عمليات تأميم وإخضاع واسعة لمعظم المنصات الإعلامية وبرامج «التوك شو» تربك الحياة العامة وتنشر الشائعات

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : مشكلة حساسة ركزت عليها مانشيتات بعض الصحف المصرية الصادرة يومي السبت والأحد 5 و6 مايو/أيار، وهي ما نسب إلى وزير الخارجية سامح شكري من قوله إن إرسال قوات مصرية إلى سوريا أمر وارد، كما طلبت أمريكا.
ونفي المتحدث باسم الوزارة صحة ما هو منسوب للوزير، حيث قال إن الوزير شكري كان يرد على سؤال عن هذا الطلب بشكل عام، لا عن موقف مصر الذي يخضع لآليات دستورية لا يمكن تجاوزها. وتعود حساسية هذا التصريح إلى الاهتمام الشعبي الواسع بالأحداث في سوريا ووقوف الشعب المصري إلى جانب شقيقه الشعب السوري، إضافى إلى أن هذه القضية يستحيل أن يقبلها النظام.
ومن الأخبار الأخرى التي ركزت عليها الصحف، مسألة توافر السلع الغذائية في شهر رمضان في المجمعات الاستهلاكية ومنافذ أمان للشرطة ومنافذ الجيش، بأسعار أقل من أسعار التجار، وتخصيص وزارة التموين ألف سيارة نقل لتكون في المناطق الشعبية في مختلف المحافظات خلال الشهر الكريم. ولم يعد الناس يشكون، كما اعتادوا من غلاء الأسعار، لإدراكهم أنه لا فائدة من الصراخ، لأن ما تخطط له الحكومة من مواصلة سياسة الإصلاح الاقتصادي، التي اتفقت عليها مع صندوق النقد والبنك الدوليين لا تراجع فيها، ولا بد من الصبر عليها انتظارا للانفراجة الكبرى التي تعدهم بها الحكومة.
أما في ما يخص الأخبار عن المناقشات الساخنة حول خطة تحويل ائتلاف «دعم مصر» في مجلس النواب إلى حزب سياسي، يكون ظهيرا للنظام، والمطالبات بتقليل عدد الأحزاب، التي تجاوزت المئة حزب، عن طريق دمج بعضها مع بعض، فلا تزال تثير اهتمام عدد من الكتاب والصحافيين في مختلف الصحف والمواقع. وإلى ما لدينا من تفاصيل هذه الأخبار إضافة إلى غيرها من الأخبار والمواضيع التي حفلت بها صحف اليومين الماضيين.

أمريكا والجيش المصري

ونبدأ بأبرز ردود الأفعال على طلب أمريكا من الدول العربية ومنها مصر، إرسال قوات عسكرية إلى سوريا، حتى يتسنى لها سحب قواتها من هناك، وطلب الرئيس الأمريكي من الدول العربية أن تدفع لبلاده ما صرفته عليها لحماية أنظمتها، وأنه لولاها فإن أنظمة عربية لم تكن لتبقى في الحكم أياما. وزاد من حدة الغضب طلب بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي من مصر إرسال قوات لها، ما دفع جلال عارف في «أخبار اليوم» لأن يذكر الرئيس الأمريكي بألاعيب بلاده، فقال تحت عنوان «حين يتحدث ترامب عن تريليونات أمريكا الضائعة»: «أول الحقائق الغائبة هنا أن الولايات المتحدة لم تأت للمنطقة الا للدفاع عن مصالحها هي، وأن الحروب التي يتحدث عنها الرئيس الأمريكي هي حروب أمريكا وليست حروب دول المنطقة، ولو سأل الرئيس الأمريكي مستشاره الجديد للأمن القومي السيد بولتون عما فعله مع الآخرين في الإدارة الامريكية عند غزو العراق، لسمع ما يخجل عن «‬حرب صليبية» أعلنها الرئيس الأسبق بوش الابن معتمدا على أكاذيب فاضحة، وقف السيد ‬بولتون وكان يومها مندوب بلاده في الأمم المتحدة مع وزير خارجيته يعرضانها على مجلس الأمن، ويشرفان على ترويجها في العالم، حول امتلاك العراق للسلاح النووي. كان الكذب فاضحا، وكان الهدف هو تدمير العراق، وكان القرار ـ كما ثبت بعد ذلك ـ متخذا منذ اللحظة الأولى لدخول بوش الابن إلى البيت الأبيض، ولم تأت أمريكا لتقديم نموذج في الديمقراطية، كما ادعت، بل لإغراق المنطقة في الفوضي «‬غير الخلاقة»، ولإشاعة الحروب الأهلية والفتن المذهبية، ولتمهيد الطريق لحكم عملائها من الجماعات التي تستخدم الدين الحنيف، والتي تربت في أحضان مخابرات أمريكا وحلفائها. يطالب الرئيس ترامب بالتعويض عن سبعة تريليونات دولار أنفقتها أمريكا – كما يزعم – في حروبها في المنطقة، لا يدرك الرئيس الأمريكي أن هذا «‬المنطق» يقوده ليكون مطالبا بسداد أضعاف أضعاف هذه التريليونات من الدولارات لتعويض دول المنطقة عما أصابها من سياسات أمريكا وحروبها العدوانية».

ثمن الحماية

وفي مجلة «روز اليوسف» قالت تحية عبد الوهاب: «فاجأ الرئيس الأمريكي ترامب العالم بتصريح من تصريحاته الوقحة، في المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس الفرنسي ماكرون، جاء فيه أن هناك دولاً في الشرق الأوسط لن تصمد طويلاً في حال رفعت أمريكا الحماية عنها، وأن على تلك الدول أن تدفع ثمن الحماية، مذكرا بأن بلاده تحملت 7 تريليونات دولار في الشرق الأوسط، ولم تحصل على أي شيء في المقابل، وهي دول شديدة الثراء وأن على تلك الدول أن تدفع الآن ثمن هذه الحماية، وتتحمل مسؤولية تلك التكلفة، وتضع جنودها على الأرض بديلا عن جنوده، ليتسنى لهم العودة إلى أمريكا. هنا ينتهى التصريح وتبقى التحليلات لهذا التصريح، منها أن الولايات المتحدة تريد الهرب من سوريا بأي طريقة بعد فشلها في المسعى الذي جاءت من أجله، بدون استدعائها من أحد، ومن المعلوم أن الموقف الرسمي لمصر من الأزمة السورية موقف غاية في التوازن، يقوم على رفض الحل العسكري والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، والاعتراف بالجيش الوطني للدولة لمواجهة الميليشيات المسلحة والإرهابية، وهو الموقف نفسه في الأزمة اليمنية، ولم ترسل قوات إلى اليمن إلا في حدود تأمين مضيق باب المندب، وتأمين الملاحة إلى قناة السويس من منطلق حماية أمننا القومي، وبالتالي أعتقد أن مصر لن ترسل جنودها لمنطقة تشهد صراعًا طائفيًا وعرقيًا، وتدخل في مواجهة مع الجيش السوري النظامي، وهي من دعمه من قبل. كما أنه يحارب تنظيمات إرهابية داعشية قاعدية إخوانية، وهي الميليشيات التي نحاربها في مصر».

الدول الكبرى لن ترضى عنا

أما خالد حنفي رئيس تحرير مجلة «الإذاعة والتلفزيون» فكان رأيه هو: «لم يدهشني الرئيس الأمريكي ترامب بتصريحاته الصادمة عن بعض الدول العربية، كان واضحا كعادته ومعربا عما يؤمن به ويعتقد فيه. لقد قال ترامب، على الدول الثرية في هذه المنطقة أن تدفع لنا لمواجهة نفوذ إيران، لقد دفعنا الكثير خلال الـ18 سنة ولن نستمر في دفع مليارات الدولارات والمخاطرة بجنودنا بدون أن نتلقي مقابلا لذلك، مشيرا إلى أن هناك دولا لم تكن لتبقى أسبوعا دون الحماية الأمريكية. ما قاله ترامب لم يكن جديدا وإن كان أكثر وضوحا هذه المرة نحن نفرح هنا في مصر كلما دخلن للجيش قطعة سلاح جديدة، نشعر بالطمأنينة على بلادنا ونحن نرى بلادا تتأكل وجيوش المنطقة تنهار بفعل الفوضى، بينما الجيش المصري يقفز من مركز إلى مركز، حتى أصبح من أقوى 10 جيوش في العالم. جيشنا هو الأول عربــيا وإفريقيا، رغم أن ميزانية وزارة الدفاع أقل بكثير من ميزانيات الجيوش الأخرى، والجميع يعرف أن قوة الجيوش لا تأتي بالأموال فقط، وإلا لكانت دول أخرى في المنطقة أغنى من مصر، في الصفوف الأولى. كم أتمنى أن تدفع تصريحات ترامب الدول العربية إلى أن تغير من طريقتها في التعامل مع بعضها بعضا وتغير طريقتها في التعامل مع الدول الكبرى التي لن ترضى عنا لو منحناها مال قارون».

الأحزاب السياسية

وإلى قضية الأحزاب السياسية ودعوات دمج هذا العدد الكبير منها، الذي وصل إلى أكثر من مئة حزب في عدد قليل من الأحزاب، وكذلك دعوات أعضاء مجلس النواب من تحالف دعم مصر لتحويله إلى حزب سياسي له الأغلبية، ويكون ظهيرا للنظام. واعترض بعض رؤساء الأحزاب المكونة له على ذلك، ما دعا خفيف الظل محمد عمر في «أخبار اليوم « الذي ظل يتهكم عليهم في عموده « كده وكده « بدءا من سياسة الرئيس الراحل أنور السادات، إذ قال تحت عنوان «الجلابية»: «من الأرشيف، يريد الرئيس أنور السادات إنهاء سيطرة «الحزب الواحد»‬ على الحياة السياسية، فيعلن إنشاء الحزب الوطني الجديد، فيترك الكل «‬الحزب القديم» بعد أن أصبح بلا صاحب، ولم يعد تحت رعاية السلطة ويهرولون «قفزا» للانضمام إلى الحزب الجديد، وتسير الحياة السياسية بديمقراطيتها الجديدة القديمة 40 سنة، لا تشوبها شائبة، رغم أن السادات لم يفعل شيئا سوى «‬تلبيس» طاقية حزب لآخر من الكتالوج، يجري التفكير في إيجاد تركيبة سياسية جديدة لكنّ «‬المفكرين» المتدبرين لم يتوصلوا إلى شكل محدد لها حتى الآن، وتستشعر ذلك من كلام متضارب يتردد هنا ويقال هناك عن تأسيس أحزاب جديدة، أو دمج أحزاب قائمة في بعضها، ما يعني أنه ما زالت هناك «‬حيرة» في كيفية التصرف في «‬القماشة السياسية» المتاحة، أو تقدر تقول إن الترزية لم يستطيعوا التوصل إلى قرار ما إذا كانت التفصيلة «جلابية أم بدلة»، وما بين «‬طاقية» السادات وقماشة الحياة السياسية الجديدة «‬يحرجم» أعضاء من بني مجلس النواب للبقاء دورة برلمانية جديدة، تمتد بهم خمس سنوات أخرى، لكن تقف أمامهم عقبة «‬كأداء» فالانتخابات المقبلة ستكون «بالقوائم الحزبية» وهم لا كانوا حزبيين ولا سياسيين، والأحزاب الأخرى لن ترضى بهم، لأنها تعتبرهم مجرد «‬فكهانية» لا يجيدون إلا «‬تلميع» البضاعة وفرشها لأي زبون، من هنا كان عليهم البحث عن «‬مثوى» لأنفسهم يدخلون فيه ومن تحت بابه «الانتخابات» واختمرت الفكرة فهبوا على قلب رجل واحد: «‬هيا بنا ندعو لحزب جديد» ونضم إليه كل من هب ودب، ومن رفع لافتة تأييد، فنبدو للناظرين حزبا «‬عرمرم» شديد البأس، وفي الوقت نفسه «‬نلعب» دور الوسطاء وندعو باقي الأحزاب لتندمج في بعضها، لأن في ذلك «‬خرابها» وهلاكها ونكون نحن «‬الناجين». لكن هاتفا يأتي وأين «‬المعارضة» يا أهل التفصيل؟ فيقول الذي بيده التفكير «‬لا تحزن» فكما ائتلفنا وأصبحنا حزبا فلنخرج من بيننا «‬المعارضين» ونكون قد انتصرنا لمنشئ الحزب العظيم ولبسنا الكل الطاقية على الجلابية».

«تأطير الفراغ»

وفي «الوفد» قالت رئيسة تحرير جريدة «الأهالي» أمينة النقاش: «أطلق المستشار طارق البشري وصف «تأطير الفراغ» على المنظمات السياسية التي أقامتها ثورة 23 يوليو/تموز من هيئة التحرير إلى الاتحاد القومي، ومنهما إلى الاتحاد الاشتراكي، بمعنى أنها أشكال ندور في داخلها لكنها في الواقع مجرد أطر فارغة، يظن من يدرون في فلكها أنهم شركاء في الحياة السياسية، التي تدير البلاد، وهم في الواقع ليسوا كذلك. تذكرت هذا الوصف البليغ وأنا أتابع باندهاش المحاولات المحمومة القائمة لتحويل ائتلاف دعم مصر إلى حزب، وفي علم الحساب نعرف القاعدة التي تقول إن جمع أي عدد من الأصفار هو صفر، أما مقارنة التجربة الديمقراطية العرجاء التي تحبو في مصر منذ أكثر من ستين عاماً، بما يجري في الديمقراطيات الغربية، فهي تدخل في علم الفهلوة ولا علاقة لها لا بالديمقراطية ولا بالسياسة. ودمج الأحزاب لن يخرج الحياة الحزبية من ركودها، أما ما هو مؤكد فإن نظام يوليو منذ نشأ وحتى الآن مروراً بمرحلتي أنور السادات وحسني مبارك قد اتخذ من مسألة «تأطير الفراغ» سياسة دائمة: شوية أحزاب محصورة في مقراتها ممنوعة من النشاط والحركة وسط الناس، تحولت بفعل الحصار والتهميش إلى مجرد نوادٍ سياسية تحدث فيها نفسها، ولم يعد يوجد من مظاهر دالة على وجودها سوى صحيفتي «الأهالي» و«الوفد» اللتين ترفض الحكومة مساندتهما كما تفعل مع الصحف القومية حتى تواصلا البقاء بكرامة، وتحفظ لها ماء الوجه لمن يسألها عن التعددية الحزبية الغائبة».

ليس الحل بكبسة زر

أما في «الشروق» فان رئيس تحريرها عماد الدين حسين سخر من محاولات ضغط الأحزاب الكثيرة في عدد محدود وقال تحت عنوان «حاصل جمع الأصفار صفر»: «هناك اعتقاد خاطئ يرى أن دمج الأحزاب المصرية، التي يزيد عددها على مئة في ثلاثة أو خمسة أحزاب سوف يحل المشكلة السياسية في مصر بكبسة زر، أو قرار فوقي، بعض هذه الأحزاب لا يملك إلا اللافتة وليس لديه أي عضو حقيقي لدرجة أن أسرة رئيس الحزب قد لا يكونون أعضاء فيه. أحزاب لا تملك برامج ومعظمها «مع الرايجة» ومع السلطة في كل مكان وزمان، سواء كانت «حزب وطني» أيام مبارك، أو «حرية وعدالة» أيام الإخوان، أو مع العهد الحالي. قبل أسابيع شاعت فكرة دمج الأحزاب في عدد أقل ليكونوا أكثر فاعلية، وهي فكرة نبيلة بكل تأكيد وظاهرها الرحمة لكن للأسف فإن أصحابها ربما فاتهم سؤال جوهري هو: إذا كانت هذه الأحزاب هامشية وبلا قواعد جماهيرية ومجرد «أصفار» فماذا سيحدث إذا جمعنا هذه الأصفار معا؟ المنطق يقول إن النتيجة ستكون صفرا، حتى لو كان كبيرا، لكنه سيظل صفرا. 99٪ من الشعب المصري لا يعرف 99٪ من هذه الأحزاب، سواء أكانت أسماءها أم برامجها وأهدافها لأنها بلا تأثير يذكر».

التأبيد والتغيير

وفي «أخبار» أمس الأحد أثار كرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة قضية تشكيل حزب سياسي ليكون ظهيرا للنظام وقال: «أهم من الحزب الحاكم هو الحزب المعارض، لأن الناس بطبيعتها تكره التأبيد وتحب التغيير. ودرس الحزب الوطني يجب أن يكون ماثلاً في الأذهان. الحكومة تحتاج لحزب يقف في ظهرها ويدعمها ويساند سياساتها، والديمقراطية لا تستقيم إلا بحزب معارض يراقب ويحاسب ويثري الحياة السياسية ولن تنجح التجربة إلا إذا تم الاتفاق على العمل تحت مظلة وطنية يلتزم بها الجميع، وأهم بنودها المحافظة على مؤسسات الدولة، وإقرار التداول السلمي للسلطة عن طريق صندوق الانتخابات. من أهم الضوابط لتأمين الحياة الحزبية: سد الثغرات أمام عودة الأحزاب الدينية، مثلما حدث مع حزب العمل الاشتراكي الذي انقلب إلى إسلامي ودخل في صراع مرير مع السلطة، وضرورة الاتفاق على المظلة الوطنية التي لا تخرج عنها الأحزاب، وتحفظ أمن البلاد واستقرارها، ووفقاً لما هو معمول به في الأنظمة الديمقراطية في الدول المتقدمة، وترسيخ مبدأ الانتخابات النزيهة الشفافة التي استقرت في السنوات الأربع الماضية، وعدم التضييق على أحزاب المعارضة في مزاولة أنشطتها شريطة احترام القانون».
تطوير المشاركة السياسية

أما بخصوص حزب الوفد فقد جدد الدكتور هاني سري الدين سكرتير عام الحزب، رفض فكرة اندماج «الوفد» مع أحزاب أخرى أو تشكيل ائتلاف معها، وقال في حديث نشرته صحيفة «الأخبار» وأجراه معه إسماعيل مصطفى: «الوفد منفتح على كل الأحزاب ومشارك رئيسي في الحياة السياسية، ولكنه لا يندمج مع أحزاب، خاصة أنه الحزب الأكبر والأعرق في الحياة السياسية. وأتصور أن مسألة التنسيق والتعاون السياسي تحتاج لدراسة وبحث، وعلينا أن نبحث أن كانت فكرة الائتلافات في صالح الحياة الديمقراطية وفي صالح حزب الوفد أم لا، نحن نقف على مسافة واحدة من كل التيارات السياسية ونرحب بكل ما من شأنه تطوير المشاركة السياسية وإذكاء الحياة الحزبية، وبالطبع فإن الوفد ينضج وينمو في ظل المناخ الصحي السليم وفي ظل التعدد الحقيقي. أرى أنه من المنطقي في علم السياسة أن يكون هناك حزب أو عدة أحزاب تدعم وتؤيد رؤى وسياسات رئيس الدولة، لكن من الناحية الدستورية لا يجوز أن يكون رئيس الدولة رئيسا لحزب ما، وهو يقف على المسافة نفسها من الأحزاب القائمة، فالمنطق السياسي لا يمنع أن تؤيد أحزاب بعينها سياسات الرئيس وذلك جار في كثير من الأحزاب الأوروبية».

حكومة ووزراء

وإلى الحكومة وتباهيها بإنجازاتها الاقتصادية التي حققتها وخصصت لها «الأهرام» أمس الأحد تعليقها للإشادة بها، مع تحذيرها من تصفية القطاع العام، وقالت تحت عنوان «مؤشرات اقتصادية واعدة»: «تحمل المصريون خلال العامين الماضيين عبء برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تبنته الحكومة ضمن سياستها مواجهة المشكلات بالحلول وليس بالمسكنات معلقين آمالهم على تعافي الاقتصاد خلال فترة قصيرة، بناء على تصريحات المسؤولين، آخرها ما أعلنه وزير التجارة والصناعة المهندس طارق قابيل خلال فعاليات المؤتمر الدولي الذي ينظمه معهد التخطيط القومي، عن أن هناك خطة شاملة لتعزيز النمو الاقتصادي وتوفير العمل اللائق للجميع، وإنشاء بنية تحتية تدعم التصنيع المستدام وتشجع الابتكار وتنشيط الشراكات العالمية. وتعمل الدولة على زيادة مساهمة الناتج الصناعي في الدخل القومي بمعدلات نمو سنوية تصل إلى 21٪ بحلول عام 2030. وزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد بعثت رسالة تفاؤل أخرى بأن وضع ميزان المعاملات الجارية تحسن بشكل ملحوظ، لينخفض العجز بنسبة 64٪ نتيجة نمو الصادرات السلعية بنسبة 15٪ ومتحصلات السياحة بنسبة 21٪ وتحويلات العاملين في الخارج بنسبة 29٪ بالإضافة إلى انخفاض نسبة العجز الكلي في الموازنة العامة للدولة لتصل إلى 42٪ من الناتج المحلي الإجمالي. كل ذلك مبشر ويبقى أن يلمسه المواطن على أرض الواقع من تحسن الدخل وانخفاض الأسعار وفرص عمل وأن يرى عودة عجلة الإنتاج في المصانع المتعثرة والقلاع الصناعية، لأن فرص تشغيلها وعودتها للإنتاج أقل تكلفة من إنشاء أخرى جديدة، والحل ليس في تصفيتها وبيعها فهي ذراع الدولة في مواجهة جشع التجار والسماسرة».

أصل الداء والدواء

«تكفي منظومة تعليمية فاشلة كي تدمر دولة بأكملها لمئات السنين، والمصيبة عند وقوع الكارثة هي عدم جدوى ونفع أي خطط للعلاج، ما لم تعالج التعليم، حسبما يرى حسام فتحي في المصريون، ويضيف هذا ما حدث في مصر على مدى أكثر من 5 عقود، حتى وصلنا إلى ما نحن فيه، وبدون مزيد من جلد الذات – وقد فعلنا كثيرا – وكتبت وغيري العديد من المقالات عن مصائب التعليم ما قبل الابتدائي، وبلاوي التعليم الابتدائي وسنته السادسة الحائرة، وكوارث الإعدادي الراقص على السلم، وبلاوي الثانوي، و«بعبع» الثانوية، والجريمة الكبرى التي تحدث في جامعاتنا، وفضيحة «اللاإنفاق» على البحث العلمي، إلخ، إلخ. وبعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 وتداعياتها، وإفرازاتها، بسبع سنوات عجاف على التعليم، خرج علينا وزير التربية والتعليم والتعليم الفني طارق شوقي، مؤكدا أن التعليم المصري يحتاج إلى التطوير الشامل بشكل عاجل، ومؤمنا على أن هذا التطوير قد تأخر كثيرا، ومعترفا بأن كل عام يمر نظلم به أجيالا لا يتم إعدادهم الإعداد المناسب لمواجهة حياة مقبلة أكثر تنافسية، ثم شكل الرجل لجانا متخصصة وخرج علينا بعد عمل شاق استمر عدة اشهر، وشارك فيه خبراء مصريون وأجانب بخريطة إطار مصري متكامل لمناهج مصرية جديدة تنتقل ببلدنا إلى ما نأمل به من تطور.
وما كاد الرجل يعلن عن ملامح التطوير حتى تم «نصب السيرك» وعلى بابه «مقصلة» احتياطا. وفتح أصحاب «التوك شو» بوتيكاتهم الخاصة، وهات يا، «جيبولي الوزير ع التليفون يا إعداد»، واستُنزف طارق شوقي «كل يوم» ضيفا مكررا على كل الشاشات وجميع المعدين، والمذيعين والمذيعات كافة، شارحا ومدافعا وموضحا ومجيبا عن كل الأسئلة، وتحمل الرجل من الأسئلة «أسخفها» ومن المذيعين أثقلهم دما ومن المذيعات أثقلهن ظلا ومن «المتداخلين» «أرذلهم»، حتى غبطت الوزير على صبره وطول باله! يا سيادة الوزير، طوال عقود ونحن ندعو الله أن يمن على مصر بولي أمر يقتنع بأن «التعليم» هو أصل الداء وأُس البلاء، وهو أيضا الدواء، وعندما استجاب الله لدعائنا، خرج المتغولون أصحاب «السناتر»، و«المستفيدون» مدرسو الدروس الخصوصية، والمنتفعون أصحاب المدارس الخاصة، والمتطفلون في إعلام الغبره، ومعهم النطيحة والمتردية لمهاجمتك، أرجوك لا تلتفت وراءك وابدأ أول خطوة».

معارك إعلامية

وإلى المعارك والردود ولدينا ثلاث معارك تتركز كلها على الحالة الإعلامية التي قال عنها في «الأخبار وليد عبد العزيز تحت عنوان «سياسة النفاق»: «عندما تكون سياسة النفاق هي السمة السائدة في بعض الأشخاص الذين يتمتعون بصفة الحرباء المتقلبة والمتلونة، فعليك أن تتوقف للحظات مع النفس لتعيد ترتيب الأوراق وبسرعة. هناك أناس كانوا يعيشون في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك عيشة البغددة، وبمجرد سقوط الرجل ونظامه تحولوا فجأة وتعايشوا مع نظام الإخوان الإرهابي بكل احترافية وذكاء، بل البعض منهم أعلن صراحة أنه إخواني الهوى، رغم أنهم كانوا خدامين للنظام الذي سبقه، ولكنهم سرعان ما انقلبوا عليه بعد سقوطه. الغريب والعجيب أن هؤلاء الأشخاص نجحوا وباقتدار في التحول للمرة الثالثة في أقل من 3 سنوات وأصبحوا يهللون ويكبرون للنظام الحالي. ما يستوقفنا أنا وغيري، أن هؤلاء الأشخاص يراهم الجميع ويعرفهم جيدا ولكنهم متواجدون على الساحة ولا أحد يستطيع أن يواجههم بحقيقتهم. وفي المقابل هناك أشخاص كانت مواقفهم ثابتة وواضحة ولَم يتحولوا مثل غيرهم وكل ذنبهم أنهم يحبون البلد ولا يتلونون مع الأشخاص وقد يكون أناس من بينهم يفوقون من يتصدرون المشهد في الكفاءة والوطنية، ولكنهم بعيدون كل البعد عن الظهور، أو الحصول على الفرص التي حصل عليها غيرهم. الكثير منا لا يعرف ما هي معايير اختيار هؤلاء ومن الذي يسمح بتواجدهم على مر العصور وفي مختلف المراحل الزمنية، قد يكونون أذكياء أو مخادعون، ولكنهم في النهاية نجحوا وما زالوا ينجحون في الوصول إلى الأهداف من أقصر الطرق. بالمناسبة أنا لا أتحدث عن الساحة الإعلامية لأنني متأكد من أن هذه الساحة تكاد تكون الوحيدة التي شهدت عمليات تغيير مستمرة».

«الاستقواء بالميكروفون»

والهجوم الثاني شنه في «الأهرام» الدكتور عمرو عبد السميع ضد برامج «التوك شو» التي قال عنها: «ما يسمى برامج «التوك شو» بالصيغة التي تقدمها التلفزيونات الخاصة، والتلفزيون القومي، صار من أهم مصادر إرباك الحياة العامة في مصر، ونشر الشائعات، وهز الاستقرار وتصفية الحسابات الشخصية، وخلق أسس ثقافة سياسية جديدة مؤسسة على «الاستقواء بالميكروفون». ويشاركني في اعتقادي هذا غالبية الناس في مصر، حتى لو أصبحوا من ضحايا إدمان تلك البرامج التي لم يقدم النظام أو الجماعات المثقفة والقائدة أي بديل لها، حتى اللحظة الراهنة. ضيق وتململ الناس مما يسمعونه أو يشاهدونه في معظم تلك البرامج أصبح ظاهرة ينبغي إيجاد حل لها، خاصة وقد شاهدوا جميعا الانتقاد الذي وجهته القيادة السياسية لأسلوب الأداء في هذه البرامج خلال الحديث التلفزيونى الشهير أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية، الذي أجرته ساندرا نشأت. والمدهش أن الدولة المصرية أنشأت أو ساعدت على إنشاء بعض القنوات والوسائط التلفزيونية، كما قالت إنها طورت تلفزيون ماسبيرو ولكنها فشلت في تقديم صيغة بديلة لذلك الغثاء الذي يلقى يوميا على رؤوس المشاهدين».

إنجازات «خرسانية»

أما ثالث وآخر المعارك فتكون من نصيب عضو مجلس نقابة الصحافيين محمد سعد عبد الحفيظ في «الشروق» وكانت ضد النظام وسياساته نحو الإعلام وقال عنها: «في السنوات الثلاث الأخيرة جرت عمليات تأميم وإخضاع واسعة لمعظم المنصات الإعلامية ومن لم يقبل بالدخول في حظيرة السلطة حُجب وأُجبر على الإغلاق أو حُوصر اقتصاديا، حتى يستسلم ويرفع الراية البيضاء، فصار الخبر والرأي المختلف في هذه الأيام «ليمونة في بلد قرفانة» وأصبح العبدُ لله ومَنْ لفَّ لفَّه من أبناء الكار، متهمين بمحاولة تيئييس الناس وتشويه الدولة وإنجازتها. لا أنكر وجود إنجازات للسلطة الحالية، لكنها لا تختلف كثيرا عن إنجازات مبارك التي تحدَّث عنها الإعلام الحكومي على مدار ثلاثة عقود، إنجازات «خرسانية» من مدن جديدة وشبكات طرق ومترو أنفاق إلخ، لم تصمد أمام هبَّات التغيير ولم تشفع له أمام شعبه. الإنجاز الحقيقي الذي يستطيع أي نظام حكم أن يقاوم به أي طوفان هو ترسيخ دولة القانون وإنفاذ مواد الدستور وبناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة، بما يعنيه ذلك من رقابة وشفافية وعدالة ومساواة وتعددية ومشاركة وتداول سلطة وحرية صحافة واستقلال قضاء، هكذا تستطيع الدول أن تعبر من عنق الزجاجة وعند غياب هذا الإنجاز يصبح الحديث عن الاصطفاف والوقوف خلف الدولة وعرض الإيجابيات ليس أكثر من «رطَّان».

حكايات وروايات

وإلى الحكايات والروايات وستكون هذه المرة عن الموسيقار والمطرب والفنان الراحل محمد عبد الوهاب بمناسبة ذكرى وفاته عام 1991 حيث نشرت «الدستور» يوم السبت الحلقة الثانية من دراسة محمد العسيري عن عبد الوهاب وقال إن اسمه محمد البغدادي ومن مواليد حي باب الشعرية الشعبي في القاهرة ومن أطرف ما ذكره: «ليلى مراد كانت صديقة للملك فاروق، وتكاد تراه يوميًا. وفي إحدى سهراتها معه في استراحة مصر الجديدة، غنت له هذا اللحن فأعجب به ثم سألها: هل تحبين عبدالوهاب؟ فقالت: نعم فأضاف: «عشان كده هخلصلك عليه». وأبلغت ليلى عبدالوهاب الذي شعر بأنه انتهى، فجرى إلى منزل صديقه الوزير الوفدي عبدالحميد عبدالحق وحسب كلام عبدالوهاب كان يعتبر نفسه بالنسبة له «مش مجرد صديق ولكنه واحد من الأسرة». وعبدالحميد هذا هو شقيق وزير العدل أيضًا وقتها عبدالمجيد عبدالحق، وشقيق الملحن الرائع والممثل عبدالعظيم عبدالحق، الذي لحن «تحت الشجرة يا وهيبة». المهم أن الوزير قرر على الفور أن يركب عبدالوهاب القطار إلى أبوقرقاص، حيث تعيش عائلة الوزير الوفدي ليختبئ هناك عن أنظار الملك، حتى ينسى. وفي القطار ظل عبدالوهاب يردد لنفسه «يا نهار أسود يخلص عليّ مرة واحدة». وبمجرد وصوله إلى «حدائق الأسرة الصعيدية هدأ روع الموسيقار، حتى هدأ الملك وعادت المياه إلى مجاريها». ورد عبدالوهاب الجميل للوزير الوفدي الذي ترشح في الانتخابات عام 1950 عن دائرة السيدة زينب بأن غنى له في حملته الانتخابية وتكاد هذه الأغنية تكون من أولى مشاركات الفنانين في «الترويج للمرشحين بالغناء» ويمكن أن نطلق على تلك الأغنية بسهولة أغنية الزيت والسكر، فقد حاول حسين السيد مؤلفها أن يستميل ناخبي الدائرة بأن شرح لهم أفضال وزير التموين في توفير الزيت والسكر، وغنى عبدالوهاب: «يا أهل الدايرة يا مجاورين السيدة نظرة حلفتكم بالست الطاهرة لتجاوبوا وتقولوا الحق تنتخبوا مين؟ عبدالحق فاكرين لما خد التموين والسكر كان ماسكه مين كان ف السوق السودا تعابين، لما شافوه قام دخلوا الشق تنتخبوا مين؟ عبدالحق والعيش كان مخلوط في تراب وعجينته مدهونة هباب واللقمة على رطل كباب ماكنتش تنزل للحلق تنتخبوا مين؟ عبدالحق».

عمليات تأميم وإخضاع واسعة لمعظم المنصات الإعلامية وبرامج «التوك شو» تربك الحياة العامة وتنشر الشائعات

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية