في هجومين متزامنين يستحقّان الإدانة والشجب بالضرورة ضد مجلس الشورى الإيراني ومرقد زعيم الثورة الإسلامية الإمام آية الله الخميني أعلن تنظيم «الدولة الإسلامية» عن وضع بصمته العنيفة الأولى في إيران ما أدّى لسقوط 12 قتيلا و39 جريحاً.
نفّذ الهجومين مسلّحون و»انغماسيون» (كما يصف التنظيم مقاتليه الانتحاريين) وتنكّر عناصر التنظيم في الهجوم، على مجلس النواب، حسب وزير الداخلية الإيراني، بأزياء نسائية، كما كان أحد مهاجمي مرقد الخميني امرأة، حسب رواية الداخلية، لكنّها عادت وقالت إنهما مهاجمان ذكران، فجّر الأول نفسه وقتل الثاني على يد رجال الأمن، ثم نشرت وكالات عديدة صورة رأس أحدهما مقطوعاً، وفي كل هذه الروايات تحضر عناصر دراميّة شارك كلا الطرفين، تنظيم «الدولة»، والسلطات الإيرانية، في إنجازها بصورتها النهائية.
يسجّل الهجوم حدثاً تاريخيّاً لأنه الأول الذي ينفّذه التنظيم المتطرف في بلد اتهم بالمساهمة في صناعته عبر السياق الطويل الذي تبع احتلال الأمريكيين لأفغانستان والعراق، وكان هروب بعض قادة «القاعدة» نحو إيران ثم العراق أحد فصوله الغامضة، ثم انبعاثه الطبيعي مع اندماج فكر «القاعدة» وخبراته الأفغانية مع مرارات الانهيار العظيم للعراق نفسه والتهشّم المهيب لدولته الحديثة وانسحاقه تحت وطأة حروب متكرّرة طاحنة وتذرّر مكوناته الاجتماعية وانحدارها إلى نزاعات طائفيّة مريرة.
بهذين الهجومين يرث تنظيم «الدولة» (ويلغي في الآن ذاته) تراث الحرب السياسية المهولة التي قامت بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وخصومها السياسيين على مستوى قومي، والتي كانت حركة «مجاهدي خلق» (التي نفّذت آخر هجماتها الدامية مطلع العام 2000) آخر مظاهرها التي انتهت فعليّاً، مع وقوع العراق تحت السيطرة الإيرانية لاحقاً، ما أفقدها الظهير الجغرافي والمموّل العسكري والمالي لتصبح مجموعة كبيرة من المنفيين البعيدين عن بلادهم الذين تحوّلوا إلى ظاهرة سياسية تتمثل في مؤتمرات سنوية فحسب وتعبّر عن زمن انقضى.
رغم تعلّق تنظيم «الدولة» بالعنف الأعمى الذي يستهدف المدنيين (وهو عرض من أعراض موت السياسة وانحساره) فإنه يحاول – إذا كان هو من نفذ الهجومين – في الآن نفسه، إيصال رسائل سياسيّة منتقاة بدقّة، فباختياره مرقد الخميني والبرلمان الإيراني يعلن التنظيم رفضه للمظاهر السياسية الحديثة التي يعبّر عنها المجلس النيابي كما يستهدف رمز الجمهورية الإسلامية السياسي والدينيّ الأكبر: الخميني.
يتشارك تنظيما «الدولة» و»مجاهدي خلق» العداء لرموز الجمهورية الإسلامية السياسية والدينية، وقد قامت «مجاهدي خلق» خلال تاريخ صراعها الطويل مع الحكومات الإيرانية المتعاقبة منذ الثورة عام 1979، كما فعل التنظيم أمس، بتفجير البرلمان الإيراني خلال ثمانينيات القرن الماضي، وحاولت، عام 1981، اغتيال علي خامنئي فأصابته في رئته وحنجرته وذراعه، وقامت أيضاً باستهداف مقامات دينية رمزيّة.
تتوقف التشابهات هنا لأن الفارق بين التنظيمين كبير، فالأول كان تنظيماً سياسياً وعسكريا حقيقياً لديه هرميّة وقواعد سياسية وكوادر وغطاء إقليمي ودوليّ (وما زال)، والأهمّ من كل ذلك أنه يعمل كمنظمة قوميّة إيرانية ذات أهداف سياسية عامّة، أما «الدولة» فهو أقرب للحركة السرّية غير المترابطة تنظيميا (إلا ضمن الجغرافيا العراقية ـ السورية) باستثناء انتظامها ضمن أيديولوجيا إرهابية وانتحاريّة عامة عابرة للقوميّات ومضادّة لكافّة الدول، والتي تجد صداها ضمن أحياز العنف والتهميش والخراب المعولم داخل كل بلد تضرب فيه.
أحد قادة الحرس الثوري اتهم السعودية بتنفيذ الهجومين الأخيرين، وهو ما قد يعني «مجاهدي خلق» الذي تتهم طهران السعودية بدعمه، أو يمكن تأويله بنزوع طهران الطبيعي للمماهاة بين الرياض وتنظيم «الدولة».
يعود هذا طبعاً للاعتقاد، لدى أوساط إيرانية، أن التصويب على السعودية أجدى، مع الاستفادة، في الوقت نفسه، من اعتراف ما يسمّى «الدولة الإسلامية» بتبني الهجومين.
بالاتهام الأول تستثمر إيران في خطّها القديم المعادي للرياض، وتستفيد أيضاً من دخولها على خطّ الأزمة المتصاعدة في الخليج، من دون أن تتخلّى عن انتظامها في المسار العالميّ الصاعد الذي يضعها في نادي الدرجة الممتازة للمتضررين من «الدولة الإسلامية» وشقيقاته.
رأي القدس
امر عجيب أمر تنظيم الدولة كنا في الماضي نسال لماذا لايهاجمون ايران بدل الدول العربية ولكنهم لم يفعلو واليوم وبعد زيارة المفتي ترامب الى السعودية وإعلانه الدعم لحكام السعودية في الحرب على ايران نراهم يقومون بهذا العمل في طهران فهل هذه لعبة خسيسة من ترامب والسعودية ام ان تنظيم الدولة يعمل على البوصلة السعودامريكية
من حق إيران أن تتهم السعودية بأنها تقف وراء العملية الإرهابية التي وقعت في طهران ضد مجلس الشورى الإيراني ومرقد زعيم الثورة الإسلامية الإمام آية الله الخميني وأدت إلى سقوط 12 قتيلا و39 جريحاً . لماذا ؟ .
لأن ولي ولي العهد السعودي قال في حوار صحفي في بداية الشهر الماضي : ” لن ننتظر الى ان تأتي المعركة الى السعودية ، وسننقل المعركة اليهم في ايران ” ، فهم يريدون السيطرة على قبلة المسلمين.
ومن حق المسلمين ، السنة والشيعة ، أن يقتنعوا بأن ” الدولة الإسلامية ” تنظيم إرهابي وصناعة سعودية أمريكية لخدمة مخططتاهما في المنطقتين العربية والإسلامية . لو لم يكن الأمر كذلك لما استجاب التنظيم الإرهابي في أسرع وقت إلى رغبة ولي ولي العهد المشار إليه .