غزة تعاني اقتصاديا من جديد… والدولار في شحّ بسبب الحصار

حجم الخط
0

غزة – «القدس العربي»: عادت البنوك العاملة في قطاع غزة للمعاناة مجددا، جراء الحصار الإسرائيلي الخانق على قطاع غزة، والممتد منذ عشر سنوات، من شح الدولار الأمريكي في خزائنها، في وقت أعلن فيه مسؤول فلسطيني كبير قيام المؤسسات المختصة بدراسة الاستغناء عن الشيكل الإسرائيلي في التعاملات التجارية، واستبداله إما بالدولار أو الدينار الأردني.
ولم يعد في إمكان المتعاملين مع بنوك غزة سحب الدولار من حساباتهم، والجواب المباشر الذي يتلقونه من موظفي البنك «نأسف لا توجد عملة الدولار».
ويقول متعاملون مع البنوك، وجميعهم تجار أو موظفو مؤسسات أجنبية، حيث يتعاملون بالدولار في تخليص العديد من المعاملات التجارية، إنهم بدأوا يواجهون أزمة في السحب من حساباتهم.
ويذكر أحد الموظفين ويعمل في إحدى هيئات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» أنه لم يتمكن من الحصول على جزء من راتبه المودع في البنك بالدولار، لعدم توفره حسب ما أبلغه موظف البنك. ويضيف أن البنك يقوم بتحويل الدولار إلى الشيكل الإسرائيلي المتوفر، لكن بقيمة أقل من سعر الصرف في السوق، مما يعني خسارته جزءا.
وتكبد هذه العملية الأشخاص الملتزمين بسداد ديون أو أقساط بالدولار خسائر أكبر، حيث يتوجب عليهم بعد خسران قيمة تحويل الدولار إلى شيكل في البنوك مع إذن الصرف، العودة من جديد بهذه العملة إلى شركات الصرافة لتحويلها إلى دولار، مع وجود فرق كبير في القيمة الموجودة عند هذه الشركات عن ذلك السعر في البنوك. ويرد موظفون في البنوك أن هناك تجارا سحبوا كميات من الدولارات، بهدف تحقيق مكاسب مالية.
وفي ظل استفحال الأزمة قالت سلطة النقد الفلسطينية، أن شح الدولار في غزة راجع إلى الحصار الإسرائيلي المفروض على السكان. وذكرت في بيان لها أن الحصار الإسرائيلي المشدد والتحكم في المعابر وبما هو مسموح بإدخاله، وازدياد الطلب على العملة الأمريكية، أمور تسببت في نقصها. وذكرت أن معظم المؤسسات الدولية التي تعمل في غزة تدفع رواتب موظفيها بالدولار، وكذلك يتم الدفع لمتضرري الحرب بالدولار، مما رفع الطلب عليه بشكل كبير، بينما العرض مربوط بما يسمح بإدخاله وبفترات زمنية متفاوتة. وذكرت أن هذا هو ما تسبب أيضا في نقص العملة في غزة. وأشارت إلى أنها «تبذل جهوداً حثيثة لإدخال الدولار إلى القطاع وتجاوز آثار النقص الحالي». وأكدت أنها ستواصل المتابعة مع الأطراف المعنية كافة لإدخال ما يلزم من الدولار إلى غزة، وفي أسرع وقت ممكن.
وكثيرا ما واجه سكان قطاع غزة أمورا مشابهة، ففي مرات سابقة كان هناك نقص في كل العملات، وهو ما دفع البنوك إلى القيام بدفع جزء فقط من رواتب الموظفين، وكذلك أجزاء من أموال التجار الذين يستخدمونها في عمليات البيع والشراء، لعدم توفر الأموال اللازمة.
وشهد قطاع غزة في سنوات الحصار السابقة أيضا نقصا حادا في العملة الحديدية، التي تسمى بـ»الفكة» وهو ما عقد وقتها عمليات البيع والشراء للعديد من السلع منخفضة الثمن.
وبالعادة تنقل العملة المتداولة في غزة كباقي المناطق الفلسطينية، وهي الشيكل والدولار والدينار بعربة خاصة من خلال معبر «إيرز» الإسرائيلي. لكن هذه العربة لم يعد مرورها إلى غزة أمر سهلا، منذ أن فرضت إسرائيل حصارها.
وأدى الحصار الخانق إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، مما أثر كثيرا على حياة السكان. ووفق إحصائيات سابقة فإن نسبة البطالة في القطاع تعد الأعلى في العالم، حيث وصلت لأكثر من 65 %، في حين جعل الحصار ما نسبته أكثر من 80 % من السكان يعتمدون على المساعدات الخارجية لتدبير أمور حياتهم اليومية.
وأكد تقرير دولي سابق أن الحرب الأخيرة على غزة صيف عام 2014 أدت إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة، بسبب تأثر قطاعات الإنشاءات والزراعة والصناعة والكهرباء جراء هذه الحرب.
ويعاني سكان غزة حسب التقرير من سوء الخدمات العامة الأساسية وتدني جودتها، حيث أصبح أيضا40 % منهم يعيش تحت خط الفقر.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، مفوض العلاقات الدولية الدكتور نبيل شعث أن سلطة النقد، ووزارتي المالية والاقتصاد في السلطة، تدرس إمكانية إلغاء التعامل بالشيكل الإسرائيلي. ونقلت مواقع إخبارية محلية عن شعث قوله أن دراسة إلغاء الشيكل تأتي ضمن «القطع التدريجي للعلاقة مع إسرائيل.» وأوضح أنه «حسب الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، تستطيع السلطة الفلسطينية التعامل بالدولار أو الدينار الأردني، لكن مع مرور الوقت بدأت السلطة باستخدام الشيكل.
وأكد شعث أن الإسرائيليين يتعاملون مع الجانب الفلسطيني بالشيكل عند الشراء منهم، ويرفضون التعامل بالدولار، وأضاف «بالتالي لا بد من الاستغناء عن الشيكل».
وكانت القيادة الفلسطينية السياسية قد أنذرت مرات عدة بوقف التعامل بالاتفاق الاقتصادي الموقع مع إسرائيل والمسمى «اتفاق باريس»، بسبب عدم تطبيق الجانب الإسرائيلي لما عليه من التزامات وردت في هذا الاتفاق الذي ينظم العلاقة الاقتصادية بين الطرفين.

أشرف الهور

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية