الدوحة ـ«القدس العربي»: احتل اللون الزهري شوارع العاصمة القطرية الدوحة واعتلى واجهات مؤسساتها، وأضيئت به أبراجها، وارتدى رجالها كما نساؤها ملابس وردية ووضعوا شعارات تحمل دعاية لشهر تشرين الأول/أكتوبرالذي يوصف بالزهري للتوعية بمرض سرطان الثدي والتأكيد على ضرورة الكشف المبكر عنه.
تحولات مفصلية يشهدها المجتمع القطري الذي تأثر بعضهم إيجابا بمن حولهم من شعوب وأصبحوا أكثر تقبلا وتسامحا لبعض المظاهر التي كان إلى وقت قريب من الصعب عليهم تقبلها منها ارتداء ألوان زهرية لتبني قضية نسائية والتعبير عن تضامنهم معهن في هذه المناسبة وهي الشهر العالمي للتوعية بمرض سرطان الثدي.
وحاولت عدة مؤسسات وجمعيات وهيئات ووزارات تنظيم فعاليات بالمناسبة للتأكيد على ضرورة اهتمام «نون النسوة» بالموضوع والكشف المبكر لاستباق الداء في مهده لو تعرضت له إحداهن.
وسعت المدارس خصوصا الدولية منها إلى توعية مجتمعها الطلابي بهذا المرض وتحفيزهم على التطرق له مع أسرهم والتأكيد على ضرورة الكشف عنه. ونظمت مدرسة بيرلينغ سيزون الدولية التي تعتمد منهجا بريطانيا فعالية واسعة وارتدى أفراد المؤسسة جميعهم لونا زهريا رجالا ونساء، كما تخلى الأطفال عن زيهم الرسمي مقابل ارتداء قمصان وملابس زهرية وهتفوا جميعا إلى ضرورة توعية أفراد المجتمع على خطورة المرض.
وقالت الأستاذة ناتاشا وارد منظمة التظاهرة في حديثها لـ»القدس العربي» أن هذه الحملة تأتي في سياق التزام المؤسسة بإشراك الأطفال منذ الصغر في كافة القضايا التي تحيطهم ليدركوا أهمية المساهمة مستقبلا في أي جهود في هذا الخصوص.
وعبر بعض الأطفال من فصول عدة في المدرسة عن حلمهم يوما بالتوصل لعلاج المرض وهو ما اعتبره مسؤولو المدرسة الرسالة التي حققت هدفها. وقدم المشرفون والأساتذة توجيهات للطلاب حول الداء وأعراضه وسبل الكشف عنه.
وعلى المستوى الرسمي شارك أكثر من 2000 من العلماء والباحثين في مؤتمر دولي حول سرطان الثدي استضافته الدوحة وعقد برعاية رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني وحضره عدد من المسؤولين والوزراء.
وناقش المؤتمر الذي نظمته الجمعية القطرية للسرطان مختلف الموضوعات ذات الصلة بسرطان الثدي، وأحدث العلاجات المستخدمة في الوقت الراهن، وطرق الوقاية، والآفاق المستقبلية لمواجهة هذا النوع من السرطان.
وأوضح الدكتور عبدالعظيم عبدالوهاب حسين نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية القطرية للسرطان أن معدلات الإصابة بهذا المرض وفق إحصاءات وزارة الصحة تشير إلى أن «نسبة القطريين المصابين بسرطان الثدي الخبيث 25 في المئة في حين أن نسبة المصابين من غير القطريين كانت 75 في المئة من أصل 246 حالة سرطان ثدي خبيث».
كما أوضح أن تلك الإحصاءات كشفت أن الإصابة بدأت في الفئة العمرية من 15 إلى 19 سنة ولوحظ بعد ذلك ارتفاع نسبة الإصابة حتى وصلت لذروتها بنسبة 16.18 في المئة في الفئة العمرية من 45 الى 49 سنة.
من جانبه أعلن الدكتور الشيخ خالد بن جبر آل ثاني رئيس مجلس إدارة الجمعية القطرية للسرطان أن إطلاق المؤتمر الدولي لسرطان الثدي تحت عنوان «المعايير الحالية والآفاق الجديدة» جاء تزامناً مع شهر التوعية العالمي بهذا النوع من السرطان الذي يعد الأكثر انتشاراً بين النساء في قطر والعالم.
وأوضح أنه تم تطوير مؤتمر سرطان الثدي ليكون ذا فائدة لممارسي الرعاية الصحية من جميع التخصصات من خلال توفير معلومات عملية لتعزيز جودة الرعاية الصحية لمرضى سرطان الثدي والاطلاع على أحدث المستجدات المتعلقة بسبل الوقاية والكشف المبكر والتشخيص والعلاج التي من شأنها تحسين جودة الرعاية المقدمة.
وقالت الدكتورة جولي ديكوك، الباحثة في العلاجات المناعية لسرطان الثدي في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي أن مثل هذه الحملات التي تطلقها المؤسسات وتستهدف كافة الشرائح «تُساهم في توعية الناس بشكل أكبر حول كيفية تأثير النظام الغذائي والبيئة المحيطة في تطور مرض السرطان، كما تُساعدهم ليكونوا أكثر إدراكًا لفوائد الفحص والكشف المبكر لهذا المرض. وهذا الأمر في غاية الأهمية، حيث إن علاج سرطان الثدي يكون أسهل في مراحله الأولى، وكلما تطوّر المرض يُصبح في غاية الصعوبة».
ويأتي سرطان الثدي في المرتبة الثانية من بين أكثر أمراض السرطان تسبُّبًا بوفاة النساء حول العالم، وبين النساء القطريات، وهو أحد أكثر أشكال السرطان شيوعا، ومن المتوقع أن ترتفع نسبة الإصابات الجديدة به بمعدل 60 ٪ خلال الأعوام الستة المقبلة.
واعتبرت الدكتورة منال كرم، الباحثة في معهد قطر لبحوث الطب الحَيوي، والتي تسعى لتطوير علاجات جديدة للسرطان باستخدام الاستراتيجيات الصيدلانية والخلوية: أن للمرض أدوات مستخدمة في البحوث، تساهم في تطوير علاجات له.
كلية العلوم الصحية في جامعة قطر نظمت بدورها حملة للتوعية بسرطان الثدي تحت شعار «أنا أستطيع، نحن نستطيع». وقد شهدت الحملة مساهمة نشطة وفعالة من جميع الأقسام في الكلية، والجمعية القطرية للسرطان، ومعهد قطر للبحوث الحيوية الطبية.
وحاولت عدة جهات استضافة عدد من السيدات اللواتي أصبن بالسرطان ليروين للجمهور قصصهن معه وسبل مواجهته. وشاركت برناديت أبيلانا الحضور قصتها مع سرطان الثدي ونوهت بأهمية دعم المجتمع لمرضى السرطان لتعزيز قوتهم في محاربته خلال رحلة علاجهم.
وقالت البروفيسور أسماء آل ثاني عميد كلية العلوم الصحية ومدير مركز البحوث الحيوية الطبية في جامعة قطر نحتفل كل عام بطرق مختلفة عن طريق طرح مواضيع وأنشطة توعوية هادفة، وتم تكريس الجهود في هذا العام لنقل الحملة إلى مستوى آخر ونشر الوعي إلى حد أكبر لتشمل شريحة كبيرة من أطياف المجتمع القطري.
وجاءت هذه الفعاليات بمناسبة الشهر العالمي للتوعية حول سرطان الثدي أو الزهري تشرين الأول/اكتوبر وهي مبادرة بدأ العمل فيها على المستوى الدولي في 2006 وتقوم مواقع حول العالم باتخاذ اللون الزهري أو الوردي كشعار لها من أجل التوعية من مخاطر سرطان الثدي، كما تنظم حملات خيرية دولية من أجل رفع التوعية والدعم وتقديم المعلومات والمساندة ضد هذا المرض.
سليمان حاج إبراهيم