مدريد ـ «القدس العربي»: ستعمل العربية السعودية على تهدئة الأوضاع الدبلوماسية مع كندا تجنبا لمزيد من الضغط بعد جريمة مقتل عشرات الأطفال في صعدة في اليمن، وارتفاع أصوات تنادي بتحقيق دولي في هذه الجريمة وانضمام الاتحاد الأوروبي إلى المطالبة بتوضيحات في اعتقالات تقع في السعودية.
وتمر العلاقات بين العربية السعودية وكندا بأزمة حقيقية جراء انتقادات كندية لوضعية حقوق الإنسان في هذا البلد العربي، حيث اتخذت الرياض إجراءات سريعة وعنيفة ضد كندا مثل تعليق الرحلات وسحب المرضى من المستشفيات الكندية والطلبة من جامعات هذا البلد.
وتراقب كندا هذه الإجراءات بدون رد فعل قوي بل تفضل الحكمة لأنها تدرك محدودية الإجراءات السعودية الصادرة عن نرفزة دبلوماسية أكثر منها إجراءات صادرة عن اقتناع حقيقي. ومن جانبها، كتبت جريدة لوموند الفرنسية في عددها الذي يصدر اليوم السبت (الصادر مساء أمس بتاريخ اليوم) بمحدودية العقوبات الاقتصادية السعودية ضد كندا بحكم عدم تجاوز التبادل التجاري بين كندا والسعودية مليارين و700 مليون يورو. وعليه، يبقى التلويح بمزيد من العقوبات بدون معنى.
وتفيد الكثير من المؤشرات باحتمال تراجع السعودية خلال الأيام المقبلة عن التصعيد مع كندا بسبب «انضمام دول غربية إلى مطالبة السعودية باحترام حقوق الإنسان، وقد بادرت المفوضية الأوروبية كممثلة ل 27 دولة أوروبية بمطالبة الرياض بمعلومات عن اعتقالات وقعت ضد نشطاء سعوديين». وكتبت جريدة «لودوفوار» الكندية في عدد أمس «هذه الأزمة يرغب ولي العهد توجيه خطابات إلى الداخل والخارج، ولكن الخطير الذي كان سيقع لو اتحدت الدول الديمقراطية لتنبيه السعودية، هذا حتى الآن لم يحدث».
ويقول مصدر دبلوماسي أوروبي من بروكسيل لجريدة «القدس العربي»: «لم نتفاجأ من ردود فعل السعودية العنيفة، فقد فقدت دبلوماسية الرياض البوصلة منذ سنتين، حيث تتخذ قرارات غريبة عن تاريخها الدبلوماسي، وهي قرارات متسرعة توحي وكأنها مستوحاة من سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب»، في إشارة إلى القرارات التي يقدم عليها ولي العهد محمد بن سلمان. ويضيف المصدر «تحاليل الرياض خاطئة، فهي هاجمت كندا اعتقادا من أن الأزمة بين كندا والولايات المتحدة ستصب في صالحها، لكنها تفاجأت بالموقف الأمريكي الذي طالب بتوضيحات حول الاعتقالات التي جرت في السعودية والآن المفوضية الأوروبية». ويتساءل المصدر «ما معنى سحب المرضى السعوديين من المسشتفيات الكندية، هذا عمل لا يقدم عليه أحد».
وتؤكد الصحافة الكندية وجود مساعي في الكواليس الدولية للتهدئة بين البلدين. لكن وفق المراقبين ستتراجع السعودية عن التصعيد تحسبا من اتحاد الغرب ضدها وأساسا بعد الجريمة البشعة التي وقعت ضد أطفال أبرباء في اليمن بقتل طيران التحالف العربي 39 طفى في قصف لحافلة مدرسية. وتذهب تحاليل الصحافة الكندية إلى عدم التنازل عن القيم الغربية في مواجهة السعودية. وكتبت المحلل الكندي دوك ساندرس أن هذه الأزمة ربما هي هدية لكندا لكي تبتعد عن دولة مثل السعودية لا تحترم القيم وتضع الأشياء المادية فوق كل اعتبار.