عبد القادر الجزائري ماسوني: نصدق «آر تي» أم نكذب التاريخ؟ أولادنا من المحيط إلى الخليج!

 

طلقت ميلانيا ترامب مرتين خلال رحلة زواجهما الغريب، بعد أن اضطرها إفلاسها في شبابها المبكر للإرتباط به، وبيني وبينك أيها المشاهد مش عيب، ولكن العيب هو ما كشفت عنه قناة «فوكس» الالكترونية، حين وجهت اتهاما مباشرا للرئيس وحرمته بالكذب على «الميديا» والشعب، عندما صرحا، أنهما لا يعرفان في حياتهما مصطلحا اسمه «الشجار الزوجي»، علما بأن ترامب «الزوجة» ترى في زوجها نسخة مطابقة من أبيها في الهيئة والطباع، رغم اختلاف المكونات الثقافية والاجتماعية بينهما، فكيف تتلقى أنت كمشاهد عربي هذه التهمة التي تختصر مصفاة عرقية ضخمة وطاحنة، بحبل كذب، طوله لا يزيد عن نصف متر حسب قصة المثل الشهير؟ وهو بشكل أو آخر يتماهى مع أحد ألقابه: صاحب «الأصابع القصيرة»، كما يحلو لأطفال بلاده أن يتمسخروا عليه!
إنه مرض الصورة، الآتي من عالم والت ديزني «الماسوني»، أروع ملكوت على وجه الأرض للأحلام، وقصص المغامرات الأسطورية وعوالم الفرسان والحوريات، والنبلاء من أصحاب الدم الأزرق، والأميرات الشقراوات اللواتي ارتبطت بهن صورة ترامب، في أذهان الصغار الذين أجابوا على استفتاء حول أول ما يتبادر إلى مخيلتهم مجرد سماعهم اسم ترامب! وهي ذاتها الصورة التي تحيط بالأمير الخليجي المترف، والباذخ، تعيد إلى الذاكرة أساطير «ألف ليلة وليلة»، عن ملوك الإنس والجان، وقصور المردة ونسوان السلطان، وأولاد جهنم في «ريتز كارلتون» الخليج، وأحفاد الإيوان المحرم في أصفهان!

حجر النرد وروشِتّة الميعاد!

الفارق بين ترامب وحكم السلمانيين في السعودية، ليس التناقضات، ولا الصورة الإعلامية – رغم أنها تثير ما تثيره من شغف مجنون لدى المتتبعين – تحليليا وتجاريا – إلا أن ما يجمعهما عروة وثقى، تكمن في سبب وصولهما إلى رأس الحكم، فترامب لم يدخر أي تصريح عنصري ضد الأعراق المغايرة، وربما نجح باختلاله العقلي والأخلاقي، فما أن تولى منصبه حتى انقلب عليه منتخبوه، لماذا؟ في حين أن السلماني جاء باستيراتيجية تلبي كل التطلعات الإعلامية والاجتماعية للتغيير، ولم يواجه سوى السخط والغضب والاعتراض، كمان لماذا؟
إنه حجر النرد، الذي يتحكم به أصحاب المحفل الأكبر، يحركون السلم ويبقون على الثعبان في وضع متجمد، على طريقة أفاعي الزلازل في اليابان، التي تضرب رأسها بالحيطان حتى تهلك، لتموت قبل أن ترتجف أعصاب الأرض أو تهتز قصباتها!
الطريف في الأمر، أن النبوءات أو التنجيم الإعلامي يحدد لك ملامح المراحل، فلو عدت إلى ما كتبه توماس فريدمان عن مستقبل أمريكا تحت عنوان «الأرض مسطحة»، تعثر على الحائط الذي يلتصق برأس ترامب، طالما أنه يجر امبراطوريته المغرورة إلى ما وراء سور غليظ من العزلة المطبقة، اشتدت وطأته بعد منحه الصهاينة «روشيتة الميعاد»، كمحاولة طبية فاشلة لمعالجة تاريخهم المصاب بأعراض التيه!
طيب، عد إلى قناة «فجر النهاية» الالكترونية، لتلتقط أعراض الفتنة الخليجية بعد الفتنة العراقية والشامية، التي يدخل على إثرها الشرق في غيبوبة وعي، لا يستفيق منها إلا على القيامة، فقد صنف النبي الكريم الفتنة إلى أربع: فتنة الدم، ثم المال، ثم الفروج، ثم الفتنة الإعلامية، التي وصفها بالصماء العمياء، تمور مور الموج في البحر، تبدأ في سوريا ثم بابل وتنتهي في الجزيرة… مما يعني بالضرورة وحدة مصير قوامها: الفكفكة أو التفكك… فماذا بعد!

البرنامج والتاريخ!

لو عدت إلى برنامج «رحلة في الذاكرة»، الذي تبثه قناة «روسيا اليوم»، وتحديدا لقاء «خالد الرشد» مع الباحث الروسي «أندريه سيركوف»، ستعرف كيف انهزم القياصرة في روسيا؟ ومن أين تحديدا انبثقت ثقافة الثورات والانقلابات؟
وكيف استطاعت حركات التحرر أن تشكل حلقة انشطارية من حمل عنقودي، يتولد عنه نشاطات حرارية مدمرة؟ لأن الماسونيين في روسيا استندوا إلى تعاليم ومبادئ الثورة الصناعية في فرنسا، ليشكلوا كيانا جديدا بثورة فبراير/شباط 1917 – يشغل فيه «محفل الدوما» كتلة ثقيلة في البرلمان الروسي، يتفرع عنها محفل عسكري يضم الضباط المتنفذين في الجيش الأحمر، ثم محفل للصحافيين وكبار الأدباء والشعراء والفلاسفة والمفكرين الروس، عداك عن المحفل القانوني الذي ينتنمي إليه كبار المحامين والهيئات الحقوقية والمنظمات الاجتماعية في الامبراطورية، قبل أن يطيح بهم البلاشفة، تاركين شكوكا تاريخية حول ماسونية لينين، التي نفاها ضيف البرنامج، بل عدّها ظلما أحاق به، مستندا إلى عِدّة بحث وأرشيف يخرجانه من دائرة اليقين، في الوقت ذاته الذي نفى فيه أن تكون الماسونية يهودية في تعاليمها السرية، بل نسبها إلى المسيحية، لا تدري هل هو بذلك يدافع عن الماسونية أم يهاجم اليهودية؟ في الوقت ذاته الذي بدا فيه حريصا على المحايدة أكثر من الدقة، فلا هو نفى ولا هو أثبت بشكل قطعي، رادا كل معلومة إلى ذمة الوثائق، دون أن يعلن ثقته بها!
الطامة ليست هنا، إنما وهو يؤكد للمذيع أن المناضل الجزائري الأمير عبد القادر، ماسوني، وأنه تعامل مع حركة التحرير الماسونية في فرنسا، وانتمى لأحد محافلهم في المنفى، علما بأن هناك العديد من المصادر الجزائرية على الشبكة العنكبوتية تثبت تهمة عمالته لفرنسا، بوثائق صريحة ومترجمة احتوت على نصوص معاهدات بينه وبين جنرال الاستعمار «بيجو»، أهمها معاهدة التفنة عام 1837، التي تعترف بسيادة فرنسا، لا بل إن أحد فصول كتاب «حياة عبد القادر « الصادر في لندن 1867، أكد تقاضي الأمير من نابليون الثالث مبلغ 4000 ليرة سنويا، وأنه انضم للنادي الماسوني في مصر وقدم خدمات جليلة على صعيد الاستثمار!

خبطة مخ!

طيب، بين لعبة التشويه والدعاية، من يملك الحق في الاستغناء عن التاريخ واستبدال الحقيقة؟ ثم كيف تصبح صناعة الأبطال حكرا على الغزاة لا الحماة؟ الخطر إذن لا ينتهي حين نخرج الأعداء من بلادنا، بل يبدأ من هناك! لأن ارثنا لا ينتمي لحلمنا إنما للوهم الذي نصبح جزءا منه مع الزمن، حتى ليبدو أنه ضحيتنا لا نحن ضحاياه!
عندما كتب هذا القلم في هذه الزاوية أكثر من مرة، يؤكد أن الحرب في سوريا لم تنته بل بدأت للتو، وأن الأسد إلى زوال ما دام البلد راحت، اتهمنا البعض وقتها بأننا نشمت في دمار الشام، يا لقبحهم، وأنت تراهم اليوم يعترفون بوهمهم، لتتأكد أن الوهم، ينتمي لسلالة الحبال، ولكنه هذه المرة، حبل إنقاذ فقط لمن يتعربشون به كلما تلولحت بهم الهاويات… وأن اللعبة أكبر من الدمى التي يتقاتل عليها الصغار، ويقعون في غرام وثنيتها، ويُتَمْثِلونَها كآلهة، لأنهم مصابون بداء ترامب: الصورة!
لا تدري هل يصبح الأبطال بعد اختمار الزمن، مجرد صدمة ذاكراتية أو تاريخية، يعني بالمشرمحي: خبطة مخ، في الوعي الوطني لا أكثر ولا أقل! أم أن ساحة «صقر الصحراء» التي يؤمها السياح والزوار للبكاء على أمير الثوار، ستستبدل التمثال بشجرة الدردار، كتعويض دعائي عن التشويه الإعلامي! أم أنه عليك أن تتحول إلى كائن فضائي، ينتمي للمحطته التلفزيونية، لا تاريخه، بعد تحول التاريخ إلى جدار عازل، لا ترى فيه سوى من ظلوا وراءه لا من سبقوه إليك!

كاتبة فلسطينية تقيم في لندن

عبد القادر الجزائري ماسوني: نصدق «آر تي» أم نكذب التاريخ؟ أولادنا من المحيط إلى الخليج!

لينا أبو بكر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أحمد -لندن:

    الذاكرة الشعبية هي من يخلد عظماء الشعوب رغما عن الاقلام الصفراء و كتب التاريخ المزورة و الأبحاث و الاراشيف و محاولات المحتلين محو هذه الذاكرة.

    عمر المختار و عبد القادر الجزائري و احمد ياسين و الرنتيسي و محمد مرسي و الملك فيصل و اودوغان و جمال عبد الناصر و صدام و عهد التميمي و حمزة الخطيب هؤلاء أبطال أخطؤوا أم أصابوا. هم ابطال في وجدان الذاكرة الجمعية للشعوب.

    السيسي و الأسد و سلمان و زايد هـؤلاء الى مزابل التاريخ.

    الحمد لله على نعمة القرأن اللذي لا يحرف و لا يتبدل و الله له حافظ.

  2. يقول سيف كرار ،السودان:

    انا اندهشت من كلام الرئيس المصري السيسي عندما ذكر بأنة لايسمح لأي شخص بإلدخول للانتخابات ويرشح نفسة ،اية الكلام دة ؟ هذا الكلام لم يحدث في التاريخ السياسي لمصر وووو ، سبحانك اللهم….

  3. يقول Laurence:

    للقانون سيقان، الانسان، لا يتحرك بدونها. السؤال: اهي الماسونية او الانسان المسؤول عما يجري؟
    في اعتقادي الموضوعي عبد القادر الجزائري بطل تاريخي قومي، ولن اغير رايي لمجرد شائعات لم يقدم احد اي اثباتات على صحتها.

  4. يقول عبد الكريم البيضاوي .:

    لايمكن التعويل على كتب تاريخ العرب كثيرا, برأيي إن صدق 1٪ منها فنحن بألف خير, ألا نرى كتاب التاريخ يزورونه أما أعيننا اليوم ونحن شهود , فكيف بنا نصدق كتب تاريخ كتبت ونقحت على مزاج العصر والدولة والأمة.
    إن لم تكن تزكية لهذا التاريخ من جهات عالمية ذات مصداقية , برأيي فلن أصدق منه جملة واحدة.

  5. يقول ابن الوليد. المانيا.:

    @الصوفي، بما أنك أقحمت المغرب و ربطته تعسفا بالغدر، فلك الوقائع و الأدلة:
    .
    ـ معركة أسلي هي معركة قامت بالقرب من مدينة وجدة بين جيوش المغرب وفرنسا في 14 أغسطس 1844 م بسبب
    مساعدة السلطان المغربي المولى عبد الرحمن للمقاومة الجزائرية ضد فرنسا واحتضانه للأمير عبد القادر.
    .
    ـ خسارة فادحة و قرى و مدن هدمت عن آخرها. و فوق كل هذا، اقتطعت فرنسا جزءا كبيرا من الثراب المغربي …
    و هذا هو أصل الصراع الحدودي بين المغرب و الجزائر. لا يوجد غيره.
    .
    ـ بعد ذلك طلب المغرب من عبد القادران يتريت قبل مهاجمة فرنسا من داخل الأراضي المغربية، كي يستعيد المغرب أنفاسه،
    الشيئ الدي رفضه عبد القادر، و هنا علامة استفهام … لمذا؟ هل كانت فرنسا تريد سببا للتوغل أكثر في المغرب؟ بعد انذارات
    كثيرة للأمير، و مع رفضه المتكرر للهجوم على فرنسا من داخل الأراضي المغربية، قررت السلطات تقديمه سياديا الى فرنسا،
    ربما كانت علامة الاسفهام كبيرة … جدا …
    .
    ـ المحصلة، المغرب اراد مساعدة اخوانه في تحرير بلدهم، لكن قادة بلدهم قرروا تمزيق المغرب بمسألة البوليساريو …
    و قضية جزيرة ليلى تقطع الشك باليقين … عن الموقف الحقيقي لحكام الجزائر.

    1. يقول ابن الوليد. المانيا.:

      تصحيح: و مع رفضه المتكرر للعدول عن مهاجمة فرنسا من داخل الثراب المغربي، ما يورط المغرب.

  6. يقول المغربي-المغرب:

    هناك فرق بين التاريخ وعلم التاريخ…فالاول سردي يخضع لاعتبارات النقل والرواية صحة وضعفا….والثاني نقدي يستوعب مختلف مناهج وطرق التحليل والتمحيص…ولاغنى لاحدهما عن الاخر بالنسبة الى الباحث المتخصص….بينما يعتبر الثاني مجال الخوض والاسقاط بالنسبة لكل من هب ودب…..مثله في ذلك مثل الحكاية والرواية الشعبية…وليتنا ادركنا في كلامنا وكتابتنا عن الاحداث والشخصيات التاريخية ان مجال التشويه متسع جدا في هذا الجانب لارتباطه بمصالح دول واشخاص قد تكون لازالت قاءمة….، وليت الامر اقتصر على جهات استعمارية متحكمة…او ارتزاقية تابعة لها…ولكنه اصبح يشكل لازمة عند بعض الافراد البسطاء شكلا ومضمونا …الذين تحولوا الى مسمعين ومرددين لاتهامات وتشويهات لاتعكس سوى البؤس المعرفي والاخلاقي….!!!.

  7. يقول ابوعائل:

    ان التاريخ قد حكم على قادة ورموز العرب والاسلام بافعالهم وليس باقوال من جاء بعدهم.فالكل يعرف ان فرنسا الحاقدة تعدت حدود القوانين الالهة والوضعية بانتهاكها لحرمة الجزائر وشعبها المسلم ولازال حقدها ساري الفعول.
    فماذا ننتظرا اذا من هذا العدو الدائم ؟ تشويه صورة رجال الجزائرالذين وقفوا لهم بالمرصاد ما هي الا طريقة خبيثة حربية اعلامية.ليس اكثر… الذين سبوا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبوا الله سبحانه وتعالى وتجرؤوا على الله ونسبوا له الولد يستطيعون ان يقولوا اي شيء.

  8. يقول hassan 630:

    المؤامرة كبيرة على الاسلام والمسلمين بعدما احتلت الاوطان وخربت البلدان وقمعت الثورات العربية في كل مكان وجيئ بالخونة من الاعراب من كل حدب وانتشر الياس والخيبة في النفوس واصبحت الشعوب العربية محتلة من قبل حكامها وضاع معها كل امل هاهم اعداء الامة يخرجون علينا بهذه الادعاءات المغرضة والمشككة في تاريخ الامة ورموزها فعبد القادر الجزائري المجاهد والعالم الرباني الصوفي والانساني الحر اكبر واشرف من ان تدنس مكانته وتاريخه الحافل والنقي

  9. يقول عبد القادر الجزائر:

    سنستفيد من هذه المحاولات من بعض الإخوة المعقبين على مواضيع كهذه تخص أبطال الجزائر هؤلاء الذين نجدهم لايتحرون أبدا ويجدون سهولة في الطعن في رموزنا من خلال تصديق مايقوله العدو عنا أقول سنستفيد من خلال المثال التالي : إلى عهد قريب جدا جدا كانت السلطة الفلسطينية تدين العمليات الإستشهادية ضد الإسرائليين , نحن نعرف أنه وعندما يحين وقت كتابة التاريخ طبعا سيسجل الكيان الصهيوني هذا إجراما في حقه من طرف الفلسطينيين كلهم بينما سيحتار الجيل القادم من أبناء الفلسطينين من أين يستمد تاريخه لأن المصادر ستتنوع ,أما وجه الإستفادة أن الإخوة المطلعين بخبايا هذه الأمور في الضفة أو القطاع أو في الشتات يوحدوا رؤيتهم ليقدموا تاريخهم الذي هو مملوء بالبطولات ويبعدوه عن كل تزييف من حاقد أو مشبوه .

  10. يقول wink nakouti:

    هناك مخابر لصناعة هذه المعلومات وهو تابع للأجهزة. الاستخبارية هدفها التشكيك في كل صناع التاريخ و أبطال كانوا من صناعه لبعث نوع من اليأس في استنهاض هذه الامة

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية