في جولتي شبه الأسبوعية على المكتبات الباريسية قررت ذلك الصباح شراء كتاب أطالعه قبل النوم، وليس من نمط تلك الكتب التي أحبها عادة لكنني حين أطالع صفحات منها أستيقظ!!..
أحببت عقد هدنة مع نفسي والقارئ والصلح مع النوم.. ولذا اجتذبني كتاب اسمه: «الكلاب».. تقديم «بيير روسليه بلان» الطبيب البيطري الذي سبق له تقديم برامج متلفزة عديدة حول ذلك.. وتصوير استريد هاريسون المشهورة بأنها دارت في القارات كلها لتصوير الحيوانات: جيراننا في هذا الكوكب.. قلبتُ الكتاب: طباعة فخمة جدا ـ نحو 300 صفحة من القطع الكبير ووجدت الصور جميلة ومعبرة حاولت فيها الفنانة التقاط نظرات (إنسانية!) في وجوه الكلاب.. تأليف: ناسمين بيكيرال. منشورات «فلاماريون» الباريسية. وعُدتُ به وأنا أعد نفسي بقراءة بعيدة عن همومنا اليومية العربية وجرحنا الفلسطيني.. ولم يخطر ببالي أنني أحمل لغما سيطيح نومي!
العرب؟ هل سمعت بهذا الاسم؟
لم يخطر ببالي طبعا أنه حتى هذا الكتاب بريء المظهر سيقوم بإلغاء الفلسطينيين خاصة والعرب عامة بذريعة.. الكلاب! وأنني اشتريت لغما سيطيح نومي والقارئ.
في الكتاب نتعارف مع (البودل) الأوروبي او (الكانيش) كما يدعوه الفرنسيون الذي تبنت مؤلفة «وادي الدمى» الأمريكية جاكلين سوزان كلبا مثله ودعته «جوزفين» وأنفت في وداعه حين مات كتابها الرقيق «كل ليلة يا جوزفين» كما تعارفتُ مع الأنف الأفطس لكلب «البولدوغ» وفي الكتاب أيضا عدة صور لكلب «الدالماس» الذي أجده جميلا، فهو ابيض اللون بترقيط أسود.. وجذبني الكلب «السيبيري» بزرقة عينيه ووجهه الشبيه بوجه الذئب الكئيب كشاعر متوحد وكلب الشيواوا «الطريف» والكلب الصيني مجعد الوجه من بكين والهاسكاني (النبيه) والأمريكي في «البيت الأبيض».
حتى هنا كان كل شيء يقودني إلى النوم.. والمؤلف نسب كل نوع من الكلاب الموغلة في تاريخ كل بلد إلى (وطنه) في الصين أو بريطانيا أو فنلندا او الكلب الجبلي في (جبال البيرينية ـ فرنسا) وسواها كثير من البلدان والمدن.
وحين كدت أنام، أيقظني عواء داخل رأسي حين قرأت عنوان: كلب إسرائيل. أما نحن كعرب فلم يأت اسمنا في الفصل الخاص «بالكلب الإسرائيلي» ولكن جاء ذكر «قبائل البدو التي تعيش هناك» أي نحن وهذا ينسجم مع الدعاية الإسرائيلية التي تزعم أن فلسطين لم تكن وطنا لشعب بل مكانا تتحرك فيه (قبائل البدو الرحل) وتم إلغاء الوطن العربي وفلسطين المحتلة كما لو أن (الاحتلال الإسرائيلي) لفلسطين هو الحقيقة الوحيدة التاريخية ويشمل ذلك كل شيء حتى الكلاب!!!
وأسفت لأن كتابا جميلا كهذا اقترف بشاعة إلغاء العرب بغض النظر عما إذا كان (المؤلف) حسن النية أم لا!! أو كانت… ولعل إسرائيل نجحت في مسح الذاكرة العالمية وإلغاء الشعب العربي من أرض احتلتها إسرائيل وأخرى ما زالت تطمح في احتلالها…
سرقة الفولكلور الفلسطيني كله
حين استفزني كتاب «الكلاب» وصار يعوي في وجهي متحديا: عو.. عو.. عو.. و..و..
تناولت مجلة فرنسية نسائية واخترت «صفحة الطبخ» وقلت لنفسي إن قراءتها ستجرني إلى النوم!!
ولكن لا.. فجأة صارت الأطباق الفلسطينية إسرائيلية كجزء من تراثهم (!)
وتعرف بها إحداهن ولا تنسى التبولة (الإسرائيلية)!! وشركة طيران (العال) الإسرائيلية تقدم الطعام الفلسطيني المُشهّي على انه إسرائيلي! وتتابع إسرائيل سرقة التراث الفولكلوري الفلسطيني (وبالذات الثياب المطرزة) والطعام، وحتى الكلاب وذلك لا يقاسم بسرقتها لأماكن العبادة الإسلامية واختراع تاريخ عبري لها.
في التلفزيون برنامج
وهربت إلى التلفزيون لأنام فطالعني إعلان يقوم بالترويج للسياحة في إسرائيل (أي فلسطين المحتلة) بأسعار متهاودة للطيران إلى القدس وتل أبيب، وبقية المدن الإسرائيلية (التاريخية)!
أعذروني، فأنا لم أكن أدري أن القدس مدينة إسرائيلية كما قبة الصخرة والمسجد الأقصى (التي هي في أصلها معابد يهودية) بدليل أن وزيرة الثقافة الإسرائيلية ارتدت ثوبا عليه صورتهما لأنه يجري اليوم (تهويدها)، أي بلغتهم (إعادتها إلى أصلها اليهودي) ماذا تقول لتاريخنا العربي حين تأتي أشباح الأجداد لمحاسبتنا؟
نحن نعوي وهم يعضون!
نحن نعوي على إسرائيل ونعوي ألما منها.. وهي تعض بشهوة (نازية) حق بقاء الفلسطيني في بيته وتلوك الأحياء الفلسطينية في القدس المحتلة وسواها بأسنان الجرافات. تعض الفلسطينيين في أرزاقهم وأشجار ليمونهم وحريتهم. تعض حضورهم في وطنهم لتدفع بهم إلى الهجرة.. تعض كتب مبدعيهم.. تعض على تراثهم لمسح ذاكرة العالم عن الفولكلور الفلسطيني طعاما وملبسا.. تعض على حرية التنقل، بالحواجز لتسمم حياتهم. تعض على أجساد الأسيرات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية بأنياب الاغتصاب. تعض على أسلاك الكهرباء. الأدوية، أدوات مواد إعادة البناء، ليظل الفلسطيني في الشارع ويهاجر. تعض على أسلاك الإذاعات التي ترسم القهر الفلسطيني أمام التغول الإسرائيلي. وتلوك شاشات التلفزة التي تنطق باسمهم..
(العض) على حق الحياة!
ويدهشني أن (أغلب) الإسرائيليين يؤيدون إعدام فلسطينيين بعدوانية.. وعلام الإعدام وهم يقتلونهم قتلا يوميا، قتلا مبرمجا، ونحن نعوي ألما وهم اخطبوط يبتلع كل ما يطاله.. بعض العالم تنبه لمأساتنا ويشاركنا العواء في أصوات معترضة.. والكل «يفتح عينا ويغمض الأخرى» والالتهام مستمر واللامبالاة مستمرة لدى العالم الخارجي.. ولِمَ ننتظر العدالة من الآخرين ونحن لا نمارسها بيننا؟ ونعوي على بعضنا بعضا أيضا ربما أكثر مما نعوي على إسرائيل.. وهي تعض وتعض.. وأنا لا أنام بعد شراء الكتاب (المرتجى) للنوم! ويعوي رأسي بقية الليل انتحابا!
غادة السمان
سعيدة بعودتك ست غادة وسعيدة جدا لأني أقرأ
سعيدة بعودتك ست غادة
صباح الورد ؛صباح الفل والياسمين..
تهنا شهرا كاملا بعد غيابك يا أمنا غادة ؛ شتات شعرت به لأني صرت أبحث عن إخوتي الغوالي فلا أجدهم الا نادرا !! وأظنهم تاهو مثلي….
كيف حالك ياغادة ؟
كم كانت عبارة”نحن نعوي وهم يعضون”
هي الحقيقة المرة والمؤلمة ؛ولا اعلم الى متى سيظل هذا العواء..؟ ولا اعرف ماهو الحل في ظروف كالتي نعيشها فقدت فيها الانسانية إنسانياتها..؟
أحيي أحبتي واخوتي الغوالي ؛ نجم خان بنت السمان البغدادي نجم الدراجي ؛وشيخ المعلقين الكروي داود والفنانة العراقية استاذة افانين كبة ؛بابا بولنوار أستاذي القدير -سوري- وأبي الغالي غاندي حنا ناصر ؛أخويا الغاليين د.أثير ود.رياض والسيد عمرو من عمان أخي العزيز أسامة كلية وأستاذنا الرائع رؤوف بدران….
كل الحب والتقدير لكم جميعا ولكل رواد صالون غادة السمان…..
محبتي..
كل التقدير و الاحترام اختي منى
انت ايضاً عدت بعد غياب و العود احمد
.
اخرت قراءة مقالك المنشور في عدد اليوم بعد غياب ايضاً الى نهاية اليوم حتى يكون كقطعة الحلوى بعد وجبة السبت الدسمة للأساتذة الكبار ، غادة السمان و سليم عزوز و فيصل القاسم.
تحياتي الخالصة.
الخلط ما بين الثقافه والعرق واضح في مقال الاستاذه … فالعرب ليس عرق .. اما اسرائيل فهو اسم لشخص ورد الاشاره اليه في الكتب السماويه .. ففي المصحف الشريف مثلا .. اتى ان بني اسرائيل هم ذرية احد من حملهم نوح في سفينته ..
في قتال الأخوة والعدو متربص بهم
تذكرت خليل أحد أبطال ” ليلة المليار ”
والعدو الإسرائيلي من الجو يشن غارات
وبالاسفل الأخ وابن البلد يوجه بارودته نحو أخيه لخلافات تافهه!
يومها صرخ بهم كالمعتوه وهو يشير إلى طائرة مغيرة
أنظرو.. يا ناس يا عالم يا اخوان يا بلدي…
كم أشبه خليل في هذه اللحظة
عادت إلينا غادة وننتضر عودة الغادتان,
عادت إلينا غادة السمان وغابت غادة الشاويش ريحانة فلسطين بنتنا وأختنا.وغابت غادة عويس الإعلامية الكبيرة بقناة الجزيرة.
إسرائيل تعض ككلاب مسعورة لانها تعرف انها صادرت حقوق الغير ونحن أصحاب الحق نضل نعوي ونهرب.نعوي ونعوي ولا نعض بمجرد ما تهش علينا إسرائيل أو ترمينا ولو بحجرة طوب ونهرب لأنها تعرف أننا لا نحسن سوى العواء بلا عض.وحتى إذا أردنا العض عضضنا بلا أنياب.وحتى إن كانت لنا انياب نعض بعضنا البعض أو نعض لأجل الحراسة.
الكلب وفي……كما قال ابن الرومي..ولن يقبل بديلا عن ارضه وصاحبه…وربما لو نطق لاسمعنا في هذا المجال امورا وعبرا ودروسا ستجعل الكثير من الساسة وادعياء النضال والفضيلة يتوارون خجلا ..ان كانت اليات الخجل في اجسامهم لازالت تشتغل!!! انا يا سيدتي من الجيل الذي الذي فتح عينيه على انتكاسة حلم جميل في 67…وعاش وهم النصر في 73..وانغرس في الواقع المرير بعد ذلك يتجرع الخيبة محطة محطة وقطرة قطرة….وما بدل تبديلا كما فعل الكثير الكثير ممن تبوؤوا مقاعد الزعامة والريادة في كل القضايا والمناحي …وكشفت الايام انهم مجرد تجار خردة لهم قابلية البيع والشراء وباي ثمن!!! وقناعتي الراسخة الان ان الكل تظافر من اجل بيع فلسطين بارضها وتاريخها وتراثها…وان الصهاينة كانوا في كثير من الاحيان محصلين للغناءم في صراعات وحروب خاضها وكلاءهم هنا وهناك…،الا ان اسوء المساهمين مع الاسف كانوا من اهل البلد!!!…منهم من كان من اشد المدافعين عن اكبر عملية افك في التاريخ عندما روج بدافع الواقعية السياسية المزعومة ان جغرافية فلسطين تنحصر في غزة وجزء من الضفة…ومنهم من ترك الجمل بما حمل وراح يتصدر المشهد في حروب الشطرنج بين الغرب والاتحاد السفياتي في الثمانينات متبرعا بالفتوى والخطابة وتجنيد البيادق وايهام السذج بان القضاء على الروس اولى من تحرير القدس…!!! ومنهم من اصبح عنده الترويج للايديلوجيا والانتصار لها اهم من الارض والعرض..!!! ومنهم من اصبح منظرا لايشق له غبار في التحفيز والانتصار للفتن المشتعلة هنا وهناك الى درجة التخصص الذي جعله لا يفكر ولو مرة بكتابة حرف عن ماساة وطنه..!!!! بالله عليك يا من كنت وستظلين ايقونة ادبنا وجراحنا….اليس السياق الكلبي افضل واريح في التامل والنقاش والكتابة…ودمت متالقة داءما…
يقال بأن المنتصر يفرض قراءته في كتابة التاريخ و من قدموا إلى فلسطين ضمن مشروع إقامة دولة اسمها اسرائيل على حساب شعب آخر ارتضوا بأن يسلبوا من الشعب أرضه وأمنه فلا أعتقد بأنهم يتوانون عن سرقة أكفان موتاه . إن مشروع إقامة الكيان هو مشروع دولي لقوى ذات سطوة و هذه القوى لم تكتفي بتشكيل هذا الكيان إنما تعهدت بدعمه على كافة الصعد بما يضمن استمراره فسقوط هذا المشروع سيؤدي لا محالة لخلل كبير في الموازين قد ينجم عنه ردود عكسية تهدد كيانات تلك القوى . إنهم لا يتوانون ولن يتوانوا عن فعل أي شئ لإبقاء هذا الكيان أو بالحد الأدنى إطالة بقائه ريثما يجدوا لأنفسهم مخارج تضمن لهم تحجيم الردود العكسية . لذلك لا غرابة في تصرفات تلك القوى ولا من تصرفات المنضوين فيها إنه الصراع وليست النهاية . إن حركة التاريخ لا تتوقف ومن يعتقد بأن تفوقه أزلي فهو واهم . الاحتلال واللصوصية غلى زوال هذا ناموس طبيعي ولكن حركة التاريخ لا تقاس للأسف بالسنين إنما بالمراحل والحقب وهي قد تمتد لعشرات السنين ولكن النتيجة حتميييييييية لا محالة الاحتلال و كذبه ونفاقه ولصوصيته إلى زوال أما القوى الداعمة له فقد تتشرذم نتيجة ذلك .
الاستاذة غادة لك كل الحب والتقدير على كل هذه الاصالة في الفكر .
تراثنا محفوظ بين اضلعنا وايدينا وحب فلسطين بكل تفاصيلها لن تمحى حتى يمحى كل فلسطيني وعربي ومسلم وحر في هذه الدنيا ولكن ما يتقصنا هو مؤسسات مدعومة ومتخصصة في الحفاظ على تراثنا ومقدساتنا تنشر الوعي وخاص في الغرب وشكراً.
بصراحة مهما عمل وفعل ونشر الاعلام فى الخارج عن اسرائيل وعن فلسطين
ولكن بحكم اقامتى فى الخارج وزياراتى تقريبا لكل دول العالم المؤثرة واختلاطى بشعوب هذه الدول وخاصة عوام الناس العادية
وجدت ان غالبية هذه الشعوب متعاطفة مع قضية فلسطين وشعب فلسطين
ويعرفوا ان اسرائيل دولة محتله لفلسطين ومغتصبه أراضيها
والكل اجمع على ان امريكا هى الحاضن والممول والمدافع والحامى لإسرائيل
ولو امريكا شالت أيديها عن اسرائيل سوف تنتهى اسرائيل ودولة اسرائيل