عنق الزجاجة

لن تكتمل آدمية المرأة حتى تصبح لها القوة ذاتها وتكون لها السلطة المؤثرة ذاتها في أسرتها. قد تصبح المرأة وزيرة، قد تصبح نائبة، قد تكون سفيرة، وقاضية وشرطية، ولكنها أبداً لن تكون مكتملة الوجود المجتمعي ما لم تتحقق لها سلطة متكافئة «زواجياً» وأسرياً. دع عنك الحديث الإنشائي حول تكريم المرأة وصونها، و»هي الأم والأخت والزوجة»، هذه الجملة التي أصبح لها رائحة المطاط المحروق، فهذه الأم والأخت والزوجة سرعان ما تقع تحت قضبان الشوفينية الذكورية النارية ما أن يرتفع لها رأس أو يعلو لها صوت. اذا ما كانت الأسرة هي النواة المؤسسة للمجتمع، فلا بد لمكونات هذه النواة أن تكون متكافئة متعادلة حتى تستقر ويستقر معها المجتمع بأكمله.
وكيف تستقر الأسرة؟ بالتأكيد عندما تتساوى وتتوازى أقطابها فلا يعلو قطب على قطب، فالتكوين أحادي القطبية تكوين أعرج، يمشي «ملووحاً»، حيث يضع طرفٌ حملَه بأكلمه على طرفٍ آخر. لا يمكن للأسرة أن تستقر وقطب يمتلك قنبلة نووية وآخر يرش بمسدس مائي، فالسلطة حين تتكوم في طرف، تُنتِج حالة من الفحش والديكتاتورية تخرب حتى أنقى النفوس وأكثرها عدلاً. هي طبيعة النفس الإنسانية، أعطها قوة ممتدة، تنقلب الى نفس هتلرية، فالقوة اللامحدودة المصحوبة بنظام السمع والطاعة تخلق نظاماً مشوهاً يحكم فيه طرف ويختبئ ويكذب ويتلون فيه طرف آخر، ومتى أنتجت معادلة كهذه مكوناً مستقراً؟
وهكذا يشوه نظام «الملكية» القائم حالياً في قوانين الأحوال الشخصية في معظم الدول العربية والإسلامية الصورة الطبيعية للأسرة، فحتى اذا ما استقرت أحوالها، فإن الشعور الدائم باستقواء طرف على طرف يفقد هذه الأسرة التوازن، نازعاً من المرأة فيها الشعور بالأمان، مشعراً إياها بأنها الطرف الأضعف باستمرار، الطرف المحتاج للحيلة، للف والدوران للوصول الى ما يريد بما أنه الخاسر الأكبر اذا ما حاول التعامل بأي درجة من الندية.
لن يصلح هذا الوضع المشوه حتى يكون للمرأة حق الرجل ذاته في الخروج من الزواج أو حتى في إيقاف هذا الخروج، فمثلما (يفترض) يدخل الإثنان للزواج برضاهما، يجب أن يخرجا برضاهما وبقرار مشترك. لا بد لكل قوانين الطلاق الحالية بما فيها الخلع المهين وقانون الطلاق الرجعي الذي يعيد من خلاله الرجل المرأة لعصمته دون رضاها أو حتى معرفتها أن تنتهي تماماً ليحل محلها قوانين واضحة وعادلة لا تفرق بين شريكي الزواج في الحقوق والواجبات قيد أنملة. يجب أن يكون للمرأة حقوق حضانة أشد قوة من الرجل لاعتبارات الروابط البيولوجية والكيميائية بينها وبين أبنائها، يجب أن يكون لأسرة المرأة ذات الحقوق المواطنية التي تعطى للتكوين الأسري الذكوري من مسكن، رعاية صحية، رعاية مادية، وغيرها، حيث يجب تغيير التعريف الإجتماعي والقانوني للأسرة لتصبح المرأة وأبناؤها أسرة مكتملة، لا أن يقتصر التعريف على المكون الاجتماعي الذي يحتوى على الزوج فقط.
يجب أن تكون للمرأة القوى المواطنية ذاتها من حيث تجنيسها لأبنائها بل، وأعلم أنه طلب بعيد المنال، القوى الإنسانية ذاتها من حيث تحميل أبنائها اسمها ليكونوا امتداداً لها كما للرجل، يجب أن تتغير كل قوانين الأحوال الشخصية ليصبح للمرأة القوة المجتمعية والأسرية ذاتها، لتصبح قائداً في أسرتها لا فرداً آخر موصى عليه، لتكون قوة متكافئة وقوة زوجها، لا كينونة مستكينة أهم واجباتها الطاعة.
يجب أن يتغير القانون لتتغير الأفكار وتتحول المرأة من الأم المسكينة والزوجة المطيعة والرهينة الجسدية التي لا حق لها في الامتناع عن رغبات زوجها متى وحيثما بدت وإلا لعنتها الملائكة، الى إنسانة كاملة متكاملة تمتلك مصيرها، تقرر حياتها، تمسك بزمام أسرتها وأولادها، نداً لزوجها أمام القانون وأمام المجتمع وأمام نفسها. إلى أن تستطيع المرأة كل ذلك ستبقى إنسانة درجة ثانية ومواطنة درجة ثانية، ستبقى «قارورة» الى أن تكسر العنق الذي يكتمها وتتنفس الهواء المتجدد.

عنق الزجاجة

د. ابتهال الخطيب

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سلام عادل (المانيا):

    بدون ان نحشر الدين والتشريع بالموضوع كل ما اود قوله ان المراة في مجتمعاتنا كائن محصور في زاوية الاعراف والتقاليد الموروثة البالية التي لا تصلح حتى في ايام الملك والمشرع العظيم حمورابي(من يريد ان يعرف كيف كانت حقوق المراة في العراق القديم قبل 7الاف سنة ليقرا مسلة حمورابي ويقارن بها).انه واقع مؤلم بكل المقاييس فلو تكلمنا كيف تعامل المراة بالعراق وهو بلدي ولا اخجل من قول الحقيقة لاني لا استطيع ان ادفن راسي لكي لا ارى فهو امربقدر ما هو محزن هو مؤلم.فالمراة تقتل بسبب بسيط تحت مسمى الشرف من قبل اخوها ابوها وابن عمها لان العقوبة مخففة ولكن ادعياء الشرف هؤلاء لا تتحرك عندهم النخوة والغيرة عندما يوجد في العائلة شاب متخنث (لا اقول اكثر لان العقوبة هنا ليست مخففة.

    1. يقول غادة الشاويش -المنفى:

      الاخ سلام عادل ..مساء الخير .. قد تتهمني بان كل هدفي اثبات جدارة التشريع الاسلامي ! لكن الحقيقة انني متاكدة بواقع اطلاعي على تشريعات دول مختلفة ونضال الحركات النساءية ومعاناة صديقاتي المتعددات الجنسيات والثقافات مع هذه القوانين ان التشريع الاسلامي لو طبق كثقافة اولا ثم كتشريع لحل مشاكل 3/4 نساء الارض غربا وشرقا
      *شخصيا ارى ان المراة مظلومة غربا بسبب اضطهادات فكرة المساواة لها وشرقا بسبب التقاليد
      وان تشريعات الاسلام قبل 1400سنة لو طبقت في القرن الحادي والعشرين الذي يشهد ابشع اضطهاد وانحراف في معالجة مظلمة المراة على مستوى عالمي لحلت المشكلة فعلا
      * النضال النسوي غربا لاخراج المراة الى سوق العمل واحتقار الامومة واعتبارها عملا (ذيليا ) وعدم احترام خصوصيات الدور النساءي التكاملي مع الرجل والمنظم على قاعدة تقاسم الادوار بالنظر الى ان هناك مغزى من اختلاف النوع الانساني وتقسيمه الى ذكر وانثى ابعد من مجرد كيمياء الاتصال (الجنسي )! ادى الى مظاهرات ومطالبات تشريعية تعتبر ساعات عمل المراة في البيت يجب ان تحسب ضمن ساعات العمل ! طيب ما دام الرجل والمراة يعملان معا على قدم المساواة داخل البيت وخارجه فلماذا تخصيص المراة باحتساب ساعات عملها في البيت على انها ساعات عمل ؟!! السبب واضح الذكور في المجتمع الغربي فقدوا صوابهم يريدون فقط قضاء شهواتهم دون تحمل مسؤولية النفقة الزوجية (الزواج في طريقه الى الانقراض غربا ) ولا يعملون فعلا كمايفعل الاخ اسامة -اخي اسامة زوج مهذب وراقي – اذن الصراخ شيء والواقع شيء اخر ! كما انهم اصبحو ليسو بحاجة الى الزواج لانهم اختزلوه بالحصول على المتعة الجسدية والانانية الفردية
      طيب من البداية قلنا ان هذا اضطهاد جسدي مروع للمراة والى الان في اكثر دول العالم تقدما هناك فرق في الاجور وضغط شديد حيث لا تمنح المراة اجازة امومة ولا غيره الا في الشركات الكبيرة جدا (الولايات المتحدة نموذجا )! الاسلام كان سيقول كلمة اخرى سيقولللمراة حرية العمل لكنها كفرد في الاسرة ليست من واجبها المشاركة الالزامية في الانفاق لها ان تتعلم وتعمل لكن هذا لا ينبغي ان يكون ملزما ..ا
      بالنسبة للعنف ضد المراة كما تقول مسؤولة في دول الاتحاد الاوروبي ان اوروبا قارة متخلفة بالنسبة ل ما السبب رغم القوانين الحامية ؟
      * السبب غياب القيم الدينية التي تقنن الخمر والجنس العشواءي وتمجد الامومة

  2. يقول فؤاد مهاني- المغرب:

    أولاـــ حبدا لو ترجع الأخت الكريمة غادة الشاويش إلى موضوع البارحة “المغرب يتهم المد الشيعي بتهديد الأمن والإستقرار…” للإطلاع على تعقيب على مداخلتها الطيبة
    ثانياــــ يا دكتورة ابتهال الحديث الإنشائي عن صون المرأة وكرامتها هي من عند الله ورسوله وليست من عند البشر كقول الله تعالى :(وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) ومن أقوال الرسول الأكرم :( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم لنسائهم) (إنما النساء شقائق الرجال) ( خيركم خيركم للنساء ).
    فتعاليم الإسلام يا سيدتي تدعونا لصون وحفض كرامة المرأة وليست تعاليم حداثتكم وليبراليتكم التي تدعو المرأة إلى الإنسلاخ عن الدين وثقافتنا الإسلامية.

    .

    1. يقول غادة الشاويش -المنفى:

      اخي فؤاد صباح الخير قرات تعليقك النبيل على احداث الحسيمة وكان تعليقا متوازنا وكتبت هناك ردا على تعليقك المعتدل

  3. يقول رؤوف بدران- فلسطين:

    من خلال اطلاعي على اغلب تعليقات القراء , اتوصل الى نتيجة , ان الفرد العربي غير مهيأ لا نفسانياً ولا حضارياً ولا حتى عقائدياً باستبدال نمط مسلماته الغير سوية ؟!
    المرأة العربية (المسلمة) من اكثر نساء المعمورة تخلفاً وجهلا بسبب التشريعات التي تتيح للرجل اضطهادها وتعنيفها وحتى قتلها دون محاسبة, المرأة في بعض الدول العربية ممنوع منها سياقة السيارات ,والمرأة الغربية تغزو الفضاء ؟!
    بعض الفئات والفرق الاسلامية تتيح زواج المتعة وفي نفس الوقت يعتبر بعضهم ان المرأة عورة!!
    من حقكم ان لا تقتدون بما يجوز للغير , ولكن من حق الغير وصفكم وخصوصاً بالنسبة لتعاملكم مع المرأة انكم ما زلتم كاهل الحقب البائدة والسلام

  4. يقول غادة الشاويش -المنفى:

    المراة غربا وصلت الى الفضاء هل هذه كل القضية ! لكنها تستغل على نحو بشع وابشع من زواج المتعة انها تستعمل كسبية جسدية ومادة للترويج الجنسي وحتى في مجتمعها اصبحت رفيقة فراش اكثر من كونها اما محترمة وزوجة لقد اباحت الفوضى التشريعية غربا وتغييب الوازع الديني الخمر والجنس العشواءي باعتباره حرية فردية تزايد العنف ضد المراة 40% من النساء الكنديات يشكين من العنف الزوجي والعنف العام والقتل والاغتصاب احصاءيات الولايات المتحدة تشير الى مؤشرات خطرة جدا وتقارير الدول الاوروبية تشير الى ان القارة الاوروبية قارة متخلفة بما يتعلق بالعنف ضد المراة
    * السبب غياب او التغييب المتعمد للقيم الدينية الواعية الى تحريم التعاطي معنا كنساء على اننا سلعة جنسية ولهذا كانت تشريعات الحجاب تحييدا للجسد عن تقييم النراة بربك يا استاز رؤوف كم امراة عقب الثورة الصناعية في اوروبا تم اغتصابها مقابل رزقها بعد ان فني جمالها وراء الات ثقيلة وفقدت حتى انوثتها وفرصتها في الامومة والزوجية لانه اصبح ممكنا ان تمارس هذه الفوضى الغبية خارج مؤسية الزواج دون ان يتحمل الطرفان عواقب افعالهما الا عبر فرض ضريبة علي وعليك عشان نمول (شهوات امراة ) لديها شركة مساهمة غير محدودة من الشركاء الجنسيين الذين يريدون الجنس وليس الابوة اليس هذا استرقاقا جديدا

    السعودية وقيادة السيارة مشكلة تقاليد هي مشكلة السعودية وليست مشكلة الاسلام الذي لا يخوض نضاله لتقود سيارة او تذهب الى الفضاء هذه مسلمات لا يحتاج الدين الى نقاشها بل انه يريد ان يكف استرقاق المراة والتعامل المنحط معها على انها
    مية اعلانات اضطهاد انوثتها وامومتها بالزامها بنفس ساعات عمل الرجل وحرمانها من التساوي في الاجور عندما قال الاسلام المراة عورة فهو هنا يقول لن تكوني ضحية لمغتصب جبان ولا جارية في دار ازياء يتحكم المصمم بقياساتي الجسدية ونوع طعامي لن يكون جمالي ولا قبحي مادة للتسليع فلن ابيع لحمي لاكل ولن اقصى من مهنة انا جديرة بها لانتي ارفض تقصير تنورتي عندما كلف الرجل بالقوامة قال له لا يوجد علاقة بلا مسؤوولية المراة ليست سلعة على فراشك تتفضل تدفع مهرا تنظم علاقتك معها عبر عقد يلزمك بتحمل نفقات عاءلة مش (مارس شهواتك وارم الولد وامه لدور الرعاية وافرض معيشتهم على غيرك ) عندما حرم المساس بي الا برضاي وكزوجة وعندما حرم الخمر ولم يفرض علي التكسب ومنحني حق التعلم والعمل !

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية