لندن – «القدس العربي»: وصف المعلق سايمون تيسدال الوضع في الغوطة الشرقية بأنه يذكر بالمصير الذي واجهته مدينة سربرينتشا «ومرة أخرى ننظر للجانب الآخر». وكتب في صحيفة «غارديان»: «مع كل طفل يموت وكل عمل وحشي لا يعاقب فاعله فالغوطة الشرقية تشبه أكثر ما وصفه كوفي عنان مرة أسوأ جريمة ارتكبت على التراب الأوروبي منذ عام 1945. وتتحول الغوطة الشرقية إلى سربرينتشا سوريا». فمثل الجيب البوسني المسلم عام 1995 تقع الغوطة الشرقية في ضواحي دمشق وحاصرها النظام في المراحل الأولى من الحرب السورية. وفشلت سنوات من حرب الإستنزاف بهزيمة فصائل المعارضة التي تسيطر عليها. وكما هي الحال مع سربرينتشا فقد تم منع وصول المواد الغذائية والطبية عنها. وفي عام 1993 اعتبرت الأمم المتحدة المدينة بأنها «منطقة آمنة». وكذا تم اعتبار الغوطة العام الماضي وكجزء من عملية استانة التي تشرف عليـها روسـيا منطقة «خفـض توتر».
ولكن بدون فائدة، وكما في البوسنة فلا أحد حاول حماية السكان المدنيين عندما قام النظام في كانون الأول (ديسمبر) وبعد فشل المفاوضات حيث تحولت الغوطة إلى ساحة للقصف والغارات الجوية الرهيبة التي يقوم بها الطيران السوري وبدعم من الروس. ويقول إن الأمم المتحدة ناشدت التحالف المؤيد للاسد والذي يضم ميليشيات موالية لإيران الاتفاق على وقف فوري للنار. وتم تجاهل مناشدتها وكذا مناشدات وكالات الإغاثة لتقديم المساعدات الإنسانية.
مناطق نفوذ
فتركيز القوى الكبرى والإقليمية مثل الولايات المتحدة وروسيا وتركيا هو على اللعبة الإستراتيجية الكبرى حيث تتنافس على جثث نصف مليون سوري أو أكثر قتلوا في الحرب. ويركزون على الحصول على مكاسب في بلد تم تقسيمه إلى مناطق نفوذ. وبالنسبة لإدارة دونالد ترامب فهذا التنافس يعني الحد من تأثير إيران وطموحها لبناء «جسر بري» من أراضيها إلى البحر المتوسط أو «هلال شيعي»من هيرات في أفغانستان إلى سهل البقاع في لبنان. وبالنسبة للأتراك فهذا يعني سحق الأكراد. أما بوتين فيتعامل مع سوريا كساحة للقوة. أما أهل الغوطة الشرقية فاللعبة كلها عن نجاتهم، ذلك أن عدداً قياسياً منهم ماتوا خلال الـ 36 ساعة الماضية حيث يزيد عدد القتلى منذ عام 2011 عن الآلاف. والحصيلة الأخيرة تزيد عن 200 قتيل ومئات الجرحى في وحشية لا ترحم.
وكما حدث في سربرينتشا فقد تم ذبح وقتل حوالي 8.000 مسلم، رجل وطفل وعلى مدى أيام قليلة. وتعرض ما بين 25.000 – 30.000 من النساء والأطفال والرجال العجزة البوسنويين للانتهاك والتشرد. واعتبرت المحكمة الجنائية ليوغوسلافيا السابقة أن هذه العمليات تشكل جرائم إبادة. وفي ذلك الوقت جلس العالم وراقب الجنرال راتكو ملاديتش والجيش الصربي البوسنوي وميليشيات العقارب وقريباً من قوات حفظ السلام الهولندية. وكان العالم يعرف ماذا سيقوم به ملاديتش وأن القتل محتوم ولكنه فضل أن ينظر للجـهة الأخـرى.
ويعرف العالم بمعاناة الغوطة الشرقية فقد كانت مسرحاً للحادث سيئ السمعة عام 2013 عندما استخدم النظام غاز السارين ضد سكانه وقتل أكثر من ألف رجل وطفل وإمرأة.
عجز أممي
ومرة أخرى ترفض الدول الغربية التي نشرت قواتها في البلد التدخل فيما تبدو الأمم المتحدة عاجزة ولم يعد مجلس الأمن مهما بسبب الفيتو الروسي. ونقل ما قاله زيدون الزعب من منظمات العناية الطبية: «قد يكون هذا أسوأ الهجمات في تاريخ سوريا وحتى أسوأ من حصار حلب.. فأن تقوم وبشكل منظم بقتل المدنيين هو جريمة حرب وعلى المجتمع الدولي التدخل ووقفها». وفي الوقت الحالي يبدو الرئيس الأسد مثل ملاديتش عام 1995 غير مهتم بالمنطقة أو الضغط من الخارج، فالأدلة التي تدين الأسد بجرائم حرب كثيرة ولم يتم حتى الآن توجيه أية إدانة له.
واليوم الغوطة الشرقية مثل سربرينتشا عام 1995 جريمة فظيعة وتشكل جريمة إبادة. في تشرين الثاني (نوفمبر) حكم أخيراً على ملاديتش بالإبادة في هيغ… فكم من الأطفال سيقتلون قبل تحقيق العدالة في سوريا؟
«إندبندنت»: آخر حصار في الحرب السورية يكشف عن وجه دموي بشع
تعبر الهجمة الوحشية على الغوطة الشرقية عن خطة للنظام السوري وحلفائه الروس للتخلص من المعارضة في المعقل الأكبر لها قرب العاصمة دمشق. ويرى باتريك كوكبيرن في صحيفة «إندبندنت» أن القصف الجوي على الغوطة قد ينهي آخر حصار في الحرب الأهلية السورية. مشيراً إلى أن المعارضة استطاعت السيطرة على الغوطة لوقت طويل بسبب كبر مساحتها ولأنه كان باستطاعة سكانها المحاصرين زراعة ما يحتاجونه من طعام. وقد تغير الحال حيث شددت قوات النظام منذ العام الماضي الحصار عليها.
وقال إن قوة القصف الذي استخدمت فيه القذائف المدفعية والقنابل والصواريخ كان مكثفاً ولم تشهد المنطقة مثله منذ سنوات وهو ما يشير إلى عملية واسعة للسيطرة على الغوطة مثل الهجوم الأخير على شرقي حلب. ويعتقد كوكبيرن أن الهجوم على الغوطة يعبر عن تحول في استراتيجية الحصار التي كانت علامة للحرب الأهلية.
سويت بالتراب
ففي بداية الحرب فرضت قوات الحكومة الحصار على المناطق التي سيطرت عليها المعارضة وفرض حصار حولها وكثفت من وجود القوات الموالية للدفاع عن المناطق الموالية لها مع الطرق الضرورية والأحياء المهمة. وتم تسييج مناطق المعارضة بنقاط التفتيش وقصفها بالمدفعية ومن الجو.
وكانت هناك مناطق عدة محاصرة حول العاصمة التي يعيش فيها حوالي 5 ملايين نسمة. فبعض الأحياء مثل داريا، جنوبي العاصمة هجر سكانها وتركت بناياتها متداعية وغير صالحة للسكن. أما المناطق الأخرى حول العاصمة فقد سويت بالتراب ودمرت بحيث أن طول أي مبنى من مبانيها لا يتجاوز القدم أو القدمين.
ولا تبعد الغوطة الشرقية سوى أميال عدة عن العاصمة وهي منطقة حضرية وزراعية واسعة يقطنها 400.000 نسمة ومنذ عام 2013 تعيش حصاراً تراوحت شدته من فترة لأخرى. وعانت المنطقة من نقص في المواد الطبية والمعدات وقطع الغيار والمواد الكمالية لكن ليس المواد الرئيسية. إلا أن الحكومة وفي العام الماضي شددت الخناق عليها وأغلقت الأنفاق التي كانت المواد الغذائية والدواء تنقل منها. وبحلول كانون الثاني (يناير) زاد سعر سلة المواد الغذائية الأساسية في الغوطة بنسبة 780% عن السعر المتداول في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
وحققت قوات النظام تقدماً ملحوظاً في كل أنحاء سوريا، منذ التدخل الروسي عام 2015 وشهدت السنوات الماضية سقوط مناطق المعارضة منطقة بعد أخرى حيث تم نقل المقاتلين وعائلاتهم إلى محافظة إدلب. وأفرغت داريا صيف عام 2016 وهو العام الذي سقطت فيه حلب الشرقية.
صمود الغوطة
إلا ان الغوطة صمدت أمام الحصار، ولكن الجماعات التي تسيطر عليها عادة ما نافست بعضها البعض ودخلت في مناوشات ولم تملك والحالة هذه استراتيجية لمنع تقدم قوات النظام غير إطلاق قنابال الهاون على حي باب طعمة في دمشق القديمة. وكانت الأوضاع المعيشية في تراجع بسبب نقص البضائع، وحتى عندما كانت متوفرة لم يكن لدى السكان المال الكافي لشرائها بسبب غلائها. ومع أنه لم يمت أحد من الجوع كما يقول عمال الإغاثة إلا أن العديد منهم عانوا من فقر التغذية. ومع تراجع عمليات الجيش السوري بمناطق سوريا الأخرى أو انتصاره فقد أصبح لديه العدد الكافي من الجنود والطائرات للتركيز على الغوطة الشرقية وإدلب.
ويختم بالقول إن الحرب السورية والعراقية إلى حد ما كانت هي حروب حصار حيث تم نشر أعداد قليلة من الجنود والذين تم دعمهم من الجو. وهذا صحيح في العمليات التي تمت ضد تنظيم الدولة، وهذا صحيح بالنسبة لقوات حماية الشعب الكردية التي اعتمدت عليها الولايات المتحدة في طرد الجهاديين من الرقة وكذا في الموصل التي حاصرها الجيش العراقي. إلا ان حصار الاخيرة كان الأكثر دموية بسبب حجم المدينة وشدة القتال ورفض تنظيم الدولة السماح للمدنيين مغادرتها.
«فايننشال تايمز»: عناصر الحرب الواسعة في الشرق الأوسط تنتظر المحفز
يرى الكاتب في صحيفة «فايننشال تايمز» ديفيد غاردنر أن مظاهر التوتر في الشرق الأوسط وصلت أعلى مستوياتها منذ نهاية الحرب الباردة. وأشار في بداية مقاربته إلى مؤتمر ميونيخ الأمني الذي عاد هذا العام إلى موضوع نزاع الدول الكبرى والتي اعتقد الكثيرون أنها انتهت بنهاية الحرب الباردة قبل ثلاثة عقود تقريباً. وبناء على هذه الخلفية الكئيبة سقطت طائرة روسية وإسرائيلية وتركية. وقال رئيس ولفانغ إسيشنجر، رئيس المؤتمر الذي يجمع قادة الدفاع وصناع السياسة: «إن مخاطر نشوء نزاع مسلح بين القوى الكبرى يبدو اليوم أكبر احتمالاً مما كان عليه الحال عند انهيار الاتحاد السوفييتي السابق».
ويعلق غاردنر أن هذا الكلام يبدو صحيحا خاصة في سوريا التي تبدو فيها مخاطر النزاع بين دول حليفة في الناتو- تركيا والولايات المتحدة ونزاع بين هذه وروسيا كبيرة. ويمكن أن يتم احتواء هذه النزاعات من خلال الجماعات الوكيلة التي استخدمتها أمريكا والاتحاد السوفييتي في أثناء الحرب الباردة، سواء في آسيا، أفريقيا أم أمريكا اللاتينية إلا أن المشكلة في حروب الشرق الأوسط أنها عادة ما تنتشر خارج حدودها. وفي الوقت الذي جرى فيه بناء توازن في الرعب النووي بين القوتين العظميين وقللا بهذه الطريقة من المخاطر، سواء في أثناء حرب عام 1973 واجتياح لبنان عام 1982.
وفي عصر كل من فلاديمير بوتين والرئيس دونالد ترامب فمن الصعب الشعور بالتفاؤل من المفاوضات الدبلوماسية أو مناطق خفض التوتر. فبعد أسبوعين من الغارة الأمريكية في شرقي سوريا قتل فيها عدد غير معروف من «المتعهدين» الأمنيين. واعترف وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس بـ «الحيرة» مما حدث. وفي البداية تظاهر الكرملين بالجهل ولكنه اعترف بمقتل عدد من المواطنين الذين قتلوا في الحادث.
وكما يقول جوست هيلترمان، مدير الشرق الأوسط في مجموعة النزاعات الدولية: «في منطقة تتكون من «عنقود صراعات» بدأت النزاعات داخله بتوليد نزاعات أخرى وتوسع النزاع الواحد في الشرق الأوسط إلى حروب جرت إليه أولا القوى الإقليمية وبعدها اللاعبين الدوليين بسبب الفراغ الأمني والسلطة التي شغرت في فوضى الحرب». ويضيف أنه لو تحركنا من المشرق إلى منطقة الخليج فماذا سيحدث لو استطاع صاروخ من الصواريخ التي يطلقها الحوثيون الذين تدعمهم إيران الدفاعات الصاروخية السعودية وتسبب بضحايا؟ وإذا كانت السعودية غير قادرة على هزيمة جيش حوثي مهلهل وعشرات المليارات من الدولارات فمن غير المحتمل أن يكون وضعها أحسن في مواجهة مع إيران. وفي الوقت الذي حث فيه ترامب بقمة الرياض، العام الماضي السعودية لقيادة المعسكر السني ضد إيران الشيعية، يبدو أن السعوديين فرحين ولأجل إسرائيل مستعدين للقيادة.
وهدد رئيس الحكومة الإسرائلية بنيامين نتنياهو في مؤتمر ميونيخ بالتحرك ضد إيران وجماعاتها الوكيلة ومنعها من التحصن قرب الجبهات السورية. مما قد يؤدي لنشوء حرب ستغمر كل المنطقة. وقد ساعدت الحرب في سوريا إيران وميليشياتها مثل حزب الله اللبناني وبدعم من الطيران الروسي عام 2015 لتعميق جذورهما وإكمال «الهلال الشيعي» عبر العراق وسوريا إلى البحر المتوسط . وظلت إسرائيل خارج الحرب التي اكتفت بضرب مواقع وقوافل عسكرية كانت في طريقها إلى حزب الله. إلا أنها تهدد ومنذ عامين بشن حرب داخل سوريا في حالتين:
الأولى، لو قامت إيران، حزب الله أو الجماعات الموالية لها بإنشاء قواعد دائمة لهما في سوريا بشكل يؤدي لفتح جبهة جديدة مع إسرائيل على حدودها الشمالية.
والثانية، لو استمر حزب الله الذي خاض حربا استمرت 33 يوما عام 2003 ببناء ترسانته من الصواريخ والأسلحة المتقدمة التي تزوده بها إيران. ويرى غاردنر أن هناك عوامل تسهم في جعل الحرب خياراً محتوماً. فمع أن إدارة ترامب بلا وجهة ومتهورة في الشرق الأوسط إلا أن مستشار الأمن القومي أتش أر ماكمستر دعا في مؤتمر ميونيخ لمواجهة إيران التي تقوم بإعادة نسخ النموذج اللبناني لحزب الله، في العراق واليمن وتحاول ردع إسرائيل والسعوديين من خلال تحذيرهم وأنها سترد على مستوى الإقليم على أي هجوم.
وزار قائدان من قادة الميليشسيات الشيعية العراقية بيروت والحدود اللبنانية- الإسرائيلية. ويقول غاردنر إن الاستفزازات كانت موجودة قبل عملية الدرون الإيرانية والتي أدت إلى سلسلة الأحداث الأخيرة. وفي المرة المقبلة فأي خطأ ستكون آثاره قاتلة.
«واشنطن بوست»: إيران تواجه تركيا في عفرين والأكراد حلفاء واشنطن يتعاونون مع النظام
كتب إيشان ثارور، المحلل في صحيفة «واشنطن بوست» أن تركيا وإيران تواجهان بعضهما البعض في معركة جديدة في سوريا. وقال إن الحرب في هذا البلد دخلت مرحلة فوضوية جديدة عندما قامت ميليشيات موالية للنظام بالتحرك نحو بلدة عفرين والتي تحاصرها القوات التركية منذ الشهر الماضي. ويبدو النظام وكأنه يدعم وحدات حماية الشعب الكردية التي تسيطر على المناطق الحدودية مع تركيا بشكل أثار حنق أنقرة. وحذر الكاتب من توسع الحرب، مشيرا إلى أن قوات حماية الشعب الكردي تظل في نظر الأتراك فرعا لحزب العمال الكردستاني (بي كا كا) الذي تصنفه أنقرة وواشنطن بالإرهابي. ولكن الولايات المتحدة تقوم بدعم وحدات الحماية الشعبية التي شاركت في مواجهة تنظيم الدولة.
دور معقد
ويقول الكاتب إن الدور الأمريكي المعقد في الحرب وقرارها عدم التورط في المواجهات في عفرين أجبرت الميليشيات الكردية على طلب الدعم من نظام بشار الأسد. ونقل ما تحدث عنه المتحدث باسم وحدات حماية الشعب نوري محمود إن «الحكومة السورية استجابت لنداء الواجب وأرسلت وحدات يوم الثلاثاء وستقوم بالتمركز قرب الحدود وستشارك في الدفاع عن وحدة حدود وأراضي سوريا». ورد الرئيس التركي بأن قواته سترد على تحرك الحكومة السورية «الإرهابي» وقال إن المدفعية التركية قد أخرجت وحدات المقاومة الشعبية. ويقول الكاتب إن وصول وحدات المقاومة الشعبية هو تحول جيوسياسي في الحرب التي تتعقد يوماً بعد يوم. فوحدات المقاومة الشعبية الموالية للأسد توالي أيضاً إيران التي دربتها ودعمتها. وفي هذا السيناريو فتركيا والجماعات السورية الموالية لها تواجه وحدات موالية للنظام ومرتبطة بإيران وتقاتل إلى جانب وحدات تلقى الدعم من الولايات المتحدة، وهذه تعارض بقاء نظام الأسد في السلطة. وهو ما يثيرالحيرة من الحرب التي مضى عليها سبعة أعوام. ويرى ثارور أن العملية التركية ليس مرحباً بها من وجهة نظر إيرانية. وشجبت القيادة الإيرانية بمن فيها الرئيس حسن روحاني، «الغزو» الذي أثر على المحادثات التي ترعاها روسيا لتقرير مستقبل سوريا.
وحسب موقع «مونتيور» فقد ضغط القادة الإيرانيون على نظرائهم الأتراك للتورط في حرب استنزاف فوضوية في سوريا. ويقول غونول تول، الزميل في معهد واشنطن لدراسات الشرف الأدنى «كانت تركيا تأمل بالتحرك نحو عفرين ويفتح الطريق. واعتقدت أنقرة أنها حصلت على ما تريده، من ضوء أخضر من روسيا التي تسيطر على الأجواء في عفرين»، «إلا ان التطورات الأخيرة على الأرض تقترح أن التقدم للأمام لن يكون سهلاً وأن الشراكة مع روسيا وإيران ربما لم تكن قوية كما أملت تركيا».
رقعة شطرنج مزدحمة
وخارج عفرين فرقعة الشطرنج السورية مزدحمة أيضاً، فجماعات المعارضة المسلحة تواجه بعضها البعض في إدلب وتتعاون في الوقت نفسه مع تركيا لمواجهة النظام وحلفائه. وأدت الحرب الجوية الأمريكية في سوريا لمقتل عدد من المرتزقة الروس فيما يواصل الأسد وحلفاؤه الروس حملاتهم التي لا ترحم ضد الغوطة الشرقية. أما إسرائيل التي عبرت عن قلقها من وجود إيراني دائم في سوريا فوجهت لها سلسلة من الضربات الجوية. ويتحدث المسؤولون الإسرائيليون عن الدخول في الحرب بشكل مفتوح. وفي الحقيقة فإن تركيا ليست لديها إلا خيارات قليلة. فالمشاعر المعادية للأمريكيين ودعم وحدات حماية الشعب جعل تركيا والولايات المتحدة في معسكرين متضادين. ولن تجد تركيا دعماً لا من روسيا أو إيران اللتين تعتبرهما تركيا أحيانا حليفتين. وهناك أصوات متناغمة ومتصاعدة في واشنطن تدعو للتوقف عن إرضاء أنقرة.
وكما كتب ديفيد إغناطيوس المعلق في الصحيفة نفسها:» لا أحد يريد انفجار عنف مع تركيا» و»بعد سبع سنوات كارثية من الحرب السورية على المراقبين الإعتراف ببعض الحقيقة: فقد سمحت تركيا لآلاف للمتطرفين الأجانب بالتدفق إلى مناطق تنظيم الدولة وبناء قواعد هددوا منها أوروبا والولايات المتحدة ولو لم تتعاون الولايات المتحدة مع الميليشيا التي يقودها الأكراد وتكرهها تركيا كثيراً، لظل هؤلاء في الرقة يخططون لهجمات». وبالنسبة للولايات المتحدة فالطريق أمام الولايات المتحدة صعب. وكما كتبت منى يعقوبيان، من معهد الولايات المتحدة للسلام: «إن قدرة واشنطن على تشكيل التطورات في مناطق النظام ضعيفة بشكل واضح» و «طالما ظل الأسد في السلطة فإن أفضل الخيارات أمام الولايات المتحدة هو أن تظل تواجه سلوك النظام الشائن بدون إشعال نزاع».
إبراهيم درويش