الجزائر ككل دول الشرق الأوسط وإفريقيا، كان لها في العقدين الماضيين نصيب وافر من المحن والأزمات، فصدّرت الكثير من المهاجرين واللاجئين واستقبلت منهم الكثير.
في ظروف سوِّية، يكون هذا التمازج والتداخل بين الشعوب والثقافات نعمة، لأنه يفتح عيون الناس على الآخر، ويوسع أفق نظرهم. كان يُفترض بمجتمع مَرَّ بكل تلك المآسي والعذابات أن يستخلص دروسا وعبَر تغيّره نحو الأفضل. بيد أننا أمام العكس تماما. أكاد أقول إن المجتمع الجزائري أصبح أكثر انغلاقا وأقل جرأة على طرح الأسئلة الحقيقية وخوض النقاشات المفيدة.
لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وفي إطار المراجعة الدورية لتقرير الحكومة الجزائرية حول وضعية الحقوق والحريات، أصدرت نهاية الأسبوع الماضي وثيقة سجّلت فيها قلقها من انتشار خطاب الكراهية في الجزائر، ومن التمييز السلبي ضد الأفارقة والأقليات. بخصوص اللاجئين الأفارقة، لفتت ملاحظات فريق خبراء الأمم المتحدة إلى تقارير عن سوء معاملة هؤلاء الرجال والنساء، وترحيلهم إلى دولة النيجر في ظروف قاسية. وخصَّت الملاحظات بالذكر تقارير تحدثت عن «التخلي» عن 13 ألفا من هؤلاء اللاجئين في الصحراء بلا أدنى ضروريات البقاء على قيد الحياة.
قبل أن تكون قضية حكومة، هي في أزمة مجتمع مرتبك. المجتمع الجزائري الذي صدّر مئات آلاف اللاجئين إلى كل أنحاء العالم أثناء الحرب الأهلية غير البعيدة، يعامل الأفارقة الهاربين من الحروب والجفاف والمجاعات بقسوة شديدة. تبدأ هذه القسوة في أسفل المجتمع فكرة بسيطة ومألوفة لا تستوقف أحداً، ثم تتطور لتنتهي قرارات سياسية ترعاها الحكومة وتسهر على تنفيذها.
المجتمع موغل في تأزيم علاقته مع الآخر. اللاجئون الأفارقة، العمال الصينيون، وبدرجة أقل اللاجئون السوريون، كل هؤلاء محل رفض وإن بدرجات متفاوتة وطرق تعبير مختلفة. أصبح من الصعب أن تشارك آخرين في جلسة ولا تسمع فيها قدحا في الأفارقة والعمال الصينيين، وحديثا سلبيا بحق السوريين. يوميا هناك جديد في هذا الموضوع. وأصبح من شبه المستحيل أن تقرأ في صحيفة جزائرية تقريرا إيجابيا عن هؤلاء المساكين، أو يتعاطف مع مآسيهم (بعض الصحف والصحافيين يعتبون على الحكومة قلة صرامتها تجاههم). ويندر أن تسمع واحداً من خطباء الجمعة الكثيرين يحث المصلين على تقبل هؤلاء الأغراب. ولن تجد كتابا مدرسيا يعلم الأطفال معاني التسامح مع القادم من خارج المجتمع الضيق.
تشعر كأن هناك جهدا واضحا يُبذَل لتعليق جزء كبير من مآسي المجتمع وإخفاقاته على «شمّاعة» الآخرين. «الصينيون يأكلون القطط والكلاب، قليلو نظافة وعديمو حياء».. إلخ. الأفارقة «جلبوا لنا الأمراض المعدية والدعارة والإجرام والشعوذة، وشوَّهوا المحيط وأساؤوا للذوق العام»، وغير ذلك. السوريون يغامرون بأطفالهم في الطرق السريعة و«يشحتون» في اختناقات المرور مستجدين عطف الناس بالرضّع.
رغم كل هذا، يكاد المرء يعذر عموم الناس بحكم بساطتهم وعفويتهم. فالمجتمع الجزائري تكوّن واستمر منسجما إلى حد الملل. هذا «الانغلاق» الثقافي والاجتماعي جعل أن فئات واسعة من الجزائريين نشأت، وإلى وقت قريب، لا تعرف شيئا عن اليهودي وعن المسيحي وعن اللاديني، وتجد صعوبة في تصديق أن العربي ليس بالضرورة مسلمًا. وفئات واسعة نشأت تؤمن بأن الجزائر هي سرّة العالم لا يتحرك من دون إشارة منها.
بالرغم من كل شيء، الصورة ليست حالكة السواد. بعيداً عن ضجيج السياسة وأضواء الإعلام وخارج أيّ إطار رسمي، يبذل شبان جزائريون ما في وسعهم للتخفيف من معاناة اللاجئين والغرباء الذين قذفت بهم الأقدار إلى الجزائر، وأغلبهم يعتبرونها معبرا لا مستقراً. وفي صمت وتواضع تتصدق عائلات جزائرية لهؤلاء بما استطاعت من مأكل وملبس.
ما يصعب تقبّله هو التطابق بين سلبية المجتمع وعدوانية السلطات والنخب في هذا الموضوع. في قضية اللاجئين الأفارقة بالذات، لا فرق يُذكر بين خطاب رجل الشارع وخطاب أصحاب القرار السياسي.
الكل يدلي بدلوه. في تموز (يوليو) 2017، أدلى أحمد أويحيى، وكان مديرا لديوان الرئاسة، بتصريحات صادمة اعتبر فيها أن الأفارقة «يجلبون الجريمة والمخدرات وآفات كثيرة». وأضاف بإصرار: «نحن أسياد في أرضنا». رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبيلس، لا تفوِّت فرصة من دون الحديث عن مافيات تريد إغراق الجزائر بموجات الأفارقة. كأنها تجتهد لتبرير أيّ قسوة حكومية تطال هؤلاء اللاجئين. ولا يختلف البرلمانيون، بل هم أسوأ. في هذا الأمر بالذات تذوب الخلافات السياسية والعقائدية.
تتزعم هذا التوجه سيدة اسمها نعيمة صالحي، وهي برلمانية تهوى التصريحات اللامسؤولة بحق الآخرين. المسؤولون في قطاع الصحة لهم نصيب أيضا. أحدهم اعتبر وجود الأفارقة خطراً على الصحة العامة (البروفيسور مصطفى خياطي ـ جريدة الشروق 06/10/2014). وتكتمل الحلقة بأصوات ناشطين في جمعيات الأحياء داعية إلى ترحيل الأفارقة، مستفيدة من أجواء تنضح بالسلبية والرفض.
هذا الواقع المؤلم يعكس حالة التيه والارتباك التي أصابت المجتمع الجزائري. وهذه المشاعر السلبية تنزع عنه أيّ حق في انتقاد عنصرية أوروبا وأمريكا.
٭ كاتب صحافي جزائري
توفيق رباحي
والغريب ياأستاذنا هو أن هناك لا جئون دون أوراق اللجوء ، مكدسون في مخيمات غسيل المخ لكنهم ممنوعون من الترحيل بقرار سياسي بل ويعتبرهم النظام جزءا من تركيبة المجتمع الجزائري لأنهم يشكلون خزانا بشريا أثناء الإستحقاقات الدستورية سواء أتعلق الأمر بالإنتخابات التشريعية أو الرئاسية والأغرب هو أن الأمم المتحدة لا تعرف عددهم بالضبط ومنذ سنين وهي تطالب بإحصاءهم لكنها تُقابل بالرفض من قبل النظام الجزائري
الأستاذ رباحي تحية خالصة / تعرف وكلنا نعرف أن مجتمعنا ظل موحدا متماسكا يعيش علي لقمة الحلال والمسير فينا ليس ثمة بعد يفصله عن بقية مواطنيه أومنعزل عنهم لايفرقه أو يعزله عن معيشتهم إلا في بالقدر المعروف في ذلك الضمان الكافي لما نسميه بحبوحة العيش وهي الحياة المحترمة التي تنفع صاحبها وليس فيها الضرر بالغير، هكذا كنا وبالأمس القريب هذا حالنا مفتخرين أن الوطنية الخالصة وطدت العلاقات الطيبة فيما بيننا حتي ولو اشتدت الأزمة بالروح الوطنية تمسكنا، قانعين صابرين ننتظر مستقبلنا وتنقلب الموازين فينا، تفرقنا علي الشكل الذي يري ويشاهد، طبقات مجتمعية طاف عليها طائف من التفرقة لدرجة الهلاك، تفتت المجتع فكان الفرز الحقيقي مابين مواطن متعدد الدرجات فئة محظوظة معززة البذخ والإسراف، المكابرة والتفاخر اتخذت العزلة وانفصلت عن الشعب بأسلوبها الذي عينته واتخذته لنفسها بفعل المال والجاه والنفوذ وهي القتنة التي قسمتنا وجعلنا لاننتسب لبعضنا، فئة أخري نزلت وانحدرت في قيمتها حياتها البائسة كدرت عيشها تأكل من القمامات وخشائش الأرض، كن معي أخي الفاضل، غريب أمرنا والله، نعرف بالضرورة ومشاهدة العين الفئة التي اغتنت وربما هذه الكلمة ليست في محلها فنقول اغتنمت أزمات البلد ألقت بظلالها علي طاقة البلد وخيراتها ووضعت يدها علي عنصر المال العام والمال شرايين الحياة في سيرورتها، نعرف ناسا ولسنوات ماضية ليست بالبعيدة مثلوا الطبقة الدنيا في العيش اليومي المطلوب، مابين يوم وآخر ليلة بعد أخري تحولوا إلي أباطر زمانهم وقوة بطشهم ثروة هائلة كونوها لأنفسهم ، وتفننوا في مجري الحياة، امتلكوا العقارات الواسعة والمساكن الفخة الضخمة ناهيك عن وسائل الترفيه وفروها لأنفسهم وأسرهم يعجز عنها الوصف وكل شيء يتوفر لهم بالجان علي حسب عرق وغبن الشعب لأنهم لايبادرون ولا ينتجون شيئا إلا إذا صب في مصلحتهم الخاصة، إلي أن بلغ بهم الشطط والكبرياء أصبحوا يطالبون وقد فعلوها بطرد إخوان لنا في الدين، في الادمية في الانسانية جمعاء جاءونا طمعا في رغيف خبز وشربة ماء قابلناهم بهذه العنجهية والكبرياء ؟ ألا يكون حياء لهؤلاء ؟ ألا يكون لهم خجل وأبناؤنا مشتتون في أكثر من قارة وأكثر من بلد وحالهم يشبه حال الذين نطردهم ونحرمهم من رغيف وشربة مـــــاء ؟ الحياة تتبدل والآزمنة تتغير مابين غمضة عين وانتباهتها * يغير الله من حال إلي حال،
ماذا ننتظر من مجتمع يرزح تحت أزمة اقتصادية و سياسية طاحنة ،خرج لتوه من أتون العشرية السوداء كادت أن تأتي على الأخضر واليابس ، على المجتمع الجزائري أن يتصالح مع بعضه البعض ويقوم بمراجعة وتقويم ما حدث إبان ( الحرب الأهلية )وهذا لا يتم برأيي إلا في ظل حكم يمثل الشعب
نعم السيد رباحي و كأني بك عشت هذا الأمر سابقا تشخيصك صح 100% في عنصرية أغلبية الجزائريين و كل مسؤلين النطام بدون إستثناء عنصريون نسينا أنفسنا بالأمس في العشرية الحمراء في تسعينات القرن الماضي غزونا العالم هربا من الموت تركيين الأهل و الأحبة تستطيع القول من كل عائلة فردا مهاجرا ما تركنا بلدا إلا دخلناه أعرف أناس سافروا قطعوا أدغال إفريقيا حتى وصلوا إلى جنوب إفريقيا و بعدها سافرو إلى لندن (بريطانيا) ورغم ما فعلناه من مشاكل يندى لها الجبين لم نرحل إلا بعد معارك و جولات طويلة فى أروقة المحاكم بعكس الأفارقة فأغلبهم بالنسبة لنا منضبطين و صبارين و خائفين من الجزائريين شعبا و حكومة همهم الوحيد السفر إلى أوروبا كيف يريدون البقاء فى بلد يريدوا أهله الهجرة منه .
يا أستاذ , انك تجلد نفسك,,ان كنت فعلا جزائريا ,,حيث أنك تتحدث عن شئ لم تراه؛ ولم تعشه..سمعت عنه من أقلام مأجورة .وانا لاأشك
في جزائريتك أبدا.. لكن أطلب منك شئ من الواقعية ؛ والموضوعية في تحليلك لمثل هذه الواضيع دون خلفية مسبقة ؛وخاصة أنت أكاديمي,,
وأقول لك الموضوع تساهلت فية الدولة الجزائرية كثيرا لاسباب,وهي تعالج فيه بكل رزانة ؛ وانسانية ؛ وبعيدا عن الاضواء ,,لو كنت أنت ؛ ذلك صاحب التعليق الاول,,مكان الدولة الجزائرية وبين عشية ؛ وضحاها, اشتحتكما أمواج من البشرمن 47 دولة أفريقية بدون سابق انذار,
ماذا أنتما فاعلان,, تقومان بعملية استعراضية من أجل تمرير رسالة ما.ثم تقولان لم نستطيع الله غالب.؟ لكن الجزائر مواقفها لاتباع ؛ولاتشترى
يا أستاذ لقد اعطيت حجرا لناعق يضرب به وطنك والمثل الشعبي عندنا يقول:.” الجمل مايشوفش لحدبته ؛ ولكن يشوف حدبة صاحبه”..