القاهرة ـ «القدس العربي» كثيرة هي الأخبار والموضوعات التي اهتمت بها الصحف الصادرة أمس الثلاثاء 3 فبراير/شباط، ورغم أنها لا تزال تخصص مساحات كبيرة للعملية الإرهابية التي تعرض لها الجيش يوم الخميس الماضي في العريش والشيخ زويد وقصص وحكايات عن الشهداء وأسرهم، والهجمات التي بدأها الجيش فعلا وقتل خلالها عدد من الإرهابيين، فإن الاهتمام الشعبي بها بدأ كالعادة في التراجع، لكنه تراجع يحمل نذرا خطيرة على النظام بدافع القلق من وجود أخطاء ما أدت إلى عدم القضاء على الإرهاب بعد هذه المدة من منح التفويض للرئيس السيسي، الذي طلبه وأنه لا توجد سياسة حازمة توقف بها الدولة عمليات التخريب المتزايدة داخل البلاد وفي معظم المحافظات، صحيح أن أثارها ليست جسيمة لكن اتساعها أضاف قلقا على قلق، وإذا لم تضع الدولة حدا لذلك فإن النظام سيعرض نفسه لما لا يحمد عقباه، من جانب الغالبية. وكنا قد حذرنا من أن صبرها آخذ في الانتــــهاء، ولسان حالها يقــول إذا لم يكن هذا النظام قادرا على وضع حد للإرهاب وللمظاهرات المستمرة فليأت غيره يستخدم أساليب أكثر شدة.
وحتى الأحكام والمحاكمات المستمرة لم تعد تثير الاهتمام، لأن الغالبية تنتظر المصير النهائي لها، بعد ان أصابها الملل من طول مدتها وإحالتها إلى النقض مثل حكم الجنايات بإعدام مئة وثلاثة وثمانين من المتهمين بارتكاب والمشاركة في المجزرة التي تعرض لها ضباط وجنود قسم شرطة كرداسة، والتمثيل بجثثهم في الرابع عشر من أغسطس/آب عام 2013، بعد فض اعتصام إمارتي رابعة والنهضة، كما قبلت محكمة النقض طلب الطعن على حكم جنايات الجيزة بالإعدام لثلاثة عشر والسجن المؤبد لعشرة وبراءة واحد، في قضية قتل مساعد وزير الداخلية للأمن في الجيزة، اللواء نبيل فراج، أثناء عملية اقتحام لكرداسة وتحديد الخامس عشر من الشهر الحالي لمحاكمة الرئيس الأسبق محمد مرسي مع آخرين في قضية جديدة هي، تسليم وثائق إلى قطر خاصة بالأمن القومي والجيش، وكان رئيس محكمة الجنايات خفيف الظل المستشار شعبان الشامي، الذي يحاكم مرسي وخمسة وثلاثين من قيادات الإخوان في قضية التخابر والهروب من سجن وادي النطرون، قد حدد مايو/أيار المقبل لإصدار الحكم فيها ومن بينهم صديقنا الدكتور عصام العريان، كما أصدرت جنايات القاهرة حكما بالمؤبد على صديقنا الهارب المحامي وعضو مجلس النواب السابق ممدوح إسماعيل من حزب الأصالة في قضية أحداث قسم روض الفرج.
أيضا لم يحظ اكتشاف عشرات المحاولات لزرع قنابل في أكثر من مكان منها، صالة 3 بمطار القاهرة الدولي باهتمام كاف، بينما معظم الاهتمام موجه إلى عودة الطلاب إلى الدراسة يوم السبت، بعد انتهاء إجازة نصف السنة واستمرار انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار، والاستعدادات لعقد المؤتمر الاقتصادي العالمي في شرم الشيخ في الشهر المقبل، واهتمام الرئيس بالانتهاء من تعديلات قانون الاستثمار وتوفير الكهرباء والوقود. كما استعرضت وزارة الداخلية استعداداتها بأن وافقت على حضور الجمهور ابتداء من اليوم الأربعاء مباريات كرة القدم، وفق الشروط التي حددتها، وتأمينها فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب وإعادة تأكيدها على أنها لا تحمي أي ضابط أو جندي يسيء إلى مواطن، أيضا أعلنت وزارة النقل أنها سوف تمنح اشتراكا مجانيا لمدة سنة في المترو لأي مواطن يبلغ عن قنبلة في أحد قطاراتها.
وتزايد الاهتمام بمعركة انتخابات مجلس النواب وأعلنت وزارة الصحة أنها ستبدأ في استقبال من يتقدمون بطلبات للترشح للكشف الطبي عليهم. وحدث أمر لافت، فبعد أن كان على المرشح أن يدفع لها ستة آلاف جنية تكاليف الكشف والتحاليل والأشعات في مستشفياتها عادت لتقول هناك مبلغ آخر قدره ألفان وأربعمئة وأربعون جنيها سيدفعها المرشح للمستشفى الذي سيقوم بالكشف فيه.
كما أعلن عن طلاق الفنانة الجميلة غادة عبد الرازق من زوجها محمد فودة، المرشح في دائرة زفتي بمحافظة الغربية، والذي يثير الكثير من التساؤلات. ومن الموضوعات التي خصصت لها الصحف مساحات معقولة مرور أربعين سنة على وفاة سيدة الغناء العربي أم كلثوم في الثالث من فبراير عام 1975 وكذلك إنتاج عقار سوفالدي في مصر في مايو/أيار المقبل .
وإلى شيء من أشياء لدينا…
سعيد الروبي: سبب الإرهاب
العلمانيون والليبراليون والملحدون
ونبدأ بردود الأفعال على الإرهاب فكرا وعمليات، خاصة العمليات الأخيرة في العريش والشيخ زويد وراح ضحيتها يوم الخميس الماضي العشرات من قوات الجيش وعدد من رجال الشرطة والمدنيين وأحدثت هزة عنيفة لا تزال أصداؤها مستمرة.
ومن حيث الفكر الإرهابي الداعي للعنف قال يوم الجمعة الشيخ سعيد الروبي من قيادات جمعية الدعوة السلفية التي خرج منها حزب النور في مقال له في جريدة الجمعية «الفتح» التي تصدر أسبوعيا موضحا الخطأ الذي يقع فيه كثيرون عندما يتهمون ابن تيمية بأنه أصل الفكر المتطرف: «سبب التطرف والإرهاب داخل بلادنا ليس هو ابن تيمية وكتبه، ولا ابن عبد الوهاب وكتبه، ولا الفقر ولا الجهل، وإنما السبب الحقيقي في وجود التطرف والإرهاب هو العلمانيون والليبراليون والملحدون والزنادقة والمنافقون والمأجورون وأشباههم، الذين يهاجمون الإسلام وينتقدون القرآن ويطعنون في الصحابة والعلماء وكتب التراث، ويسخرون من اللحية والحجاب ويلصقون كل الأوصاف السيئة بالإسلام أو المسلمين، وينشرون الرذيلة والإباحية، ويدعون إلى التحرر الكامل ويفخرون بالغرب وبكل ما جاء من عنده ويشعرون بالعار من الإسلام أو المسلمين ويتبرأون من كل ما جاء فيه.
هؤلاء بما يكتبونه وينشرونه ويقولونه يدفعون الشباب للتطرف والإرهاب، نعم هم السبب ماذا تتوقعون من الشباب وماذا تنتظرون من الغيورين على دينهم، وهم يرون هؤلاء الملاحدة يعربدون ويشطحون وينطحون في الثوابت بلا قيود ولا حساب؟ ماذا تنتظرون من الشباب وماذا تتوقعون منه وهو يرى ويسمع دينه ينتهك ويستباح ويستحل؟ وماذا يفعل الشباب إلا أن يتجه إلى التطرف والإرهاب ؟ وماذا تنتظرون من الشباب وهو يرى من يهاجمون الدين يأخذون جوائز الدولة التشجيعية أو التقديرية أو غيرها وتكرمهم الدولة ممثلة في وزير الثقافة أو إعلام أو غير ذلك.
إن سبب التطرف والإرهاب ليست كتب ابن تيمية، فنحن في الدعوة السلفية قرأنا كتب ابن تيمية وكتب ابن عبد الوهاب ولا نكفر ولا نفجر، فهمناها جيدا وننقل منها كثيرا. صحيح أن غيرنا من الشباب قرأ كتب ابن تيمية وفهمها فهما غير ما فهمناه، وللأسباب السابقة راح يبحث في العبارات والصفحات ما يريح صدره من هؤلاء المنافقين».
عبد المنعم الشحات: خطورة تحول
التيارات الإسلامية من موقع الهداية إلى التثوير
وفي عدد «الفتح» نفسه قال أحد نواب رئيس الجمعية وهو المهندس عبد المنعم الشحات: «على الرغم من وجود تيارات تؤمن بالحل العسكري في أوساط الصحوة الإسلامية، ظنا منهم أن هذا نوع من الجهاد، فإنه لم يكن يوجد من يدعي حالة الثورية حتى قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني، ثم أن نجاحها أغرى بعض الكيانات الإسلامية، وبعض الشباب الإسلامي بأن يصف نفسه بالثورية، مع أنه لا يلزم من المشاركة في ثورة متى اندلعت، وقد عانى فريق من الإسلاميين حينما وصل السلطة من استمرار «حالة التثوير» .
ناهيك عما تستلزمه الحالة الثورية من بعض التأويلات في الأحكام والدماء التي تتشابه إلى حد ما مع تأويلات تيارات المواجهة المسلحة، فتزداد درجة شراستها ودرجة تبنيها للعنف وإهدارها لحرمة الدماء وشيوع التهم بالعمالة والتكفير والتخوين. ندرك تماما خطورة أن تتحول التيارات الإسلامية من موقع الهداية إلى موقع التثوير، فتخلع رداءها الإصلاحي وترتدي ثوب الإفساد والسب والشتم ونشر فضائح الخصوم، والصحيح منها والباطل وزوال أي فرق منهجي أو أخلاقي بينهم وبين باقي الفصائل الثورية الإنكارية أو غيرهم، ومن ثم فهم يدفعون الحركات الإسلامية في هذا الاتجاه دفعا ترويع المؤسسات الدينية الرسمية والأهلية».
لابد أن نكون في بؤرة الأحداث بلا غموض
هذا من الناحية الفكرية بشكل عام كما رآها اثنان من قادة جمعية الدعوة السلفية، أما بالنسبة للهجوم الذي تعرض له الجيش يوم الخميس الماضي فقد صاح في «الوفد» يوم الاثنين زميلنا وصديقنا محمد أمين مطالبا بما هو آت:
باختصار هناك إجراءات ينبغي اتباعها:
أولها: أن يكون مجلس الحرب في حالة انعقاد مستمر.
ثانيها: أن تكون العمليات تحت إشراف الرئيس شخصيا وإن تم تعيين الفريق أسامة عسكر.
ثالثها: أن يتم إعلان التعبئة العامة في ربوع مصر، فلا يصح أن نتابع العمليات أو عودة الجثامين كأننا نتابع أفلاما بوليسية فقط، لابد أن نكون في بؤرة الأحداث بلا غموض، المعركة معركة شعب لا معركة جيش فقط».
التضامن مع الجيش والشرطة
من مقتضيات المسؤولية الوطنية
وفي يوم الاثنين قال زميلنا الكاتب الإسلامي فهمي هويدي في «الشروق»: «شيء جيد أن يجتمع الرئيس السيسي بالقادة العسكريين لمناقشة ما جرى في سيناء وأن يجتمع في اليوم التالي مع الشخصيات العامة التي تمثل قطاعات المجتمع لاستكمال المناقشة، فذلك ترتيب منطقي ومفهوم، لأن التطورات التي حدثت في سيناء، وبالأخص هجوم العريش الذي وقع يوم الخميس الماضي كان يقتضي التعامل معه على الصعيدين العسكري والسياسي. من هذه الزاوية فإن تتابع الاجتماعين يعبر عن تفكير إستراتيجي سوي من الناحية النظامية. ولئن كان ذلك التتابع أمرا مهما إلا أن الأهم هو مخرجات كل منهما وما يمكن أن يسفر عنه، وإذا كان من الطبيعي أن يحاط اجتماع الرئيس مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقدر من التحفظ والحذر، وأن نقنع بما تم إعلانه «تشكيل قيادة موحدة لمنطقة القناة» فإننا توقعنا من اجتماع الرئيس مع الشخصيات العامة نتائج أخرى لأن رصيد الثقة في الواجهات المدنية المقررة لا يسمح برفع سقف التوقعات، ذلك أن أكثرها لا يزال غضا ويحاول إثبات حضوره واكتساب شرعيته من الاقتراب من السلطة واسترضائها وليس من ثقة الرأي العام وتمثيل المجتمع من ثم.
فلم يكن مفاجئا أن تكتفي الشخصيات العامة بالاستماع إلى كلام الرئيس والظهور إلى جواره في الصور، بحيث غدا حظهم من الإنصات والاستقبال غالبا وطاغيا على دورهم في المصارحة والمشاركة ومحاولة اقتسام المسؤولية والهم، وأن التضامن مع الجيش والشرطة في هذه الحالة من مقتضيات المسؤولية الوطنية».
رسولنا يرشدنا إلى أن المؤمن كالغيث أينما حل نفع
وهذا ما أكده يوم الاثنين أيضا زميلنا في «الأخبار» الإخواني خفيف الظل ورئيس تحرير جريدة «أخبار اليوم» الأسبق سليمان قناوي بقوله: «لا يمكن لأمة إمامها ومعلمها وهاديها ما بعث إلا ليكون رحمة للعالمين، لا يمكن لهذه الأمة أن يكون بين أبنائها من يعتمدون فقه الموت كأسلوب حياة، هؤلاء الذين يعتمدون حوار البارود والمتفجرات ليسوا منا، والرسول يعلنها واضحة وضوح الشمس «ليس منا من حمل السلاح علينا»، فلا يتسق أبدا ما فعله «بغاة بيت المقدس» مع ما عرفناه عن رسول المروءة والرحمة، الذي يرشدنا دائما إلى أن المؤمن كالغيث أينما حل نفع، لا أينما حل ضرب وقتل ودمر وأفسد في الأرض، فهذه الأيدي الآثمة التي قتلت أولادنا بدم بارد عششت في عقولها قراءات شاذة تم تأويلها لتتسق مع رؤى الخوارج أصحاب الفكر التكفيري. من هنا فإن الأزهر عليه دور مهم لتصحيح الأفهام وتطهير العقول من هذه الخزعبلات الشيطانية، التي يحاول البعض أن يجعلها من الدين الحنيف وهو منها براء».
الهيمنة العالمية تخطط لحرب مسلحة في المنطقة العربية
طبعا .. طبعا.. ولذلك قال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في الكلمة التي ألقاها في المؤتمر الذي دعا إليه الرئيس يوم الأحد وجاء فيها نقلا عن زميلنا في «الأهرام» أحمد سامي متولي يوم الاثنين: «كل الأمم تعاني من الإرهاب، وإن الهيمنة العالمية تخطط لحرب مسلحة في المنطقة العربية كلها، التي تجتاح الحضارات وثقافات الأمم من خلال التآمر مع جماعات تدثرت بعباءة الإسلام للانقضاض على شعوب المنطقة في سوق الاستعمار العالمي، حتى لو كان ذلك على جثث العرب.
إن الله شاء تنكسر هذه المؤامرات على يد مصر وجيشها الذي وقف في وجه الطغاة والغزاة، وقد أشاد به النبي «صلى الله عليه وسلم « أن الجيش المصري لن يغلب أبدا ولن ينال منه المخربون، ولن يأخذوا منه إلا ما يأخذه الجبان غدرا وخسة. الجيش المصري سوف يضع حدا صارما للعدوان الإرهابي الغاشم ويكتب نهاية لكل مجرم خائن وكل معتد آثم، والأزهر الشريف يقف صفا واحد مع القوات المسلحة والشرطة وجموع الشعب المصري في مواجهة الإرهاب، وعلى العلماء والمثقفين ورجال الدين والإعلاميين والفنانين أن يكونوا على قدر المسؤولية لما يفرضه المنعطف الخطير الذي نعيشه من تحديات».
هدية مجانية مع مجلة «الأزهر» تحرض على القتل
ولكن كلام شيخ الأزهر أثار دهشة الطبيب والكاتب خالد منتصر ولم يصدقه، بل أشار إلى أن شيخ الأزهر يتخذ موقفا يثير الشكوك في مدى جديته لمحاربة الإرهاب والفكر المتطرف. فقال في اليوم نفسه في عموده اليومي «خارج النص» في جريدة «الوطن» عن صديقنا المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة رئيس تحرير مجلة «الأزهر» الشهرية وعضو هيئة كبار العلماء: «هل في هذا التوقيت الحساس الذي يتكئ الإرهابيون القتلة فيه على نصوص ومفاهيم التكفير والقتل والذبح وضرب الأعناق تصدر مجلة «الأزهر» هدية مجانية في كتاب «الشفا بتعريف حقوق المصطفى» يمتلئ نصفه الأخير وتنتهي فيه كل صفحة بل كل عدة سطور بجملة «يكفر ويضرب عنقه». المتصوفة والمعتزلة والشيعة والفلاسفة والذميون ومن يتزيا بزي المسيحيين ومن يذهب إلى كنائسهم والمعري والمتنبي وأبو نواس، ومن قال إن الرسول مات ولم يكن ملتحيا كل هؤلاء يستحقون القتل. من ينتقد الأحاديث تقطع رقبته بالطبع تحت باب إنكار السنة، ولو كان الحديث يخالف المنطق والعلم التجريبي أو كان المنتقد يطالب فقط بإدخال مدرسة الحكم على صحة المتن إلى جانب مدرسة معيار صحة السند، هل لم يجد الأزهر كتابا غير هذا ليقدمه لنا كهدية مجانية في سرادق العزاء الكبير المقام بحجم الوطن؟ هل لم تجد قريحة الدكتور محمد عمارة الماركسي السابق الإخواني اللاحق هدية من جيبي وجيبك وجيوب الغلابة ليهديها إلينا غير هذه الأفكار التكفيرية؟
إن الذين قتلوا جندنا في سيناء وقبلها من قتلوا صحافيي ورساميي شارلي إيبدو في فرنسا لم يفعلوا أكثر من أنهم طبقوا تعاليم هذا الكتاب. أدان شيخ الأزهر حادث فرنسا الإرهابي بالأمس ويصدر هذا الكتاب اليوم؟ لماذا بيانات الاستنكار والشجب لحادث سيناء؟ يا فضيلة الإمام الأكبر ما زلنا نسأل بمنتهي العجب والاندهاش والاستغراب لماذا هذا التمسك بمحمد عمارة، على الرغم من كل ما كتب عن انتماءاته الاخوانية.
قلت فضيلتك في حوارك مع بعض الصحافيين إنك قد عاتبته.. آه ما أقسى العقاب حين أن فضيلتكم لم تعاتب د. سعد الهلالي ولكن تشكلت لجنة فورية لمحاكمته فكريا وبدون حتى حضوره، ولم تعاتب د. كريمة ولكن تم العقاب الرادع وخصم المرتب وقطع العيش والتجريس؟ هل د. محمد عمارة أهم من هذين العالمين، بل هو أهم من الوطن نفسه».
نطالب بدولة القانون ونحن لا نحترم القانون
وإلى بعض من المعارك نكمل بها تقرير اليوم وأولها من «أخبار» يوم السبت لرئيس تحريرها زميلنا السيد النجار وقوله عن حادثة مقتل شيماء الصباغ وردود الأفعال عليها: «إلى متى نطالب بدولة القانون ونحن لا نحترم القانون، ونعترض على فض مظاهرة خرجت لكسر القانون ونوجه الاتهامات ونحدد الإدانة ونصدر الأحكام ويروج الإعلام لهذه المفاهيم الخاطئة ويتناسى الجميع من أوكل الله لهم هذه المهمة لإقامة العدل في الأرض؟ من لا يثق في ذلك ولا يقتنع بعدالة القانون ولا يثق في القائمين على التحقيقات وقضاة مصر فهو لا يعنينا، ويزج بنفسه في خانة المتآمر على البلد.. متآمر بجهل يتيح الفرصة لإعمال عقله، أو متآمر عميل يعرف مسلسل الفوضى والتشكيك والفتنة. المطلوب إدخال البلد فيها كلما استقر حاله. وإما متآمر مأجور يهوى الظهور في الصورة أمام من دفعوا له والقلة النادرة من هؤلاء من انجروا لما حدث في قصة شيماء بواقع إنساني وطني بحت، ولهم كل التقدير والاحترام ولكن فقط الانتباه إلى أن كل ما يحدث لا تتوافر فيه حسن النية.
أشير فقط إلى أحد الشهود في حادث شيماء الذي ملأ الدنيا ضجيجا في الصحف والفضائيات، هذا الشاهد الذي يقوله في جلساته الخاصة: «مهمتنا هدم الدولة لبناء دولة جديدة وأول رموز هدم الدولة إسقاط الشرطة وتحطيم مبنى وزارة الداخلية» فأي دولة جديدة يتحدث عنها هذا الشاهد على أنقاض مصر؟».
جبهة داخلية ممزقة
وفي اليوم ذاته تناول زميلنا في «الأهرام» عمرو عبد السميع قضية محاباة السيسي لفصيل معين بحجة ثورة يناير/كانون الثاني وقال: «المشهد الآن يا سيادة الرئيس غير مقبول في توزعه بين قوات تحارب ويموت أبطالها واقفين، وبين جبهة داخلية سمحنا بأن تكون ممزقة وتراجعنا فيها أمام رقاعة ونطاعة عدد من ممثلي فصائل سياسية تدعي الثورية، لا بل وقمنا باحتضان بعضهم ومارسنا من «الحنان السياسي» معهم ما دفعهم إلى التمادي ومحاولة استنساخ وإعادة إنتاج ما كان من محاولات هدم الجدولة في يناير2011 . نحن نعرف أن الإعلان المتكرر عن الارتباط أو الالتزام بيناير هو لمنع إدعاء فصيل أو مجموعات بعينها من احتكار ما جري في يناير، وعلي رأسهم الإخوان، ولكن ذلك لا يكون بإطاحة بقية الناس وإشعارهم بأنهم منبوذون معزولون ليسوا طرفا في عملية سياسية تهندس في الغرف المغلقة ويحتكرها فصيل واحد.
الجبهة الداخلية هي وسيلة مهمة في مواجهة الإرهاب ومؤيدوك ومحبوك يطالبون بحقهم فيك، وحينها سيكونون جزءا من الحرب على الإرهاب الغادر».
لكن زميلنا في مجلة «الأهرام العربي» الرسام الكبير أنس الديب رسم في اليوم نفسه شيماء داخل إطار من الورد وعبارة «المجد للشهداء».
البرادعي «مش قلقان» على مصر!
أما ثالث معارك تقرير اليوم فستكون لزميلتنا الجميلة في «الأخبار» عبلة الرويني التي أبدت في يوم الاثنين ذاته، عظيم دهشتها من الحديث الذي أدلى به في الخارج الدكتور محمد البرادعي وكذلك من تغريدته على الفيسبوك على طريقة والعصفور صوصو قالت:
«في الذكرى الرابعة لثورة يناير/كانون الثاني « قبل أيام « اختار البرادعي أن يتكلم خلال حوار مع صحيفة «دي بريس» النمساوية منتقدا الوضع الراهن في مصر، مشيرا إلى أنه غير مرضي بالنسبة له رغم أنه مش قلقان! وعلى صفحته في تويتر عاد بعد غيبة طويلة للكتابة باللغة العربية، فكتب معلقا على مقتل شيماء الصباغ «نرى أقبح ما فينا ونفقد أجمل ما بيننا متى سندرك أن العنف ليس حلا وأن وطنا قائما على هيبة الإنسان هو وطن نبتغيه جميعا».
لماذا تكلم البرادعي الآن؟ ولماذا صمت من قبل؟ لماذا صمت أمام مئات الأحداث والكوارث؟ لماذا لم يهزه الموت اليومي وعنف المجازر والتفجيرات تحصد الجنود المصريين في سيناء؟ لماذا لم يلتفت للحرب الدائرة وتحالف الإرهاب بكل صوره على أرض سيناء؟».
تجنيد المرشدين والجواسيس تحت
عنوان «الأمن مسؤوليتنا جميعا»
يوم الاثنين 2/2/2015، قررت وزارة النقل إصدار اشتراك مجاني لمدة عام باسم «تحيا مصر» لكل مواطن يعمل «مرشدًا» للشرطة، ويبلغ عن أي مواطن آخر «يشتبه» في نيته بأنه «مخرب» ويرغب في الإضرار بأي مرفق من مرافق المواصلات «هيئة السكة الحديد، مترو الأنفاق»هذا ما بدأ به محمود سلطان رئيس تحرير «المصريون» مقاله مواصلا الكلام: «وحددت الوزارة رقمي تليفونين خصصت لـ»المرشدين» من «المواطنين الشرفاء»! قرار التغرير بالمواطنين للتجسس على بعضهم بعض، جاء بالتزامن مع موقف آخر مدهش وبالغ الغرابة، حين توجه رئيس الوزراء وكبار رجال الدولة إلى ميدان التحرير لافتتاح جراج للسيارات! تأملوا المشهد جيدًا: وزير يقدم «رشاوى» علنية لإشعال الفتنة بين المصريين، ويعلن رسميًا بأنه خصص مكافأة ـ رشوى ـ لكل مواطن يبلغ الشرطة عن مواطن آخر ويتهمه بـ»الإرهاب».. وفي الوقت ذاته يترك رئيس الوزراء ـ بجلالة قدره ـ كل مشاكل البلد و»مصايبها» ويسوق أمامه كل وزرائه لافتتاح «جراج»!.. تأملوا واقرأوا جيدا المشهد كمقدمة تفضي بالتبعية لنتائج «كاريكاتورية» تنقل لنا صورة حقيقية لمستوى «رجال دولة» الحاليين. المهم أن الشعار الذي رفعته «النقل» في تجنيد المرشدين والجواسيس هو «تحيا مصر.. الأمن مسؤوليتنا جميعا»! والحال أن الشعار ـ في نصفه الأول ـ ليس له علاقة بـ»حياة مصر» ولكن بـ»خرابها».. لأنه جاء على عكس نتائجه بوصفه دعوة رسمية للاحتراب الداخلي والحروب الأهلية.. وتحويل المصريين من «إخوة» إلى «أعداء».. نصفهم «شرفاء» ونصفهم الآخر «خونة».. وهو تصنيف صدامي وقتالي يعزز من الانقسام.. ويحيله من انقسام سياسة إلى انقسام دم، ثم إذا كان ـ كما حمل الشعار ـ «الأمن مسؤوليتنا جميعًا».. فهل من العقل أن يشتري وزير النقل «وطنية» المصريين بـ»أوبنيه» لركوب المواصلات مجانًا؟ فالوطنية لا تباع في السوبر ماركت، ولا توزع في شبابيك تذاكر مترو الأنفاق ومحطات السكة الحديد.. المصري الشريف.. إذا كان وطنيًا وشريفًا، فإنه لا يقبل بأن تعادل وطنيته وشرفه ثمن تذكرة يستقل بها مواصلات الحكومة.. وطنية المصري وشرفه أغلى وأزكى وأطهر.. من هذا «الوحل» و»الإسفاف» الذي يقدمه وزير النقل مقابلاً لهما. إن ما فعله وزير النقل، ليس ـ فقط ـ جريمة الحض على العنف والكراهية والاقتتال الداخلي بين المصريين، وإنما الحط من وطنية المصري وشرفه.. وإنزالهما منزلة اشتراك سنوي ومجاني لركوب وسائل نقل خربة ومتهرئة ولا آدمية بالمرة. وفي المقابل عندما يفتتح رئيس الوزراء وكبار رجال الدولة «جراج سيارات».. بوصفه «مشروعًا قوميًا».. فإنها رسالة تشير إلى أن كل ما أعلن عنه من مشاريع «عملاقة» ربما يكون في مستوى «جراج» التحرير الذي هز وسط البلد».
أمين الشرطة الذي قتل المتهم الذي استفزه
وننهي التقرير مع مقال رئيس تحرير «الشروق» عماد الدين حسين عن أمين الشرطة الذي قتل المتهم الذي استفزه، ومما جاء فيه» ماذا سيحدث لو أن كل جندي أو حارس أو امين شرطة قام بقتل المتهم أو المحكوم عليه لأنه استفزه وشتمه بالأم والأب وشتم الحكومة وكل المسؤولين؟!
لو طبقنا هذه القاعدة فلن نكون في حاجة للسجون بالمرة، لأن السادة الحراس سيقتلون كل المتهمين والمحبوسين أو المسجونين. صباح الأحد امس الأول وقعت جريمة غريبة وخطيرة داخل مستشفى إمبابة، حيث قام أمين شرطة بقتل أحد المتهمين في قضية ارهاب بسبع طلقات نارية. طبقا لما جاء في بعض صحف صباح أمس فإن أمين الشرطة برر جريمته بأن المتهم القتيل شتمه بالأب والأم وتوعده بالذبح ووصف الشهداء والمسؤولين بألفاظ سيئة، الأمر الذي استفزه وجعله يقوم بقتل المتهم الذي كان مصابا خلال تبادله لإطلاق النار مع الشرطة خلال محاولته إحراق قسم شرطة الوراق فى 25 يناير/كانون الثاني الماضي. إذ أن أمين الشرطة كان مكلفا بالحفاظ على حياة المتهم حتى يتماثل للشفاء وتتم محاكمته على جريمته.
النيابة تحفظت على الشرطى المتهم، وأتمنى أن يخضع لمحاكمة عاجلة، وإذا صح أنه ارتكب الجريمة فأرجو أن ينال الجزاء العادل حتى يكون عبرة لغيره.
خطورة الجريمة السابقة أنها تمثل انقلابا خطيرا على كل القيم الإنسانية والقانونية.
لو أن هناك جاسوسا إسرائيليا تم ضبطه وهو يمارس أعمال التجسس خلال الحرب بيننا ووقع في أيدي أجهزة الأمن لوجب المحافظة على حياته، وإذا اصيب لوجب علاجه، ثم التحقيق معه طبقا للقانون وكفالة جميع حقوقه القانونية.
لا أعرف حقيقة ما فعله بالضبط هذ القتيل المتهم بالإرهاب في الوراق؟ ولكن سأفترض أنه مجرم وتمت إدانته وقررت المحكمة إعدامه، حتى لو حدث ذلك فإن الحراس ملزمون بالحفاظ على حياته حتى يحين موعد إعدامه.
الأخطر من الجريمة هو معالجة بعض وسائل الإعلام لها، حيث كاد بعضها يبرر الجريمة البشعة وإنها نتيجة استفزاز المتهم لأمين الشرطة، ويبدو من ثنايا التبرير أنه ربما يجوز قتل المحبوس الاخواني إذا قام بسب الحارس أو استفزازه!. أتمنى أن ينال هذا المتهم العقاب الصارم الذي يستحقه حتى لا يتكرر الأمر مرة ثانية. أدرك أن خطأ هذا الأمين لا يمكن تعميمه بأي صورة على كل جهاز الشرطة، لكنه للأسف يسيء إلى الشرطة ويجعل البعض يعتقد أنه سيفلت من الحساب.
كما قال الرئيس السيسي من على مسرح الجلاء صباح الأحد وهو يعلق على مقتل شيماء الصباغ فإن انحراف أحد افراد الشرطة لا يعني أن نقوم بهدم كل المؤسسة.
علينا أن نضمن طوال الوقت أن طريقتنا أخلاقية ونحن ننفذ القانون.
لو تركنا هذا المتهم يفلت بجريمته من دون عقاب رادع سيقوم كل شرطي بقتل المتهم، الأمر الذي يعطى أهالي المتهمين حق الانتقام من أفراد الشرطة.. وتلك هي شريعة العقاب».
حسنين كروم
هل شهداء يناير الذين ضحوا من اجل شعبهم أصبحوا في ذاكرة النسيان ام هناك تفرقة بين شهيد الشرطة وشهيد الشعب .. لانوس منكم أحد يتكلم عن الورود التي ضحت من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية .
للأسف الصحافة والإعلام لا يذكروا إلا شهداء الشرطة والجيش وهم شهداء أيضا عند الله ولكن لا يذكرون شهداء ثورة يناير وهم فلذات أكبادنا .