غاب الناخبون لجان الاقتراع وظهروا عند الفرز… والإدارة السياسية حصلت على تقرير «ضعيف» في الاختبار

حجم الخط
2

القاهرة ـ «القدس العربي»: طبعا كان ولا بد أن يكون الموضوع الرئيسي في الصحف المصرية الصادرة أمس الخميس 22 أكتوبر/تشرين الأول، عن إعلان اللجنة العليا للانتخابات النتائج النهائية للمرحلة الأولى للانتخابات، ووصول نسبة المشاركة إلى أكثر من ستة وعشرين في المئة من عدد الناخبين في أربع عشرة محافظة، حيث فاز من المتنافسين على المقاعد الفردية وعددها مئتان وستة وعشرون، أربعة فقط. وبالتالي ستتم الإعادة على مئتين واثنين وعشرين مقعدا، أي انتخابات جديدة.
بينما فازت «في حب مصر» بالقائمتين وعدد أعضائها ستون عضوا، أي أن من تأكد فوزهم نهائيا من الآن أربعة وستون فقط، واستمرت عمليات تحليل النتائج التي ظهرت خاصة الضربة الهائلة التي تلقاها «حزب النور».
لكن ظهر موضوع آخر نافس الانتخابات في الاهتمام وهو، قبول الرئيس استقالة رئيس البنك المركزي هشام رامز، الذي كانت مدة رئاسته مع أعضاء مجلس إدارة البنك والمحددة بأربع سنوات ستنتهي في السادس والعشرين من الشهر المقبل، وتعيين الرئيس لطارق عامر رئيس البنك الأهلي محافظا للبنك المركزي، واستمرار الخلافات حول أسباب رفع رامز لقيمة الدولار أمام الجنيه، وما أحدثه ذلك من رفع أسعار السلع المستورة. وإعلان الجيش تصفية عشرة من الإرهابيين في شمال سيناء، والاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الروسي بوتين مع الرئيس السيسي لإطلاعه على محادثاته مع الرئيس السوري بشار الأسد، وأخبار الاعتداءات الإسرائيلية على أشقائنا الفلسطينيين. وإلى بعض مما عندنا….

المجلس النيابي لن يكون ممثلا للثورة

ونبدأ بأبرز ما نشر عن المرحلة الأولى للانتخابات، وكان أوله لزميلنا وصديقنا في «الأخبار» رئيس المجلس الأعلى للصحافة جلال عارف وقوله يوم الأربعاء في عموده اليومي في «الصميم»: «لا الأموال الطائلة التي أنفقها البعض على بعض الأحزاب ولا استخدام الدين في الانتخابات، نجحا في إقناع غالبية الناخبين بالمشاركة في انتخاب البرلمان، الذي كان يفترض أن يكون الأخطر في حياتنا النيابية، العكس كان هو الصحيح. وربما كان إنفاق المال السياسي بهذه الصورة الفجة، ومحاولة استغلال الدين الحنيف لخداع الناخبين، من أبرز العوامل التي أبعدت الناخب عن صناديق الاقتراع، بعد أن أكدت هذه الممارسات لديه أن شيئا لم يتغير، وأن محاولة البعض لإعادة إحياء نظام ما قبل الثورة تجري على قدم وساق.. وربما بصورة أسوأ مما يتخيل الكثيرون!
لكن بقدر الفشل في اجتذاب معظم المواطنين للمشاركة في العملية الانتخابية، كانت الفرصة مواتية لنجد المنافسة تكاد تنحصر بين فريق يرعاه ويتفق عليه السيد نجيب ساويرس وشركاه وفريق آخر يرعاه السيد أبوهشيمة وشركاه.. ولتتكلم الفلوس وتختفي السياسة، وتختفي معها مصالح الغالبية العظمى من الفقراء ومحدودي الدخل والطبقات المتوسطة.
قلنا من قبل إن هذا المجلس النيابي لن يكون.. لظروف كثيرة هو الممثل للثورة، لكن واجبنا جميعا أن نمنعه من أن يكون صوتا للثورة المضادة!.. والمشهد الحالي لا يطمئن ووجود الرئيس السيسي في الحكم بدون مؤسسات تنفيذية وتشريعية فاعلة ومنحازة لأغلبية الشعب ومصالح الدولة أمر لابد ان يراجع.. وبسرعة!
في دولة نصف أبنائها تحت خط الفقر، ومعظم الباقين على حدوده، فإن ترك مصير التشريع ورقابة الحكم في يد أحزاب تعلن على الملأ أنها جاءت للبرلمان بأموال أصحاب المليارات، فإن الأمور لا يمكن أن تستقيم، والأسئلة المطروحة لابد أن تجد إجابة لها قبل ان تسوء الأمور. فهل سيعمل نواب جاءوا بأموال المليارديرات على توزيع الأعباء بالعدل على الجميع، ورفع الغبن الواقع على الأغلبية، وفرض نسب الضرائب الحقيقية على الأغنياء؟
وهل سيعمل هؤلاء على استرداد أموال الشعب المنهوبة وأراضيه التي استبيحت؟ وهل سيضعون التشريعات التي تحمي حقوق الغلابة في تعليم حقيقي وعلاج مستحق.. أم يشعرون بأن كل شيء بخير ما دام القادرون يملكون قصورهم الفاخرة ومستشفياتهم ومدارسهم المتميزة وأموالهم المودعة في بنوك الخارج في أمان، التي نحرص على توفير كل الظروف ليعيدوها للوطن ويستثمروها لمصلحة أبنائه بجانب مصالحهم الشخصية بالطبع؟!
لقد جربنا زواج المال بالسياسة وكانت النتيجة أوضاعا ردت عليها مصر بالثورة في يناير/كانون الثاني. وجربنا استغلال الدين في السياسة وخداع الناس، وكان الرد هو 30 يونيو/حزيران التي استعادت مصر من قبضة الفاشية الدينية.
الآن نسمح للتجربة بأن تجدد نفسها، وترفض الأغلبية هذا التوجه فتقاطع الانتخابات.. لكن ماذا بعد؟ وكيف نواجه الخطر؟ أسئلة أرجو أن نجد الإجابة عليها قبل فوات الأوان».

الشعب يحمي نفسه وثورته من رموز نظام مبارك

وفي العدد نفسه من «الأخبار» قالت زميلتنا الجميلة عبلة الرويني في عمودها اليومي «نهار»: «العقل الجمعي المصري يمتلك فهمه ووعيه وقادر على حماية نفسه بطريقته، ينزل بالملايين في أكبر تظاهرة في التاريخ في ثورتين أبهرتا العالم، وفي استفتاءات وانتخابات، ثم يحجم بإرادته ويحدث ما يشبه العزوف، رغم المناشدات والمطالبات ورغم الأناشيد الوطنية والأغاني الحماسية، ورغم تهديد اللجنة القضائية بغرامة الـ500جنيه وتهديد أستاذة الطب الشرعي والإرشاد الجنسي (هبة قطب) باستئصال الأعضاء التناسلية للمقاطعين، وبعيدا عن خبل التهديدات هناك ضعف إقبال على الانتخابات مشهود وملموس، لكنه ليس مقاطعة ولا إضرابا ولا خيانة ولا مؤامرة، لا هو ضد الدولة ولا ضد الحكومة ولا ضد الرئيس، شعب يمتلك وعيه لحماية نفسه وحماية ثورته ضد إمكانية عودة رموز الفساد مرة أخرى (الحزب الوطني المنحل)» .

معركة مرشحي الوفد مع المال السياسي

في يوم الأربعاء نفسه قال زميلنا في «الوفد» رئيس اللجنة النوعية للشباب طارق تهامي: «مرشحو الوفد في المرحلتين الأولى والثانية سياسيون بدرجة مناضلين يعرفون أنهم يدفعون ضريبة التمسك بالمبادئ، فلم يحصلوا على أموال من هنا أو هناك، مقابل خوض الانتخابات، وكثيرون منهم رفضوا إغراءات أحزاب أخرى بالمال والدعاية، وكل وسائل المساعدة، مقابل ترك الوفد والانضمام لأحزاب أخرى كانت تشتري المرشحين بالأموال أو النفوذ أو كليهما معاً. أما الوفد فقد اتخذ قراراً صعباً وهو الخروج من منافسة دائرة عمل انتخابي لا تليق بالناخب المصري ولا تليق بحزب الوفد ولا تاريخه، فقد كان القرار صعباً هل نلعب بطريقة غيرنا نفسها؟ هل نخضع للقواعد التي فرضت على الجميع وهي الفلوس والنفوذ مقابل زيادة عشرة أو عشرين مقعداً فوق أعداد النواب الذين سيعبرون مرحلة الانتخابات في المرحلتين؟ الإجابة كانت: لا.. لا ..لا. الوفد لا يمكن له أن يبيع تاريخه مقابل عدد من المقاعد التي سوف ينساها الشعب المصري، ولكنه سيتذكر الطريقة التي حصلنا بها على هذه المقاعد.. فكان القرار أن نخوض معركة نظيفة.. ليس فيها مال سياسي أو صفقات مشبوهة أو الاستعانة بجهات وشخصيات لتوجيه المرشحين إلى حزب بعينه للترشح باسمه!
.هكذا كان الوفد وسيظل. نوابه مناضلون قبل أن يكونوا سياسيين.. يمتلكون طهارة اليد والوطنية.. يبحثون عن المصلحة العامة.. مستندين لمبادئ مهمة تعلموها داخل الحزب العريق».

حزب للرئيس يضر بالتطور السياسي لمصر

وإذا انتقلنا إلى «أهرام» اليوم نفسه سنجد زميلنا حسن أبو طالب يثير قضية هل من مصلحة الرئيس السيسي أن يشكل حزبا سياسيا ويترأسه؟ فقال: «أن يبادر الرئيس نفسه بالإعلان عن تشكيل حزب ويعلن عن مبادئه ويفتح الباب أمام من يريد الانضمام إلى هذا الكيان الحزبي الجديد، وهذه الحالة تذكرنا قطعاً بما فعله الرئيس أنور السادات، حين أعلن عن تشكيل الحزب الوطني، وحينها تركت شخصيات وكوادر حزبية كانت منتمية إلى أحزاب أخرى وفضلت عضوية الحزب الذي يرأسه الرئيس. وباقي قصة الحزب الوطني معروفة للجميع، وأظن وبعض الظن إثم وبعضه الآخر ليس كذلك، أن هذه الخبرة موجودة في إدراك الرئيس السيسي، ولا يريد أن يكررها بأي شكل كان، ويضر بالتطور السياسي لمصر. يمكن القول بأن دورها قد انتهى، فالانتخابات جرت بعيداً عن تدخلات الحكومة، ولن يكون بمقدور أي حكومة تالية أن تناهض هذا المكسب الديمقراطي المهم. وثانياً إن فكرة أن حزب الرئيس في مرحلة سابقة قد يضر بالحياة الحزبية أصبحت غير عملية، فالأحزاب جميعها أعطيت الفرصة لكي تخرج إلى النور وأن تتفاعل كل حسب قدرته مع المجتمع بدون قيود، ولا يمكن القول إن ضعف هذه الأحزاب راجع إلى حزب قوي يرأسه الرئيس. وفي ضوء هذه المعطيات أتصور أن خيار تحول قائمة حصلت على دعم شعبي مشهود إلى نواة حزب يدعم الرئيس من دون أن يرأسه الرئيس، يبدو خياراً عملياً وطبيعياً وتحتاجه مصر بشدة».

البرلمان سينعقد حتى لو بصوت واحد!

ومن «الأهرام» إلى «المصريون» ومقال رئيس تحريرها محمود سلطان الذي عنونه بـ»البرلمان الجديد.. جزء من مشهد النار والدم» يقول: « الأرقام المعلنة «رسميًا» بشأن نسبة المشاركة في الجولة الأولى من الانتخابات، باتت تثير السخرية، بدأت بـ1٪ ثم 6٪ ثم 30٪ لتصل إلى النسبة التي أعلنها رئيس الوزراء قبل أن تنهي اللجنة العليا الانتخابات عملها، ثم أنكرها ونفاها.. غير أنه نال ما يأمله في النهاية وباتت 3٪! الناس انتظرت الأرقام «النتيجة» ليس لمعرفة من فاز ومن هُزم، ولكن لاستكمال مسلسل «التريقة».. وقال أحدهم: غاب الناخبون في لجان الاقتراع، وظهروا عند الفرز… الآن بات من الواضح أن البرلمان سينعقد، حتى لو بصوت واحد، كما قال أحد إعلاميي الأجهزة الأمنية في برنامجه الذي طالب فيه، بضرب الشعب بـ»الجزمة». وهو مطلب يعكس الرأي العام داخل الغرف السرية، التي أدارت الانتخابات وهندست القوائم وحجزت البرلمان ـ بوضع اليد ـ ليكون إدارة ملحقة بمؤسسة الرئاسة: ضرب اللي مش عجبه بـ«الجزمة».. هل تستحق التجربة، حشد رأى عام يطالب بإعادة الانتخابات؟! وهل إذا ما أعيدت ـ وهو حلم بعيد المنال ـ ستحل مشكلة الشرعية واستقامة ما سيصدره من تشريعات لاحقا؟ في تقديري أن المسألة أبعد بكثير من حكاية «الإعادة».. لأن الأخيرة حال حدوثها، لن تغير من الأمر شيئًا، بل ستعيد إنتاج المشهد ذاته: لجان خالية وقوائم مخلقة داخل حضانات النظام، وبرلمان افتراضي على الورق وحسب.. لأن جوهر الأزمة لم يتغير: فالوجوه نفسها والممثلون نفسهم والسيناريو والمخرج ذاتهما، والنتيجة إنتاج فيلم ثانٍ مستنسخ من الفيلم الأول. البرلمان المقبل، هو سليل مشهد الدم والنار وشريك في صنعه وفي صنع الانقسام وبالتالي فهو برلمان يمثل تهديدًا للأمن القومي. مصر تحتاج قبل البرلمان مصالحة وطنية ومراجعة جادة ورصينة لمجمل السياسات التي ترتبت على 3 يوليو/تموز.. وما تلاها من عنف ودماء.. لن نتجاوزها بالضحك على الناس بانتخابات من طرف واحد».

المشاركة في التصويت فريضة دينية تعادل الصلاة!

أما في «الشروق» عدد يوم أمس الخميس فكان رأي زميلنا وصديقنا فهمي هويدي عن نقد الذات يقول: «ما جرى في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد. صحيح أن مفاجآتها ومفارقاتها وفرت فرصة نادرة استعرض فيها ظرفاء المصريين مواهبهم ببذخ غير مألوف، إلا أن لها وجها آخر يدعونا لأن ننتقل بسرعة من الهزل إلى الجد. إذ أزعم أن من أبرز نتائج تلك الجولة، ذلك التراجع المشهود في نسبة المشاركين في التصويت، وهو ما يعنى أن الإدارة السياسية حصلت على تقرير «ضعيف» في الاختبار.
الأمر الثاني الذي يستحق النظر أن العبث بالفتوى لحث الناس على التصويت أخرج أغلبية المصريين من الملة ووجب تكفيرهم. لست مشغولا كثيرا بمن نجح ومن خسر ومن أعاد، فحدود الجميع وأدوارهم معروفة سلفا، فلا الذي نجح يستحق التهنئة ولا من خسر يستحق المواساة. لكن أكثر ما همني كان مفاجأة العزوف المدوي عن التصويت، الذي وجدته بمثابة مظاهرة احتجاجية صامتة، لم ترتب ولم تكن بحاجة لأي تصريح، والمشاركون فيها أفلتوا من الملاحقة والمحاكمة. وغاية ما يمكن ان يعاقبوا به هو توقيع غرامة 500 جنيه على الممتنع، إذا لم يكن لديه عذر مقبول من مرض أو سفر أو خلافه. ذلك أن قانون التظاهر إذا كان قد حبس الجميع في البيوت وحذرهم من أي تعبير عن الاحتجاج السلمي، وبعدما وصل الإنذار إلى عنوان كل ناشط حين أطلقت الشرطة الرصاص وقتلت المحامية شيماء الصباغ في قلب القاهرة، حين كانت تحمل باقة زهور في مسيرة سلمية، إزاء كل ذلك فإن المجتمع اختزن الاحتجاج وتحين فرصة الانتخابات لكى يعلن عن موقفه من دون هتاف أو لافتات أو مسيرة.
لا أستطيع أن أدعي بأن الاحتجاج كان الدافع الوحيد للإحجام عن التصويت، ولدي استعداد لأن أفهم أن هناك أسبابا أخرى تتعلق بالتنظيم والارتباك الذي أحدثه توزيع المقاعد بين القوائم والأفراد المرشحين، إلا أن أحدا لا يستطيع أن يتجاهل الاحتجاج كسبب مهم للإحجام، خصوصا بين الشباب الذين أجهضت أحلامهم، ومتوسطي الدخل الذين قصمت أعباء المعيشة ظهورهم، وما عاد لديهم ما يتعلقون به في المستقبل، ناهيك عن ثوار يناير/كانون الثاني الذين ذهبت جهودهم وتضحياتهم هباء. مسألة تكفير أغلب المصريين هي التطبيق العملي للفتوى الذي أصدرها عضو مجمع البحوث الإسلامية الذي زعم أن المشاركة في التصويت فريضة دينية تعادل الصلاة. وذهب الرجل سامحه الله إلى القول بأن المشاركة أخطر وأهم. لأن إثم تارك الصلاة يرتد عليه وحده، في حين أن إثم الممتنع عن التصويت ينسحب فيه الضرر على المجتمع كافة… لقد وضعتنا الفتوى أمام قياس فاسد لا يجرؤ على القول به من كان له حد أدنى من الاحاطة ببديهيات علوم الدين. ولا تفسير لذلك سوى أن صاحبنا وسَّعها أكثر من اللازم في ركوبه للموجة. وكان حرصه على إرضاء أهل السلطة مقدما على إرضاء دينه وربه.
ليست هذه نهاية المطاف بطبيعة الحال، لأن الأهم من الوقوع في الخطأ أن يتعلم المرء منه ويعتبر، لكن ذلك معلق على شرط واحد هو أن يكون الطرف المعني قابلا للتعلم، وهو السؤال الذي ينبغي أن نطرحه على أنفسنا قبل أي سؤال آخر».

العزة بالإثم

ونبقى في العدد نفسه من «الشروق» ورأي رئيس تحريرها عماد الدين حسين ومما جاء فيه: «هناك أكثر من طريقة لتعامل الحكومة ومؤسسة الرئاسة وسائر أجهزة الحكم مع الصدمة القاسية بقلة أعداد الناخبين في اليوم الأول من المرحلة الأولى للانتخابات النيابية الجارية.
الأول: أن تتعامل مع كل من يتحدث في هذه القضية باعتباره إخوانيا أو إرهابيا أو حاقدا أو شامتا أو متربصا، وبالتالي تتركه من دون أي اكتراث.
الثاني: أن تنكر الظاهرة وتقول إنها عادية، وكل الانتخابات تشهد هذه الأعداد المنخفضة، أو أن النسبة عادت للارتفاع في اليوم التالي، وكل ما سبق صحيح وربما يحدث استنفار، وترتفع النسبة في المرحلة الثانية في القاهرة والدلتا والقناة.
الثالث: أن تقول بأن العبرة بالنتائج، التي تشير إلى اكتساح قائمة «في حب مصر» وفوزها في الصعيد وغرب الدلتا، وأن معظم المقربين من الحكومة دخلوا مرحلة الإعادة الأسبوع المقبل، بل يمكنها القول بأن غالبية المرشحين تقريبا مقربون من الحكومة ومؤيدون للرئيس، وبالتالي فلا خوف من أي نتيجة، بل أن البعض ذهب إلى القول بأن مصر لا تحتاج للبرلمان أصلا، وأن وجود الرئيس يكفي ليحل محل البرلمان في التشريع والرقابة، وهذا كلام يدعو للرثاء والشفقة والبؤس…. لا أقارن بين هذه الانتخابات وانتخابات 2010، ولا بين أحمد عز وأي مسؤول في الحكومة الحالية، فالفرق شاسع تماما، لكن أخشى أننا بدأنا نستعير بعض الأفكار والمصطلحات والتبريرات. أعرف تماما أن غالبية المرشحين لم يصلوا إلى الناخبين، وكذلك الأحزاب التي تزداد تراجعا، وأعرف أن الأزمة الاقتصادية لها دور، لكن إذا لم نتنبه إلى أن البيئة العامة لها دور خصوصا السياسية، فنحن نضحك على أنفسنا. في السياسة ليس مهما أن تعتقد أنك على صواب، المهم أن يصدق المجتمع والمواطنون أنك كذلك، وهذا ما يسمونه بالرأي العام. ونعرف جميعا عواقب تجاهل الرأى العام. التقيت كثيرين ممن سبق لهم الذهاب إلى لجان التصويت في السنوات الخمس الماضية ثم رفضوا الذهاب هذه المرة، معظمهم لا صلة لهم بالإخوان وكلهم تقريبا صوتوا للرئيس السيسي في الانتخابات الرئاسية والدستور الجديد، وغالبيتهم لديهم إحباط وشكوك حول المستقبل.. هل الحل الأمثل أن نستمع إليهم ونحاورهم ونناقشهم أم نتعامل باعتبار أنهم غير موجودين؟».

برلمان أقلية الشعب المصري

أما في «وفد» أمس أيضا فقال زميلنا وصديقنا وأحد مديري تحريرها مجدي حلمي:
«النتائج كشفت عن رسائل مهمة وهي، أن من توجه إلى الصناديق أعلنوا رفضهم بقوة لكل الوجوه القديمة من رجالات الحزب الوطني، وأن خسارة حزب مثل النور لمقاعد في دوائر نفوذه رسالة أخرى للسلفيين: عودوا عن السياسية وارجعوا للدعوة مرة أخرى، وأن عدد الأصوات الباطلة المرتفع رسالة إلى كل المرشحين أنكم لم تقدموا دليلا واحدا يقتنع به الناخب. المرحلة الأولى كشفت بوضوح سوءات النظام الانتخابي وقوانين الانتخابات كشفت أن اللجنة العليا للانتخابات لم تعمل بأسلوب احترافي، وكانت تمارس عملها بأسلوب الهواة، كما كشفت أن بدعة إجراء الانتخابات على مراحل يجب أن تنتهي فورا، وأن تكون انتخابات 2015 هي آخر انتخابات تجري على مراحل. نرجو ألا يتكرر الأمر في انتخابات المرحلة الثانية، ونرجو أن يخرج أبناء هذه المرحلة بقوة حتى لا يقال عن هذا البرلمان إنه برلمان أقلية الشعب المصري».

إلصاق اسم السيسي بحزب «مستقبل وطن»

وإذا كانت المرحلة الأولى كشفت عن رفض الشعب للوجوه القديمة، فإنها كشفت أيضا عن ترحيبه بالوجوه الجديدة. إن حزب «مستقبل وطن» الجديد هو الثاني في المنافسة في الإعادة فسيدخل ثمانية وأربعون مرشحا له الإعادة، يليه حزب المصريين والوفد في المرتبة الثالثة، إذ سيخوض الإعادة بخمسة وثلاثين مرشحا. أما الأول فكان المصريين الأحرار الذي سيخوض الإعادة بخمسة وستين مرشحا. وعلى كل فإن النتيجة هي التي ستحدد أي الأحزاب ستكون لها الغلبة في المرحلة الأولى بعد إعلانها، لكن المفاجأة كانت في حصول حزب مستقبل وطن على هذه النسبة، رغم أن النتيجة لم تحسم لصالحه عليها. ما دفع زميلنا في «الأخبار» رئيس تحرير مجلة «آخر ساعة» محمد عبد الحافظ أن يحذر أمس من استمرار إلصاق هذا الحزب باسم الرئيس بقوله: «كل ما أخشاه أن يسارع الرجال حول الرئيس وينسبون قائمة «في حب مصر» إلى الرئيس السيسي أو أن يردد نواب هذه القائمة المكتسحة الكلام نفسه، لأن ذلك ليس في مصلحة الرئيس ولا مصلحة البلد، بالإضافة إلى أنه غير صحيح، فالرئيس أخذ عهدا على نفسه منذ أن تولى أنه لن يكون له حزب ولن يرأس حزبا أو ان ينتسب إلى حزب، فلا يصح الآن أن ينسب بعض المتسلقين حزبا إلى الرئيس. والرئيس وعد أن ظهيرة لن يكون حزبا سياسيا بل سيكون الشعب. وظني أنه لابد أن يصدر بيان من الرئاسة يؤكد ذلك».

أيهما أصعب في نظافته
المناخ الإعلامي والفني أم السياسي؟

وإلى المعارك والردود ما بين سريعة وقصيرة وبطيئة وطويلة، من النوع الأول قول زميلنا في «الجمهورية» سمير الجمل في بروازه اليومي «أكشن» يوم الثلاثاء: «منذ انطلقت دعوتي في برنامج العاشرة مساء «يللا ننظف مصر» والأسئلة تحاصرني من هنا وهناك، ولكن أهمها من قال لي: «نبدأ منين» قلت لنفسي وله ولغيره: إبدأ بكنس قلبك وضميرك وعندما تحارب القبح من داخلك سوف ترفضه أمام عينك ومن أمامك ومن حولك. لكنني بصراحة عجزت عن إجابة سؤال يقول: أيهما أصعب في نظافته المناخ الإعلامي والفني أم المناخ السياسي؟».

بعض الإعلام مستنقعات للدعاية السوداء

والثانية كانت في اليوم نفسه أيضا في «الأهرام» لزميلنا عمرو عبد السميع وقوله عن الإعلام أيضا: «أنجزت بعض الأنظمة العربية التي كانت أنشأت ترسانات إعلامية محلية ودولية كبرى في السنوات الماضية إلى تلوين الأخبار بالرأي ونشر الأكاذيب والتخلي عن الحيادية، على نحو جعل من فضائيات وصحف عربية بنت سمعتها في السابق على موضوعيتها، مستنقعات للدعاية السوداء. إن مراقبة ما يذيعه الإعلام العربي نقلا عن كيان سوري يسمى «المرصد» يعطينا فكرة عن أن معظم ما يسبح الآن في الفضاء الإعلامي حول سوريا ليس صحيحا، أو في أحسن الفروض ليس دقيقا الملف إذا تجردنا من عواطفنا يفتح شهيتنا لأن نقرأ أطروحة ماجستير أو دكتوراه في إحدى كليات الإعلام عن الدعاية السوداء والربيع العربي وأنا شخصيا على استعداد من الآن لمناقشتها».

«أحنا اللي عدينا بارليف بكام سنجة وسيف»

أما زميلهما في «الأخبار» أحمد جلال وفي اليوم نفسه فقد ترك الإعلام ونظر إلى السينما وقال: «تخيل أن السبكي منتج السينما الوحيد في مصر الآن، قرر أن ينتج فيلما عن حرب أكتوبر/تشرين الأول طبعا ستكون دينا وصافينار ومعهما كام «مزة» جامدة بطلات الفيلم لزوم الدلع، وسيقمن بخطة الخداع عن طريق الرقص لإغراء جنود العدو حتى يستدرجوهم للبلطجية المشاركين في الفيلم لقتلهم بالسنج والسيوف، من غير لا دبابات ولا مدافع ولا طيران ولا وجع قلب، وسيشارك في الفيلم كام مطرب علشان الفرفشة وتكون أغاني الفيلم: أحنا اللي عدينا بارليف بكام سنجة وسيف وأغنية: امشي يا إسرائيل بدل ما نولعها نار جالكو السبكي بنفسه ومعاه صافينار».

ممثلون ومخرجون على خطا عبد الناصر

المهم أن جلال نسي أن السبكي ذهب فعلا لإسرائيل في فيلم من إنتاجه بطولة طلعت زكريا هو «الفيل في المنديل» لإنقاذ طلعت. ولا زلنا مع أهل الفن ولكن هذه المرة مع صديقنا الكاتب محمد بدر الدين ومقاله يوم الأربعاء في «البوابة» اليومية المستقلة وقوله عن مواقف بعضهم من ثورة يوليو/تموز وخالد الذكر: «قبل أسبوع (12 أكتوبر/تشرين الأول) استضاف المقدم الإعلامي وائل الإبراشي الفنان فاروق الفيشاوي في لقاء مطول على الهواء، وخلال الحوار دافع الفنان القدير بحرارة وعمق وثقافة عن رؤيته العروبية والاجتماعية التي تنطلق من إيمانه بمبادئ ثورة 23 يوليو 1952 مكررًا وصف نفسه أكثر من مرة بأنه «ناصري». وما زلت أذكر باحترام كامل موقف الفيشاوي المتميز (بل ضد التيار بكل معنى الكلمة) من الأزمة مع الجزائر، التي أشعلها إعلام مبارك وأجهزته بحمق لا مزيد عليه. يذكرني الفيشاوي بحديثه عن «ناصريته» وبعمق رؤيته وثقافته بالفنان الكبير نور الشريف، والحق أن هناك فنانين يقدرون عبد الناصر وثورته وقيادته ويرون أن خطه العام وطريقه لا يزال هو طوق النجاة، من بين المخرجين صلاح أبو سيف وعز الدين ذو الفقار (وأيضًا توفيق صالح بنظرة نقدية موضوعية) وفي مرحلته الأخيرة يوسف شاهين كذلك المخرجون محمد فاضل وإبراهيم الصحن وعباس أرناؤط ومصطفى العقاد إلى جيل عادل عوض وخالد يوسف. و(في المسرح) سعد أردش وكرم مطاوع وأحمد عبد الحليم وغيرهم. والكُتّاب من نعمان عاشور إلى محفوظ عبد الرحمن ويسرى الجندي وأسامة أنور عكاشة وبشير الديك وغيرهم. والفنانون الممثلون أحمد مظهر وعبد الله غيث ورشدي أباظة وسعاد حسني وسهير المرشدي مرورًا بنور الشريف وفاروق الفيشاوي ومحمد وفيق وعبلة كامل وسامح الصريطي وسامي مغاوري إلى حنان مطاوع وجيل راندا البحيري، لكن في الوقت نفسه اتخذ فنانون آخرون موقف الهجاء والهجوم الدائم والرفض التام لعبد الناصر وتجربته الثورية وللناصرية: مثلا في السينما حسين كمال وحسام الدين مصطفى، وفي المسرح جلال الشرقاوي وسامح مهران، ومثلا الكُتّاب ممدوح الليثي وعلي سالم ولينين الرملي ومصطفى محرم ومحمد صفاء عامر. والفنانون حسين فهمي ومحمد منير ومحمد الحلو وغيرهم».

جيهان السادات وكارثة «السيدة الأولى»

أما آخر معارك اليوم فستكون لزميلنا وصديقنا أحمد الجمال، ومن «أهرام» أمس الخميس، حيث شن هجوما عنيفا على السيدة جيهان السادات والقنوات التي استضافتها بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر/تشرين الأول قال وهو غاضب: «التساؤلات محتدمة في صدور وعقول كثيرين، وأنا واحد منهم أي من أولئك الذين راهنوا على 30 يونيو/حزيران وعلى قيادة ونظام الرئيس السيسي، ويحق لنا أن نتساءل لماذا يبدو أن هناك تعمداً لإبراز الوجوه الكالحة محترفة الكذب والزور والطبل والزمر، تلك التي أودت بنظام السادات ومبارك و»لبستهما» في الحائط؟ ولماذا حفلة الزار الهستيرية التي شاركت وتشارك فيها صحف قومية وقنوات رسمية مع أخرى تابعة للصوص الذين لهم اسم دلع، هو رجال أعمال لإحياء سياسات وقيم ونماذج نظام السادات ومبارك واستدعاء المرأة التي اخترعت كارثة «السيدة الأولى» وأرست تقاليد سحب الوزراء من ورائها، ورسّخت تدخل حرم الرئيس في القرارات السياسية والتوجهات التنفيذية لدرجة أن تلك المرأة التي تجاوزت الثمانين ولا تزال «تتنطط» من حفلة لحفلة، ومن قناة لقناة، هي التي شاركت في وضع الأحكام التي صدرت في قضية 15 مايو/أيار 1971، وهي التي كرّست أنه لا امرأة في مصر إلا تلك «الأولى»، لدرجة أنها خبطت سيدة سيدات مصر والعرب أم كلثوم كتفاً غير مشروع ساهم في انزواء الست وموتها كمداً، بعد أن حل «الوفاء والأمل» محل مشروع أم كلثوم للخير ومن هذا كثير مخز».

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ناصر:

    دوس يا سيسي دوس رولاترحم كل من يريد العبث بامن مصر الله يحميك يامنقذ مصر واهل مصر من مصير اسوي من اليمن وسوريا

  2. يقول خليل ابورزق:

    لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق. حديث شريف

    كثير من الذين يؤيدون الزعماء الذين اقترنت اسماؤهم بالدماء و القتل يعانون من امراض نفسية مثل السادية او الدونية او القهرية او المازوخية بدليل انهم ايضا يستمتعون بمشاهد العنف و يتداولونها. و تجدهم في الحياة اما متسلطين على من هو اضعف منهم او اذلاء اتباع لمن هو اقوى منهم.

إشترك في قائمتنا البريدية