«عقد اجتماعي جديد»… عبارة الرزاز الأكثر حساسية والجميع يسأل في الأردن: بين من ومن؟

عمان – «القدس العربي» :لاحظ كثيرون كيف عبر رئيس الوزراء الاردني الجديد الدكتور عمر الرزاز بسهولة خلال إلقاء بيانه الوزاري تحت قبة البرلمان عن عبارة «عقد اجتماعي جديد» حيث مر عليها مرور الكرام دون تجاهلها او التركيز عليها أو حتى شرحها. عملياً يمكن القول إن تلك العبارة التي كانت أول إعلانات الرزاز عند تكليفه بتشكيل الحكومة تثير من الجدل والنقاش والمخاوف حجماً يدلل عملياً على أن مراكز الثقل بالقرار داخل الدولة «غير متفقة بعد» على مجمل نهايات ودلالات وظروف وصلاحيات تشكيل حكومة الرزاز.
طوال الوقت وقبل تقدمه بالبيان الوزاري يعلن الرزاز بان خطاب التكليف الملكي الرسمي له أمره بالعمل على عقد اجتماعي جديد. وتراث الرجل البحثي نفسه قبل الرئاسة وحتى قبل الوزارة كان يكثر من الحديث عن ضرورة صياغة عقد اجتماعي جديد بين الأردنيين ودولتهم. أطلق الرزاز خطابه بالسياق دون ادنى شروحات من اي نوع أو تفاصيل لفكرة «مغرية جداً» بالنسبة للتيار المدني ولكل من يمارسون الشغف بـ»الإصلاح السياسي».
بذكاء شديد تجنب رئيس الوزراء تسليط الضوء على مضمون خطته بخصوص العقد الاجتماعي الجديد أكثر مما ينبغي دون تجاهل العبارة كصياغة في كل المناسبات. الأمر الذي يدلل على مسألتين في غاية الاهمية الاولى ان الرزاز لا يبدو واثقاً بعد من أن المؤسسة العميقة ستسمح له فعلاً بالخوض في صياغة «عقد إجتماعي جديد» وأنه وإن كان يطمح بذلك يسعى بعد الإنتهاء من مواجهة ثقة البرلمان إلى «التفاوض» من أجل «تقميش وتفصيل» مضمون العقد إياه والطريقة والمسافات التي يمكن ان يصلها. ليس سراً ان التفاوض هنا ليس مع الناس ولا مع البرلمان بل مع مركز القرار المرجعي الذي تعمل الحكومة اصلاً بضوء توجيهاته.
لذلك فقط يمكن القول بأن الرزاز يتقصد خلال التقدم ببيان وزاري للبرلمان التأشير مجدداً على نواياه بخصوص العمل على هذا العقد تاركاً التفاصيل لوقتها الانسب والانضج حتى يتمكن فريقه شرعياً وسياسياً وحتى يقرأ عقل الحكومة لاحقا المسموح والمحظور بخصوص المضي قدماً بمشوار العقد الجديد.
يحصل ذلك في الواقع فيما حاول عديدون تذكير الرزاز بان خطاب التكليف الملكي الرسمي لم يتضمن اي توجيه بخصوص العمل على عقد إجتماعي جديد على اساس ان ذلك العقد يفهم ضمنياً ان الهدف منه «تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم» وهي مهمة برأي مراقبين كثر «أكبر بكثير» من حكومة الرزاز وغير واقعية.
هنا حصرياً برز غبار الفوضى والتأويلات فقد حذر وزير البلاط الاسبق الدكتور مروان المعشر الرزاز في مقال علني مستذكراً ما حصل معه عندما ترأس لجنة الأجندة الوطنية في مهمة مماثلة لافتا إلى ضرورة التركيز على الاوراق الملكية النقاشية.
لاحقاً قال عضو البرلمان الاسلامي صالح العرموطي بعدم الحاجة للحديث عن عقد اجتماعي جديد مطالبا الرزاز فقط بالعودة للالتزام بالدستور.
حتى الرجل الثاني في الحكومة نفسها الدكتور رجائي المعشر يتحدث من داخل التجربة ومكاتب الرئاسة لزواره وضيوفه عن تفسير مختلف لمقاصد الإلتزام الحكومة بالعقد الاجتماعي رابطاً المسألة بالسياسة الاقتصادية والحوار وحصرياً بالعلاقة «الضريبية» بين المواطن والحكومة.
مقصد المعشر الكبير بنسخته الحكومية واضح هنا وهو تجنيب الحكومة الوقوع في «لغم» كبير مع بقية المؤسسات في الدولة والتحدث بواقعية عن علاقة الضريبة بالخدمة وتجنب الغرق في مستنقع التجاذب الذي يمكن ان ينتج عن فكرة اللعب بالعلاقة بين الحكم والشعب. ولا يبدو ذلك التفسير هو المعتمد لدى الرزاز نفسه لكن إجتهادات نائبه المعشر تدلل في السطر الاخير على ان الحكومة نفسها لم تعتمد بعد تعريفاً لواحدة من أكثر الأدبيات حساسية التي ترد بكل مناسبة على لسان رئيس الحكومة.
في المقابل اغلب التقدير ان قوى اساسية موازية في البرلمان وفي ظل الدولة تقترح على الرزاز «تصغير حجره» قليلا والتحدث عن عقد بين حكومته والناس وليس بين المحكومين ومؤسسة الحكم وعلى اساس ان ذلك «تفويض» كبير وخطير ومسيس ليس مرحلته الان ولا يقع ضمن مساحة حكومة ولدت للتو في ظرف استثنائي اقتصادياً وشارعياً واقليمياً.
الخشية متواصلة على مستوى «سوء نوايا» الحرس الكلاسيكي من ان يكون الهدف الابعد لجملة العقد الاجتماعي سياسي دولي أوله علاقة بمشروع الملكية الدستورية وبأجندات ومشاريع خارجية مع تحذير الحكومة الوليدة وبلهجات عدة من ان ذلك خط أحمر لن يسمح لها بالإقتراب منه وسيقاوم بضراوة.
لذلك تشعر الحكومة بالقشعريرة السياسية التي تجتاح مراكز القوى المحافظة في بقية مؤسسات الحكم كلما تحدث الرزاز عن ذلك العقد الاجتماعي بدون مسوغ دستوري، الأمر الذي يقاومه الرئيس ويديره عبر الاحتفاظ بتفاصيل تلك الورقة في جيبه حتى يتمركز في موقع «مساومة» أكبر عند تثبيت وزارته والانتقال للمستوى التالي أو حتى «يتراجع» وينخفض بسقفه اذا لزم الامر في أي مرحلة.
هنا حصرياً تبرز مزايا الميل «للتسوية» في شخصية الرزاز وتجنب الصدام او القتال والعمل من العمق وبالتدريج ومهارات المقايضة والتفاوض التي سبق لها ان اختبرها في مستويات أدنى مع موظفين «حيتان» في وزارة التربية والتعليم في تجربة من الصعب إخضاعها لأي قياس منطقي.

«عقد اجتماعي جديد»… عبارة الرزاز الأكثر حساسية والجميع يسأل في الأردن: بين من ومن؟

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابو رامي ، الاردن:

    كيف سيتم تنفيذ عقد اجتماعي جديد في بلد يقف فيه الحرس القديم ضد اي تجديد حفاظا على مراكزهم ومكاسبهم ويقف فيها الاسلاميون بوجه كل تحديث وتطوير بدعوى الحفاظ على الدين والموروث وهما القوى الرءيسيه في البلد والتي تشدها نحو الجمود والخلف

  2. يقول سامح //الأردن:

    *رئيس الوزراء(الرزاز ) بحاجة لدعم الجميع
    لتنفيذ اجندته كاملة(وفقه الله).
    *حمى الله الأردن من الأشرار والفاسدين.
    سلام

  3. يقول تيسير خرما:

    الحل الجذري خفض ميزانية حكومة ووحداتها المستقلة للربع وخفض ضرائب ورسوم للربع بتقليص هيكل تنظيمي حكومة وعديده واقتصار على تنظيم وترخيص ورقابة ودمج هيئات مستقلة بوزاراتها وإلغاء سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وكوادرها وإستعادتها للحكومة ووزارات قائمة وإنشاء شركات كبرى حكومية بكل مجال معفاة تشغل أردنيين متعطلين وتورد كل ربحها للحكومة وتسعير خدمات حكومية تقدم مجاناً لثلاثة ملايين أجنبي ولغير حاملي رقم وطني وأختصار تسعير سولار وبنزين للمستهلك مثل لبنان وأمريكا كونها مواد أولية لكل عمل ونقل وتنقل

  4. يقول مرحبا بكم:

    ما دام تتساءل هناك نوعان من العقد الاجتماعي. . فعلي و افتراضي الكلام عند العرب افتراضي لا أكثر.
    كيف ستحل الفضلية و العدالة مكان الغرائز و الشهوات. ؟

  5. يقول هاني:

    اليلد بحاجة الى نسخة من ارودغان تركيا او مهاتير ماليزيا ..وغير هيك كلام فاضي مكرر من قبل رؤساء الوزراء السابقون واللاحقون….مصطلحات مبهمة واجتهادات كاذبة ، الفاسدون يسرحون ويمحون في عرض اليلاد وطولها ولا احد يستطيع ان يقترب منهم ..

  6. يقول عالم سياسي:

    يا سيدي اعتقد بان دولة الرئيس في واد والشعب في واد اخر فاصبح كما يقول المثل الاردني الشعبي مثل معيد القريتين…وسيحاسبه الشعب بقوة اكبر لانه هو من اوصله للرابع…تشكيلته الوزاريو مخيبة للامال وتفتقد الى اي نكهة سياسية…واتوقع ان يفشل الرزاز فشلا ذريعا…فلا نرى افعالا…والرئيس شخصيته تبدو ضعيفة امام كبار الشخصيات ت
    العشائرية بالتالي هو مجرد مرحلة انتقالية لن تطول. وهنا الرسالة للحراك بان من ازصلتوه لن يحقق شيئا ومن يحقق هو من نعينه نحن من الدولة العميقة.

إشترك في قائمتنا البريدية