في سجال علني نادر بين بغداد وواشنطن، اصرت الادارة الامريكية امس على تنفيذ قرارها بنشر قوات خاصة في العراق، على الرغم من ان رئيس الوزراء حيدر العبادي اعلن بوضوح ان حكومته ترفض ذلك القرارالذي اتخذ دون التشاور معها.
واكد العبادي في بيان نشر في وقت متأخر الثلاثاء «عدم الحاجة لقوات قتالية برية أجنبية على الارض العراقية»، مشيدا بدور القوات العراقية.
واضاف البيان ان الحكومة العراقية تشدد «على ان اي عملية عسكرية او انتشار لأي قوة اجنبية خاصة او غير خاصة في اي مكان في العراق لا يمكن ان يتم دون موافقتها والتنسيق معها».
الا ان وزير الخارجية جون كيري قال في بروكسل «بالطبع ابلغت الحكومة العراقية مسبقا بإعلان الوزير كارتر».
انه مسلسل امريكي متواصل لانتهاك ما تبقى من سيادة العراق، وجرت احدى حلقاته منذ اسابيع قليلة عندما قامت قوات كوماندوز امريكية بدخول العراق، وساعدت البيشمركه الكردية في عملية لتحرير الرهائن في الشمال.
الا ان المهمة تبدو مختلفة هذه المرة، وحسبما اشار كيري فانه على الرغم من «ان القوات الخاصة الجديدة ستتمركز في العراق، لكنها ستكون قادرة ايضا على شن هجمات عبر الحدود في شمال سوريا».
ويبدو ان تلك القوات مكونة من جنود «فائقي القدرات» ، مثل شخصية رامبو الامريكية الشهيرة، ما سيمكنها من تحقيق كل هذه الانجازات في البلدين رغم ان عددها لن يتجاوز المائة حسب تصريحات متحدث امريكي.
ويظل مشروعا كذلك ان يسأل المراقب عن اسباب هذا الاهتمام المفاجئ بالاوضاع في سوريا والعراق، حتى وصل الامر الى ارسال قوات برية رغم انف الحكومة العراقية ذاتها؟
وهل تتعلق الاسباب بالتغييرات في موازين القوى التي تعرفها ساحات القتال في البلدين مؤخرا، وخاصة بعد التدخل العسكري الموسع لقوى عظمى مثل روسيا وفرنسا والمانيا، وكذلك بريطانيا التي يتوقع ان تلحق بهم في القريب العاجل بعد الموافقة المنتظرة من مجلس العموم مساء امس الاربعاء؟
هل استيقظ الضمير الامريكي فجأة وقرر اغاثة آلاف الضحايا من المدنيين؟ ام ان ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما تحاول، وهي تلعب في «الوقت الضائع» بلغة كرة القدم، تسجيل اي هدف ممكن مع تسارع الاستعدادات لتقاسم «خارطة ما بعد هزيمة تنظيم الدولة» في البلدين، والتي لا يستبعد البعض ان تكون بمثابة «سايكس بيكو جديدة».
نعم لقد كانت هجمات باريس نقطة تحول منطقية في سياسات البعض مؤخرا، الا ان الحشود العسكرية الضخمة، و«الاكتشاف المفاجئ» لأهمية وجود قوات برية لانجاز مهمة القضاء على تنظيم «الدولة» ترجح ان المشهد اصبح اقرب الى اجندات دولية تتزاحم وتتصارع في العراق وسوريا، منه الى «مشروع تحالف دولي موسع» لمكافحة الارهاب كما يقول البعض.
ويبقى العامل الطائفي حاكما في فهم حسابات الوضع العراقي للأسف. اذ ان مسارعة الميليشيات الشيعية الى رفض القوات الامريكية الخاصة بل والتعهد بمحاربتها تعبرعن قلقها من ازعاج هيمنتها البرية المدعومة ايرانيا، فيما يتكرس تحالف عسكري بين واشنطن واربيل اثبت نجاعته في استعادة سنجار مؤخرا من تنظيم «الدولة»، بعيدا عن حكومة بغداد.
وبين هذه الاجندات المتحاربة، لا يبدو في الافق اي مشروع وطني حقيقي لانتشال العراق من فشله او تشرذمه. واذا بقي ثمة حديث عن «حل سياسي» سواء في العراق او حتى عبر حدوده السورية التي اختفت من الوجود، فانما يهدف غالبا الى ذر الرماد في العيون، مع اقتراب مأمول لحسم على الارض سيفرض نفسه على طاولة المفاوضات.
فهل ثمة امل في التوصل الى استراتيجية عربية وسط هذا الصراع الذي ينذر بالخروج عن السيطرة، وعن حدود العراق وسوريا؟ وهل من نهاية لهذا التشرذم العربي الذي هو جزء اصيل في عمق هذا المشهد السوريالي؟ ام ان العرب سيكتفون بتذكر قول شاعرهم العظيم ابي نواس:
دع عنك لومي فـإن اللوم إغراءُ
وداوني بالتي كانت هي الداءُ؟
رأي القدس
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
لماذا هذا التطبيل والتزمير من قبل العبادي على التدخل العسكري
الاميريكي ؟؟؟ ألم يوقع ممثلي حزبه والاحزاب الاخرى في مجلس النواب العراقي بعد تمحيص الاتفاقية الامنية العراقية الاميريكية عبر الفترة 2008-2011 والتي تم على أثرها أنسحاب القوات الاميريكية المحتلة لمدة 9 أعوام من العراق…
ألا يظن ” المرأ العاقل ” أن هنالك بنود سرية تشمل كل ما تقوم به أميريكا في العراق حالياً ؟؟؟ أعتقد أن العبادي يذر الرماد بعيون الشعب العراقي بالدرجة الاولى والعرب الاخرين بالدرجة الثانية….ولا حول ولا قوة ألا بالله العلي العظيم !!!