وأخيراً انتهى السباق الذي يجري كل عام بلا متسابقين! فالمرشحون المحتملون لجائزة نوبل ليسوا مرشحين إلا بشكل افتراضي، ومناقشات الأكاديمية السويدية ولوائحها سرية، لا يرشح عنها شيء، وكل ما قيل لم يكن سوى تكهنات ومراهنات والى آخره…
المرشح العربي الوحيد لنيل الجائزة ليس مرشحاً إلا بشكل افتراضي. فأدونيس مرشح دائم منذ أكثر من عشر سنين، وفي كل سنة يعلو اسمه في التكهنات، ثم لا شيء. كأن ترشيح ادونيس تحوّل إلى اعلان سنوي بسقوط العرب في امتحانات نوبل! وهذا ظلم لأدونيس وللأدب العربي. ولا أدري كيف يستطيع الشاعر السوري تحمّل هذا الضغط النفسي السنوي الذي يوضع فيه؟ كأن المراهنين والمؤيدين والشامتين لا يعلمون أن لا علاقة للشاعر باللعبة النوبلية، وأنه صار ضحيتها الوحيدة ربما. اذ لا أعرف عن حالة أدبية شبيهة بالترشيح الأدونيسي المزمن للجائزة، فأسماء المرشحين تظهر وتختفي، ما عدا اسم ادونيس، فهو يرسب في كل سنة، ومعه يرسب العرب.
حتى الشامتون الذين فرحوا بعدم فوز أدونيس، يعرفون أنهم سقطوا معه. هذه هي احدى مفارقات الشاعر السوري الكبير الذي جعلت من فوزه بالجائزة، اذا حصل، فوزاً شخصياً لا علاقة للثقافة العربية به، لأن الرجل يعتبر أن هذه الثقافة ماتت، وسقوطه سقوط للثقافة العربية.
لا حل لهذه المعضلة، الا بفوز أدونيس بالجائزة، وهو يستحق أكثر منها كشاعر، وهذا لا علاقة له بمواقفه السياسية والفكرية، وخصوصاً موقفه من مأساة سوريا، وهي مواقف تثير الكثير من الأسئلة والريبة. الحل هو أن ينال أدونيس الجائزة كي نخلص من عبء هذا الامتحان وننسى الجائزة، وينصرف مدونو وسائل التواصل الاجتماعي الى مسائل أخرى، ويحلّوا عن أدونيس.
لكن المسألة أن أدونيس لا يتصرف كشاعر فقط، بل هو صاحب رأي ثقافي في الحضارة العربية – الاسلامية، لا يخلو من بصمات استشراقية، كما أن مواقفه السياسية التي تدين الشعب ولا تدين النظام الاستبدادي الا بكلمات غامضة، تسيء إلى شعره، وإلى دوره الكبير في صناعة مخيلة العرب الشعرية الحديثة.
كل هذا ليس سبباً لعدم قيام الأكاديمية السويدية بمنحه جائزة نوبل. هل شكّلت آراء نايبول التي تحتقر العالم الثالث عائقاً أمام نَوْبلته؟ وهل منح الجائزة للشاعر والمغني الأمريكي بوب ديلان، تعني أن الأكاديمية غضت النظر عن ميوله الصهيونية التي ظهرت بعد أفول نجمه الجماهيري مع نهاية مرحلة الستينات؟
يجب النظر إلى جائزة نوبل بصفتها جائزة تنطبق عليها اشكاليات جميع الجوائز، لكنها تمتلك خصيصتين:
الأولى هي وزنها الاعتباري الذي يعطي نجومية الأدباء نجومية مضافة، بسبب استمراريتها وثباتها، وقيمتها المادية الكبيرة.
الثانية هي أنها جائزة للأدب الغربي، وهذه هي المسألة التي يتجاهلها العرب والأفارقة والآسيويون وهم يندبون حظوظهم النوبلية العاثرة. وهي لا تُعطى لأدباء من خارج دائرة الأدب الغربي إلا نادراً، وبهدف الإيحاء بأنها جائزة عالمية.
عالمية الجائزة تأتي من قوة المركزية الأوروبية، فكي يصير الكاتب عالمياً عليه أن يُترجم إلى الانكليزية والإسبانية والفرنسية، أما أذا تُرجم إلى الصينية او التركية او الفارسية، فهذا لا يساعده كي يحظى بلقب كاتب عالمي.
السؤال هو هل صحيح أن الغرب لا يزال مركز العالم الأدبي؟ وهو سؤال اشكالي بالطبع، فالغرب تصدر الأدب العالمي في مرحلة الحداثة، أما في زمن ما بعدها فالأمر مشكوك فيه، كما أن أزمنة ما قبل الحداثة حاسمة في تصدر آداب العرب واليونانيين القدماء والفرس والهند والصين…
اذا نظرنا إلى نوبل بصفتها جائزة ككل الجوائز التي تُعطى في الغرب، فإن هذا يحرر الساقطين الدائمين من شعوب العالم الثالث من الخيبة المستمرة، ويحرر العرب من خيبتهم السنوية التي بات يصاحبها للأسف فرح سنوي عند البعض، بعدم نيل أدونيس الجائزة.
وإذا نظرنا إليها كواحدة من الجوائز، وهي صارت كثيرة ومتدفقة في بلاد العرب، فإن هذا يضعها في إطارها، اذ لا تستطيع الجوائز ان تصنع الكتاب والشعراء، الكتاب والشعراء هم من يعطون المعنى للجوائز التي تمنح لهم، ويحجبون هذا المعنى عن جوائز أخرى تعطى لكتاب بائسين.
المسألة، في زمن التباس المعاني وفراغها، الذي أشاعته العولمة السياسية والاقتصادية التي تجتاح العالم، أن الجوائز، مهما علا كعبها، لم تعد تمثل ما كانت تمثله في الماضي من قيم معنوية. صارت الجوائز جزءاً من آلة اعلامية ضخمة متشابكة يمتزج فيها كل شيء بكل شيء.
وصار على منتظري الجوائز، كي لا يتعرضوا لخيبات متتالية، ان يلتفتوا إلى اشياء أكثر أهمية، كأن يطرحوا على أنفسهم أسئلة حول الكتابة في زمن الصمت الذي يحاصر المنفيين والمشردين الذين صاروا اليوم ضمير عالم لا يريد أن يستمع إلى صوت ضميره.
الياس خوري
شو هالكلام يا أستاذ الياس؟ كيف علينا أن نحكم على أدونيس بغض النظر عن موقفه السياسي؟ مو حضرتك اللي كتبت في مقالتك؛ «تأييد القاتل ليس حرية رأي و لا يمكن أن يكون وجهة نظر».
انشالله كل سنة بيترشح أدونيس لجائزة نوبل، و انشالله كل سنة يخسر حتى نشمت فيه. لكل الفرحين بعدم فوز أدونيس، اقرأوا ماذا كتب عن مدن سوريا؛
فلتحترق … احترقي يا دمشق … أبي جهل و معاوية و عهر يزيد …
احترقي يا حلب … اجرام صلاح الدين
احترقي حمص المكناة باجرام ابن الوليد…
احترقي يا درعا … البداوة و الجهالة و الثأر و الضباع المناكيد
لتحترق كل هذه الهياكل
لو كانت من الطيبات ما أنتجت كل هذي الرزايا
و اقرأوا كيف هلّل للثورة الخمينية؛
كيفَ أروي لإيرانَ حبي
و الذي في زفيري
و الذي في شهيقي…
تعجزُ عن قولِهِ الكلمات
برأي أدونيس أن الشعب الايراني كان جاهزاً للديمقراطية عندما هلّل للثورة الخمينية في ايران عام ١٩٧٩ رغم أنها خرجت من المساجد، و لكنه يرفض أن يؤيد الثورة السورية بحجة أنها خرجت من المساجد، و يرفض تأييدها أيضاً حتى عندما خرجت من جامعة حلب في صيف ٢٠١٣.
و لكن أوافق لماذا يُرشح أدونيس كل عام لجائزة نوبل للآداب. شو إسهامات هذا السارق للآداب حتى يُرشّح؟ هل الترشيح لقوله المأثور؛ «القارئ العربي لا يحب التغيير»؟ أم لقوله؛ «نحن غير جاهزين للديمقراطية»؟
لم يقل أدونيس كلمة عزاء واحدة لشهداء سوريا الذين تجاوزوا ٥٠٠+ ألفاً حتى الأن، و لكنه انزعج كثيراً لقطع رأس تمثال المعري. .
ليتك يا أستاذ الياس لو لم تكتب هذا المقال!
انا براي المتواضع أقول ان الأستاذ الياس خوري لخص بكللماته الأخيرة ليس فقط حال من ينتظر الجائزة ،بل حال اجبار الملايين على الصمت .ونهار سعيد للجميع
إذا كانت أوربا مركز الحضارة والحداثة فأن الدول الإسلامية وخاصة العربية هي مركز العنف الدموي اليومي
هذا صحيح يا أخي الياس الجوائز حسب معرفتي ( أقصد المعروفة أوذات الشهرة منها وعذراً للتعميم أنا لا اعرفها جميعها) أصبحت جزء من المنظومة السياسية والإعلامية في العالم وهو أمر ينطبق حتى على الجوائز الصغيرة. بالنسبة لجائزة نوبل لو نظرنا إل نصيب العرب منها باستثناء نجيب محفوظ الذي لا أستطيع تقييم حالته (وربما البرادعي حيث لا أملك ما يكفي من المعرفة لتقييمها أيضاَ) نجد أن جوائز السلام أ والكيمياء لأحمد زويل كانت خدمة لإسرائيل، بغض النظر إن كان أصحابها يستحقون نيلها أو لا، لكن الأمر هو في أساسة خدمة لإسرائيل وأخص هنا بالذكر العالم الكبير أحمد زويل رحمة الله فعلى الرغم أنني بالفعل مبهوراً بسجل حياته وقدرته البارعة وإحساسه الفائق على استشعار طريق الصعود إلى الأعلى في النجاح والابتكار لكنني أول الذين أصابتهم الصدمة عندما عرفت الثمن الباهظ الذي دفعه للحصول على هذه الجائزة لقد ضحى برسالته النادرة التي أرسلها في طفولته لرئيس مصر جمال عبد الناصر المسألة ليس لأن عبد الناصر رئيساً لمصر أو لشعبيته النادرة كما هو معروف لكن لأن العالم الكبير زويل ضحى بأحمد زويل الطفل وتركه وحيدا بلا أب ولا أم. ومع ذلك أعتقد أن مصر ستبقى أم الدنيا بنوبل أو بلا نوبل. فالعلم له هوية حتى ولو كان بلا وطن! ومن ثم ماهو نفعها وماهي قيمتها إذا لم تكن إنسانية، أليست هذه هي القيمة الجوهرية التي على أساسها تم بناء صرح نوبل وجائزته وربما باقي الجوائز الكبرى.
الاستاذ العزيز الياس خوري
تعليقا على مقالك الرائع كالمعتاد أود هنا وبطريقة استثنائية أن أخالفك الرأي، أدبيا وسياسيا. إن الشاعر السوري أدونيس لا شك أنه صاحب مدرسة شعرية صوفية تتلمذ عليها الكثير من الشعراء العرب وأولهم المرحوم أنسي الحاج ولمعرفتي الشخصية به منذ أكثر من عقدين كنت في كل لقاء أكتشف أنه إنسان رقيق، ذو ثقافة موسوعية، فكم من مرة بكى وهو يلقي الشعر وخاصة عن دمشق في قصيدته الرائعة ” مهيار الدمشقي” وقد قال لي ( بعظمة لسانه) عندما سألته عن عدم نيله جائزة نوبل أجاب: إنهم – أي القائمون على نوبل- يشرفون بي وأنا لا أتشرف بهتم. إن جائزة نوبل اليتيمة للعرب منحت لكاتبنا الكبير نجيب محفوظ ليس نظرا لأدبه . والجوائز الأدبية اليوم لا تعكس أبدا قدرات الكاتب الأدبية ونضالاته، فلماذا لا يمنح الكثير من الأدباء العرب كابراهيم عبد المجيد، والياس خوري، وجبرا ابراهيم جبرا، وحسين الواد، وابراهيم اصلان، وابراهيم نصر الله، وفؤاد التكرلي، وعبد الرحمن منيف، وعبده خال، ومحمد شكري..جوائز عالمية والكثير منهم ترجمت أعمالهم للغات أوربية.
ومهما يكن من أمر فإن أدونيس انسلخ، وللأسف الشديد، عن قضية شعبه السوري، وآثر أن يكون إلى جانب نظام مجرم مهما برر مواقفه، لأن كثيرين اليوم يردون ذلك إلى أسباب طائفية. نطلب من شاعرنا الكبير أدونيس ان يفكر قليلا بهذا الشعب الضحية وينظم على أقل تقدير قصيدة ” لمهيار الجريح في حلب”
Ustad Elias!
As often
Right to the point
from Nobel country
Saleh Oweini
Stockholm
لا حول ولا قوة الا بالله