مثلما تعودت عليه جماهير برشلونة دائماً، كان المدرب الاسباني الموهوب بيب غوارديولا حاضراً مرة أخرى لرسم البسمة على شفاه الجماهير الكتالونية، وزرع الفرحة في قلوب أنصاره حول العالم، حتى عندما كان يجلس في دكة الفريق المنافس.
حتى عندما نجح البايرن في تقليص نسبة استحواذ أصحاب الأرض عند 45 ٪ غير المسبوقة، خلال الليلة المشؤومة للفريق البافاري، وحتى عندما أرغموا لاعبي البارسا في ارتكاب 15 خطأ، وبوجود المتألق مانويل نوير، وهو يحرس عرينه، فأن قلة من المتشائمين الألمان توقعوا أنه بعد مرور ساعة سيفقد فريقهم فرصة التأهل الى المباراة النهائية بنسبة 90 ٪، الا اذا آمنوا ان بامكان البايرن بعد غد الثلاثاء سيكون بمقدورهم تكرار النمط الذي اعتاد عليه في الدورين السابقين، حيث يخوض لقاء ذهاب مزريا ويخرج بنتيجة سلبية، مثلما حدث مع شاختار دونيتسك (تعادل سلباً) ومن ثم مع بورتو (خسر 1/3) قبل ان يستعيد تألقه بصورة غير عادية في الاياب حيث سحق شاختار بسباعية نظيفة، ومن بعده سحق بورتو 6/1، بينها خماسية قبل مرور نصف ساعة، ومن هنا ينبع التفاؤل، بل عليه ان يكرر ما فعله ديبورتيفو لاكورونيا الاسباني بميلان الايطالي عام 2004 عندما نجح في قلب تخلفه بفارق 3 أهداف في الذهاب الى فوز كبيرة وتأهل.
لا شك ان البايرن، بمساندة جماهيره المتعطشة والشغوفة في تشجيع فريقها، قادر على وضع برشلونة تحت ضغط كبير، لكن هنا يكمن السؤال المهم، هل يكون مردود الضغط سلبياً أم ايجابياً؟ أو بسؤال أوضح، هل يكرر البايرن ما فعله بشاختار وبورتو بتحقيق نتيجة كاسحة، أم يسقط برباعية مثلما حدث بصورة مدهشة أمام ريال مدريد في الدور ذاته الموسم الماضي، بعدما غامر بالهجوم المكثف والضغط العالي. طبعاً غوارديولا ليس بحاجة الى التذكير بالأسلحة الهجومية التي يملكها فريقه السابق، خصوصاً النجم الذي صقله وساهم في صنع نجوميته، ليونيل ميسي، الذي برفقة شريكيه في الخط الهجومي لويس سواريز ونيمار، سجلوا 111 هدفاً معاً هذا الموسم في كل المسابقات، وهو عدد يفوق ما سجلته أكثر من 95 ٪ من الفرق في البطولات الأوروبية الخمس الكبرى.
الجميع يحلم بنهائي كلاسيكو يجمع العملاقين البارسا والريال، وهو أمر جائز، خصوصاً لو نجح الريال في تخطي هفواته واستعادة نجومه بريقهم وألقهم المعتاد، فان يوفنتوس رغم عناده وصلابته الدفاعية، قد لا ينجح في المقاومة طيلة الدقائق التسعين. وبالتالي فان النهائي قد يصبح الأول في تاريخ المسابقة بين عملاقي الكرة الاسبانية، عدا عن الصراع المثير على صدارة الهداف التاريخي للمسابقة بين ميسي ورونالدو، الذي أحرز اللقب مرتين بتسجيله في كلا النهائيين مع الريال ومانشستر يونايتد، لكنه خسر مع يونايتد في نهائي 2009 امام برشلونة حيث سجل ميسي في تلك المباراة، مثلما سجل مرة أخرى أمام يونايتد في نهائي 2011، ما يعني ان كلا انتصاري ميسي باللقب كان على حساب فريق انكليزي، لكنه في انتصار نهائي 2006 على ارسنال لم يكن ميسي حتى احتياطياً.
غوارديولا لديه الأعذار بسبب الغيابات والاصابات لأبرز نجومه، وعلى رأسهم ريبيري وروبن، لكنه يدرك منذ وطأت قدماه أرض ميونيخ في اليوم الأول ان عليه تكرار انجاز الاسطورة يوب هاينكس باحرز ثلاثية غير مسبوقة في 2013، كانت الاولى في تاريخ النادي، بل تحطيم العديد من الارقام القياسية التي سجلها النادي في ذلك العام، حيث أحرز أكبر عدد من النقاط في تاريخ البوندسليغا (91 نقطة)، وجمع أكبر فارق من النقاط بينه وبين صاحب المركز الثاني بوروسيا دورتموند (25 نقطة) في تاريخ المسابقة، وأكبر عدد من الانتصارات خلال الموسم (29 انتصاراً)، واطول سلسلة انتصارات متتالية (14 انتصاراً)، وأكبر عدد من المباريات من دون دخول مرماه أي هدف (18 مباراة)، وهذا الفريق بقيادة هاينكس سجل في كل مباراة في الدوري ولم يخسر سوى مباراة واحدة. لكن على النقيض فان موسمي غوارديولا مع البايرن عانى خلالهما في هذه الفترة بالذات من تذبذ في الأداء والنتائج، ففي الموسم الماضي تذوق البايرن خسارتين امام أوغسبورغ وبوروسيا دورتموند قبل الخسارة الكبيرة امام ريال مدريد، وفي هذا الموسم فانه خسر أمام بوروسيا مونشنغلادباخ وباير ليفركوزن في الدوري ودورتموند في نصف نهائي الكأس وامام بورتو في ذهاب دور الثمانية، وبعدها امام البارسا.
هذا فقط للتاريخ، لأن غوارديولا يدرك انه جاء الى البايرن ليس لاحراز ثنائية الدوري والكأس بل التربع على العرش الأوروبي بثلاثيات دائمة، وربما رباعيات وخماسيات وسداسيات (الكأس السوبر المحلي والأوروبي وأندية العالم)، لكن في حين لا تبتسم الجماهير البافارية في الوقت الحالي، فان البسمة لا تفارق شفاه الجماهير الكتالونية.
@khaldounElcheik
خلدون الشيخ