قسنطينة الجزائرية تتجمل لتكون عاصمة للثقافة العربية 2015

حجم الخط
5

الجزائر -«القدس العربي»: تستعد مدينة قسنطينة ( 400 كيلومتر شرق العاصمة) لاستضافة تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية لسنة 2015، فالافتتاح الرسمي لهذا الحدث الثقافي مقرر يوم الـ16 من نيسان/أبريل، أما الافتتاح الشعبي فتمت برمجته قبل ذلك بيوم واحد، وسط تكثيف وتيرة العمل للانتهاء من المشاريع التي لم تكتمل بعد، لتكون قسنطينة جاهزة لاستقبال ضيوفها.
تتواصل الاستعدادات على قدم وساق لإطلاق إشارة إنطلاق التظاهرة فلم يعد يفصلنا عن هذا الموعد سوى بضعة أيام، وسط جدل بخصوص عدم الانتهاء من بعض المشاريع، والتخلي عن أخرى، لم يتم التمكن من الانتهاء منها لسبب أو لآخر، بينها بعض المنشآت التي وقع خلاف بشأنها بين السلطات المحلية وبين شركات المقاولة المكلفة بتنفيذها.
الزائر لمدينة الجسور المعلقة هذه الأيام يشعر بأنها تحولت إلى ورشة كبيرة، ولا شيء أدل على ذلك من الازدحام في حركة السير، الذي أصبح لا يطاق، خاصة وسط المدينة، الذي كان يعاني أصلا من الاختناق، قبل أن تزيد الأشغال الجارية وسط المدينة في معاناة أصحاب السيارات، وسط تذمر هؤلاء، خاصة وأن الأمر مستمر منذ أشهر.
«ملحمة قسنطينة» عرض فني ضخم يتم التحضير له على قدم وساق، قاعة الزينيت التي تم إنجازها في ظرف قياسي بحسب السلطات المحلية، والتي تتسع لأكثر من 3000 مقعد، تحتضن منذ أيام العروض التجريبية لملحمة قسنطينة. أكثر من 400 فنان يشاركون في هذا العرض، بينهم ممثلون، وراقصون، ومغنون، المساهمة في هذا العرض جزائرية بنسبة تقارب المائة بالمائة، عدا بعض المساهمة في الكوريغرافيا والإضاءة من الصين.
وقال سمير مفتاح المكلف بالإعلام في الديوان الوطتي للثقافة والإعلام، المنتج لهذا العرض الفني الضخم، إن ملحمة قسنطينة ستكون عملا فنيا بارزا، لإعطاء إشارة انطلاق تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية.
وأشار إلى أن الملحة تضم عروضا غنائية وراقصة وحوارات تحكي في مدة ساعتين ونصف تاريخ مدينة قسنطينة منذ العصر الحجري، مرورا بحقب تاريخية سابقة، مثل العهد العثماني، وفترة الاستعمار الفرنسي، وصولا إلى مرحلة الاستقلال، وفترة الانجازات.
واعتبر أن هذا العرض يحكي قصة مدينة قسنطينة على مر العصور، ويعرض مشاهد تلخص هوية هذه المدينة، مؤكدا على أن العرض شارك في كتابته دكاترة ومؤرخين، وحرصوا على عدم تفويت الأحداث التاريخية البارزة التي مرت على المدينة.
وذكر أنه في البداية، وبعد كتابة النص اتضح أن العرض سيستغرق أربع ساعات، وتم اختصاره لتصبح المدة ساعتين ونصف، وهي مهمة لم تكن سهلة، موضحا أن العروض التجريبية بدأت في وقت أول في مدينة تيبازة، ثم انتقل الجميع إلى مدينة قسنطينة وإلى قاعة الزينيت تحديدا، للتعود على المكان الذي ستعرض فيه الملحمة.
أكثر من 500 زي تمت خياطته بهذه المناسبة، وقد تم إحضار مصممي أزياء، وتحويل كواليس قاعة العرض إلى ورشة خياطة تعمل بلا انقطاع، من أجل تجهيز الأزياء الخاصة بالعرض.
تحول قصر الثقافة محمد العيد آل خليفة إلى تحفة معمارية تتوسط مدينة قسنطينة، بعد أن أعيد ترميمه بحسب المعايير الحديثة، مع الاحتفاظ بشكله الخارجي، وتوسيع الفضاءات الداخلية، المخصصة لمختلف النشاطات الثقافية.
وقال جمال فوغالي مدير الثقافة في مدينة قسنطينة إن القصر أعيد له الاعتبار كمنارة للثقافة في مدينة قسنطينة، وأن عملية الترميم راعت الحفاظ على طابعه المعماري الأصلي، مع تجهيزه بطريقة حديثة، وأنه أضحى يضم قاعة عرض كبيرة تتسع لـ800 مقعد، بالإضافة إلى قاعات عرض للأفلام السينمائية، وأخرى للفنون التشكيلية والصور.
وذكر أن المدينة ستكون جاهزة لاستقبال الحدث الثقافي الضخم، والضيوف الذين سيقصدون قسنطينة، موضحا أن ما تم إنجازه في أقل من سنة يعتبر تحديا حقيقيا، خاصة وأن المدة كانت قصيرة، والمشاريع والورشات كثيرة.
أما فيما يتعلق بالتأخر في بعض المشاريع، فاعتبر أن عملية ترميم المدينة القديمة تستغرق وقتا طويلا، وأن التظاهرة بداية لعملية الترميم لهذا الحي العتيق، المصنف ضمن الأماكن المحمية، مؤكدا أن إعادة ترميم المدينة تتطلب خلقا جديدا مع الحفاظ على الطابع الأصلي للبنايات، وهي مسألة صعبة ومعقدة وتستغرق وقتا، وأن الورشات التي لم تستكمل سيتواصل العمل فيها خلال السنة التي ستستضيف خلالها المدينة التظاهرة الثقافية.
في كل مرة تستضيف فيها الجزائر تظاهرة مماثلة يثار الجدل حول الميزانية المرصودة، والأمر يطرح بشكل أكثر حدة، على اعتبار أن تظاهرة «قسنطينة عاصمة للثقافة العربية» تأتي في وقت تعرف فيه أسعار النفط تراجعا أثر بشكل مباشر على مداخيل البلاد، ودفع السلطات للإعلان عن إجراءات تقشفية، بل إن وزارة الثقافة اضطرت للإعلان عن تقليص الميزانية المرصودة للتظاهرة، إذ أكدت الوزيرة أنها لا تتجاوز 70 مليون دولار، صحيح أن الرقم ليس كبيرا، مقارنة مثلا بمؤتمر الغاز في وهران سنة 2010 والذي رصدت له ميزانية تقدر بـ850 مليون دولار، لكن الـ70 مليون المعلن عنها تخص تسيير النشاطات الثقافية والفنية التي تدخل في إطار التظاهرة، أما ميزانية التجهيز التي خصصت لبناء منشآت وترميم أخرى، فهي تتراوح بين 200 و500 مليون دولار، وهناك من يتحدث عن أرقام أخرى، وإذا عدنا إلى الوراء قليلا سنجد أن تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية سنة 2007 استهلكت ميزانية تفوق 500 مليون دولار، في حين أن تلمسان التي كانت عاصمة للثقافة الإسلامية سنة 2011 استهلكت ميزانية تتجاوز الـ5 مليارات دولار، وهو رقم ضخم بكل المقاييس، حتى وإن كان المدافعون عن هذا الخيار، يؤكدون أن المدينة عرفت تحولا جذريا بعد هذه التظاهرة، وأصبحت واحدة من أجمل المدن في الجزائر.

كمال زايت

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول صابرينا الجزائرية:

    على الرغم من أن قسنطينة “سيرتا” كانت عاصمة المملكة الأمازيغية نوميديا، والعالم كله شاهد على ذلك، فجــأة وبقدرة قادر أصبحت عاصمة عربية!! لماذا قسنطينة؟ ومنذ متى كانت قسنطينة مدينة عربية ؟ هل هي محاولات للتعريب القسري ومسح الثقافة الامازيغية واستبدالها بالعربية ؟؟
    قسنطينة موجودة منذ عصر الفينيقيين وطورها الرومان لاحقا. وكان اسمها القديم هو (سيرتا) وكان القرطاجيون يسمونها(ساريم باتيم).
    اشتهرت “سيرتا” -الاسم القديم لقسنطينة – لأول مرة عندما إتخذها الملك الأمازيغي ماسينيسا ملك نوميديا عاصمة للمملكة. ولم يدخلها العرب إلى في القرن الثاني عشر عند قدوم القبائل الهلالية. وبعد فترة وجيزة عادت المدينة للأمازيغ عن طريق الإمارات الأمازيغية الإسلامية ومنها الزيريين ثم الحماديين و الموحدين وبعد سقوط الأندلس استوطن المدينة الأندلسيون كباقي مناطق شمال أفريقيا وبعد كل هذا التاريخ الطويل والعريض تتجمل قسنطينة لتكون عاصمة للثقافة العربية ونحن نشاهد ونشهد على تزوير التاريخ عينى عينك

  2. يقول nacer:

    صبرينا ما يزعجك هو أن تكون عربية لكن فينيقية و رومانية و وندالية و حتى صهيونية فلا يزعجك

  3. يقول مروان الجزائر:

    من يزر قسنطينة يلاحظ تحسن كبير…تهيئة المدينة-مرافق ثقافية وفندقية-مساحات خضراء ..

  4. يقول موح بن:

    ماذا أضاف عليها النظام الجزائري بعد الاستعمار ؟ لا شيئ غير الماكياج، كل شيئ فيها فرنسي، من المعمار الى التصميم الى القناطر الى الطرق التي بقيت كما كانت في غالبيتها.
    لقد تسلم النظام الجزائري دولة قائمة الذات وبكل مؤسساتها وببناها التحتية التي كانت أرقى على الإطلاق في أفريقيا والتي كان يجب أن تتطور وتضاهي الإمارات العربية اليوم، لكن عصابة سوناطرك نهب كل شيئ وانتهجت فقط سياسة الترقيع والماكياج.

  5. يقول سيف ادم الجزاءير:

    كونو ايجابيين في التعبير عن اوطانكم لا تدع احداا يلعب بافكارك كن واعيا واجابيا جزايريا وافخر

إشترك في قائمتنا البريدية