رام الله ـ «القدس العربي»: بعد الرفض الإسرائيلي لزيارة وفد الرباعية الدولية إلى فلسطين وإسرائيل لمرتين، زار الوفد المنطقة والتقى مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في محاولة جديدة لبحث فرص التهدئة على الأرض ومحاولة إطلاق مفاوضات جديدة بين الطرفين. وتأتي هذه المحاولة الدولية على وقع فشل محاولة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري منفرداً قبل عدة أسابيع للتوسط بين الطرفين.
وأعلنت إسرائيل صراحة أن فرص نجاح الرباعية بصياغة صفقة ملموسة من الخطوات البناءة للثقة منخفضة جدا. فقبل أسبوعين فشلت محاولة مشابهة قام بها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري. ورفض نتنياهو تطبيق غالبية الخطوات التي طالبه كيري بتنفيذها وتراجع عمليا عن التزاماته السابقة للأمريكيين في هذا الموضوع. كما لم يظهر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أي استعداد لتنفيذ الخطوات التي طلبها منه كيري ازاء اسرائيل.
ووصلت الوقاحة الإسرائيلية حد أن يتم تأجيل الإعلان عن المزيد من الوحدات الإستيطانية خلال زيارة كيري وإعلانها فور وصول وفد الرباعية الدولية إلى المنطقة. حيث صادقت اللجنة المحلية للتنظيم والبناء في القدس المحتلة نهائيا على خطة لبناء 891 وحدة سكنية في حي غيلو وراء الخط الاخضر. وكانت هذه الخطة قد أزيلت عن جدول الاعمال في اللحظة الاخيرة قبل اسبوعين خشية أن تؤدي إلى رد فعلي أمريكي شديد خلال زيارة نتنياهو الى البيت الابيض. وسبق وصودق على هذه الخطة لأول مرة في نهاية 2012. يشار إلى أنه يجري في غيلو «المقامة على أراضي مدينة بيت جالا» دفع عدة مخططات كبيرة للبناء في المدينة. وفي الماضي تسببت هذه المخططات بأزمات سياسية مع الولايات المتحدة. وقبل عامين وبعد المصادقة على خطة بناء 708 وحدات إسكانية في غرب الحي نقل عن وزير الخارجية جون كيري قوله إن التصديق على الخطة كان من مسببات انهيار المحادثات السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين.
واعترف صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بأن اللجنة الرباعية الدولية لم تأت بأي مبادرة لوقف الانتهاكات الاسرائيلية بحق شعبنا خلال لقائها مع القيادة الفلسطينية. وأضاف عريقات في تصريح للإذاعة الفلسطينية الرسمية أن اللجنة الرباعية أكدت على تنفيذ كافة التزاماتها تجاه الفلسطينيين بما في ذلك إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967. وأكد مطالبة القيادة الفلسطينية للجنة الرباعية بضرورة وضع حد للممارسات الاسرائيلية اليومية بحق أبناء الشعب الفلسطيني من إعدامات يومية ومصادرة للأراضي وهدم المنازل ونصب الحواجز العسكرية في مختلف المناطق بالضفة الغربية. وانه آن الأوان لمحاكمة اسرائيل على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن اسرائيل اختارت الحل الأمني كأداة لمحاربة شعبنا.
أما على الأرض فتتواصل الهبة الشعبية الفلسطينية وإن هدأت حيناً وتجددت بقوة حيناً آخر عن طريق عمليات المقاومة الفلسطينية سواء الطعن أو الدهس أو إطلاق النار تجاه قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين اليهود في الضفة الغربية والقدس.
فيما واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات الإعدام الميداني والقتل العمد للكثير من الحالات التي حاولت الروايات الإسرائيلية الترويج أنها عمليات ضد أهداف إسرائيلية. وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية فقد وصل عدد الشهداء الفلسطينيين الى 126 شهيداً منذ الثالث من تشرين الأول/أكتوبر الماضي فيما تجاوز عدد الجرحى الخمسة عشر ألف جريح فلسطيني بالرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدموع.
كما عمدت إسرائيل للعودة إلى سياسة الاعتقالات الكثيفة التي تمارسها يومياً بعيد منتصف الليل في كافة المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية وارتفع عدد الأسرى في سجون الاحتلال بشكل كبير جداً. وبحسب نادي الأسير الفلسطيني فقد تجاوز عدد المعتقلين منذ بداية الهبة الشعبية الثلاثة آلاف أسير يضافون إلى آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
وفي السياق أدانت جامعة بيرزيت الفلسطينية حملة الاحتلال الشرسة بحق طلبتها، واعتقال عدد منهم خلال الأشهر الأخيرة وكان آخرهم رئيس مجلس الطلبة سيف الإسلام دغلس وعدد من أعضاء مجلس الطلبة الذين اعتقلوا قبله بأيام.
واعتبرت الجامعة في بيان لها على أن التعليم حق مكفول في كل القوانين والشرائع الدولية وأن عضوية الجامعة في حملة الحق في التعليم ستمكنها من فضح الاحتلال، الذي يسوّق نفسه على أنه واحة للديمقراطية. مؤكدة أنها ستخاطب كل المؤسسات الأكاديمية في العالم، والمؤسسات الحقوقية والإنسانية، لتطلعها على جرائم الاحتلال بحق التعليم في فلسطين، التي يرتكبها بذرائع وحجج واهية، مطالبةً المؤسسات الدولية بالضغط على دولة الاحتلال للإفراج عن الأسرى في سجونها، ومنهم الطلبة.
وأضاف البيان أن استمرار سلطات الاحتلال في ممارساتها القمعية بحق أبناء الشعب الفلسطيني بشكل عام، والطلبة بشكل خاص سيعزز من الحراك الدولي المتصاعد في حملات المقاطعة الأكاديمية التي تتعرض لها مؤسسات الاحتلال ولن يثني جامعة بيرزيت عن دورها الريادي في التصدي للاحتلال. ووصل عدد طلبة الجامعة المعتقلين في سجون الاحتلال إلى 90 طالباً وطالبة إضافة إلى موظف في الجامعة وأستاذين آخرين.
وتأتي هذه التطورات في وقت تتوجه فيه أنظار العالم بأسره إلى الأراضي الفلسطينية وتحديداً مدينة بيت لحم في الضفة الغربية وذلك احتفالاً بأعياد الميلاد المجيدة. وأضاءت بيت لحم مهد السيد المسيح شجرة الميلاد أمام كنيسة المهد بالرغم من الظروف الحالية التي تشهدها فلسطين. مع الأخذ بعين الاعتبار اقتصار الأعياد على الشعائر الدينية وفاءً لدماء الشهداء الفلسطينيين.
كما سيحضر الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء رامي الحمد الله قداس منتصف الليل في ليلة الميلاد الرابع والعشرين من الشهر الجاري لنقل رسالة سلام من فلسطين إلى العالم أجمع أن فلسطين بحاجة ماسة للسلام وأنه آن الأوان لرفع الظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني.
فادي أبو سعدى