غوارديولا ومانشستر سيتي… بين المثالية والواقعية!

حجم الخط
0

ربما أدرك بيب غوارديولا اليوم لماذا يعتبر الدوري الانكليزي الأصعب في العالم، فمعاناته مع مانشستر سيتي بعد البداية النارية، فتحت عليه أبواب النقد والتشكيك والمطالبة بالتغيير، لكن لانه صاحب عقلية أحادية صعبة وعنيدة، فانه من المثير مراقبة الأسابيع المقبلة، ورؤية مدى قدرة لاعبي السيتي على تطبيق فكر المدرب الاسباني، ومعرفة ان كان الخلل في الفلسفة أم في الادوات وسوء التطبيق، وهل يكابر غوارديولا في استيعاب الفارق بين المثالية والواقعية!
عندما حقق السيتي عشرة انتصارات متتالية في مطلع الموسم، أشاد الجميع بعبقرية المدرب الاسباني، ونظروا بشفقة لمنافسيه، وابرزهم مدرب الجار يونايتد مورينيو، لان «بيب سيسحقهم»، وكلنا انجرفنا خلف الفلسفة التي قادت غوارديولا الى تحقيق انجازات رائعة مع برشلونة وبايرن ميونيخ، الى أن وقع الفأس في الرأس، وتكاثرت المباريات، وتعاظم الخصوم الراغبون في كبح جماح هذا الفريق الكاسح، ودرسوا نقاط ضعفه، وصولاً الى اليوم، ليحقق السيتي 5 انتصارات فقط في المباريات الـ16 الاخيرة في كل المسابقات، ولو كان مدرب غير بيب على رأس السيتي خلال هذه السلسلة المخيبة، لوقع تحت ضغوطات جمة، من الجماهير والادارة والاعلام، لكن لأنه غوارديولا الذي كافح السيتي بشراسة للحصول على خدماته وانتظره سنوات كي يوافق على المجيء، فانه سيحظى بالوقت والصبر والتأييد لا مثيل لها، بل حتى عندما تعرض لبعض النقد خلال أحد المؤتمرات الصحفية، فانه أكد أن فكرة الرحيل عن النادي أقرب من أن يغير فلسفته، القائمة على الاستحواذ العالي والبناء من الخلف واللعب بتمريرات قصيرة، بينها اشراك الحارس في هذه العملية، وهي خطة وفلسفة أثبتت نجاعتها في السابق، لكن علينا الآن أن نبتعد عن المثالية، وننظر بواقعية الى العالم الذي يعيشه غوارديولا مع السيتي.
الواقع يقول أن مانشستر سيتي هو أضعف الفرق الثلاثة التي دربها غوارديولا في مسيرته (برشلونة والبايرن)، والدوري الانكليزي هو الأصعب مقارنة بالاسباني والالماني، لنصل الى نتيجة أنه ربما على بيبب ان يعيد النظر بعض الشيء في فلسفته، خصوصاً أن أكبر المخيبين والمخطئين في فريقه الحالي، هو قلب الدفاع جون ستونز والحارس كلاوديو برافو، وكلاهما ضمهما غوارديولا في مطلع الموسم الحالي، وتسببا بالعديد من الاهداف وفقدان النقاط، فلماذا جلبهما بيب؟ الاجابة ببساطة لان بامكانهما ركل الكرة بأريحية. لكن رغم أن جو هارت لا يركل مثل برافو، الا انني على قناعة ان أكثر من نصف الاهداف التي تلقتها شباك السيتي هذا الموسم لما دخلت لو كان هارت يحرس المرمى. ويبدو أن أيا كانت الخطط التي يلعبها غوارديولا من ثلاثة في خط الدفاع أو أربعة أو خمسة، فان الفلسفة لا تتغير، والاخطاء تتكرر، والثقة تنهار تدريجياً، ليهمل القول المأثور «الفريق البطل يبنى من الخلف».
عندما سئل غوارديولا عن سبب فشل فريقه في النجاح في اعاقة منافسيه، كان رده بسيطاً: «أنا لا أدرب الاعاقات»، وربما كان رده صادقاً، ففريقه الخيالي برشلونة كان في موسم 2010/2011 في المرتبة الـ19 من أصل 20 في جدول الاعاقات الناجحة، في حين كان نجم وسطه تشافي، الذي اعتبر الافضل في العالم في مركزه حينذاك، في المرتبة الـ285 بين اللاعبين الاكثر اعاقة في الدوري الاسباني، ومع ذلك أبهر ذلك الفريق العالم، لكن في المقابل عندما سُحق السيتي أمام حامل اللقب ليستر 2/4 قبل أسبوع، فان ليستر حظي بنسبة 22٪ من الاستحواذ فقط، ولمس الكرة 371 مرة مقارنة بلاعبي السيتي 903 مرات.
الحقيقة هي ما بين التفاؤل والتشاؤم، وما بين المثالية والواقعية، والتاريخ يقول ان بيب سينجح في مهمته، لكن ربما ليس هذا الموسم.

twitter: @khaldounElcheik

غوارديولا ومانشستر سيتي… بين المثالية والواقعية!

خلدون الشيخ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية