بيروت ـ «القدس العربي»: بعد غياب دام سنوات، عادت اجتماعات الاتحاد البرلماني العربي إلى بيروت لتعكس حرص واهتمام البرلمانات والمجالس العربية على ضرورة الالتقاء بلبنان، ولفت الأمين العام لاتحاد البرلمانات العربية فايز الشوابكة إلى «أن انعقاد المؤتمر في العاصمة اللبنانية في هذه الظروف الدقيقة يعكس ثقة عربية جامعة بلبنـان وبـدوره».
وقد التقى ممثلو البرلمانات العربية الأعضاء في اللجنة التنفيذية للاتحاد بما فيها الوفود الخليجية في مبنى البرلمان اللبناني الذي «واجه في الأعوام الماضية موجات عاتية من الصراعات السياسية، والتداعيات المحلية لما تشهده منطقتنا العربية من أحداث مصيرية شرذمت ساحاتها وبددت مواردها، ودفعت أثمانها دولها وشعوبها واقتصاداتها» حسب ما جاء في كلمة رئيس الاتحاد البرلماني العربي الرئيس نبيه بري الذي وبداعي الوعكة الصحية ألقى كلمته النائب ميـشال موسـى.
وقال في كلمته «رغم كل ما عانيناه من أزمات، ومن تداعيات دفق أخواننا النازحين السوريين والفلسطينيين، إلى هذا الوطن الصغير، المحدود القدرات، فقد تمكن هذا المجلس بإرادة سياسية جامعة، من انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، بعد عامين ونصف العام من الشغور في الرئاسة الأولى، وتالياً منح حكومة الرئيس سعد الحريري الثقة، وها هو يعمل اليوم مع الأطراف السياسية من أجل قانون انتخاب عصري يتيح إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر بعد أشهر.
وهذا من شأنه إعادة تفعيل عمل المؤسسات، وتسيير عجلة الدولة، لكي تستعيد دورها وتخرج من حال الشلل التي أصابتها في المرحلة السابقة، ولكي يستعيد لبنان دوره على الساحتين العربية والدولية، ويبقى منارة للانفتاح والتعايش الحضاري، ونموذجاً راقياً بين الامم.
وما من شك في أن استعادة الوحدة على الساحة السياسية اللبنانية، من شأنها أن تشكل مظلة وطنية، تنعكس إيجاباً على عمل القوى العسكرية والأمنية التي استمرت طوال الأعوام الماضية، عيناً ساهرة على أمن البلاد، سواء في مواجهة المحاولات الإرهابية التخريبية في الداخل اللبناني، أو على صعيد إحباط محاولات الإرهابيين التسلل عبر الحدود الشمالية الشرقية، أو باليقظة الدائمة في الجنوب لإسقاط مؤامرات العدو الإسرائيلي الطامع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية».
وأضاف بري « نلتقي في اجتماع اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي، من أجل البحث في البنود الواردة على جدول الأعمال، والاعداد للمؤتمر العام للاتحاد، وسط تحديات عدة تواجه العالم العربي، بدءاً بقضايا الإرهاب والثورات التي تلتهم دولنا وشعوبنا ومستقبلنا، مروراً بالقضية الأم، القضية الفلسطينية التي تواجه اليوم أخطر مساراتها، في ظل تشريع الكنيست قانوناً يبيح انتهاك الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، سعياً من الكيان الصهيوني إلى استكمال جرمية الاحتلال وضرب حل الدولتين، والقضاء على هوية الشعب الفلسطيني، بعد انتزاع أرضه وتراثه ومقدساته، وأن المهمات الملقاة على عاتقنا كبرلمانيين عرب، تتطلب منا مضاعفة الجهود من أجل التلاقي على قضايانا الكبرى، والخروج إلى العالم بصوت عربي واحد في شأنها، وإنْ اختلفت السياسات مرحلياً «.
ورأى الأمين العام للاتحاد فايز الشوابكة «أن التحديات التي نواجهها في أمتنا العربية كبيرة وجسيمة، تفرض علينا دراسة واتخاذ ما هو مناسب لدرء الممكن منها، أو لمنع المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار. وما هو وارد في جدول الأعمال من اقتراحات لتوحيد التشريعات غير الخلافية بين أقطار الدول العربية، وتعزيز الحياة الديمقراطية فيها، وإفساح المجال للشباب للمشاركة بفاعلية في الحياة السياسية ورفع شأن المرأة في الحياة العامة عبر تعزيز دورها التربوي والتعليمي والسياسي، كونها تشكل نصف المجتمع، أمور لا بد من أنها ستسهم في تطوير قدرة المجتمع العربي كافة نحو إيجاد حلول مستدامة، ومواجهة كل طارىء بما يؤمن الحياة الكريمة للأجيال الآتية، سعياً للوصول إلى مجتمع طبيعي يعيش بعيداً عن الأزمات والصراعات».
وأضاف «نعلم جميعاً، الظروف الاستثنائية التي تمر بها أمتنا العربية الآن، بدءاً من القضية الفلسطينية وما آلت إليه من استيطان واحتلال وقتل وتدمير للمقدسات، وسلب للحقوق، وتهويد للعالم، وبالأخص القدس الشريف، وما يتناهى إلى الأسماء من نية الإدارة الأمريكية في نقل السفارة إلى مدينة القدس، ما يستتبع ذلك من دلالات خطيرة على القضية الفلسطينية، إلى موجات الإرهاب التي تضرب في أمتنا في أغلب الساحات العربية، إلى التدخلات الإقليمية والدولية في شؤوننا الخاصة، قضايا توجب علينا السعي الحثيث بكل ما أوتينا من قوة وإرادة، وعلى المستويات كلها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها لإيجاد حلول ومخارج بعيداً عن المصالح الضيقة، في سبيل المصلحة العربية العليا. ونرى أن العمل المشترك بين الدول العربية هو العمل الأمثل لذلك، ولو أخذنا نموذج عمل مجلس التعاون الخليجي لرأيناه مثالاً يحتذى، بخاصة إذا ما نظرنا إلى العصر الذي نحن فيه عصر التكتلات والأحلاف في السياسة أو في الاقتصاد، في ظل عولمة لا تسمح للعمل الفردي أن ينجح نجاحاً ذا قيمة بيّنـة على مـستوى العــالـم».
وبعد جلـسة الافتتاح عقد المؤتمرون اجتماعات عمل تلا فيها الأمين العام تقريره وتقارير عن اللجان الخاصة التي اجتمعت في اليوم الأول والتحضير للمؤتمر المقبل للاتحاد البرلماني العـربي.
أهداف استراتيجية
وناقش المؤتمرون تقريراً عن الاجتماع السابع للجنة المصغرة المنبثقة عن اللجنة التنفيذية للاتحاد التي شكّلها المؤتمر الثالث والعشرون للاتحاد الذي انعقد فـي القاهرة بتاريـخ 10 و11 4 2016، وشارك في الاجتماع ممثلو البرلمانات الآتية: الجزائر والسودان وفلسطين والكويت والمغرب إضافة إلى أمين عام الاتحاد، كما شارك من خارج اللجنة عضو مجلس الشورى في سلطنة عمان خالد بن سعيد السعدي وعضوا المجلس الوطني الفلسطيني زهير صندوقة وعمران الخطيب.
وقد أوصت اللجنة باعتماد استراتيجية الاتحاد البرلماني العربي دبلوماسية برلمانية فعالة للفترة الممتدة بين الأعوام 2018 -2022 مع تأكيد الشعبة البرلمانية الكويتية على التركيز على عدد قليل من الأهداف ليتم تحقيقها في ظل استراتيجية محددة المدة.
وجاء في الأهداف الاستراتيجية :
1- القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى التي تراوح مكانها في ظل استمرار الخطط الاستيطانية والتهويدية الإسرائيلية في الأراضي المحتلة حيث سيعمل الاتحاد لإنشاء لجنة برلمانية دائمة لدعم صمود الشعب الفلسطيني، كما سيعمل لفضح القوانين العنصرية التي أقرها الكنيست الإسرائيلي المزعوم.
2 – الدبلوماسية البرلمانية
3- تعزيز الحوار البرلماني العربي الأوروبي والعربي الافريقي.
4- تنشيط عمل لجنة المرأة في الاتحاد البرلماني.
5- تعزيز دور الشباب.
6- إعادة إحياء السوق العربية المشتركة حيث جرى التأكيد على « أن العمل العربي المشترك لم يعد خياراً يُنظر في الأخذ أو عدم الأخذ به بقدر ما أصبح حتمية يفرضها سلوك السير في طريق البقاء بين مصاف الدول الرائدة أو تلك الساعية على طرق الريادة. وفي عالم التكتلات والأحلاف وسيادة مبادىء «اقتصاديات الحجم « يجـب أن يكون التضامن والتعاون الاقتصاديان سبيلاً لفتح بوابات التقارب السياسي والدبلوماسي بين الشعوب والدول العربية لا أن يكون أداة ضغط وعقوبة تكرّس بعض الحالات الإشكالية التي تشهدها المنطقة».
7- توحيد التشريعات غير الخلافية في الوطن العربي.
8- تفعيل الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب.
9- التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.
المستجدات الفلسطينية
وأصدرت اللجنة التنفيذية للاتحاد بياناً حول المستجدات الفلسطينية والهجمة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني جاء فيه:
«تداولت اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي في دورتها الحادية والعشرين مستجدات القضية الفلسطينية وأهـم عناوينهـا الحـالية المتمثلة بالهجمة الصهيونية الشّرسة عـلى الشـعب الفلسطيني وأرضه وتراثه، والمتجاهلة لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي وقوانين جنيف والاتفاقيات الموقعة، وبشكل خاص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 الصادر بتاريخ 23/12/2016، والذي يدين بشكل قاطع مصادرة الأراضي الفلسطينية وإقامة مستوطنات عليها واعتبارها غير شرعية، كما يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية إلى حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، وحلّ قضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الأممي 194.
كما أدانت القانون العنصري الأخير الذي أجازه الكنيست الإسرائيلي الذي يعرف بقانون التسوية الذي شرعن المستوطنات المقامة على أراض فلسطينية خاصة بأثر رجعي، وتشكل أكثر من 4 آلاف وحدة سكنية.
وقد طالبت اللجنة التنفيذية بتحرك برلماني عربي واسع خاصة في الاتحاد البرلماني الدولي لفضح الممارسات الإسرائيلية المخالفة لأحكام الشرعية الدولية، ولفت النظر لما يرتكبه الكنيست الإسرائيلي من إقرار لسلسلة قرارات عنصرية مخالفة للقانون الدولي ولأهداف ومبادىء الاتحاد البرلماني الدولي.
وطلبت من المجموعة العربية المشاركة في الدورة المقبلة للاتحاد البرلماني الدولي، والتي ستعقد في نيسان/ابريل المقبل في بنغلادش، التقـدم ببند إضـافي طارىء بخصوص الاستيطان يضـاف علـى جـدول أعمـال المؤتمر في حـال فوزه.