القاهرة ـ «القدس العربي»: 14 مليون مواطن يفقدون بطاقات التموين بأوامر حكومية.. قوانين جديدة ينظرها البرلمان لطرد ملايين الفقراء من منازلهم.. الحصول على الدواء حلم بعيد المنال على البسطاء.. الدجاج ممنوع على محدودي الدخل والأسماك للأثرياء فقط .. وثائق تحسم ملكية تيران وصنافير لمصر، لكنها مخفية بأوامر الحكومة.. حياة الناس الخاصة في قبضة الأجهزة السيادية.. الجنيه يواجه مصيراً مظلماً.
تلك كانت أبرز الموضوعات التي تناولتها الصحف المصرية الصادرة أمس الجمعة 13 يناير/كانون الثاني، التي خلفت بؤساً جماعياً للمصريين، كما تسببت في عشرات المعارك بين الكتاب، سواء الموالين للسلطة أو المعارضين لها. وبدورها كتبت «الأهرام» في صدر صفحتها الأولى على لسان الرئيس: «نسعى لدعم ليبيا دون تدخل خارجي». أما «الأخبار» فاهتمت بتصريح لرئيس وزراء مصر السابق إبراهيم محلب: «مصر جاهزة الآن للاستثمار». فيما اهتمت جريدة «اليوم السابع» بكشف تفاصيل لقاءات الساعات الأخيرة لحل أزمة إضراب الصيادلة، الذين يخوضون صراعاً ضد الحكومة التي ترفض الاستجابة للعديد من مطالبهم، التي ينادون بها منذ سنوات. واستعرضت جريدة «المصرى اليوم» قرار الحكومة برفع أسعار سجائر «كليوباترا وسوبر» بسبب ارتفاع سعر الدولار، بالإضافة إلى أنها كشفت كواليس ضبط شاب يخترق حسابات الفتيات على «فيسبوك» في محافظة الإسكندرية. ونشرت جريدة «الشروق» تفاصيل اتفاق الحكومة والمستثمرين على تشكيل لجنة لتسوية المديونيات الدولارية .. وإلى التفاصيل:
لم ننجح في الماضي .. ولا في المستقبل
الجدل حول مصر التي تتأرجح بين الديكتاتورية والديمقراطية يشغل الكثير من الكتاب والصحافيين، ومن بين من اهتم به عبد العظيم حماد في «الشروق» متصديا لرأي اثنين من الكتاب الأكاديميين سبقاه لمناقشة القضية في الصحيفة نفسها مؤخرا: «الدولة العميقة في مصر بقيادة المؤسسة العسكرية لم تنجح وحدها في الماضي، وإلا لما كنا وصلنا إلى ما وصلنا اليه قبل يناير/كانون الثاني 2011، وبعده، ولا يتوقع لها النجاح وحدها في مواجهة كل التحديات، وهذا ما يدفع من لا يفكرون بالأماني وحدها، مثل الدكتور أحمد عبدربه، والدكتور حسام بدراوي إلى البحث عن بديل يتأسس على المعطيات الكبرى في هذه الحقبة من تاريخ مصر. المفهوم إجمالا أن هذا البديل يتمثل في صيغة عملية ومقننة للمشاركة بين الدولة العميقة والمجتمع، صيغة تتيح لهذه الدولة العميقة الانتفاع بموارد وطاقات وخبرات المجتمع، على أسس وطنية موضوعية، وليس على أسس الولاء الفئوي أو الشخصي، ولا على أساس التسليم مقدما بامتيازات سياسية أو اقتصادية خارج القانون والدستور لمؤسسة أو جماعة، بحيث تتوافر الضمانات القانونية، وتتراكم تقاليد الشفافية والمساءلة، والثواب والعقاب والمنافسة الحرة في الاقتصاد، والتعليم والبحث العلمي، والصحة وسائر المرافق الإنتاجية والخدمية، على أن تختص الدولة العميقة بمهامها الكبرى، في حفظ السيادة والوحدة الوطنية والإقليمية لمصر، وإدارة الملفات الكبرى في الأمن القومي، والعلاقات الدولية الرئيسية.. يتساءل الكاتب، كيف يمكن عمليا الوصول إلى هذا الحل الوسط التاريخي بين الدولة العميقة وبين المجتمع في مصر؟ وإذا كان علينا أن نسلم أن الدولة من جانبها ليست مقتنعة حتى الآن، ولم تكن مقتنعة في يوم من الأيام بضرورة هذا الحل الوسط ولا جدواه، فلابد أن نسلم أيضا بأن المجتمع لم ينتج بعد التنظيمات والمؤسسات القادرة على دفع الدولة في هذا الاتجاه، بمعنى أن مصر تمتلك من الكفاءات الفردية في جميع المجالات من تباهي بهم الأمم، ولكنهم لا يمثلون إلا أنفسهم، ومن ثم فهم يستوعبون في الدولة العميقة فور جلوسهم على مقعد المسؤولية».
يوم أسود
وصف محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، قرار وزارة الصحة بزيادة أسعار أكثر من 3 آلاف صنف دوائي بأنه «يوم أسود في تاريخ الحق في الدواء في مصر، الذي يتم انتهاكه يوميا منذ أكثر من 3 أشهر. وحسب «الشروق» قال: «إن وزارة الصحة قررت رفع أسعار 7 آلاف صنف دوائي يوم 6 مايو/أيار الماضي، واليوم تم رفع أسعار 3 آلاف صنف جديد، وسيدفع المرضى من الملايين غير المؤمن عليهم الثمن؛ نتيجة إذعان الحكومة لطلبات شركات الأدوية المتعددة. وأكد أن أزمة الدواء في الدول العربية هي أنه سلعة مرتبطة بالاستيراد الخارجي، وسعر صرف الدولار، متسائلا: «ماذا سيحدث إذا ارتفع سعر صرف الدولار خلال الفترة المقبلة، هل ستلجأ وزارة الصحة لرفع الأسعار مرة أخرى، وهل ستمتنع شركات الدواء عن الإنتاج مرة أخرى؟ واستطرد: «المشكلة الأكبر في الـ85٪ الأخرى من الأصناف الدوائية التي لن تنتجها شركات الدواء حتى يوليو/تموز وأغسطس/آب المقبلين؛ لحين التفاوض مع الحكومة لتحريك أسعارها»، متابعا: لا نعارض حق شركات الدواء في العمل وجني الأرباح، لكننا نعارض عدم وجود تسعير عادل للأصناف الدوائية، وحماية حقوق المرضى غير القادرين. وكان الدكتور أحمد عماد وزير الصحة والسكان، قد أكد أن قرار زيادة أسعار الأدوية سيشمل 3 آلاف و10 أصناف دواء فقط، أي ما يمثل 25٪ من الأدوية المتداولة، موضحا أن عدد الأدوية المتداولة في السوق الدوائي المصري يبلغ 12 ألفا و24 نوع دواء».
التجسس مش عيب
«انقلبت الدنيا ولم تهدأ منذ أن أذاع الإعلامي أحمد موسى عبر برنامجه «على مسؤوليتي» الذي يبث على شاشة «صدى البلد» تسريبا لمكالمات البرادعي (الشهير بالبوب). وبدأ الهجوم المنظم على موسى من جهة، وعلى أجهزة الأمن المصرية من جهة أخرى، متهمين- أي المهاجمون- الأجهزة الأمنية المصرية بالتنصت على الرجل الثانى في الجيش المصرى الفريق سامي عنان. من جانبه يرى تامر عبد المنعم في «اليوم السابع» أن هذا هراء وسخف وتضليل للرأي العام اعتدناه من مطبلاتية يناير/كانون الثاني، منذ أن أصابتنا جميعا بعدواها في 2011. فالمنطق يقول إنه من الطبيعي أن تتم مراقبة محمول شخص مثل البرادعي شارك في أكبر مؤامرة عرفتها مصر، وشبكة علاقاته كافة تشوبها روائح كريهة، وحتى لا ننسى جميعا ونضع الأمور في نصابها السليم أن ما فعله البرادعي ورفاقه يعد جريمة قلب نظام الحكم وإثارة الفتنة في البلاد وزعزعة الاستقرار، وعلى أي شخص مسؤول بيده أدلة لكشفه أو كشف غيره أن يقدمها للرأي العام حتى تنقشع الغُمة وتقوم القوالب وتعود «الأنصاص» إلى جحورها».
مسمار في نعش الثورة
نبقى مع تسريبات البرادعي حيث يرى عماد عبد الراضي في «الأهرم»: «أن هذه المكالمات ستكون المسمار الأخير في نعش الحدث الذي لا زلنا نعاني آلامه وويلاته، حتى الآن، في بلادنا وأمنها واستقرارها واقتصادها، ذلك الحدث الذي يسمونه بـ«الثورة»، والذي أدعو الله أن ينجى مصر من شره وشر رجاله، وأبتهل إليه أن يوقف تداعياته الخطيرة التي بات كل مصري يشعر بها. تقول الحكمة إنه «لو كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب»، وفي مواقف كثيرة يكون الصمت أكثر وقعا وتأثيرا من الكلام، لكن يبدو أننا فقدنا حكمة الصمت، كما فقدنا كل شيء جميل في حياتنا بعد نكسة يناير «لا أعادها الله»، فقد أصبحنا نعيش في صخب وضجيج يصيب العقلاء بجنون حقيقي. إنك لا تكاد تسمع صوتا واحدا من شدة الضجيج، وكل واحد ممن يتكلمون يظن أنه يستطيع أن يعلو بصوته فوق أصوات الآخرين، وأنه قد أصبح صاحب الصوت الوحيد المسموع، بينما الحقيقة أن كلامه يضيع وسط الصخب، بل إنه ينتقص منه ومن مكانته بين العقلاء. ويرى الكاتب أن الزمن الحالي هو زمن الصمت، وأن الصامتين هم رجال المرحلة المقبلة، فالعاقل يعلم متى يصمت ومتى يتكلم ومتى يمكن أن يكون صوته فريدا ومسموعا، وعندما يحين وقت الكلام يعلم ماذا يمكن أن يقول، ويدرك لمن سيوجه حديثه، ويحرص على أن يكون صوته مسموعا، بل ومرغوبا في سماعه ربما لأجيال قادمة، وليس للحظة الآنية فقط، فهو أكبر من أن يضيع صوته في هذا الزحام، وحتى لو عاش بعض الوقت بعيدا عن الأحداث، فهو مؤثر بصمته حينما يصمت، وسيكون مؤثرا بكلامه حينما يتكلم.. أيها العقلاء.. إصمتوا، فلم يحن بعد وقت الكلام».
يجب ملاحقتهم
هل إذاعة هذه التسجيلات التي تنتهك الحياة الخاصة للمواطنين على قنوات خاصة يعفي الدولة من المسؤولية، والتزامها بوقف هذا الانتهاك بموجب قرار من هيئة الاستثمار، التي تدير مدينة الإنتاج الإعلامي الملتزمة بحماية الحقوق والحريات، وعدم الاعتداء على الأشخاص، وإحالة مرتكبي هذه الجرائم، سواء التسجيل والتنصت أو الإذاعة، لجهات التحقيق ومحاكمة كل من ارتكب هذه الجريمة؟ يجيب حافظ ابو سعدة في «الوطن»: «يجب أن نعود للدستور وقانون العقوبات، فتنص المادة 57 من الدستورعلى أن: «للحياة الخاصة حرمة وهي مصونة لا تُمس، وللمراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الأحوال التي يبينها القانون، كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها بشكل تعسفىي، وينظم القانون ذلك، كما نصت المادة 309 مكرر على أن : يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن. ثم عاقبت المادة 309 مكرر أ بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل، ولو في غير علانية تسجيلا أو مستندا متحصلا عليه بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة، أو كان ذلك بغير رضا صاحب الشأ . إذن مسؤولية الدولة تتحدد وفقا للدستور والمواثيق الدولية في وقف هذه الانتهاكات فورا ومعاقبة كل من سجل أو أذاع بالحبس، ولا يجوز الاحتجاج بأن من أذاع هي قنوات خاصة، فدولة القانون تحمى حقوق الإنسان للمؤيدين والمعارضين وتحمي حرمة الحياة الخاصة، وإلا تصبح دولة تنتهك حقوق الإنسان بشكل منهجي».
الإعلام في خطر
«نعاني في مصر منذ فترة طويلة ـ بعد شيوع الفضائيات الخاصة ـ من الإعلام غير المهني، الذي جعل مقدمي برامج «التوك شو» على وجه الخصوص يخالفون أبسط قواعد الإعلام المعترف بها عالميا، وفي مقدمة هذه القواعد، كما يشير السيد ياسين في «فيتو»، ألا يحتكر مقدم البرنامج الميكروفون لنفسه، ويظل يتحدث بمفرده طوال الوقت في شكل مونولوج طويل وممل، وأسوأ من هذا بكثير أن هذا المذيع أو بمعنى أدق «مقدم البرنامج» حتى لو كان من بين أنصاف المتعلمين ممن دخلوا مجال الإعلام بالصدفة أو بالواسطة، يبيح لنفسه أن يفتي في كل الموضوعات من أول التسلح الذري والصواريخ العابرة للقارات إلى المعضلات الاقتصادية والمشكلات السياسية والاجتماعية. وهي أحاديث تافهة وتعليقات في كثير من الأحيان مستفزة وتفتقر إلى المصداقية. وإذا أضفنا إلى هذه السلبيات شخصية مقدم البرنامج الذي -لسبب أو لآخر- قرر أن يقوم بدور الزعيم السياسي الذي يحترف نقد سياسات الدولة في كل المجالات – عّمال على بطال- فتلك في الواقع من إبداعات الإعلام المصري التي لا سابقة لها في الإعلام العالمي. وما دمنا ذكرنا الإعلام العالمي كما نشاهده في برامج متعددة تذاع باللغة الإنكليزية أو الفرنسية، فإننا نراه يتسم بالسمات التالية، وهي التركيز الشديد وعدم الثرثرة الفارغة واحترام التخصص العلمي. فإذا كان موضوع المناقشة مسألة إستراتيجية فإن مقدم البرنامج يستضيف مفكرا إستراتيجيا أو أكثر لمناقشة الموضوع، وقد يحرص على أن تكون آراؤهم مختلفة حتى يتيح الفرصة لظهور الرأي والرأي الآخر. أما لو كان الموضوع متعلقا بالعلم فإنه يستضيف عالما أو أكثر ليتحدث، وكذلك الحال في مجال الآداب والفنون».
الفساد عدونا الأول
من الرسائل المهمة التي وجهها الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤخرا، والتي يهتم بها رئيس التحرير التنفيذي لـ«الوفد» وجدي زين الدين رسالة مهمة وهي الحرب على الفساد: «الرئيس قال إنه لن يسكت عن فاسد يسرق جنيها.. حديث الرئيس عن الفساد بمثابة إعلان حرب حقيقية على الفساد. حديث الرئيس عن الفساد يعنى بدء قيام الدولة الجديدة بمهمة شاقة، وهي اقتلاع جذور الفساد بالتزامن مع الحرب على الإرهاب، الذي بات وشيكا اقتلاع جذوره من البلاد، وأعتقد أنه عما قريب سيتم الإعلان عن أن مصر باتت خالية من هذا الإرهاب الغاشم. الفساد ظاهرة بشعة موجودة في البلاد وتزايدت على مدار ثلاثين عاما من الفوضى، وهناك من تكرشت بطونهم بشكل سافر بسبب هذا الفساد، وهو ظاهرة ليست مقصورة على فئة دون الأخرى. الفساد شمل قطاعات كبيرة من الدولة ابتداء من كبار وانتهاء بصغار، وخير دليل على ذلك الفساد الذي استشرى في المحليات، ووجدنا وما زلنا نجد آثاره المدمرة تحيط بالمصريين بشكل يدعو إلى الحزن والأسى. والبيروقراطية والروتين فساد كبير، وعدم إنهاء مصالح الناس فساد في فساد، والمآسي التي نراها مثلا في المستشفيات الحكومية فساد، وتزداد هذه الظاهرة داخل مؤسسات كبيرة وحتى العملية التعليمية باتت فاسدة.. ولم ينج قطاع واحد في البلاد دون أن يعتريه هذا الفساد بأشكال وألوان مختلفة، كل حسب طبيعة هذه المؤسسة. ولأن الدولة الجديدة تؤسس لمشروع وطنى جديد، لابد من نسف هذا الفساد والقضاء عليه تماما، وإلا سيظل سيفا مسلطا على خطط ومشروعات الدولة الجديدة التي تهدف إلى توفير حياة كريمة لخلق الله».
أزمة سياسات
في الوقت الذي تسعى فيه كل مصر إلى جذب هذا، أو التفاهم مع ذاك، أو تجميل الصورة بصفة عامة، يخرج علينا بكل بساطة عبد الناصر سلامة في «المصري اليوم» ليؤكد طوال الوقت: «أن مصر في حالة حرب، وأن الإرهاب يستهدف مصر، وأن دولا أجنبية ومنظمات عالمية تهدف إلى زعزعة استقرار مصر، أن هناك أهل شر في مصر، أن هناك متآمرين على مصر، باختصار: أن مصر غير آمنة الرسالة الواضحة إلى الخارج هي أننا هنا نعيش في جحيم، أننا طوال الوقت نعمل على صد العدوان، نستيقظ على تفجيرات هنا وحرائق هناك، هي حرب الاستنزاف، هي حرب 67، أضف إلى ذلك تلك التسريبات المسجلة هاتفيا لبعض نخبة المجتمع، التي تتم إذاعتها على فترات متقاربة، في رسالة أيضا إلى الداخل والخارج معا بأننا لسنا أبدا دولة قانون، ناهيك عن هذا الكم من القضايا، التي تصدر بشأن مئات المتهمين فيها أحكام بالإعدام، بدرجات التقاضي الأولى، بخلاف آلاف المحبوسين احتياطيا، وعشرات آلاف المساجين، بما يجعل من المحروسة طاردة لكل الأموال والمستثمرين والمواطنين والأجانب في وقت واحد، سائحين كانوا أو غير ذلك. لا يعتقد الكاتب أن ذلك أمر مقصود، وهو تطفيش خلق الله من بر مصر، أو تطفيش الأموال والاستثمارات، هو بالتأكيد عدم تنسيق، أو عدم وعي، أو عدم وجود خطة عمل متكاملة، في غياب مستشارين يجب أن يضعوا توصياتهم حول الخطاب السياسي تحديدا، ما يجب أن يُقال في هذه المرحلة، وما يجب التنويه عنه، وما يجب عدم الخوض فيه، وما يجب التركيز عليه، وكيفية طمأنة المواطن والأجنبي في آن، من خلال عودة شعار مصر بلد الأمن والأمان».
مع سبق الإصرار
امتنعت الحكومة عن تسليم العديد من الوثائق المهمة التي تؤكد أحقية مصر في امتلاك جزيرتي تيران وصنافير، وهو الأمر الذي يؤكد استهانتها بتراب الوطن. وفي ما يلي يقدم محمد نور فرحات في «المصري اليوم» اهم تلك الوثائق: «امتنعت الحكومة عن تقديم محضر اجتماع مجلس الأمن سنة 1954. وتمكن الدفاع من الحصول عليه. امتنعت دار الوثائق عن تنفيذ قرار المحكمة بتسليم صور من الوثائق ذات الدلالة، وحرر المدعون بذلك المحضر رقم 3139 إداري شرطة بولاق. امتنعت الحكومة عن تقديم الاتفاق المزعوم وجوده بين مصر والسعودية عام 1950 بشأن وجود مصر على الجزر، أو حتى الخطاب الذي زعمت قيام ملك السعودية بإرساله لمصر في 17 يناير/كانون الثاني 1950 مما ينفى هذه المزاعم. امتنعت الحكومة عن تقديم خطاب إخطار مصر للسعودية برفع العلم المصري في 30 يناير 1950، ورد السعودية على هذا الخطاب في اليوم ذاته. كما امتنعت عن تقديم الرسائل التي أرسلتها مصر لسفارتي إنكلترا وأمريكا بعد رفع العلم المصري على الجزيرتين تخطرهما بمصريتهما. وامتنعت الحكومة عن تقديم الخطابات المتبادلة بين وزارات الحربية والخارجية والمالية بشأن الجزيرتين، وجاء فيها أن الجزيرتين مصريتان. وامتنعت الحكومة عن تقديم فتوى المستشار وحيد رأفت بتاريخ 12 يناير 1950 برفع العلم على الجزيرتين، وتم تنفيذها من اليوم التالي، وأخطرت مصر السعودية وإنكلترا وأمريكا، بما يفيد بتحركها بإرادة منفردة. وهذه الوثائق منشورة برسالة الباحث فكري سنجر، التي أجيزت في جامعة القاهرة وعنوانها «مشكلة المرور في خليج العقبة عبر مضيق تيران». قدمت الحكومة خطابا من دار الوثائق يفيد بأنه لم يتم العثور على وثائق متعلقة بالجزيرتين، رغم أن الدكتور صبري العدل (وهو أحد كوادر الدار)، نشر هذه الوثائق في كتابه عن «تيران»، وذكر أنها محفوظة في دار الوثائق».
عالم بلا ضمير
«فجأة وبقدرة قادر تحولت إسرائيل الكيان الصهيوني الغاصب، الذي قتل وشرد وعذب شعبا عربيا وأخرجه من أرضه عبر استعمار استيطاني، وإرهاب دولة كانت هي العنوان الأقدم في القرن العشرين للإرهاب، كما يؤكد أحمد بان في «البديل»، إلى دولة تعاني من الإرهاب الذي جعلها مستهدفة من قبل تنظيم «داعش»، الذي اتهمه المجرم الصهيوني نتنياهو في محاولة جدية لاستغفال عقولنا بأنه نفذ عملية دهس جنود في القدس المحتلة، تبقى إذن أن تطالب إسرائيل بانضمامها إلى التحالف الدولي في مواجهة الإرهاب، لتتأكد ربما بنفسها من نجاح خطتها في إضعاف العرب والمسلمين والاطمئنان على سير المعارك في الساحات التي أشعلتها في كل دول الطوق، حيث اتجهت إرادة الولايات المتحدة مع ربيبتها إسرائيل، وقبل انسحاب أمريكا من المنطقة أن تتركها خرابا يبابا في مواجهة إسرائيل، التي ما زالت تواصل إرهابها الذي لم يتوقف تحت سمع وبصر العالم المنافق، ما بين عمليات قتل على الحواجز العسكرية التي نشرتها في كل أنحاء الضفة الغربية، وزاد عددها عن 472 حاجزا، أو عبر الاستيطان الذي تمدد بالموافقة خلال هذا العام فقط على بناء 27335 وحدة استيطانية تضم 19 ألف وحدة في القدس وحدها، في إطار المخطط المتسارع لتهويد القدس، ولديها 7 آلاف حالة إعتقال بينهم 1240 طفلا، إضافة إلى هدم المنازل وحصار قطاع غزة الذي يضم 2 مليون إنسان، يعيشون في ظروف حصار خانق ويموتون تحت صمت العالم وتخاذل الأشقاء. ننعش ذاكرة العالم المنافق ببعض جرائم الكيان الصهيوني المجرم عبر دولة الإرهاب إسرائيل، التي يراد خداعنا اليوم بحقيقتها عبر تشويه عملية مواطن مقدسي، عبّر عن غضب الأحرار في العالم العربي والإسلامي وركب جرافة هدمت بيوت الفلسطينين وقتلتهم، ليقتل عددا من جنود الكيان الصهيوني في قلب القدس، ليمسح على ظهور المظلومين ويحرك الأمل في نفوس المكلومين ممن ابتلعوا حسرة الصمت المخزي في مواجهة جرائم إسرائيل».
عيسى ينقلب على السيسي
في أول ظهور له، بعد قرار الإطاحة به من فضائية «القاهرة والناس» ووقف برنامجه، على خلفية معركته الأخيرة مع برلمان النظام، وتطرقه لبعض المواضيع التي يعتبرها النظام نفسه محظورة على فضائياته. شن الإعلامي الموالي للنظام العسكري، وأحد ركائزه الأساسية إبراهيم عيسى، هجوما حادا على النظام. وأشار، حسب جريدة «الشعب»، في لقائه مع برنامج «بتوقيت مصر»، المذاع على قناة «بي بي سي»، إلى أن قرار وقف برنامجه «مع إبراهيم عيسى»، جاء بعد مشاورات مع طارق نور، رئيس مجلس إدارة القناة، معتبرا أنه «خُيِّر بين مصيبة وقف البرنامج ومصيبة أكبر – في إشارة منه إلى الأساليب القذرة التي يتخذها النظام ـ فاتفق مع طارق نور على الاكتفاء بمصيبة وقف البرنامج، وأنه كان لابد من وجود لحظات إيثار، ففضل وقف البرنامج على مصائب أخرى أكبر، مشيرا إلى أن النظام ضاق صدره بالبرنامج وغيره من البرامج التي لا تلتزم حرفيا بتعليماته حتى أصبح لا يسع إلا نفسه. وكان عيسى قد تعرض لهجوم شديد، عقب حديثه عن احتمال إجراء تعديل في دستور العسكر للتمديد للسيسي، حيث تمت معاقبة مالك القناة طارق نور بإلغاء معرض الأثاث «لو مارشيه» الذي ينظمه سنويا، وكان يفترض إقامته يوم 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي، ما كبده خسائر تقدر بملايين الجنيهات، إلى جانب بعض المضايقات الآخرى التي تعرضت لها أعمال طارق نور، في مجال الدعاية».
مستقبل مؤلم للفقراء
هناك حلقة مفقودة بين أداء الحكومة وأداء البرلمان حتى وصلت الأمور بينهما إلى حالة ضبابية في الرؤى والقرارات، وفق ما يرى فاروق جويدة في «الأهرام»: «لا يوجد شيء من التنسيق بين ما يحدث في كواليس الوزارات وقاعات البرلمان، هناك قرارات وهنا توصيات ومشروعات قوانين، والجميع يصب على رأس المواطنين بالقلق والإزعاج والأعباء.. وأمام غياب التنسيق بين المؤسستين الرئيسيتين في الدولة وهما السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، تنطلق قذائف صاروخية في صورة بيانات أزعجت الناس كثيرا. ومع صخب إعلامي مجنون والرغبة في إشعال الحرائق، نجد الآن في كل بيت محنة وعلى كل لسان صرخة، لماذا تحدث كل هذه الأشياء في وقت واحد؟ وهل هي مؤامرة نصنعها بأيدينا» أم إنها أخطاء أشخاص لا يدركون معنى المسؤولية والظروف الصعبة التي تعيشها مصر؟ لم أفهم أن تنطلق على الشاشات والصحف أربعة مشروعات قوانين يدور بها عدد من الأعضاء حول الإيجارات القديمة، والكل يتحدث عن طرد المستأجرين وكأننا أصبحنا نتعامل بمنطق العصابات، بحيث يجد المواطن نفسه خارج جدران بيته في الشارع. لم يدرك هؤلاء الذين أطلقوا هذه المناقشات والتصريحات على الفضائيات أن مصر تعاني أزمة خانقة في الإسكان، وأن مثل هذا القانون يحتاج إلى دراسات تراعي البعد الاجتماعي والأمني والاقتصادي لمثل هذه القرارات.. كيف سمح الدكتورعلي عبد العال رئيس مجلس الشعب لعدد من الأعضاء أن ينطلقوا بلا ضوابط أو مسؤولية في مسلسلات عنترية تتحدث عن طرد المستأجرين من مساكنهم، إذا كان في المجلس عدد من الأعضاء من أصحاب العقارات يريدون طرد سكانها، فهذه قضية أخرى، وإذا كانت هناك عصابة من رجال الأعمال تريد شراء ما بقي في قلب القاهرة من العمارات العتيقة فهذه قضية أخرى، أما أن نجد في مجلس الشعب مرة واحدة أربعة مشروعات قوانين أزعجت الناس لأنها تدعو إلى طردهم فهذه ظواهر ينبغي عدم السكوت عنها».
ترويضه مستحيل
ترامب، في مؤتمره الصحافي الأخير بدا أن شيئا فيه لم يتغير منذ كان منخرطا في مهرجانات مصارعة المحترفين، وتأكدت مقولة إنه من الصعب أن تعيد تأهيل شخص في السبعين من عمره نفسيا وسلوكيا، ويستشهد جمال سلطان في «المصريون» بتصرف ترامب مع مراسل «سي أن أن» أمام العالم كله بطريقة لا تليق حتى برئيس إحدى جمهوريات الموز، وليس الولايات المتحدة، كما بدا منه اعتراف متأخر بأن روسيا قد تدخلت بالفعل في الانتخابات الأمريكية، ما ساهم في فوزه، كما سخر من تسريبات تحدثت عن وجود ملفات جنسية فاضحة له لدى المخابرات الروسية وأنها «تلاعبه» بها، والأسوأ أن جهات استخباراتية بريطانية قالت إن كثيرا من تلك الملفات موجودة لدى أطراف أخرى غير روسيا، بما يعني أن أياما سوداء تنتظره وقد تسقطه قبل إكمال مدته. ترامب حالة فريدة لم تشهدها الولايات المتحدة من قبل، غير أن ما يهمنا في تلك القصة الآن هو انعكاسات مواقفه وسياساته وتحالفاته على شؤون المنطقة، فالرجل جمع متناقضات تستغرب كيف يمكن أن تجري شؤون المنطقة وفقها، فهو صديق لنظام أردوغان في تركيا ومتحمس للتحالف معه، وأيضا هو صديق لنظام السيسي في مصر ـ خصم أردوغان ـ ومتحمس أيضا له، كما أنه يرتبط بعلاقات جيدة مع الإمارات بخلفيات بيزنس كبير، لكنه يحمل كراهية وأحقادا لا تخفى للسعودية ولعرب الخليج بشكل عام، وهو متحمس للعلاقات مع العراق وتنسيق الجهود مع حكومته لمواجهة «داعش»، لكنه متحمس بالقوة نفسها للصدام مع إيران».
غير مأسوف عليه
«خدعنا وغشنا وتصورنا أنه ملاك فتآمر ضدنا كالشياطين، بهذه الكلمات ودع كرم جبر في «اليوم السابع» الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته. بهرنا الفتى الأمريكي الأسمر، بالمجيء إلى القاهرة في مستهل حكمه، مرتديا ثياب الثعالب الماكرة، متحدثا بلسان زائف وعبارات خادعة، ولم يكن يستحق أن نصفق له كثيرا كما فعلنا، لأنه قاد التآمر السافر على بلدنا، وكان كله همه أن يعيد المعزول إلى منصة الحكم، ويمكّن الإخوان من السيطرة على البلاد، لاستكمال لعبة الفوضى الخلاقة، وتفكيك مصر وتشريد شعبها، كما حدث في دول الجحيم العربي.30 يونيو/حزيران كان صفعة قوية على وجه أوباما الذي يغادر البيت الأبيض غير مأسوف عليه، لم يتخيل أن أحلامه المجنونة، تتحطم فوق صخرة شعب أبي، استرد وطنه من بين أنياب الشيطان، ولم تأبه مصر لتهديداته بالحرب والتدخل العسكري، وفشل حصاره الاقتصادي بوقوف المصريين خلف قيادتهم، وزادت قوة جيشها وتنوعت مصادر تسليحه، رغم قطع المعونات العسكرية، فأدرك أنها دولة وشعب ليس لهما حل، لا ترضخ ولا تتنازل ولا تستسلم ولا تركع إلا لخالقها. أوباما عند المصريين هو أسوأ حاكم في التاريخ، أسوأ من جونسون الذي كان سببا رئيسيا في هزيمة يونيو/حزيران 1967، ومن بوش الابن الذي دمر العراق بالتآمر والمكيدة، أما أوباما فقد استهدف مصر ووضعها في رأسه، وبذل قصارى جهده لتفكيكها وإضعاف جيشها وهدم مؤسساتها، وإلحاقها بقطار الجحيم العربي».
حسام عبد البصير