غزة تترقب إجراءات الرئيس عباس الجديدة ودعوات لوقف التراشق وإجراء مراجعة سياسية شاملة

حجم الخط
0

غزة ـ «القدس العربي»: ينتظر الشارع الغزي تجلي الموقف لمعرفة «الإجراءات القانونية والمالية» الني أقرها الرئيس محمود عباس تجاه قطاع غزة، على خلفية حادثة التفجير التي طالت موكب رئيس الحكومة ، ومدير جهاز المخابرات الأسبوع الماضي، وسط توقعات بأن يكون قادم الأيام الأسوأ. في الوقت ذاته دعت الفصائل إلى التهدئة، وعدم اتخاذ أي إجراءات تجاه غزة.
وأفاق أهالي غزة صباح أمس على تداول خطاب الرئيس عباس في اجتماع القيادة الفلسطينية، الذي أعلن فيه إقرار إجراءات جديدة تجاه غزة، يتوقع أن تطال قطاعات كثيرة، خاصة أن الرئيس الفلسطيني لم يكشف عن طبيعة تلك الإجراءات.
وانهمك السكان في مجالسهم وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في الحديث عن المشكلة، وعن المرحلة المقبلة التي تنتظرهم، في ظل صعوبة أوضاعهم الحياتية والاقتصادية الحالية، التي وصلت إلى حد الاقتراب من حافة الهاوية، حيث أنذر بسبب ارتفاع درجات الفقر والبطالة في القطاع، العديد من الجهات من «انفجار» الوضع.
وفي هذا الخضم انبرى كثير من الناس لتوقع تلك الإجراءات، فمنهم من رأى أنها ستكون على شكل خصومات إضافية على رواتب الموظفين، أو إحالات جديدة للتقاعد في صفوفهم، وأخرى تحدثت عن إمكانية أن تطال مجددا كميات الكهرباء التي تورد للقطاع، وأخرى أشارت إلى إمكانية أن تطال قطاعات خدماتية أخرى، مستندين بذلك لـ»الإجراءات الحاسمة» التي اتخذتها السلطة الفلسطينية قبل عام من الآن، لدفع حماس للقبول بعملية «تمكين» الحكومة من إدارة غزة، التي تمثلت بخصم نسبة 30% من رواتب الموظفين، وإحالة أعداد كبيرة منهم للتقاعد، وتقليص كمية الكهرباء، وهو قرار جرى التراجع عنه في وقت لاحق.
وتنوعت التعليقات ما بين المعارضين بشدة لتلك القرارات، خشية من أن تمس «حياة الناس»، وبين من يطالبون بضرورة إتمام عملية المصالحة الفلسطينية بأسرع وقت كـ «ضامن» لإنهاء كل الخلافات الفلسطينية، وأخرى ترقب تدخلات محلية أو إقليمية لنزع فتيل التوتر الحاصل حاليا، وإعادة الأمور إلى نصابها.
ولم يخل الحديث في مجالس الغزيين وتعليقاتهم، عن التساؤل عن الدور المصري الذي يعتبر وسيط المصالحة الحالي، خاصة وأن الكثير من التحليلات أشار إلى «انهيار» الوساطة، وكذلك انتهاء العمل باتفاق تطبيق المصالحة الأخير بين فتح وحماس، الذي وقع في القاهرة يوم 12 اكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ويرتقب الجميع تدخل وسطاء بين الطرفين سواء من الدول العربية أو من قبل الفصائل الفلسطينية، من أجل تهدئة الأمور، ومنع إيصال الأمور إلى طريق مسدود، غير أن تلك التوقعات ضعيفة جدا في ظل استفحال الخلاف.
وكان الرئيس الفلسطيني قد قرر اتخاذ إجراءات وصفها بأنها «وطنية وقانونية ومالية»، جديدة تجاه قطاع غزة، من أجل المحافظة على «المشروع الوطني»، وذلك على خلفيه حادثة التفجير التي طالت موكب رئيس الحكومة ومدير جهاز المخابرات العامة. واتهم حركة حماس بالوقوف وراءها، وقال خلال اجتماع القيادة الفلسطينية في مدينة رام الله «بصفتي رئيسا للشعب الفلسطيني قررت اتخاذ الإجراءات الوطنية والقانونية والمالية كافة من أجل المحافظة على المشروع الوطني». وأكد أن الاعتداء على رئيس الوزراء رامي الحمد الله ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج «لن يمر». وقال إن حماس «هي من تقف وراء هذا الاعتداء».
إلى ذلك رفض العديد من التنظيمات الفلسطينية خطاب الرئيس، وقالت حركة حماس في بيان لها إن الخطاب كان «توتيريا»، مشيرة إلى أن ما يفعله «ليس استهدافًا لحماس وإنما محاولة لتقويض فرص النهوض بالمشروع الوطني وتحقيق الوحدة وتعزيز فصل الضفة عن غزة»، مشيرة إلى أن ذلك «يمهد لتنفيذ مخطط الفوضى الذي يمكن من خلاله تمرير صفقة القرن ومخططات ترامب ومشاريع الاحتلال الصهيوني». واعتبرت القرارات «خروجا على اتفاقيات المصالحة، وتجاوزا للدور المصري الذي ما زال يتابع خطوات تنفيذها»، مؤكدة أن الأمر يتطلب «وقفة عاجلة وتدخلًا سريعا» من كل مكونات الشعب الفلسطيني والفصائل لـ «إنقاذ المشروع الوطني»، ودعت الفصائل الجهات الإقليمية والدولية والجامعة العربية  لـ «التدخل العاجل والمسؤول لوقف هذه التدهور الخطير».
واعتبرت أن تحميلها مسؤولية تفجير موكب الحمد الله وفرج، «حرف لمسار العدالة وسير التحقيقات»، ودعت للذهاب لإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية ومجلس وطني «كي ينتخب الشعب قيادته ومن هم أهل لتحقيق الوحدة.وفي السياق أيضا رفضت حركة الجهاد الإسلامي قرارات الرئيس عباس، مؤكدة أنها «تشكل تهديدا لوحدة الشعب الفلسطيني، وتعطي مزيدا من التأييد للحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة «. وأكدت في بيان لها رفضها المطلق لكل ما سوف تتخذه السلطة الفلسطينية من «إجراءات وعقوبات» ضد قطاع غزة. وطالبت الجميع بإدراك أن «وحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال هي الموقف الوطني الذي يجب أن يقود كل جهودنا في هذه المرحلة التي تستهدف وجودنا كشعب وقضية»، ودعت كذلك الى «الالتفاف حول المقاومة وحمايتها».
من جهتها دعت الجبهة الشعبية القوى الفلسطينية إلى «تحمل مسؤولياتها الوطنية» من خلال العمل سريعاً لاحتواء ردود الفعل والتداعيات التي نجمت عن استهداف موكب الحمد الله، وأبرزها خطاب الرئيس وما تضمنه من «تهديد بوقف جهود المصالحة، واتخاذ إجراءات وطنية وقانونية ومالية كاملة». وأشارت إلى أن هذه الإجراءات ستفاقم دون شك من الأزمات التي يعيشها القطاع ومن معاناة الشعب الغزي التي ازدادت مع استمرار حالة الانقسام. وقالت إن المصلحة الوطنية تقتضي «وقف التراشق الإعلامي، وعدم الإقدام على أية إجراءات أو مواقف من شأنها أن تُعمّق من حالة الانقسام». ودعت إلى معالجة استهداف موكب رئيس الوزراء من خلال تشكيل «لجنة وطنية مهنية للتحقيق الشامل في هذه الجريمة»، مؤكدة أن الخروج من حالة الانقسام تكون من خلال «معالجة سياسية وتنظيمية شاملة للوضع الفلسطيني».
كذلك رفضت فصائل المقاومة قرارات الرئيس عباس، وصعدت من خطابها في مؤتمر صحافي طالبت فيه بـ «رفع الشرعية» عن الرئيس، معتبرة أن المستهدف من القرارات هي «المقاومة»، واعتبرتها «رصاصة الرحمة على مسيرة المصالحة وخدمة مجانية للاحتلال وتساوقا مع صفقة القرن». ودعت مصر إلى العمل على وقف القرارات، مؤكدة حرصها على إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام، ورفضت اتهام حماس بالوقوف خلف عملية التفجير.
في المقابل قال أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية، إنه لا يزال أمام حركة حماس «الفرصة التاريخية» لاقتناصها والانتقال من مربع الانقسام إلى مربع الوحدة، لافتا إلى أن إصرارها على «الانقلاب» سيضطر الرئيس عباس لاتخاذ «إجراءات للحفاظ على المشروع الوطني»، مطالبا حماس بالكشف عن من خطط ونفذ محاولة الاغتيال، وتطبيق اتفاقات المصالحة.
وأشار إلى أن الوضع ما قبل محاولة الاغتيال يختلف عما بعدها، مضيفا «نؤرخ لمرحلتين منفصلتين تماما بالتعامل مع ملف المصالحة».
من جهته قال أمين سر هيئة العمل الوطني في قطاع غزة، محمود الزق، إن هناك «شرائح متنفذة واسعة» في حركة حماس ربطت مصالحها بدوام واستمرار الانقسام، لافتا إلى أن الجهة التي نفذت محاولة الاغتيال «تتساوق مع المخطط الأمريكي الساعي لمشروع دولة في غزة»، وأن المحاولة جاءت كنتيجة للمخطط الأمريكي الذي يستخدم الانقسام أداة تنفيذية.

غزة تترقب إجراءات الرئيس عباس الجديدة ودعوات لوقف التراشق وإجراء مراجعة سياسية شاملة
حماس وفصائل المقاومة رفضت أي عقوبات ضد القطاع
أشرف الهور:

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية