عبير صنصور: الأغنية الوطنية يجب أن تكون حاضرة ما دامت فلسطين محتلة

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي» وجدان الربيعي: «صوت الأرض» أو «فيروز فلسطين» هكذا تلقب المطربة الفلسطينية الملتزمة عبير صنصور التي ولدت وترعرت في أرض النعيم والتسامح الديني بيت لحم وعاشت وخاضت مرارة الاحتلال وصعوبة التنقل بين المدن الفلسطينية لإحياء المهرجانات والفعاليات الوطنية. غنت للأقصى والإنتفاضة وغزة المحاصرة والأسرى وأزعجت المحتل حينما غنت «سجان أبوك يا سجن» كما تغنت بحكايات الأجداد، فهي تعشق الغناء للوطن والحرية والمقاومة والطفولة. التزامها يتعدى حدود الموسيقى والغناء والتمثيل، فهي حريصة وملتزمة أيضا في الظهور بالزي الفلسطيني الذي يعبر عن قوة الإنتماء لفلسطين والتمسك بالهوية والتراث الذي يحاول المحتل سرقته كما يسرق الأرض.
شاركت في العديد من المسرحيات الغنائية أهمها مسرحية «أحبوا الوطن» للشاعر فؤاد حداد، بطولة الفنان محمود حميدة، وشاركت كممثلة في المسلسلات التلفزيونية وأهمها مسلسل «ملح الأرض» مع الفنان محمد صبحي، إخراج خيري بشارة ومسلسل «لا أحد ينام في الإسكندرية» قصة إبراهيم عبدالمجيد، بطولة عدد كبير من نجوم الشاشة المصرية، إخراج حسن عيسى. تنوعت أغانيها بين العامية والعربية الفصحى وتميزت بلون خاص في أسلوب الأداء والغناء واختيار القصائد.
تعيش عبير صنصور حاليا في مصر لكن ذلك لم يمنعها من الغناء لفلسطين وإحياء المناسبات الوطنية التي تعتبر الشريان النابض الذي يربط الفلسطينيين في الشتات بذكريات أجدادهم وحلمهم بحق العودة والإنتهاء من الاحتلال.
«القدس العربي» حاورت الفنانة عبير صنصور عن فنها وأعمالها ودور الفن الملتزم في النضال من أجل الحرية.

أغاني الأطفال

عبير صنصور قدمت العديد من الأغاني والمسرحيات التي تهتم بقضايا الطفل وهمومه وأحلامه، وتقول:»لدي اهتمام كبير بالأطفال، وأنتجت ألبوما خاصا بهم بعنوان «دنيا صغيرة» يحوي على ثماني أغاني من كلمات شعراء وملحنين فلسطينيين. وقدمت العديد من الحفلات للأطفال، كما شاركت في المهرجانات الخاصة بالطفل أهمها مهرجان «تذكروا الأبرياء»والذي أقيم في ساحة المهد في بيت لحم، وكانت رسالة المهرجان التواصل بين الأطفال في فلسطين وأطفال آخرين في مختلف بلدان العالم، وتبادل الصداقات والثقافات. كذلك شاركت في العديد من المسرحيات الغنائية للأطفال مع مسارح مختلفة منها «سنابل» و»الحكواتي» و»القصطل» ومن أهم هذه المسرحيات «طيارة وأطفال» سيناريو وحوار وأغاني الفنان الفلسطيني وضاح زقطان قدمنا المسرحية في فترة كان الإحتلال يقصف ويغتال المناضلين بالطائرات، وكان الهدف منها أن نبين للأطفال أنه ليس كل ما يطير مخيف، فهناك الطائرات الجميلة التي تأخذنا في رحلات حول العالم،والعصافير بزقزقتها وألوانها البديعة وقد عرضنا المسرحية في جميع المدن الفلسطينية من خلال مسرح الحكواتي».
المرأة الفلسطينية بالنسبة لعبير أساس المجتمع، فهي الأم والزوجة والحبيبة، والأرض التي تنقل الحكايات والذكريات والتراث الجميل من جيل لآخر وقد ترجمت ذلك من خلال أغنياتها وأبرزها أغنية «الراعية السمراء» للشاعر الفلسطيني سعود الأسدي وألحان عماد سلسع، وتحكي عن الفتاة الجميلة البدوية التي ترعى الغنم وتبين جمال الطبيعة في فلسطين.
شاركت عبير صنصور في مسرحيات عدة من خلال مسرح «القصطل» في فلسطين وفي مصر مسرحية «أحبوا الوطن» من أشعار فؤاد حداد، بطولة محمود حميدة. وقدمت دور وفاء في مسلسل «الأخوة الغرباء» وهو أول عمل من إنتاج التلفزيون الفلسطيني والذي جمع فنانين من فلسطين والأردن، الذي يحث الشباب الفلسطيني على الرجوع والعمل في بلادهم. كما وقدمت عبير دور فدوى في مسلسل «ملح الأرض» بطولة الفنان محمد صبحي وإخراج خيري بشارة وأدت دور سارة في مسلسل «لا أحد ينام في الإسكندرية» وقدمت العديد من أغاني الأفلام والمسلسلات الهامة من أهمها أغنية فيلم «من نظرة عين» بطولة الفنانة منى زكي وعمر واكد.
وعن أسباب إعتذارها عن المشاركة في العديد من الأعمال التي عرضت عليها تقول: «حقيقة عرض علي العديد من الأدوار في التلفزيون والسينما ولكنني لا أستطيع قبول أي دور بعيد عن رسالتي الفنية، رغم أن المتعارف عليه أن الممثل يقدم مختلف الأدوار». وتضيف انها تهتم كثيرا بالكلمة التي ستوصلها للجمهور خاصة الجيل الآتي مشيرة إلى ان الفن رسالة قوية تصل سريعا ولذلك يجب ان نختار بعناية وإلا ما الهدف من رسالة الفنان؟

الكلمة سلاح يخيف المحتل

تهتم عبير صنصور بالأغنية الوطنية وتحرص على ان تصل إلى كل العالم لإثبات الحق الفلسطيني من خلال التراث والحضارة العريقة الغنية التي يمتلكها الفلسطينيون.
وتؤكد على دور الفنان في توعية الجيل الجديد بالقضية العادلة حتى لا تنسى فلسطين:»يجب علينا التغني بالتراث والحضارة والأرض وجمال الطبيعة والحب وكل شيء جميل في فلسطين. كذلك الاهتمام بالأغاني الوطنية التي تبين مدى وحشية الاحتلال وإنتهكاته المستمرة. ومع احترامي الشديد لجميع الفنانين، يجب أن تكون الأغنية الوطنية حاضرة في كل مكان وزمان، لأن الحق الفلسطيني لم يرجع بعد، وعدم حضور الأغنية الوطنية عند البعض أعتقد أنه عائد إلى قلة الإنتماء والمسؤولية».
وعن مساهمة الفن في فضح المستور قالت: «بكل تأكيد يساهم الفن في فضح المستور من جرائم الإحتلال بشكل واضح على سبيل المثال في أغنية «من سجن عكا» التي قدمتها فرقة العاشقين حيث تحكي قصة الثوار الأبطال الذين أعدموا في وسط ساحة عكا أمام أعين الجميع والأبطال الشهداء هم، محمد جمجوم، وفؤاد حجازي، وعطا الزير أيضا في أغنية «لموا الكراريس» التي غنتها الفنانة شادية وتحكي قصة المجزرة التي حدثت في الشرقية في مصر عام 1970 عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية مدرسة «بحر البقر» للأطفال واستشهد ما يقارب من الأربعين طفلا وأعدت غنائها أنا في الفيلم الوثائقي والذي يحمل اسم الأغنية نفسها. عندما قارنت المخرجة مها شهبة في الفيلم، بين مجازر العدو الإسرائيلي في 1970 في مدرسة «بحر البقر» ومجزرة مدرسة «الفاخورة» في غزة عام 2008 بما يعني أن العدو هو العدو. وعندما اجتاح الصهاينة المستوطنون بمساعدة جيش الإحتلال باحات المسجد الأقصى، ودمروا وحرقوا وقتلوا، وعاثوا في الأرض فسادا حينها غنيت «الأقصى حزين» من كلمات الشاعرة المصرية رشا حمزة وألحان الفنان الفلسطيني ياسر عمر. أيضا في الحصار على أهلنا في غزة، غنيت لهم «بقلبي فرشت الورد والياسمين ونسمة صبح جايالي وكلي حنين، أتاري الورد من غزة دي نن العين وأتاري النسمة من روحي هوى فلسطين» أيضا من كلمات رشا حمزة وألحان ياسر عمر وبهذا يترجم الفنان ما يحدث من واقع مرير من خلال أعماله».
وعن حال الإنقسام وحصار غزة والهبة الشبابية الأخيرة في الأراضي المحتلة تتحدث عبير بحزن قائلة:» الإنقسام مشكلة كبيرة، فهي تنعكس بشكل سلبي علينا نحن الشعب الفلسطيني، وهناك من يستغلها ضدنا لصالح الإحتلال. كذلك الحصار الخانق على أهلنا في غزة الصامدة والذي يؤثر سلبا على كل نواحي الحياة. أما بالنسبة لإنتفاضة الشباب الأخيرة فهناك شقان، ففي الحقيقة أنا في غاية الحزن على شبابنا الأبطال الذين يضحون من أجل الوطن، شباب في عمر الورد يذبحهم الإحتلال أمام الكاميرات ليراهم العالم بأجمعه في صمت. أما الجانب الآخر والذى يطمئنني أنه وبعد سبعة وستين عاما من الإحتلال الغاشم ما زال الحق الفلسطيني ينتقل من جيل إلى آخر وما زال هناك أطفال في عمر العاشرة والسابعة يخرجون ويتحدون الإحتلال ويقولون له أخرج من أرضنا.
هذه فلسطيننا. وأريد أن أضيف شيئا هاما جدا وهو حقوق الفلسطينيين في الداخل المحــتـــل، يجب الانتباه إلى مطامع الإحتلال في ترحيل الفلسطينيين والاستيلاء على الأرض كاملة وهذا موضوع في غاية الخطورة».
وعن آخر إصداراتها تقول: «آخر إصدارتي كانت قصيدة «صباحك أجمل» وهي للقدس من كلمات الشاعر المقدسي رفعت زيتون والألحان والتوزيع للفنان المصري محمد قدري. بالنسبة لمشاريعي القريبة فأنا أحضر لألبوم جديد بالتعاون مع شعراء وملحنين لم أتعامل معهم من قبل، من الشعراء الفلسطيني عدنان داغر، والشاعر حسام فنون الذي كتب العديد من أغاني فرقة «العاشقين» الفلسطينية، وشعراء آخرين بالنسبة للألحان هناك عدة أغاني من ألحاني».
وترى الفنانة الملتزمة عبير ان الأغنية والكلمة واللحن أسرع وأقوى رسالة تصل إلى المستمع، وعندما تكون هادفة وتحمل رسالة هامة، وتبين حقائق لا يعرفها الجميع وتبين جرائم المحتل في قتل الطفولة وتدمير البيوت واعتقال الشباب والنساء وسرقة الأراضي، فهي تصبح خطرا كبيرا على المحتل، مشيرة أن أمنية المحتل أن يأتي يوم وجيل فلسطيني قادم ينسى كل حقوقه ويتعايش مع الواقع المرير، لذلك فهو يريد أن يسكت كل صوت حق. الفنان مستهدف كما هو المقاوم الذي يدافع عن أرضه وكما هو الصحافي الذي يستهدف حتى لا تصل الحقيقة إلى العالم، وكذا حال كل فلسطيني في الأراضي المحتلة وفي الشتات. ناهية الحديث بالتمني ان يحل السلام فوق أرض فلسطين وأن ينتهي الاحتلال الإسرائيلي كي ينعم الفلسطينيون بالسلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية