فرض سيطرتها على وسائل الإعلام الأمريكية كلها وعلى العدد الأكبر من وسائل الإعلام الأوروبية، بحيث روجت لبعض الحقائق المغلوطة وحالت دون وصول الحقيقة للقارئ، فقيل إن إسرائيل لها الحق في أراضى الغير، وإنها واحة التحضر والديمقراطية، وإن العرب والمسلمين دمويون والفلسطينيين إرهابيون.. لكن كما يقول الكاتب، ها هو عالم الاتصالات قد تغير، ولم يعد المواطن بحاجة لانتــــظار نشرة أخبارالـ CNN أو صدور الـ«نيويورك تايمز»..إن الرأي العام العالمي يكتشف الآن لأول مرة حقائق الصراع العربي الإسرائيلي التي كانت خافية عليه، ولم يكن هجوم إسرائيل الوحشي على غزة إلا المناسبة التي أطلقت كل هذه الحقائق من أسرها الذي استمر عقوداً طويلة».

المقاومة كسرت
أنف الجيش الإسرائيلي

للأسف الشديد لا تكاد تعثر في صحف مصر وما اكثرها على كاتب يعطي المقاومة الفلسطينية حقها، لكن محمود سلطان رئيس التحرير التنفيذي لـ»المصريون» قام بهذه المهمة: «أخيرا اعترفت إسرائيل بأن المقاومة الفلسطينية «كسرت أنفها» وأذلتها.. إذ ظلت تل أبيب تكابر وتنفي أسر أحد جنودها في غزة.. في حين كانت حماس تعلن أنها أسرته وذكرت اسمه بالكامل شاؤول آرون، وذكرت أيضا رقمه العسكري. الجيش الإسرائيلي أضطر مؤخرا إلى أن يكشف الحقائق ويروي تفاصيل هجوم ناجح للمقاومة قتل فيه سبعة من جنوده وأسر آخر، وهو ما يؤكد، على حد رأي الكاتب، ان واقع الخسائر الاسرائيلية على الجبهات النفسية والعسكرية والسياسية أشد هولا مما تعترف به» المفارقة هنا أن كل قتلى القصف الفلسطيني على الأراضي التي يغتصبها الكيان الصهيوني.. كلهم من العسكريين.. فيما كان ولا يزال ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة من المدنيين غالبيتهم نساء وأطفالا!! وهي مفارقة على المستوى الأخلافي تضيف إلى مروءة وإنسانية المقاتل الفلسطيني مقابل نازية العدو ووحشيته وهزيمته أخلاقيا وإنسانيا بجانب هزيمته العسكرية التي بدأت تكتمل ملامحها منذ ساعات قليلة على حد رأي سلطان: «الطائرات الحربية الإسرائيلية تقصف بشكل هستيري المساجد والمنازل.. وهجرت أكثر من مئة ألف فلسطيني من منازلهم. وهي ذات الطريقة المتبعة للجيش الصهيوني منذ هزيمته أمام الجيش العربي المصري في أكتوبر عام 1973.. حيث لم يحقق انتصارا واحدا إلا على المدنيين وعلى المخيمات.. ويتعمد اختطاف المدن والأهالي وأخذهم رهائن للضغط على المقاومة وحملها على التخلي عن مواجهته. الشعب الفلسطيني اعتاد على تقديم تضحيات كبيرة تفوق قدرة أي شعب على التحمل.. وهذه المرة فإن تضحياته أكثر جسامة.. ولكنه لأول مرة سيحقق انتصارا عسكريا واخلاقيا على الجيش الأفضل تسليحا في المنطقة.. وبات في حكم المؤكد بأنه سيحقق ايضا انتصارا سياسيا مذلا للإسرائيليين وللقوى الإقليمية والدولية المتواطئة معه».

هل يرق قلب
السيسي لحال المعتقلين؟

ولا تخفى على الكثيرين الظروف المأساوية التي يحياها المعتقلون في غياهب الظلم وهو ما رق له قلب حمدي رزق فراح يناشد الرئيس بأن يصدر عفوا رئاسياً على غير المنتمين للاخوان من المسجونين: «طالب من الله ولا يكثر على الله، أن يفتح قلب وعقل السيسي (في هذه الأيام المفترجة) على عفو رئاسي عن الشباب المسجون على ذمة قانون التظاهر (المكروه)، والفرصة سانحة أمام الرئيس، عفو عيد الفطر المبارك، يا رئيس الفرحة تنقص بيوتاً مغلقة على ما فيها من أحزان، اللقمة على الفطور تسد الجوعة ما لها طعم، بق المية ساعة الأذان يبل ريق العطشان لا يروي القلب الظمآن إلى ضمة حنان. هؤلاء ليسوا خونة، ولا عملاء، ولا طابورا خامسا ولا سادسا ولا سابعا، ولا مفخخين، ولا مفجرين، ولا من الإخوان المجرمين، شباب وطني زي الورد، جيل غير الجيل، أجيال شبت على كسر الإشارة، وقبلها كسر التابو، لا يعتدون كثيراً أو قليلاً بما جبلنا عليه من انضباط مذاب مع لبن الرضاعة بصرامة، ومصر هي أمي، ونيلها هو دمي، شبوا على نشيد الحرية يصدح في الميادين، خرجوا جميعاً لا يلوون على شيء منهم من قضى نحبه: جيكا، الجندي، كريستي، ومينا دانيال، وعماد عفت، ومنهم من ينتظر في السجون يطل من كوة صغيرة إلى فسحة الوطن، فيتحسر على شبابه ومآله». ويؤكد الكاتب ان «هؤلاء المعتقلين لا ناقة لهم ولا جمل في ما يضمره الإخوان من شر للوطن، دول شباب جد مختلفين، لا هم قتلة ولا قطاع طرق ولا بلطجية، لا هم خريجى كتائب ولا تخصص مولوتوف، ولاد حلوة مش مفخخة، آخرهم شُرب الفخفخينا من عند فرغلي، يحفظون قصائد درويش وغناوي نجم وإمام، ورقصوا معانا على «تسلم الأيادي»، على صدرهم جيفارا لزوم التت، والرسم على البت»، كما يقول رزق في رسالته للرئيس.
التقصير الأمني سبب مذبحة الفرافرة

لازال المجهول هو سيد الموقف بالنسبة لمذبحة الفرافرة، وهو ما يغضب كثيرين من بينهم فهمي هويدي في «الشروق»: «يصدمنا مقتل الجنود المصريين في واحة الفرافرة. ويحيرنا أن يصبح استهداف الجنود طقسا سنويا. في عام 2011 قتلت إسرائيل ستة منهم. وفي 2012 قتل مجهولون 16 جنديا آخرين في جنوب رفح. في 2013 قتل 26 من رجال الأمن المركزي على الطريق الحدودب غرب رفح. هذا العام 2014 قتل 22 من ضباط وجنود القوات المسلحة في الوادي الجديد، باستثناء الجريمة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في عام 2011، فإننا لم نعرف على وجه الدقة المسؤولين عن بقية الجرائم. صحيح أن الشبهات أثيرت حول بعض الأطراف إلا أننا لم نتعرف على الفاعلين الحقيقيين، في ما هو معلن على الأقل. وهذه الثغرة غطاها الإعلام والذين يدعون أنهم خبراء استراتيجيون، إذ وزعوا الاتهامات تبعا لاتجاهات الريح السياسية، فأشاروا إلى حركة حماس تارة وإلى تنظيم القاعدة تارة أخرى، ثم أنصار بيت المقدس في حين ثالث، وأخيرا حين تصاعد الصراع ضد الإخوان، فإن المسارعة إلى اتهامهم صارت تقليديا، تنافس كثيرون في المزايدة عليه». كما يلفت الكاتب الانتباه لخطأ تقدير البعض للموقف: «لقد ذرف كثيرون الدموع، ولطموا الخدود وشقوا الجيوب، واستهلكوا حناجرهم في ذم الجناة والتنديد بجرائمهم التي اتهموا بسببها بالعمالة والخيانة وبالضلوع في المؤامرات التي تحاك ضد مصر. وسواء كانت تلك المشاعر حقيقية أم مزيفة، فلا يشك أحد في أنها مبررة ولها ما يسوغها. إلا أننا خرجنا من كل تلك البكائيات والإدانات بحصيلة كبيرة من مشاعر الغضب والسخط على الفاعلين، من دون أن نفهم من هم، وما هي حقيقة أهدافهم، وما هي الظروف التي مكنتهم من ارتكاب جرائمهم والإفلات من العقاب».

لهذه الأسباب ثورة يوليو لا تنسى

اليوم يصادف الذكرى الـ62 لثورة 23 يوليو 1952 التي يعتبرها الناصريون على الأقل ايقونة الثورات العربية، كما يشير عادل السنهوري في «اليوم السابع»: ربما تأتي، ولمرات نادرة، أن يتصادف يوم الذكرى في اليوم نفسه الذي أعلن فيه الضباط الأحرار بقيادة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بيان الثورة على النظام الملكي في الساعة السابعة صباحا من يوم الأربعاء 23 يوليو/تموز 52.. ولعله بشرة خير لنجاح مصر في تحقيق أهداف ثوراتها في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية وبناء وطن قوي، مثلما نجحت ثورة يوليو في بناء مجتمع الحرية والعدالة الاجتماعية والتنمية المستقلة». ويؤكد الكاتب على ان «ثورة يوليو مازالت هي أيقونة الثورات المصرية على مر التاريخ، فهي الثورة الأم شعلة الإلهام لكل ثورات الشعوب الطامحة نحو العدل والحرية والبناء والتنمية. 23 يوليو كلما مرت السنوات وكلما مرت الأزمات تزداد حضورا في قلوب المصريين والشعب العربي من محيطه إلى خليجه، فهي الثورة الخالدة بزعيمها في قلب التاريخ المصري كقرص الشمس المتوهج الذي يرنو إليه التواقون إلى النور والعدل والأمل في وطن يملك إرادته ومصيره ومستقبله بأيدى أبنائه وحكامه، وطن غير قابل للتبعية والإذلال والانكسار مهما تكالب عليه الأعداء والخونة في الداخل والخارج. هي الثورة الخالدة مع النيل والهرم، فقد قامت ووجدت ثورة يوليو لتبقى ـ كما قال زعيمها وبطلها الخالد جمال عبدالناصر -لأنها تعبير عن إرادة الأمة وحقها بالحياة الحرة الكريمة تأتي الذكرى ومصر والعالم العربي يمر بظروف بالغة الدقة والصعوبة، كما يقول السنهوري: «ظروف مصيرية تهدد وجود الدول الكبرى فيه وتعرضه للتقسيم والتشرذم، في سوريا والعراق وليبيا واليمن، وتتعرض مصر لأقصى أنواع الخيانة والمؤامرة. والقضية الفلسطينية في مهب الريح والعدو الصهيونى يدك غزة ويزهق أرواح المئات من الشهداء الأبرياء».

أينما تولي وجهك.. داعش في انتظارك

وبعد ان وصلت داعش لمصر عبر عملية مذبحة الجنود، كيف نجح ذلك التنظيم في الانتشار بهذه السرعة، يجيب كمال حبيب على السؤال في «اليوم السابع»: «داعش في الواقع ليست مجرد منظمة مخيفة ولكنها حالة تعبر عن التردي الحضاري الذي وصلت إليه المنطقة العربية، تمهل داعش مسيحيي الموصل أربعة وعشرين ساعة، إما أن يقبلوا الإسلام أو يدفعوا الجزية أو يغادروا بيوتهم فورا. إن وجود المسيحيين في المنطقة العربية بدون إكراه على دخولهم الإسلام واعتبارهم مواطنين متساويين في الحقوق والواجبات هو أكبر دليل على عظمة الإسلام وتسامحه، ووجودهم في ذاته دليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وصدق القرآن الكريم، كما أشار ابن القيم في كتابه المهم والكبير المعنون «أحكام أهل الذمة» والذي حققه صبحي الصالح وقدم له بعنوان «علم السير» محمد حميد الله مقدمة مهمة تعكس تسامح الإسلام مع المسيحيين الذين سماهم أهل الكتاب، وجعل لهم أحكاماً خاصة مختلفة عن أحكام المشركين والوثنيين ممن ليس لهم كتاب. يضيف حبيب: «داعش تتمدد وشبابنا ينضم بكثافة إليها دون بقية الفصائل، فكلما ازداد التشدد والتطرف كان ذلك مدعاة للإغراء والجذب، ذلك تعبير عن مدى التدهور والانحطاط الحضاري الذي تعيشه منطقتنا العربية بسبب غياب نموذج مختلف يمثل الاجتهاد الذي يوافق العصر ويلبي مطالب الإنسان، ويقدم صورة جديدة لنموذج إسلامي مختلف، إنني أشعر بالأسف أن تتحول الموصل إلى بلد يتم طرد مسيحييها منها، فتلك كارثة وقد كانت العراق تعبيراً عن عالم يتعايش فيه الجميع بدون ثارات أو حساسيات طائفية في ظل الدولة العثمانية». ويشير كمال في هذا الشأن إلى كتاب «فيليب فارح ويوسف كرباج عن المسيحيين واليهود في التاريخ الإسلامى. ويؤكد ان داعش حالة للانحطاط والتردي الحضاري لا يمكن مدافعتها إلا بحالة أخرى للصعود والرقي الحضاري، عن طريق استعادة الوجه المتسامح لديننا الإسلامي الحنيف».

حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أحمد - مصر:

    كتب على مصر وعلى مدار التاريخ أن تكون مصر تحت حكم الفرد الواحد ..وخاصة منذ سنة 1952 .وبعد ثورة 25 يناير هب الشعب وتفنسنا الصعداء للتخلص من النظام الديكتاتورى وكل المحيطين به من الفسدة والمنتفعين إلى الأبد ..والتطلع إلى غد أفضل ! والأمل بإنتخابات حرة لحاكم وحكومة منتخبة ومدنية..وقد حدث ولعام واحد ! وجاء الإنقلاب…ونرى الأن على الساحة مالا يصدقه عقل….من تقسيم للشعب وزيادة معاناته …وكثرة المهللين والزمرين للحاكم الأوحد فى صحافة وقنوات رجال الأعمال التلفزيونية !…..لك الله يا مصر…وأشكر المشرف على الصفحة..اليوم !

  2. يقول عوض بن حازب عربي في تركيا:

    لا احمد بلاش افتري ثورة يوليو كانت ارادة شعب والحكم كان بيد الشعب اذا كان مبارك انحرف لجهله ولضيق افقه وعدم المامه في التاريخ اذا راجعت قليلا الي الوراء ستزي الشعب المصري يعشق الحرية ويضحي من اجلها امال سموها ام الدنيا ليه اوعي يا احمد تاخذك لعن المصريين

  3. يقول neji djeridi germany:

    ileiki allah misr al habiba

إشترك في قائمتنا البريدية