على السيسي بناء جسور الثقة مع الشعب… وثورة يناير طوت جيلا سياسيا آن له أن يستريح ويريح

حجم الخط
2

القاهرة ـ «القدس العربي» أبرز الأخبار في صحف أمس الثلاثاء 3 يونيو/حزيران كان صعود البورصة مرة أخرى، بعد الانتكاسة التي تعرضت لها نتيجة تصميم الحكومة على تطبيق قانون فرض ضريبة على أرباحها إذا تجاوزت عشرة آلاف جنيه، وذلك بعد أن وافقت على رفع الأعضاء إلى خمسة عشر ألفا، وهو ما سيحقق لها دخلا يصل الى حوالي ثلاثة مليارات وأربعمئة مليون جنيه، وسارع صندوق النقد الدولي لتأييد قرار الحكومة باعتباره أحد المؤشرات على صدقها في إصلاح خلل الموازنة العامة، بالإضافة إلى رفع دعم الوقود عن المصانع.
والخبر الثاني المهم هو إعلان وزارة الداخلية أنها أكملت استعداداتها لتأمين امتحانات الثانوية العامة التي ستبدأ يوم السبت، ومواصلة حملتها في محافظة القليوبية لتطهير البؤر الإجرامية، وهو ما يعكس تزايد ثقة الأمن في قدراته المتصاعدة.
ووذكرت الصحف ان اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية ستقوم بإعلان النتيجة النهائية يوم الثلاثاء، وبدأت في محيط المحكمة الدستورية العليا بالمعادي لحراستها أثناء أداء عبد الفتاح السيسي اليمين أمامها، وعلى بعد خطوات منها يوجد مبارك في مستشفى المعادي العسكري. كما بدأت رئاسة الجمهورية من الآن في إعداد الترتيبات لدعوة عدد كبير من ملوك ورؤساء الدول العربية والأجنبية لحضور الاحتفال الذي ستقيمه بهذه المناسبة بعد حوالي أسبوعين . واستمر التنازع بين الأحزاب والقوى السياسية في ما يخص مشروع القانون الجديد لانتخابات مجلس النواب، والاتصالات التي تزداد في ما بينها لتكوين تحالفات.
ومما قالته الصحف ان الإعلامي باسم يوسف عقد مؤتمرا أعلن فيه أن قناة أم بي سي أنهت تعاقدها معه لتقديم برنامجه ـ البرنامج . وتقدم شركات سعودية وإماراتية وكويتية وأوروبية وأمريكية بطلبات للاستثمار في صناعات الدواجن والأسماك بقيمة بلغت ثلاثة مليارات جنيه.
وإصدار محكمة جنايات الفيوم حكما بالسجن ثلاث سنوات على خمسة عشر متهما، وأصدرت جنايات طنطا حكما آخر بالسجن ثلاث سنوات على خمسة وعشرين آخرين. والى بعض مما عندنا..

الإجماع يضع مسؤولية
جبارة على السيسي

ونبدأ بالمعارك التي لا تزال مشتعلة نتيجة انتخابات الرئاسة، ويبدأها يوم الأحد زميلنا وصديقنا رئيس تحرير جريدة «التحرير» إبراهيم عيسى وهو من كبار مؤيدي السيسي بقوله: «يملك رئيس الجمهورية الذي جاء بفارق أكثر من تسعين في المئة إجماعا هائلا واصطفافا وطنيا، ولكن طبعا ناس عيانه جرت وراء رئيس الواحد في المئة ليطالبوه بالإجماع والاصطفاف وتبكي دما الآن على فوز السيسي ربنا يشفي.
هذا الإجماع يضع مسؤولية جبارة على السيسي وتلاحقه توقعات عظيمة قد تتحول إلى إحباطات عظيمة، خصوصا أن المصريين على قد إجماعهم وحبهم لن يتحملوا خذلانا ولن يطيقوا صبرا ولن ينتظروا كثيرا، لهذا يبدو ضروريا من السيسي أن يبني فورا جسور الثقة مع الشعب بقرارات وانجازات سريعة لن تكون كبيرة طبعا، لكن لابد أن تكون حقيقية تؤكد أننا على الطريق. السيسي رئيس لديه إجماع الشعب واصطفاف البلد والامتحان الحقيقي هو: هل سيستمر هذا الإجماع طويلا؟ هل يصمد مع المشكلات والأزمات؟ هل يقوى مع الحلول والإنجازات؟ قول يارب».

ميديا لا يدرك أغلبها
الفرق بين التأييد والعبادة

لكن زميله في الجريدة وائل عبد الفتاح كان له رأي مخالف عبر عنه بالقول: «السيسي الذي تربى في مصانع القيادة العسكرية وعاش ستين عاما من حياته في مهمة حماية السلطة، يعبر بصعوبة إلى حياة أوسع ومجال غريب عليه تماما، لكنه مدفوع ومحمي بشعبية تتناقص كما أظهرت الانتخابات، لكنها ما زالت عند الحد الذي لا يمكن تجاهله ولا تجاهل آثاره أو دوره في أداء الجنرال، لكنها شعبية تقوم على الخوف. ولهذا تظهر عند الجنرال ملامحه السلطوية أسرع، وهو سر التململ السريع من شرائح اجتماعية لم يكن الخوف وحده سر إعجابها بالسيسي، هذه الشرائح انتظرت منه سياسات وموديلا جديدا لحاكم محترف يحترم العقل والخبرة، ويصلح ما أفسدته الأنانية المفرطة لمبارك وعصابته. الأساطير تحترق ولا تصلح معها ألف رسالة توجيه من رجال السيسي للمنتظرين التعليمات في الصحف والشاشات من ميديا لم يدرك أغلبها الفرق بين التأييد والعبادة، ولا بين الإعلام والبروباغندا».

لا تراهن على أنك حاكم أبدي
فاليوم هي لك وغدا عليك

وإذا تحولنا إلى مجلة «الأهرام العربي» التي تصدر عن مؤسسة الأهرام الحكومية سنجد لدى رئيس تحريرها زميلنا أشرف بدر، وهو من مؤيدي السيسي بعض تساؤلات ومخاوف عبر عنها بالقول:»لأن شعب مصر العظيم اختار قيادته الحكيمة في انتخابات شهد لها العالم بالنزاهة والحيادية، فإنني أبدأ دعوتي للرئيس السيسي بأن يكون أول قراراته هو، فتح أبواب الحوار والتواصل مع جميع القوى الوطنية والسياسية والفكرية والاجتماعية، والتعامل بلغة الحراك السياسي لطوائف الشعب والأحزاب والتنظيمات والجماعات الإنسانية على أن يتم ذلك عبر ميثاق شرف وطني وأخلاقي يضبط العلاقات في ما بين القوى الوطنية وبعضها بعضا وفي علاقاتها وخطاباتها مع الشعب، إضافة إلى صياغة إعلان مبادئ جامع يتفق مع المصلحة العليا وأمن وسلامة الوطن ويكون محل إجماع من القوى السياسية والثورية الوطنية لضمان الوقوف على مساحات اتفاق في حوار ممتد ومتجدد من أجل المصلحة العليا للوطن والمواطنين.
وعليك أيضا سيدي الرئيس أن تحذر بطانة السوء وشلل النفاق وحملة المباخر الملوثة، التي تدندن وتطبل وتنافق، وللأسف رأينا الكثير منهم طوال حملتك الانتخابية يطلون بوجوههم العكرة والكريهة ليثبتوا للناس قربهم منك وأن عصرهم الفاسد سيعود ويستمر. ولتعلم أنها لو دامت لمبارك ومرسي لما وصلت إليك، ولا تراهن على أنك حاكم أبدي فاليوم هي لك وغدا عليك، وسيحفظ التاريخ اسمك متى سننت القوانين التي تخدم البلد وتسهم في استقرار وأمن الشعب».

إختلاط الإعلام
بالإعلان في حملة السيسي

ومن مجلة «الأهرام العربي» إلى مجلة «روز اليوسف» الحكومية وزميلنا وصديقنا الناصري عاصم حنفي وقوله:»بوضوح وصراحة لا أرى فارقا بين الحملة الإعلامية لانتخاب السيسي والحملة الإعلامية لإعادة انتخاب مبارك للمرة السادسة، الدعايات نفسها والأساليب بل وأقول الوجوه نفسها تقريبا. الفارق أن السيسي يحظى بشعبية طاغية، شعبية لم تستخدمها الحملة الإعلامية فأهدرتها وتخلت عنها، بما يؤكد أن حملة السيسي كانت معوقة تماما للرئيس المحتمل وليس بالإعلام وحده نحيا يا حضرات المرشحين.
وإذا لم يكن لك ظهير سياسي يبشر ببرنامجك ويتفاعل مع الناس فلا فائدة، ومن العيب أن يختلط الإعلام بالإعلان في حملة السيسي، بالإعلان تستطيع أن تروج لسلعة أو لفكرة، لكنك لا تستطيع بالإعلان أن تبشر برئيس جديد للبلاد. رئيس الدولة لا يمكن أن ينجح بإعلان غنائي راقص. ومع كامل تقديرنا للسيد طارق نور مندوب الإعلانات الأشهر في مصر، لكن حملة رئيس الجمهورية أكبر من إعلان شيبسي وكوكاكولا، وزمان وفي عهد مبارك اعتمد النظام على الحملات الإعلانية لمندوبي الإعلانات المحترفين لتسويق فكرة أن الحزب الوطني صاحب إنجازات، وأنه سيحقق الأحلام ويتصدى للبناء، والنتيجة أن الناس انصرفت تماما عن الحزب ودعايته.
في بلاد الخواجات تتولى فنون الدعاية مكاتب محترفة متخصصة، مكاتب تمارس السياسة وتعتمد على استطلاعات الرأي العلمية، فتقوم بعملها طبقا لمنهج واضح، فتنتظم الندوات الجماهيرية وتعقد اللقاءات مع الفئات والطوائف المختلفة، وتخاطب عقول المجتمع بهدف إقناعه بصدق المرشح الذي يروجون له. مجتمع الخواجات لا يعرف الإعلانات الغنائية الراقصة ولا يعرف الحشد غير المسؤول والزعيق الصاخب طبقا لنظرية «الزن على الودان» لأنها نظرية خائبة قد تنجح مع إعلان رابسو وسافو لكنها لا تنجح أبدا في انتخاب رئيس البلاد».
وطارق نور كان عضوا في المجلس الأعلى للسياسات المتفرع من أمانة السياسات بالحزب الوطني، التي كان يرأسها جمال مبارك وهو صاحب قناة القاهرة والناس ولها نسبة مشاهدة عالية.

على السيسي أن يبتعد
عن الذين يأكلون على كل الموائد

أما صديقنا الأستاذ بجامعة أسيوط الدكتور محمد حبيب، النائب الأول للمرشد العام السابق للإخوان المسلمين خفيف الظل محمد مهدي عاكف فأدلى يوم الأحد أيضا بدلوه في «المصري اليوم» قائلا:»الذي يدعو إلى الأسى والحزن والدهشة أيضا هذا التردي المهني والأخلاقي لبعض الإعلاميين، والسؤال من الذي منح وسمح لهؤلاء باعتلاء المنابر أصلا؟ عموما الثلاثة والعشرون مليون صوت التي حصل عليها السيسي تمثل ظهيره الشعبي الآن، وهو بداية عليه أن يعمل على زيادتها وتنميتها بحيث تصبح بعد سنة أربعين مليونا.
هذا هو التحدي لكن أن يتناقص هذا الظهير مع الوقت فيصير خمسة ملايين مثلا فهذا هو الفشل بعينه. مهمة الرئيس أن يكون مقنعا للشعب كله بمن فيه من المقاطعين والمعارضين حتى يكسب ثقة الجميع، وهذا يستدعي أن يراجع المشير السيسي نفسه وهو يختار رجاله، أن يبتعد عن الذين يأكلون على كل الموائد وأن يعتمد على أصحاب القدرات والكفاءات ممن لهم انتماء حقيقي للوطن. أقول له بلسان حال من أعطوه أصواتهم أصبحنا الآن خالصين، قمت بدورك وقمنا بدورنا سوف ننظر إليك من الآن فصاعدا على أنك أجير عندنا بدرجة رئيس، إن أحسنت حملناك فوق رؤوسنا وإن أسأت ثرنا ضدك وخلعناك، لك علينا أن نعمل بجد وأن نتشارك معا في احترام الدستور والقانون ولنا عليك أن نعدل وأن تصدقنا القول، أن تكون قويا في الحق وألا تجعل لفاجر سلطانا علينا، لقد أعطيناك أصواتنا لكنها ليست شيكا على بياض».

الطبلة لازم
تبقى مشدودة كويس!

طبعا.. طبعا لقد انتهى زمن إعطاء شيكات على بياض لأنها غير قابلة للصرف من بنك الشعب.
لكن ما لم يعلمه الدكتور حبيب أخبره به في اليوم التالي في «المصري اليوم» أيضا زميلنا الرسام الكبير أنور وهو ظهور تنظيم جديد يقوده الدكتور نبيه أبو طبلة، حيث سمعه أنور وهو يقول لأحد مساعديه:
– أحنا داخلين على مرحلة حساسة ولازم ندعم الريس بكل قوة.. الطبلة لازم تبقى مشدودة كويس.

أصوات التهليل طغت
على أصوات التدبر والتفكير

وبدون أن يعرف شيئا عن التنظيم الجديد شن زميلنا الكاتب الإسلامي الكبير فهمي هويدي يوم الاثنين ايضا هجوما ضده في مقاله اليومي المتميز في «الشروق» بقوله:»حين وقعت الواقعة في اليوم الأول واستنفرت أجهزة الإدارة والأبواق الإعلامية لاستدعاء الجماهير العازفة خلال البرامج المسائية، كان السؤال الذي رددته ألسنة بعض مقدمي البرامج هو، أين جماهير 30 يونيو/حزيران؟.. صحيح أن منهم من شتم الناس وأهانهم لأنهم تقاعسوا عن القيام بالواجب ولم يردوا الجميل للمشير السيسي، إلا أن التفويض الذي تلقاه في 26 يوليو/تموز الماضي، أسقطه من الناحية السياسية الموقف الشعبي الذي بدا في مستهل الانتخابات الرئاسية.
إذ لا يشك أحد في انفعالات الشارع واندفاع الجماهير في شهر يوليو 2013، ذلك كله اختلف في الأسبوع الأخير من شهر مايو/ايار 2014، فالحماس خف بفعل الأحداث الكثيرة التي تلاحقت في تلك الفترة، وكان أبرزها المذابح التي وقعت والتظاهرات التي خرجت وفلول النظام السابق الذين عادوا إلى الظهور، فضلا عن تجاهل حقوق الشهداء وصدور قانون منع التظاهر الذي صدم شباب الثورة وأحبطهم، وتلك مجرد أمثلة لم أذكر فيها توحش الغلاء والعودة إلى انقطاع التيار الكهربائي، وغير ذلك من العوامل التي أثارت درجات متفاوتة من الاستياء والقلق. واحدى المشكلات التي نواجهها في هذا الصدد أن أصوات التهليل طغت على أصوات التدبر والتفكير، وأن النغمة السائدة في الخطابين السياسي والإعلامي انطلقت من أن الاكتساح تم والشعبية جارفة ولم يعد في إلامكان أبدع مما كان».

المشاركة في الانتخابات
الأخيرة منطقية

لكن كان تفسير زميلنا في «الشروق» عماد الغزالي في العدد نفسه مختلفا، إذ قال وكأنه يخاطب أو يرد على هويدي قائلا:»أرجوك دع كل هذا الهري عن العزوف والكسوف والخسوف، واستعد أرقام المشاركين في جميع الانتخابات والاستفتاءات السابقة منذ ثورة 25 يناير، وستكتشف ببساطة أنها تراوحت بين عشرين إلى خمسة وعشرين مليون ناخب، وكانت نسبة المشاركة في الجولة الأولى من انتخابات 2012، التي شارك فيها اثنا عشر مرشحا حوالي ستة وأربعين في المئة من الناخبين، وفي جولة الإعادة بين مرسي وشفيق، التي فاز فيها مرسي بفارق اثنين في المئة عن منافسه كانت نسبة المشاركين حوالي خمسين في المئة. ومن ثم تصبح الأعداد المشاركة في الانتخابات الأخيرة، التي تتراوح حسب الأرقام شبه الرسمية بين أربعين وخمسة وأربعين في المئة منطقية للغاية، خصوصا مع الدعاية السلبية التي سبقت الانتخابات، والتي أكدت أنها محسومة، وهو ما دفع كثيرين من أنصار المرشح الأوفر حظا إلى العزوف عن الإدلاء بأصواتهم باعتبار ألا خطر حقيقيا يهدد مرشحهم، فضلا عن أنها انتخابات بلا رشاوى انتخابية يعني غاب الزيت والسكر وخلافة وحصول السيسي على عدد من أصوات المصريين يتجاوز بعشرة ملايين ما حصل عليه مرسي».

هزيمة حمدين بطعم الصبار والحنظل

ونترك هذه المعارك إلى تلك التي امتدت إلى المرشح المنافس زميلنا وصديقنا حمدين صباحي وتراوحت ما بين الإشادة واســتنكار ما يتعرض له من هجمات، إلى هجوم عليه في صحيفة «اليوم السابع» يوم الأحد فقد قال عنه زميلنا دندراوي الهواري: «الرجل ورغم هذه الهزيمة بطعم الصبار والحنظل يريد أن يستمر ويرأس تيارا معارضا والسؤال ما هو سر شغف صباحي بالرئاسة، وأن يكون رئيسا لأي شيء، المهم أن يكون رئيسا، ألا يرى الرجل أنه حان وقت الاستراحة والا يعطي هذا انطباعا للناس بأنه رجل شغف بالسلطة والأضواء ولا يستطيع الابتعاد عنها؟

سيرة المناضلين تتطابق
في كل مكان وزمان

لكن زميله سعيد الشحات ـ ناصري ـ أراد في العدد نفسه تصحيح معلوماته عن حمدين بأن قال عنه:»حمدين تعفرت قدماه بتراب القرى والنجوع فعرف شيفرة المصريين الذين يعطون الثقة لمن ينزل إليهم ولا يتعالى عليهم، يتحدث بلسانهم ويجلس على حصيرتهم دعك من القياس على نتيجة الانتخابات، فالرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران خسرها أكثر من مرة أمام زعيم فرنسا التاريخي شارك ديغول، ثم فاز بها. لم يرتكن ميتران في هزائمه إلى اليأس والإحباط، فتلك هي شيمة الذين يناضلون ويعرفون أنهم يسيرون على الأشواك.
صحيح أن الواقع الفرنسي المنضبط على احترام القانون والديمقراطية لا يختلق الأكاذيب ولا يطعن في الذمم من دون دليل، عكس ما يحدث هنا غير أن سيرة المناضلين تتطابق في كل مكان وزمان فهي سيرة السابحين ضد التيار، وهذا النوع من السباحة له ضريبة يتحملها فقط المؤمنون بقضيتهم مهما طالهم من أذى. فلتقرأ سيرة الرئيس البرازيلي السابق داسيلفا لولا التي كتبت عن احدى محطاتها بالأمس، وأهم ما فيها أن الفقراء الذين عاش معهم وخرج من وسطهم هم الذين لم يصوتوا له ثلاث مرات في انتخابات الرئاسة حتى حملوه رئيسا في المرة الرابعة».

أنصار حمدين أفهمونا
أنهم وحدهم ممثلو الثورة

ونتجه إلى «أهرام» اليوم نفسه لنجد زميلنا هاني عسل الذي قال عن صباحي:»خاض صباحي الانتخابات الرئاسية تحت مسمى مرشح الثورة، والمقصود هنا ثورة يناير/كانون الثاني، أو ربما أي ثورة، أو الثورة التي لا يريدونها أن تنتهي، وهذا أيضا من حقه طبعا ولكن ليت الأمر اقتصر على الشعار فقط، فصباحي وأنصاره الذين كانوا يرددون ما شاءوا من هتافات ثورية أفهمونا بأنهم هم وحدهم الثورة وانتخاب صباحي يعني نجاح الثورة وأن الثورة ستحكم أخيرا، وأن عدم نجاحه معناه أن الثورة المضادة ستحكم أو أن نظام مبارك سيعود. وجاءت الانتخابات الكاشفة وحصل مرشح الثورة على ثلاثة في المئة بالعافية بما فيها أحزاب الصوت العالي، مثل الدستور والكرامة والتيار الشعبي وتحالفات ثورية ترفع الآن شعار الأصابع الثلاثة أي الوسط بين شعاري رابعة و 30 يونيو، هذا أمر لم يكن غريبا أو مستبعدا، ولكنه يطرح احتمالين لا ثالث لهما فإما أن المؤمنين بثورة يناير في مصر لا تتعدى نسبتهم ثلاثة في المئة، أو أن المصريين لم يقتنعوا بأن صباحي ومن حوله يمثلون الثورة وكلاهما صحيح».

البعض يريدون بيئة فوضى
لكيلا يحاسبوا على تخريبهم

وما أن سمع زميلنا في «الوطن» محمود الكردوسي كلمة ثورة يناير حتى صاح في اللحظة ذاتها قائلا:»لم يعد باقيا من 25 يناير سوى أولئك الذين لم يختاروا حمدين صباحي لأنه لا يمثلهم، والسيسي لأنه إعادة إنتاج لدولة مبارك وإذا سألتهم من إذن؟ قالوا: لا أحد لأنهم بالأساس لا يريدون دولة لا يريدون فاشية ولا ديمقراطية، بل يريدون بيئة فوضى وتفكك، يريدون بيئة غير مستقرة سياسيا واجتماعيا، لكي لا يحاسبهم أحد على أعمالهم التخريبية، يريدون دولة جوع وقمع وظلم ليستمروا في نضالهم، لأن النضال بالنسبة لهم «كل عيش حتى إذا كان من داخل زنزانة».
تعرضت 25 يناير لهزائم كثيرة وخسرت كل مواقعها بما في ذلك ميدان التحرير، الذي نجح المصريون في استعادته بعد أن احتلته الثورة ثلاثة أعوام، لكن هزيمة 25 يناير في انتخابات الرئاسة الأخيرة كانت القاضية وما أدراك ما القاضية، فازت أخلاق الدولة وانهزمت بذاءة وقلة أدب الثورة».

حمدين تعهد بمواصلة النضال
من أجل مصر عربية رائدة

ونترك يوم الأحد إلى صحف الاثنين وأبرز ما فيها عن هذه القضية كان لثلاثة ناصريين اختلفت مواقفهم، ففي «الأخبار» الحكومية قال زميلنا وصديقنا بمجلة «صباح الخير» أكرم السعدني ابن عمنا وصديقنا الراحل محمود السعدني وهو من مؤيدي السيسي:»السيد حمدين صباحي كان يعلم أن الانتخابات هذه المرة تختلف بالتأكيد عن سابقتها، وأن الأمة اجتمعت على شخص رجل واحد، وهي الأمة التي لم تجتمع أبدا على الباطل، وعلى الرغم من صعوبة المهمة المستحيلة، ومن إدراك الرجل لحجم المعاناة ومن كل هذا السيل المنهمر من الاتهامات، ومن سفالة البعض وخروجهم عن الأدب. على الرغم من ذلك كله تحمل التكلفة الباهظة واستمر في السباق الانتخابي وخسر المعركة بفارق رهيب واعترف بالهزيمة الثقيلة، ولكنه لم يسلم أو يعتزل، بل على العكس تعهد بمواصلة النضال من أجل مصر عربية قومية رائدة ناهضة. حمدين المناضل الذي دفع الثمن دائما على طوال مسيرته في سجون ومعتقلات، لم يكن الأمر بالنسبة لديه انتهازية أو بحثا عن دور أو نجومية أو طريق للدولارات واليوروهات على الإطلاق لقد عاش طوال سنوات العمر ينحت في الصخر من أجل لقمة عيش كريمة وكيف لا يكون كذلك من تربى على مبادئ ابن مصر العظيم جمال عبد الناصر».

أنصار حمدين يسيئون لتاريخه السياسي

وإلى «الأهرام» وسعدني وناصري آخر هو زميلنا محمد السعدني، الذي طلب من حمدين السيطرة على أنصاره حتى لا يتم اتخاذ إجراءات ضدهم بقوله: «حمدين صباحي مسؤول بشكل مباشر عن الشباب الأهوج في حملته الانتخابية، الذين يهدد بعضهم بإشعال ثورة ثالثة متوحدين بذلك مع جماعة الإخوان البائسة. على حمدين أن يتحمل المسؤولية ويكبح جماح هؤلاء الصبية قبل أن ينالهم القانون بأسنانه وأظافره، وقبل أن يورطوه هو شخصيا في أعمال تشوه تاريخه السياسي. فدولة الديمقراطية الرشيدة هي التي لا يمكن أن يفلت فيها مجرم بجريمته، المشكلة لم تكن أبدا مفاضلة بين برنامجي المشير السيسي والسيد صباحي، المشكلة أن المصريين كانوا قد فقدوا الثقة في أن السيد حمدين قادر على تحقيق برنامجه في ظل فوضى عارمة سوف تستمر من دون قدرة حقيقية على حسم أي ملف من الملفات الشائكة. يا أستاذ حمدين عليك أن تتقبل الهزيمة بروح السياسي المصري الديمقراطي، واعمل على بناء جبهة معارضة راقية تبني ولا تهدم تساعد ولا تعرقل وعليك ألا تفقد البقية الباقية من حب واحترام المصريين لك، فقد اعترف العالم كله بنزاهة العملية الانتخابية ولا مجال للتشكيك، وهذا افضل من أن تشجع هؤلاء الصبية على الخروج على الدستور والقانون».

هل يوجه السيسي
تحية التقدير لحمدين؟

أما زميلنا في «اليوم السابع» عادل السنهوري ـ ناصري ـ فقد طالب السيسي وحمدين أن يحيي كل منهما الآخر بقوله: «هل يوجه الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي تحية التقدير والاحترام إلى منافسه في الانتخابات الرئاسية سيد حمدين صباحي؟ المتوقع والمنطقي جدا واللائق سياسيا وأخلاقيا أن يفعل السيسي ذلك في أول خطاب له للأمة، وأرجح أن يرد المناضل الوطني حمدين صباحي التحية بأحسن منها ويلبي دعوة اللقاء مع الرئيس الجديد والجلوس إليه والاستماع إلى خطة العمل الوطني خلال المرحلة المقبلة ودور كل فرد فيها.
واتمنى هذه المرة ألا يستمع حمدين إلى بعض الأصوات التي ترى في تلبية دعوة الرئيس المنتخب لمنافسه في الانتخابات مناسبة اجتماعية ومجالس لشرب الشاي والقهوة».

هل يقود حمدين
المعارضة الجديدة؟

والى «المصريون» ومقال رئيس تحريرها جمال سلطان الذي جاء فيه: «لا أعرف من صاحب هذه الخرافة التي تتحدث عن دور لحمدين صباحي مستقبلا، كزعامة للمعارضة المصرية في البرلمان أو في الحياة الحزبية بشكل عام، ولا أفهم أي منطق لهذا الأمر ولا أرضية للكلام من حيث المبدأ، فموقفه في الانتخابات الرئاسية ختمه بموقف وضع أمامه ألف علامة استفهام حول دوره والسقف الذي كان يلعب فيه، والثناء الوحيد الذي حصل عليه كان من معسكر خصمه المفترض في الانتخابات، وهناك إجماع من المعارضة المصرية على أن حمدين لعب لحسابه وليس لحساب الثورة أو حتى معايير وطنية مجردة، وخذل صباحي من وقفوا معه وحاولوا النفخ فيه لعل وعسى، لكن الأهم من هذا كله أن النتيجة التي حققها حمدين في انتخابات الرئاسة كشفت عن أنه كان مجرد «فقاعة» سياسية، وما زال الأمر مثيرا للحيرة عن الرقم الذي حصل عليه في انتخابات 2012، الذي يقترب من خمسة ملايين صوت، وكنت أسمع يومها عن تدخلات وموازنات جرت من جهات عدة من أجل إقصاء البعض أو حصر المنافسة في مرشحين بأعينهم، وأيا ما كانت حقيقة تلك المسألة إلا أن الأرقام التي حصل عليها حمدين صباحي في انتخابات 2014 تجبر أي سياسي يحترم نفسه على اعتزال الحياة السياسية، لا أن يتبجح بالحديث عن قيادته للمعارضة في الفترة المقبلة، فما حصل عليه صباحي لا يتجاوز السبعمئة ألف صوت انتخابي في جميع أنحاء الجمهورية، وهو ما يقترب من أصوات دائرة انتخابية واحدة في البرلمان، لم يعترض صباحي على الرقم أبدا، ولم يتهم أي جهة رسميا بالتلاعب في الأصوات التي حصل عليها… فإذا كان صباحي قد عصر نفسه ومن معه وعصر معه سبعة أحزاب أخرى على رأسها حزب الدستور ليكون محصلة أمره في النهاية هو 3٪ من مجموع الناخبين، فهذا يعني أنه مجرد «فقاعة» تم النفخ فيها كثيرا ثم تم ثقبها لنكتشف أنه ليس له أي حضور شعبي حقيقي، حتى ان نتيجته تحولت إلى نكتة في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عندما حل ثالثا في النتائج، رغم أن المرشحين اثنان فقط، لأن نسبة المقاطعين للانتخابات كانت أكبر من النسبة التي حصل عليها حمدين، وبوجه القطع فإن هذا الرقم هو ما حصل عليه حمدين، لأن التزوير ليس بسحب أوراق وإنما بإضافة أوراق، فإن كان هناك شك في الإضافة فالشك شبه مستحيل في أن يسحبوا أوراق تصويت له من الصناديق. اللعبة التي لعبها حمدين في انتخابات الرئاسة، أو المغامرة، حسبها خطأ، وكانت فيها نهايته كسياسي، لأنه خسر ما تبقى من تقدير أو ثقة فيه بين شباب ثورة يناير، وكان قد خسر مسبقا من بقية التيار الناصري، خاصة شيوخه الذين لا يثقون في حمدين نهائيا، وبالتالي لم يعد لحمدين أي أرضية شعبية على الإطلاق إلا من دائرة صغيرة من أصدقائه الشخصيين، وفي اعتقادي أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة كانت لقطة النهاية لمشوار حمدين صباحي السياسي، وآن له أن يستريح أو يقضي بقية وقته في مركز أبحاث أو أن يحيي صحيفة الكرامة أو اي شيء من هذا القبيل ، كما أن نتيجة الانتخابات الرئاسية وما حدث فيها بشكل عام حتى في معسكر المشير السيسي أثبتت أنه لا توجد أحزاب في مصر بالفعل، وإنما واجهات ولافتات لمجموعات مصالح اقتصادية أو اجتماعية أو دينية، والمعارضة الحقيقية في المستقبل هي لجيل جديد من الشباب يضع كل هياكل وأحزاب ورموز المرحلة السابقة خلف ظهره، سواء استمر في نضال الشوارع والميادين من خلال ائتلافات لا تعترف بأي أنساق قانونية أو مؤسسية جديدة، أو إذا تمخض حراكهم عن أحزاب جديدة أو جبهات سياسية أكثر تنظيما وأوضح رؤية للإصلاح، ثورة يناير وما تلاها طوت جيلا سياسيا بكامله، آن له أن يستريح ويريح» .

حسنين كروم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الشاه وان. أمريكا:

    السيسي غير مؤهل لإدارة بلد كبير مثل حجم مصر ، وعليه الاستعانة بألبداءل التالية ولكل بديل مزاياه وعيوبه
    البديل الاول ان يحكم بأسلوب الاستخبارات والجيش وهذا محكوم عليه بالفشل منذ اللحظة
    البديل الثاني. الاستعانة بالتكنوقراط وهم غير متوفرين في مصر كون ان حسني مبارك تركها على خرابها بدون فكر ولا علم ولا عقل
    البديل الثالث الاستعانة بالخبراء الأجانب من العسكريين / المدنيين/السياسيين وهذا لن يصب في صالح الشعب ومكلف ماديا واجتماعيا وأخلاقيا.
    البديل الرابع الاستعانة بخطة مدروسه أكاديميا وهذا يتطلب خطة طويلة الأجل وإعادة النظر من جديد في ضم اللحمة والمفكرين المصريين ممن لهم باع طويلة في الجدية والبعد عن العصبية
    البديل الخامس التجربة والخطا وهذا ما اعتقد انه سوف يستخدم لافتقار الأمانة والثقة والشفافية وعدم الخبرة في أمور السياسة والاقتصاد
    البديل السادس الا يحكم الا في الظل ، وتترك الامور الرويبضة هذا وارد كما حدث اثناء حسني الخفيف
    البديل السابع ترك الامور تدير نفسها ،وهذا ما يريده الغرب نظرية الفوضى الخلاقة
    غياب المجلس العسكري وتفويض رجل واحد فيه عوار قانوني ومنطقي وأخلاقي لا يجوز في الحكم ، عمر ابن الخطاب حكم بعدل فهل يعود عصر التابعين ، ام يعود عصر ابي سفيان وأبى الحكم
    فأيهما سيختار ، هذا ما سوف تكشف عنه الأيام القادمة وأظن نئ ان هناك حرب ضروس ستزج بها مصر جبرا وهي حر ب بالمياة والبقاء

  2. يقول بت مكى. لندن:

    هنيئًا السيسى و هنيئًا للملك عبد الله و اليه الجديد فى ولاية مصر. بدأ السيسى من حيث و قف كبار جبابرة العرب من الظلم و البطش و الإقصاء للآخر. هذا ما جنيتم لأنفسكم أيها المصريون بعد ان تنفستو صعداء الحرية ما كان من بعضكم إلا ان يرفضها و هأنتم فى ظل العبودية مرة أخرى و لكن بنكهة أمر من الأولى ( عهد حسنى) هذه المرة معها غلاء و انقطاع كهرباء و عدم امن و صعوبة فى المواصلات. فهنيئا لمن أراد ان يعيش فى حكم العسكر

إشترك في قائمتنا البريدية