لندن ـ «القدس العربي»: تدخلت إدارة قناة «العربية» ومجموعة «أم بي سي» لحذف مقال منشور على موقع «العربية نت» التابع للقناة، بعد أن أثار غضباً وانتقادات واسعة في تونس واعتبر مسيئاً للوحدة الوطنية وللشعب التونسي، وهو ما اضطر كاتب المقال أيضاً للاعتذار عنه علناً والاعتراف بأن إدارة تحرير الموقع قامت بحذفه.
وتعود تفاصيل القصة الى قيام موقع «العربية نت» التابع رسمياً لقناة العربية بنشر مقال تحت عنوان «حالة احتقان اجتماعي.. ودعوات لانفصال الجنوب» لكاتبه الصحافي التونسي منذر بالضيافي الذي يعمل مراسلاً للموقع، حيث تناول فيه الاحتجاجات التي تشهدها منطقة بن قردان في الجنوب الشرقي التونسي، وهو ما تسبب بحالة من الغضب الواسع في تونس وانتقادات كبيرة انعكست على شبكات التواصل الاجتماعي التي ازدحمت بالتدوينات المعارضة لما جاء في المقال.
واعتبر كثير من التونسيين أن المقال يُشكل محاولة لضرب الوحدة الوطنية في تونس، وتحريض المحتجين على توسيع مطالبهم بما يصل الى إثارة حالة من الفوضى في البلاد، ودفعهم نحو المطالبة بالانفصال، فيما اعتبر كثير من المنتقدين أن المقال جانب الحقيقة والصواب عندما تحدث عن مطالب بالانفصال، وهي مطالب غير موجودة على أرض الواقع ولا علاقة للاحتجاجات بها.
وكتبت الإعلامية التونسية ضحى طليق عبر صفحتها على «فيسبوك» تطالب النيابة العامة بالتحرك لمقاضاة الصحافي والموقع، وأضافت: «بما أنّه يوجد قانون يجرّم الإرهاب ويجرم كل من يدعمه ويمجده ويحرض عليه، فهل لدينا قانون يجرّم كل من يوهم خاصة من الإعلام، بوجود دعوات انفصال بما يهدد وحدة التراب الوطني وسيادته؟».
وكشف مصدر في قناة «العربية» تحدث لـ«القدس العربي» أن الادارة العليا للقناة تدخلت سريعاً لحذف المقال الذي أغضب التونسيين، مشيراً الى أن القناة خشيت من أن يتحول الأمر الى أزمة سياسية بين السعودية وتونس، حيث أن القناة مملوكة للسعودية ويديرها الاعلامي السعودي المعروف تركي الدخيل.
وبحسب المصدر فإن المراسل صاحب التقرير تلقى «توبيخاً» من إدارة القناة وإدارة تحرير الموقع بسبب التقرير، كما أن المحرر المسؤول تلقى «لوماً» على نشره التقرير الوارد من المراسل دون الالتفات الى حساسية ما فيه من مادة، فضلاً عن عدم دقة المعلومات الواردة فيه ومحاولة التهويل من شأن الاحتجاجات التي تشهدها منطقة جنوب شرق تونس.
واضطر كاتب المقال، ومراسل «العربية نت» في تونس منذر بالضيافي، إلى الاعتذار علناً عمَّا تسبب به من غضب وأذى في أوساط المواطنين التونسيين، وقال في تدوينة له على «فيسبوك»: «الى كل التونسيين، أعتذر عّما فُهم في مقال سابق على أنه دعوة لانفصال اقليم عن وطننا العزيز تونس، ودرءا للشبهات ودفاعا عن مواقفي ومبادئي المتمسكة بوحدة تونس واستقرارها، فقد تم سحب المقال وفي ذلك ايضا تعبير من الموقع على انه مع وحدة تونس وليس له نوايا غير ذلك مثلما ذهب لذلك البعض».
وأضاف بالضيافي: «أريد أن أشير الى أنني من أكثر المدافعين عن وحدة تراب تونس وغيور عليها، كما أحترم كل شعبها من بنزرت الى بن قردان، وهي قناعة لا تحتاج الى تأكيد أو برهان».
وتابع: «أنا تعلمتُ في الدرس الأول في قسم علم الاجتماع أن تونس بلد ومجتمع منسجم إثنيا ودينياً وطبيعياً، وبالتالي لا يمكن أن يكون في يوم من الأيام يعاني من التفكك أو نعرات الجهوية او الانقسام».
وفور سحب المقال الأول الذي اعتبره البعض مسيئاً للوحدة الوطنية في تونس، نشرت «العربية نت» مقالاً بديلا تحت عنوان: «التونسيون يرفضون كل دعوة لضرب الوحدة الوطنية».
وقال بالضيافي: «أنشر هذا التقرير بعد سحب الاول وأجددُ اعتذاري على المنشور السابق، كما أتفهم ردود البعض حتى وان كان في البعض منها تهجماً وإساءة وشيوع لنظرية المؤامرة.. شكراً لمن تفهمني ووثق أنني لا يمكن أن أروج الأراجيف ضد بلدي وأنني وطني مثلهم».
وكتبت «العربية نت» في المقال البديل ما يشبه التصحيح لما ورد في المقال السابق المثير للجدل، حيث نقلت عن الناشط الحقوقي مصطفى عبد الكبير تأكيده أن «الشعارات التي تم رفعها في الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها مدينة بن قردان كانت شعارات تُذكر الحكومة بالتزاماتها، وهي شعارات تطالب في الأساس بالتنمية والتوزيع العادل للثروات ولا تحمل أي دعوات للانفصال».
وأكد المقال أن المجتمع التونسي «مجتمع منسجم إثنياً وثقافياً وطبيعياً وجغرافياً، فضلاً عن تجذر وتعمق الشعور بالوحدة الوطنية لدى كافة التونسيين وفي كافة المناطق».
وانتهى المقال الى القول «إن التركيبة النفسية والاجتماعية للمجتمع التونسي لا يوجد فيها أي استبطان لوجود نوايا تمثل خطراً يهدد الوحدة الوطنية وتحديداً الوحدة الترابية».
يشار الى أن ثورات الربيع العربي بدأت من تونس عندما أحرق شاب تونسي فقير وفي مقتبل العمر نفسه احتجاجا على ظروفه في أواخر العام 2010، وهو الشاب محمد البوعزيزي الذي تحول لاحقاً الى رمز للتمرد على الظلم ورمز للثورة، وباحراق نفسه في بلدته الصغيرة بدأت احتجاجات ضد نظام المخلوع زين العابدين بن علي، امتدت تدريجياً الى العاصمة التونسية واقتلعت النظام ففر بن علي هارباً، حيث لا زال منذ ذلك الوقت متواريا عن الأنظار يقيم في مدينة جدة الساحلية غربي السعودية.
وبعد نجاح ثورة تونس في بداية العام 2011 اندلعت شرارة «الربيع العربي» وامتد الثورات الى ليبيا ومصر واليمن وسوريا، وأطاحت بأنظمة الاستبداد في تلك الدول باستثناء سوريا التي ظل نظام بشار الأسد صامداً فيها حتى الآن بفضل دعم عسكري لا محدود تلقاه من إيران وروسيا.
الحمد لله أنني في القدس الغراء التي توفر هامشا للتعليق على كل مقال وإذا جاء ذكر تونس في إحدى أعمدة الجريدة إلا وكانت تعليقاتي، حتى لا أزكي نفسي، بناءة تصب في خانة الدعوة إلى إصلاح تونس ومحاربة الفساد ومقاومة الإرهاب والحفاظ على وحدة تونس وانتقاد الأخطاء في كنف الإحترام واقتراح حلول وإصلاح ما يمكن إصلاحة بعد الإشارة إلى موضع الداء. ولا أريد من ذلك لا مال ولا جاه ولا مناصب ولا سيارة ولا حساب في البنك ولا في البريد كل ما أريده هو أن أرى تونس جنة على وجه الأرض ينعم جميع أهلها بالخير. وأن تكون تونس نموذجا للنجاح والتقدم. وستنهض تونس رغما عن الأعداء. ولا عاش في تونس من خانها ولا عاش ليس من جندها.
هل هناك نسخة من حفتر جديد يجري تصديرها لمنطقة بن قردان بتونس لتكرار ما يجرى في بنغازي بليبيا ؟
ما هذا الحقد على ربيع العرب ؟
ولا حول ولا قوة الا بالله
يا أخ الكروي
تونس متماسكة بأبنائها البررة رغم الحيف إلا أن تونس تجمع الجميع من الوطنيين. كان الفضل لبورقيبة أن قضى على القبلية وعلى العروشية مباشرة بعد الإستقلال. وقد حاول أعداء تونس إثارة نعرة القبلية بعد اندلاع الثورة في منطقة المناجم في الجنوب الغربي من البلاد التونسية إلا أنهم لم يفلحوا بفضل العقلاء الذين أخمدوا الفتنة هناك.
بالنسبة لبن قردان فقد شهد العالم كيف تصدى التوانسة للإرهابيين فكانت ملحمة من التوانسة أبهرت العالم. لا مكان للإرهاب في تونس.