اسطنبول ـ «القدس العربي» لتدمر ذاكرة ألم خالدة في وجدان السوريين، فسجنها الشهير كان وما زال رمز الاضطهاد الحالك، قصص تكاد لا تكتمل دون دموع أهالي السجناء المكلومين، المقهورين من سجانيهم ومعذبيهم لأربعة عقود ونيف.
قبل 16 عاما كان الشاب الحمصي (ع. ل) يزور خاله المعتقل في تدمر المعتقل على خلفية انتمائه لجماعة الاخوان المسلمين في أحداث الثمانينات، يفتش في ذاكرته فلا يجد الا الندوب، ليخبرنا بروايته ويستحضر فيها جدته التي رحلت من ألم فراق ابنها لربع قرن، وفتاة طلب منها خلع حجابها في السجن لتحظى بزيارة أبيها.
بعد اعتقال الخال، قامت جدته وأخواله برشوة ضابط كبير «أخذ المصاري وما رد خبر» هكذا كانت النتيجة، ولكنهم حاولوا مجددا ودفعوا رشوة لضابط آخر «كان ابن حلال وما بياكل حرام» فالتقوا بابنهم عام 1996 بعد سنوات على اعتقاله.
يتابع (ع. ل) رواية قصته: «كنت آنذاك طفلا في العاشرة اصطحبتني أمي مع شقيقتي الكبرى لرؤية خالي، صمت مطبق خيم على الجالسين طيلة الطريق حتى الوصول إلى السجن… تلاه انتظار لمدة ثلاث ساعات في الشمس المحرقة عند البوابة الخارجيـــة، قبل أن يأتي أحد المجندين ومعه الضابـــــط المسؤول ليبلغـــنا بالاستعداد لزيارة السجين، كان لافتا طلب الضابط من إحدى الفتيات الصغيرات نزع حجابها اذا كانت تود الدخول إلى زيارة ابيها… لم تتردد الفتاة الصغيرة التي كانت مثلنا تريد رؤية أبيها بعد سنوات من اختفائه، نزعت حجابها بسرعة… لكن الضابط أطلق ضحكة قصيرة ثم طلب منها بغلظة العودة إلى حيث ينتظر السائق خارج السجن».
يقول الشاب الحمصي انهم كانوا يحمدون الله ان تجاوزات الضباط توقفت عند هذا الحد، لأنه في كثير من الحالات وقعت تجاوزات اكثر إهانة، يتابع الحمصي وصف أوقات أليمة عاشها قبل سنوات مع جدته العجوز التي كانت تريد رؤية ابنها للمرة الاولى منذ اعتقاله، ويقول: «ساعة أو أكثر مضت ونحن ننتظر على بوابة مكتب أحد الضباط في الشمس الحارقة… كانت جدتي العجوز تتصبب عرقا وقد رفعت عن وجهها ملايتها السوداء، ووقفت تنقل ناظريها مع كل مجند أو ضابط يخرج من الغرفة تنتظر الفرج.
وأخيرا اصطحبنا المجندون وضابط آخر إلى جناح الزيارة حيث وقفنا أمام غرفة مقسومة لقسمين بساتر حديدي من طبقتين، ثم خرج الخال، لا أذكر شيئا من تلك الدقائق المعدودة سوى أن الجميع كانوا يبكون… والدتي التي كانت دموعها تغطي وجهها كانت تمسك بيدي بقوة…. كنت أتلفت… أنظر إلى وجه جدتي التي كانت الكلمات تختنق على شفتيها وهي تتمتم «شلونك أمي …كيفك يا أمي …شلونك يا أمي» … بقية التفاصيل لا أذكرها لأنني بدوري انخرطت في موجة البكاء…. أقل من عشر دقائق انتهى اللقاء الحزين… لم تفوت جدتي الفرصة لتشكر الضابط وتدعو له بالصحة وطول العمر وتثني عليه وعلى «القيادة الحكيمة» التي مكنتها من رؤية ابنها المعتقل لأول مرة منذ سنوات في سجن المدينة الأثرية الجميلة تدمر».
ولا ينسى الشاب الحمصي آثار تدمر التي كان لها من زيارتهم نصيب: «في طريق العودة توقفت السيارة قرب المنطقة الأثرية حيث كانت مجموعة من السواح تلتقط الصور وتتجول بانبهار، ولا زلت أذكر تعليقا لإحدى قريباتي يسخر من قدوم هؤلاء «السياح المغفلين» القادمين من أقاصي الأرض، وإلى أين ؟! إلى «تدمر» التي لا يعرف عنها أبناء البلد سوى سجنها الشهير بآثار من البشر قبل الحجر «
أطلق سراح الرجل عام 2004، بعد ان انتظرته والدته لربع قرن، لكن كيف خرج من تدمر؟!
يقول الشاب الحمصي: «كانت جدتي دائما تنتظر أخباره، وتنتظر نشرة أخبار المساء، قبل كل وقفة عيد ومع كل عيد من الأعياد الوطنية والقومية تتوقع الإفراج عنه… مرت أيام كثيرة وتم الافراج عن عدد من الناس، وبقي خالي، لاحقا نقلوه لسجن صيدنايا، بقي فترة وبعدها أفرج عنه عام 2004، كان شخصا غير مكتمل السلوك اجتماعيا، بقي فترة طويلة حتى تمت إعادة تأهيله، واستطاع الانخراط في الحياة الاجتماعية…. ومثله الكثير من المواطنين.
ويضيف لكن اللحظات الأصعب من قصة الخال الحمصي هي تلك التي تروي معاناة الوالدة، وسنوات الانتظار المرة، حيث يبدو العديد من روايات وقصص السجناء السياسيين العالمية متواضعة أمام عذابات ضحايا نظام الأسد في حمص وحماة، هناك حيث تستحيل المآسي واقعا،
تعتصر ذاكرة الشاب الحمصي ألما وهو يلتقط لحظات لا تنسى من أيام جدته الأخيرة حين كادت ان تفقد عقلها حزنا، ويرويها بلهجته العامية قائلا: «جدتي ولأكثر من عشرة أعوام كانت تعيش على أمل إطلاق سراحه وهو ابنها الصغير… تتذكره في الأعياد…حتى عندما تحضر طبخات الشتاء… كانت تقطف الملوخية وتجففها وتقول: هذه حصة عبدالسلام، عندما يخرج من السجن سأعد طبخة منها… وتقول» ساحتفظ بها لعبدالسلام عندما يعود الينا ….حتى في البيت عندها كانت عندما ترى بنات في عمر الزواج، تتخيل انها ستخطب له إحداهن… تقريبا في آخر ايامها تحول الموضوع لهوس يحكم حياتها كلها، ويقول عموما بعدما تم الافراج عنه شافتو سنة أو أقل، يدوب شافته وبعدها بدات صحتها تدهور، وخلال اقل من سنة رحلت».
ينهي الحمصي روايته، والدموع في عينيه، فلقد رحلت جدته بعد ان التقت بابنها الأول بعد غياب ربع قرن، لكنها لم تعد تحتمل انتظار ابنها الثاني .. فلقد كان لها ابن ثان ما زال معتقلا، لم يطلق سراحه حتى اليوم. انه باستيل الأسد… تدمر.
وائل عصام
والله قصة مؤلمة كباقي قصص من اكتوى بهكذا نظام سادي فاجر
للمسجون حقوق بالاسلام من الطعام والشراب والعبادة والزيارت
واللطيف أن السجن كان ببداية الاسلام بالمسجد لعل السجين يتوب
الخوف هو أن تكون السجون بعد الأسد أسوأ كما حصل بسجون العراق
ولا حول ولا قوة الا بالله
يا كروي مع كامل إدانتي للسجون العربية التي يجب ان تحوي فقط اللصوص و المجرمين و الإرهابيين و خالية تماما من المساجين السياسيين ، هل تستطيع ان تذكر دولة عربية تختلف سجونها
نعم يا عزيزي الدكتور منصور الزعبي المحترم
هناك دولة الخلافة الراشدة فلماذا لا نتمثل بها أمام العالم ؟
تحياتي ومحبتي واحترامي لك وللقارئين والمعلقين ولقدسنا العزيزة
ولا حول ولا قوة الا بالله
فعلا انها قصة مؤلمه لم استطيع اكمالها الا وقد سالت الدموع من عيوني في نهايتها فعلنة الله على المجرمين اللهم انتقم منهم اشد انتقام
أسوء من سجون ستالين
* خلاص يا شباب عن أي سجون تتحدثون ؟؟؟
* ( داعش ) حولت ( تدمر ) الآن بالكامل الى ( سجن ) كبير
وقتلت جميع معارضيها ويقدر عددهم بالمئات ؟؟؟
* حسبنا الله ونعم الوكيل والله المستعان .
* شكرا
بشار دائما يدعي بان سوريا تحترم حقوق الانسان…والجليل على ذلك سجن تدمر…
اظن ان سجون الاحتلال الصهيوني للسجناء السياسين افضل الف مرة من سجون الدول العربية للمساجين الياسيين
مقال يصور فظائع الاسد ,وهذا هو حال الدول العربيه لكن التفاصيل والاعداد تختلف بحسب الزمان والمكان.
خطأ بسيط لا يؤثر على المقال وهو ان الملوخيه اكله صيفيه (وليست شتويه كما ورد في المقال)
أصبحَ الصبحُ …فلا السجن ولا السجان ُ باقي
هل نشهد ذلك اليوم ؟!
قبل أكثر من ثلاثين عاما ، و بحكم عملي ، أمضيت اثني عشر يوماً في سجن ابو غريب الشهير كطبيب السجن . كان مجتمعاً صغيراًً منظماً ، أغلبية المسجونين بأحكام جنائية ، وإن كان هناك أيضاً سياسيين ، من الشيوعيين والأكراد
كنت متطفلاً أدور في زوايا وأركان السجن ، فلم أكن من المتعاطفين مع النظام . لم أشهد حالات تعذيب ، وان كنت رأيت زنزانة الحجز الانفرادي ، وكانت خالية ، غير أن ما لفت انتباهي أن السقف فيها لا يتجاوز المتر والنصف . كانت هناك مكتبة عامرة ، والسجناء يطبخون لأنفسهم ، وعند حلول الزيارة الشهرية التي صادفت اثناء وجودي ، قام المتزوجون منهم بترتيب مكان خاص للخلوة الشرعية . قبل أن يأتي دوري للذهاب هناك تمنيت من ربي طويلا أن لا أشهد حالات إعدام كطبيب السجن ، وذلك ما حصل ، اذ صادف ذهابي أيام أحد الأشهر الحرم . لو كنت أعلم أن أمريكا ستغدو العراق ويحدث ما حدث هناك علي أيدي جنودها لوثقت تلك الأيام “الجميلة” !……ألتقيت هناك المتواجدين الشهير عزيز علي ، وسئلته عن مونولوجه المعروف “دكتور”…قال لي أنه كان يقصد دكتاتور..يدعو لدكتاتور.!
رحمه الله..جاء الدكتاتور…والبقية تأريخ ، كما يقال
من لا يعزز جبهته الداخليه بالعدل والامان لابناء وطنه يعلم انه لا يستطيع الفوز بمعركته الخارجيه. وها هو جيش الاسد. اصبح جيش ارنب من ورق . لا يستقوي الا على المدنيين العزل ويترك للمجرمين البلاد ليستبيحوها كما استباحها قبلهاابناء طائفته ويقول فوق ذلك ان شعبه يحبه. يبدو ان شعبه اختصره في نفسه.
د.منصور الزعبي
هذه الفظاعة في سوريا الأسد لا يبررها وجود مثلها في بعض الدول العربية،فلا تحاولوا جعلها شيء طبيعي لأن هذا إجرام في حق كرامة الشعب السوري من نظام يدعي الدفاع عن كرامة الأم.
لا يوجد اي تبرير لأي احد ، المقصود هو ان يتمتع الجميع بنظرة و قياس واحد للامور و ان ان لا تصبح ادانة الديكتاتورية العربية موضوع نسبي او خيار و فقوس كما يقال ، كل مواطن و مثقف عربي عليه ان يبدأ بإدانة سجون بلده في البداية ان كان شجاعا ، و بعد ذلك فقط يملك الحق في نقد و تحليل حال الآخرين .
يا عزيزي سجون سوريا لا يوجد لها مثيل في التاريخ فهي مبنية على الحقد الطائفي والطبقي الأسود حقد تاريخي من جهة واحدة – العلويون – قام النظام الفاشي والعصابة الحاكمة بتغذيته في المدارس والدورات العسكرية والإجتماعات الخاصة ، فلقد قرأت أغلب إن لم يكن كل روايات السجناء عن معتقل الموت تدمر وتابعت عشرات اللقاءات المصورة وكلها تدل يقينا أن سجون سوريا وعلى رأسها تدمر ليس لها مثيل حتى عند الصهاينة ، ونعم يا عزيزي عندنا في الكويت لا يوجد أبدا حتى عشر ما في سجون سوريا ولو كان السجين سياسيا معارضا للحكومة وإذا مامات معتقل في السجن وهذا نادرا مايحدث تتولى لجنة خاصة التحقيق في الملابسات ويتم نشر نتيجة التحقيقات في الصحف وكذلك في دول عربية أخرى فسوريا بنيتها مخابراتية بامتياز ومن يباشرون التعذيب هم علويون وبعض الأقليات الأخرى والمستهدف هو المكون الأكبر السني