عن إلزام المسلمات بإتقان الانكليزية للاقامة في بريطانيا

حجم الخط
17

اعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون امس ان المهاجرين الذين سيفشلون في اختبارات لاجادة اللغة الانكليزية قد يواجهون اجراءات الترحيل، ضمن تعديلات جديدة لقانون لهجرة سيبدأ تطبيقها من شهر اكتوبر/ تشرين الأول المقبل. وخص كاميرون بالذكر المسلمات اللاتي يأتين الى بريطانيا للانضمام الى أزواجهن، وقال ان 38 ألف مسلمة لا يتحدثن الإنكليزية، و190 الفا يتحدثنها بشكل محدود يعشن حاليا في بريطانيا.
وحسب تصريحات كاميرون غير المسبوقة، والتي اثارت جدالا واسعا، فان الحكومة ستقوم بعمل اختبارات في اللغة بعد عامين من دخول المسلمات بريطانيا كشرط لحصولهن على الإقامة الدائمة، وكذلك بعد عامين ونصف بالنسبة للحاصلين على تأشيرة لخمس سنوات لضمان تحسن اتقانهم للغة. وردا على سؤال ان كانت الحكومة ستقوم فعلا بترحيل مسلمات لديهن اطفال في بريطانيا بسبب عدم اتقانهن اللغة، اجاب بوضوح: «لا يوجد أي ضمان انه سيسمح لهن بالبقاء، وعلى من يأتون الى بلادنا مسؤوليات يجب تحملها أيضا».
ولاقت تصريحات كاميرون انتقادات من تنظيمات مدنية معنية بمساعدة النساء، فطالب احدها باشراك المسلمات في صياغة القانون بعد الاستماع إليهن، فيما رفض آخر تركيز كاميرون على المسلمات وشدد على أهمية ان يكون القانون شاملا، والا يرتبط بمكافحة الارهاب.
ومن حيث المبدأ فان توقيت صدور هذا القانون يسهل على كثيرين ربطه بتصاعد موجة الاعمال الارهابية في أوروبا، مع المخاوف من توجه المزيد من الشباب المسلمين البريطانيين إلى سوريا للقتال في صف تنظيم داعش، الذي يعتقد انه يضم بالفعل قرابة ثمانمئة منهم.
ويجد هذا الربط دعما واضحا من تصريحات كاميرون التي اشارت ايضا الى صعوبة السكوت عن «المجتمعات المنعزلة» للمسلمين، وأهمية الزامهم بالقيم الليبرالية باعتبارها اساس المجتمع والحياة في بريطانيا.
ويعرف من يعيش في بريطانيا ان الانعزال الثقافي والاجتماعي للمسلمين قائم بل وآخذ في التكرس بالفعل، وان اغلب هؤلاء من اصحاب الأصول الآسيوية يعيشون حياة مغلقة، كانت قاسما مشتركا بين الشباب المتهمين بالانضمام الى تنظيمات متطرفة أو المشاركة في عمليات إرهابية.
الا ان تحميل المسلمين وحدهم مسؤولية هذا الوضع يعكس رؤية ناقصة وربما متجنية من الحكومة البريطانية. فهل يضمن كاميرون ان مجرد اجبار المسلمات على اتقان اللغة الانكليزية سيحقق حالة الاندماج المنشودة للمسلمين في المجتمع البريطاني؟ وماذا عن المشاكل المتراكمة التي خلقتها عقود طويلة من الانعزال، والتي اشار الى بعضها مثل ظهور عادة الختان بين الفتيات المسلمات للمرة الاولى، الى جانب تحكم ما يسمى بـ «مجالس الشريعة» في العائلات؟ وهل ستعمل الحكومة على تسهيل وجود تمثيل سياسي منصف للمسلمين في البرلمان ومجالس البلديات للتعبير عن آرائهم واحتياجاتهم؟ وهل «الرغبة في الاندماج» هي السبب الحقيقي للاجراءات الجديدة ام ان كاميرون يستخدمها كغطاء لتشديد اجراءات منح التأشيرات وتقييد حق الإقامة للمسلمين بشكل خاص؟
الواقع ان ثمة مشاكل سياسية وثقافية عميقة تقف حائلا دون تحقق ذلك الاندماج الثقافي الذي تحدث عنه رئيس الوزراء البريطاني، وطالما انه يصر على تجاهلها، فربما يكون من الاجدى ان يوفر مبلغ العشرين مليون جنيه استرليني التي قال انه سيخصصها للمساعدة في تحسين اللغة الانكليزية عند المهاجرين.
وللانصاف فان المجتمع البريطاني يبقى بين الأقل عنصرية في أوروبا حسب رأي كثيرين. وعلى سبيل المصادفة فان البرلمان البريطاني بدأ امس مناقشة مذكرة وقع عليها أكثر من نصف مليون مواطن بريطاني لمنع المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب من دخول بريطانيا بسبب تصريحاته المعادية للمسلمين. وعندما اجرت احدى المحطات الاذاعية استطلاعا أمس حول آراء الناس في دعوته لمنع المسلمين من دخول امريكا، كانت الكلمة الأكثر شيوعا في وصفهم له انه «رجل أبله».
إلا ان هذا لا ينفي وجود مشاكل حقيقية تعمل على اقصاء المسلمين البريطانيين في مجالات السياسة والمجتمع بما في ذلك أماكن العمل، وهو ما يكرس حالة الانعزال الثقافي وينميها، فيما تكتفي الحكومة بتوجيه اللوم للمسلمين.

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الولايات المتحده / جمال حسن:

    ذكرنى هذا الموضوع بطرفة حدثت بالخرطوم عندما أراد أحد الشباب أن يحصل على تأشيرة للولايات المتحدة وكان هذا الشاب لا يفقه شيئا فى اللغة الانجليزية فاحتاج إلى مترجم فى مقابلة القنصل..ضحك عليه القنصل الأمريكى وقال له انت لاتعرف اللغة الإنجليزية فكيف تريد أن تعمل هناك فما كان من هذا الشاب إلا أن رد عليه بتلقائية..انت لا تعرف العربية وتعمل هنا منذ سنين !! ضحك القنصل كثيرا وأمر له بالتأشيرة.

  2. يقول عبد الكريم البيضاوي . السويد:

    بريطانيا من الأساس غير متحمسة لقبول اللاجئين , في الوقت الذي تستقبل فيه السويد مثلا مائة وخمسين ألفا, وهي دولة صغيرة بالمقارنة, ألمانيا مايقارب المليون, تعلن بريطانيا أنها مستعدة لاستقبال عشرين ألفا على مدى خمس سنوات. هذا التعديل البريطاني المرتقي في قانون الهجرة يصب فقط في سياسة التخلص من أكبر عدد ممكن من اللاجئين.
    لماذا ؟ عوامل كثيرة أصبحت تخيف الأوروبيين عنوانها العريض, الإرهاب, عناوينها المتفرعة , البطالة , الحالة الإقتصادية التي لاتزال غير مطمئنة, هبوط الأسواق العالمية فقط في الأسبوعين الماضيين دليل ملموس ولوسببه تباطؤ نمو الإقتصاد الصيني لكن تبقى الصين المحرك الأساس للإقتصاد العالمي والأوروبي بوجه الخصوص في الوقت الراهن.
    إلى الموضوع, الفكرة فكرة جيدة للغاية, تعلم الأجانب لغة بلد الإقامة شيء حيوي للغاية, هو بمثابة حياة أو موت في الحقيقة فيما يخص الحالة النفسية والمادية للمواطن الجديد, مثال: ” إن تحدتث لغة سليمة بقواعدها وحسن نطقها, كن على يقين بأنك ستقابل بصفة أنك إنسان” ذكي ” ولو لم يكن للذكاء دخل في الموضوع فتحترم, في المقابل وإن كنت نابغة وتحدثت لغة رديئة مكسرة يلصق بك طابع ضعف وغباء, الناس تختبرك باللغة, شيء غير معقول في الحقيقة لكنه الواقع.
    أما وأن يربطوا الإقامة بتعلم اللغة فليس من المعقول لأن سلاح اللغة يبقى مصلطا على رقاب الأجانب وبإمكانهم في أي وقت يمكنهم طلب مستوى أعلى وأعلى من اللغة كي يهجروا أكبر عدد ممكن إن اقتضى الحال. مابالك بالإنسان الأمي الذي عليه البدء من الصفر, غير معقول, دول ربطت اللغة بالتجنس , شيء مقبول.

  3. يقول Salim:

    تعلم اللغة الانجلزية هي لمصلحة المسلمين وكلما تجيد اللغة الانجليزية تجد الاحترام والتقدير وتستطيع تدافع عن نفسك .

  4. يقول Adel Gharsallah:

    “من تعلم لغة قوم اتقى شرهم”
    كل ما في الأمر أن رئيس الوزراء البريطاني يحاول بفرضه تعلم اللغة الانجليزية على السيدات المسلمات (اللاتي قد لايسمح لهن مغادرة منازلهن) أن يوفر لهن مخرجا قانونيا يرغم به بعولهن على مساعدتهن بتوفير الشروط الأساسية لتعلم اللغة الانجليزية إذ عن طريق اللغة يمكن لأفراد الأسرة الاندماج في الحياة البريطانية المتعدد الثقافات …فالسؤال المطروح هنا:لماذا يلجأ الكثير من العرب/المسلمين مباشرة إلى التهجم على هذا الفرض/الإقتراح دفاعا عن الثقافة العربية الإسلامية أو تهديدا بخلق الإرهاب مستقبلا والحال أن ما يطالب به “دايفد كامر هو واجب من واجبات النساء المسلمات المقيمات ببريطانيا ?

    1. يقول عبد الكريم البيضاوي . السويد:

      الأخ Adel Gharsallah

      كاميرون يجيب بنفسه ويقول : “ان المهاجرين الذين سيفشلون في اختبارات لاجادة اللغة الانكليزية قد يواجهون اجراءات الترحيل..”

      ويقول ” لإجادة اللغة ” ليس فقط تعلمها قدر المستطاع, أن ” تجيدها ” لاعيب في ذلك بل العكس, أهل النية صادقة في الموضوع؟ ثم عندما يربطها بالترحيل فتصبح شيئا آخر, محفزات قد تمنح لمن تعلم وأجاد في اللغة وهناك حتى عقوبات ربما كالحرمان من أشياء مادية أو نقصان في المساعدة الإجتماعية أو ماشابه, هناك أبواب كثيرة, لكنه إختار الترحيل من بين كل هذه الإختيارات فأظهر ماكان باطنا. ماذا عن الأميين والأميات من العرب في الغالب متقدمي السن يصعب عليهم بل يستحيل تعلمهم للغة جديدة وإجادتها ؟
      كل مايصدر عن رجل السياسة يجب تمحصه والسؤال دوما عن الدوافع وعن الأسباب وراء ماينطق به وإلا أصبح رجل أعمال خيرية إذ ذاك نصدقه من أول جملة يقولها.

  5. يقول Adel Gharsallah:

    السيد عبد الكريم البيضاوي . السويد
    عندما يهدد سياسي مرموق ككامرون المحافظ بترحيل المسلمات اللاتي لا يحذقن اللغة الإنجليزية فهو يرمي إلى شيئين اثنين:
    أولا: قطع الطريق عن غرمائه السياسيين اليمينيين الشعوبيين كحزب الجبهة الوطنية الذي يعمل على ترحيل كل الأجانب بقطع النظر عن إلمامهم بالثقافة واللغة الإنجليزية.
    ثانيا وهو الأهم: تحفيز المسلمات وبعولهن على الاجتهاد في تعلم اللغة قصد الاندماج في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي الاندماج في المجتمع الإنجليزي بسهولة .
    لا شك أن المحفزات التي تعرضت لها كان معمولا بها لكن لم تؤدي إلى نتيجة لأن الكثير من المهاجرين (العرب والمسلمين ) يتشبثون بعادات قبلية من شأنها تبقي النساء وراء الستار والبيبان بينما يتفسح الرجال بين “هايد بارك” و” أدواير رود” و” كانسجتن” بكل حرية ونساؤهم لا حول ولا قوة لهن ولا إمكانية لهن للاندماج في المجتمع الذي يعشن فيه…إذن فالحل الوحيد هو إلزامهن بتعلم لغة القوم والتفتح على ثقافتهم حتى ولو كان ذلك عن طريق التهديد بالترحيل مشافهة إذ لن يقوم الوزير الأول بفعل ذلك إلا بقانون صريح داخل في حيز التنفيذ…متى يفق المسلمون من سباتهم لتقبل النقد حتى عن كراهية؟

  6. يقول zaki:

    هل تستطيع الدول العربية إجبار ألإنجليز الذين يزورونها آو يعملون بها علي إجادة الحديث باللغة العربية

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية