قبل أيام ثارت زوبعة في الكويت على إثر خطبة يوم الجمعة التي قال فيها خطباء وزارة الأوقاف ما معناه أن سفور المرأة هو نوع من أنواع الإنحلال. على إثر ذلك، نشطت الكويتيات في إحياء «هاشتاغ» على تويتر لمحاربة الفكرة وللتأكيد على مفهوم حرية المرأة التي لا يجب ربطها بأي نوع من أنواع الإنحلال أو صبغها بالتبرج. يدعو هذا النشاط الإعلامي للتفكر حقيقة في موضوع الحرية ومدى حقيقيتها في حياتنا نساءً ورجالاً نحيا في ظل مفاهيم وتفسيرات دينية لا مجال حقيقياً فيها للحرية ولفضيلة الإختيار.
بادئ ذي بدئ، لا تعرف الغالبية العظمى من النساء النشأة التاريخية لمفهوم الحجاب ولا الظروف التي أحاطت بهذا اللباس، قبل وإبان وبعد الدعوة الإسلامية، السواد الأعظم من النساء مثلاً لا يعرفن أن الحجاب كان يستخدم في المرحلة التاريخية الأولى من الدعوة الإسلامية للتفرقة بين الحرة والعبدة، وأن الجاريات كن يضربن بالعصاة، كما ورد عن الخليفة عمر بن الخطاب، ليخلعن الحجاب والذي كان يرى الخليفة أن لبسه يعد «تشبهاً بالحرائر».
هذه المعلومات مهمة جداً في تحري الموقف من الحجاب، فمن خلال فهم صيغته التاريخية وظروفه الأيديولوجية يمكن تكوين رأي أوضح حول مبدئية حرية إرتدائه.
هذا ولا تسائل الكثيرات من النساء حقيقة مساهمة إرادتهن الحرة في إختيار الحجاب، معتقدات أنه إذا ما إتخذن هن بأنفسهن هذا القرار من دون ضغط من آخرين، فتلك تعتبر حرية إختيار. الا أن الواقع يقول أن الحرية تنتفي في ظل التهديد، فأن تهدد المرأة بأنواع عذاب سيريالي مرعب في القبر وفي جهنم إذا ما ظهر طرف من جسدها أو إذا ما تعطرت أو تجملت، ثم تترك لها «حرية الإختيار» بين هذا العذاب أوإتقائه، فلا وجود حقيقياً هنا لحرية الإختيار، إلا لربما بين قسر النفس على الحجاب أو الحياة في ظل خوف ورعب مستمرين من القادم ما بعد الموت.
لا يمكن للحرية كمفهوم أن تتوازى والتهديد والوعيد، لا يمكنها حتى أن تتوازى والإغراء والتسويق، الحرية الحقيقية تتبدى عندما تتحقق للإنسان ملكات الحكم العقلانية المنطقية الكاملة غير المعترضة بتهديد أو إغراء. وعليه، ليس للمرأة المسلمة واقعياً، تحت المفاهيم والتفسيرات الدينية الحالية، حرية إختيار بالمفهوم الحقيقي، لربما يتبدى لها وهم الحرية قائماً في إعتقادها أن قرار لبس الحجاب من عدمه هو قرارها، إلا أن الحقيقة هي أن ما يقرر لها هو خوفها أو رغبتها أو حتى يأسها من توازن هذين.
لذلك، أنا لا أعتقد أن المشكلة تكمن في خطيب إتهم إمرأة سافرة بالفجور، أنا لا أعتقد أن هذا الخطيب، طبقاً لفهمه العقائدي، قد باعد عن الحقيقة في الواقع، لا أرى أن له حرية قول غير ذلك في الحقيقة، أو أنه هو ليس الملام في النهاية. إذا كان الهدف هو صيانة حق المرأة وحريتها وإنسانيتها، فإن الحاجة ملحة لتغيير الفهم والتفسير العقائديين، لتطوير الفكر الديني ليواكب المفاهيم الإنسانية الحديثة التي تعدت منذ عقود فكــــرة التمييـــز بين البشـــر على أساس الجنس، تلك المفاهيم التي ترفض اليوم كل تهديد أو وعيد لتسويق أي فكرة فلسفية أيديولوجية مهما بلغت قداستها.
ليس الهدف ببعيد حقيقة عن مفاهيم الشريعة الإسلامية والقابلة جداً للتطوير وللمواءمة مع المفاهيم الحالية للحقوق الإنسانية وحتى مع مفاهيم الفكر الديني الحديث والتي منها مفهوم علاقة الإنسان بالرب والتي تخلت، منذ عقود كذلك، عن قاعدة الخوف وعن سلاحي الثواب والعقاب، لتشكيلها وتدعيم قواعدها.
الفكر الإسلامي قابل جداً لهذا التطوير، والنساء هن الأحوج لهذا التغيير والذي من دونه سيبقين منشغلات بالأعراض من دون المرض الحقيقي، سيبقين يتسابقن على العنب ويتركن الناطور.
د. ابتهال الخطيب
ما قاله الاخ مصطفی فی تعلیقه الطویل مهم جدا فقد وضع النقاط علی الحروف ان االتذمر من حجاب المسلمات فی عقر بلادهم و ترک التعرض لما یتعرض له المرءة المسلمة فی سجون الاحتلال او سجون الدیکتاتوریة و لو بشطر کلمة انما یدل علی تناقض حاد لا یزیحه التعلل بکذا و کیت. و الدلیل علی ذالک التناقض انک اذا سألت المتذمرة عن حجاب المسلمات عن سبب تذمرها یجیبک انما یفعل ذالک درءآً للظلم عن المرأة فاذا کان درء الظلم معیارا فشتان بین من یفعل شیئا بناءً علی رغبته وبین من یهان و یمتهن و یقتل لا لشیء سوی ان تصادف وجوده فی بقعة تکالب علیها المتکالبون.اولیس العدل نقیضا للظلم, او لیس العدل یقتضی ان یلتفت الی ما هو اهلک و احلک؟ هناک بعض الإخوة یستدلون ببعض النصوص فی درء شبهة المتذمرة عن حجاب المرءة المسلمة کأنهم لم یدرکوا ان مقل هولاء المتذمرین لیس لدیهم اشکالیة مع نص بعینه بل بهذا الدین بمجموعه بل بنبییه و توحیده. و هناک بعض الإخوة یصرون علی انه لا یستقیم القول بثبوت الحجاب نصا الا اذا تمکن القائل به من اثبات نقیض روایة منسوبة الی سیدنا عمر کما وردت فی المقال,و یرون ذالک من لوازم الاستدلال المنطقی,وهو بذالک یناقض الاستدلال المنطقی من اوسع ابوابه,لأن الاصل فی المنقولات ما هو معروفٌ و مشتهر, فعلی من ینکر ما هو معروف ان یأتی بدحضه بما هو اکثر شهرةً لا ان یطالب العکس و الا لکان کل ما هو مشتهر مطعونا.و تحیاتی للجمیع خاصة منی من الجزائر و الدکتور اثیر و السید مصطفی و عربی حر و جمیع الاخوة المعلقین
@عادل،
.
كي لا تمطرني بالانشاءات لاحقا، و ان كان لذيك تكوين علمي او تقني كما قلت من قبل، فبمجرد ان اقول لك Propagation of uncertainty ينتهي النقاش من الاساس. و ال propagation هنا تحدث في سلسلة العنعنة لروات الحديث. و ال uncertainty هنا هي كمية الخطأ عند كل راوي، و هي ليست قطعا صفر، و الا فهم رسل ينطقون بالوحي. و البتالي، ياتينا الحديث في آخر سلسلة العنعنة و قد تراكمت عليه نسب الخطأ عند كل الرواة. و هذه النسبة قد تكون عالية جدا. اذا افترضنا ان طريقة التراكم هي تزايد خطي linear، و اذا افترضنا ان لذينا فقط خمس روات، و لكل راوي نسبة الخطأ فقط 5% اي انهم صادقين بنسبة 95%، فياتينا الحديث في النهاية بنسبة خطأ 5×5 % يعني 25% نسبة خطأ. فهل يمكننا ان نجزم ان هذا الحديث صحيح فعلا؟
.
بالاضافة الى هذا، 95% كنسبة صدق لا ارى اين توجد عند الناس و لو كانوا صحابة. فهم ليسوا رسلا. زيادة على هذا، الفترة الزمتية بين تلقي الراوي للمعلومة و نفس الشيئ عند الراوي الدي ياتي من بعده. هذا يزيد من نسبة الخطأ.
.
حتى و لو لم يقنعك طرحي هذا، و هذا مستحيل عند كل من له معلومات متواضعة في الرياضيات، فاعتبر ان مقولتي هي مجرد ملاحظة empirical observation قد اتبثنا صحتها في المختبر. و المختبر هو دورة المهندسين للاخ سلام عادل، و يمكنك اجراء نفس التجربة الف مرة، ستجد نفس النتائج. فهل ستجادل في هذا المنهج العلمي التجريبي كذلك؟ من يدري …
.
و ربما قرأت اعلاه ان نعث “صحيح” هو مجرد مجاز. يعني هو مجرد مفهوم محدد لحديث استوفى بعض الشروط، و ليس بالضرورة ان الحديث صحيح فعلا. و انا هنا اآخذ الفقهاء و “العلماء” من كل قلبي على هذا التدليس. بحيث بمجرد الاقتراب من حديث ينعث بالصحيح على هذا المنبر، تاتي تذاكر الدخول الى النار من كل حذب و صوب. يعني ان جل رواد المنبر قد تعلموا منذ الصغر، مثلي انا كذلك، ان حديث صحيح يعني فعلا صحيح، و من يقترب منه يدخل الى النار.
.
و هكذا احكم الفقهاء على مر العصور القبضة على رقابنا، ليمرروا ما يملي عليهم البلاط.
اخي العزيز عبد المجيد،
.
انا لا اخمن، انا ابني على تحليل. و قد اتبث اعلاه، ان لسان العرب، حين يقول “علي أخذ مثل اختيه”، فهذا لا يعني بالضرورة
ان علي اخد مجموع ما اخدته الاختين معا. يعني، ان “للذكر مثل حظ الانثيبن” ليست قطعية الدلالة، و بالتالي تحتمل تفسير
“علي أخذ مثل اختيه. و هناك من يقول، ان “للذكر مثلا حظ الانثيبن” يعني “مثلا”، هنا تصير الآية قطعية الدلالة.
.
ثانيا، و الله حيرتني معك يا رجل … هناك اشياء لا تحتمل التجزيئ، مثلا لا يمكن ان نقول ان امرأة نصف حامل!!! :)
هي اما حامل او ليست حامل.
.
سؤالي هو الآتي، و اريد جوابا بدون ضبابية و من خلالك حتى للمنبر، هل نعث حديث ب”صحيح” يعني ان الحمولة السميائية
هي فعلا صحيحة و قد قالها فعلا رسول الله ص، ام لا؟ و ما هي درجة الصحة في حديث بنعث “صحيح”؟
و ارجو ملاحظة استعمالي ل “الحمولة السميائية” بمعنى ان شكل الرواية لا يهمني في شيئ، بل الحمولة فقط.
.
انا ارى و بعد تحليل ان جملة “حديث صحيح” بمعنى انه فعلا من قول رسول الله ص سميائيا طبعا و ليس لفظيا بالضرورة،
جملة غير صحيحة، لتراكم الخطأ في سلسلة العنعنة. و بالتالي، حسب رايي، يستحسن ان نستعمل “الاصح” يعني مقارنة مع احاديث اخرى.
.
“الصحيح” لا يحتمل الخطأ. “الاصح” يحتمل الخطأ.
.
اليك الخط، كما تقول موناليزا التي احييها بالمناسبة، صباح الخير يا منى!
جميل هذا النقاش بين اخوين اكادميين مغربيين…احدهما رياضي ..من الرياضيات..لايشق له غبار..والاخر لغوي واديب جهبذ قل نظيره في زماننا الضحل تعليميا ومعرفيا…واريد فقط ان اضيف بعد تحيتي لكما ولنقاشكما الحضاري المتميز…ان تقسيم الحديث الى صحيح وضعيف…ينبني على اعتبار اخر عند علماء الحديث…وهو تقسيمه الى متواتر …وخبر احاد…والمتواتر قليل جدا ولانقاش حول صحة سنده…والغالب هو خبر الواحد واليه انصرف البحث في اسانيده..ومن ثم تقسيمه بالشكل المعروف…اي الصحيح والضعيف….وكلاهما مراتب ودرجات ..فالصحيح ينقسم الى حسن لذاته…وحسن لغيره…والضعيف ينقسم الى الضعيف القابل للانجبار…وغير القابل للانجبار…كما ان طرق نقل الحديث وتداوله تتفرع الى مناحي كثيرة جدا ومنها السماع المباشر ..والاجازة ..والمناولة…وكل فرع من الامور التي ذكرتها افت حولها الالاف الكتب والدراسات والنظريات ولاغنى عن الاطلاع على بعضها في هذا المجال وشكرا.