■ لا يعرف كثيرون ان قيس خزعلي قائد عصائب الحق الشيعية كان رفيق محمد الدقدوق مساعد عماد مغنية، قيادي حزب الله، الذي اغتيل قبل سنوات في دمشق، ونشرت صحيفة اسرائيلية وقتها معلومات اشارت الى ان اغتيال مغنية تم اعتمادا على معلومات حصل عليها الاسرائيليون من الدقدوق، الذي اعتقلته القوات الامريكية في البصرة برفقة الخزعلي بعد تدبيرهم عملية عسكرية خاصة قتلوا فيها خمسة جنود امريكيين في جنوب العراق .
اطلق سراح الدقدوق والخزعلي بعد خروج القوات الامريكية، وعاد الدقدوق لبيروت عام 2012 في صفقة امريكية ايرانية، وبرز دور الخزعلي اكثر كزعيم شيعي شاب يقود ميليشيا مدعومة من ايران، على الرغم من خلافه وانفصاله عن مقتدى الصدر الذي كان ناطقا باسمه في معارك النجف الاولى عام 2004 .لكن كثيرين ايضا قد يتفاجئون ان الخزعلي (حليف ايران القوي في العراق اليوم) كان متمردا على الوصاية الايرانية على شيعة العراق بعد الاحتلال الامريكي، فبعد سقوط بغداد قتل الصدريون الخوئي ليبرزوا اكثر كقوة منافسة لحلفاء ايران عند شيعة العراق، وبات الخزعلي تحديدا مكروها من التيار الشيعي المقرب من ايران، كالمجلس الاعلى وحزب والدعوة، فقد نظر اليه كممثل لـ»التشيع العروبي» على خطى زعيمه محمد محمد صادق الصدر، المرجع الشيعي العربي بين ثلاثة مراجع كبار للشيعة، كلهم ليسوا عربا وليسوا عراقيين (السيستاني ايراني والنجفي باكستاني والفياض افغاني فقط الحكيم عربي).
اذن ما الذي دفع الخزعلي للارتماء في احضان ايران بعد ان كان مترددا؟
التقيت بالخزعلي اخر مرة في «البراني» بمقر مقتدى الصدر، اثناء معركة النجف الاولى عام 2004، وفي حديث لم انشره من قبل قال لي الخزعلي، ان الايرانيين يضغطون عليه وعلى التيار الصدري باستمرار ليكون مواليا لهم، وان قياديا مقربا من خامنئي عرض عليهم صفقة تقتضي الولاء للايرانيين مقابل ان يصبح التيار الصدري هو المفضل على تيار الحكيم وحزب الدعوة في العراق، ويتلقى الدعم الاكبر ماليا وعسكريا.
كان الخزعلي يتحدث عن العرض الايراني مزهوا، كونه يدلل على معرفة ايران بثقل وزنه بالشارع الشيعي، وقال:» لقد رفضنا العرض» واخذ يتحدث عن عروبية افكاره وعروبية تياره الشيعي، ثم قال بمرارة «الحكيم والدعوة يتهماننا بالبعثية، انهما يحارباننا منذ سنوات، ويعاديان محمد صادق الصدر ويؤلبان ايران علينا، تخيل انهما اقفلا مكتب السيد الصدر في قم» .
اعتقد ان الخزعلي كان صادقا بقدرٍ ما في ميوله العروبية انذاك، صحيح ان الانتماء العقائدي الشيعي اقوى، لكن ايضا خلافات التيار الصدري مع تيار الحكيم والدعوة كانت تدفعه للتميز عنهم عراقيا، وطرح نفسه كشيعي عروبي، وقد اخبرني قيادي بارز في التيار الصدري بدمشق انهم يعرفون تمام المعرفة ان من قتل المرجع محمد صادق الصدر هم «عملاء ايران» من الاحزاب الشيعية وليس صدام حسين. لكن ما الذي حول الرجل، وما الذي حول التيار الصدري «العروبي»؟ ببساطة انه انعدام الدور العربي الرسمي في لعب اي دور في العراق، فقد تركوا فراغا ملأته ايران .
مقتدى الصدر نفسه الذي كنت اول صحافي يلتقيه في الكوفة بعد سقوط بغداد باسبوع، كان مستعدا في البداية للتحالف مع اي توجه عربي يريد ان يلعب دورا جادا في مواجهة ايران، واستغلال الخــــلاف والصــراع بين التيار الصدري الذي بقي في العراق ولم يغادر، وبين حزبي الدعوة والمجلس الاعلى، اللذين ظلا يتلقيان دعما ورعاية في طهران من الخميني فاصبح ولاؤهما محتوما .
وعندما عدت والتقيت مقتدى الصدر بعدها بعام في معركة النجف الاولى كان قد بدأ يتغير، فقد بدأ يشعر بالحاجة الى التحالف مع ايران مقابل منافسيه الشيعة، وحتى جهازه الامني في معركة النجف الاولى بدا مستلهما لاساليب حزب الله في التخفي، فبينما كنت التقيه بسهولة هو والخزعلي في مدينة الصدر عام 2003، اخرها عندما ازالت مروحية امريكية راية الحسين الخضراء في مدينة الصدر واندلعت مواجهات ومظاهرات حاشدة، وكان للخزعلي والصدر دور في التهدئة، اضطررت خلال معركة النجف الاولى عندما كان مختفيا اثناء هجوم القوات الامريكية، للقدوم لمسجد الكوفة والانتظار حتى الانتهاء من خطبة الجمعة ليخرج رجل يشبه مقتدى بعمامته ولحيته السوداء مسرعا في سيارة ويلحقه الالاف مكبرين، ليأتي رجل فجأة ويسحبني وسط الحشود من الخلف ليقول لي الشيخ قيس الخزعلي يقول لك «اتركه هذا ليس السيد مقتدى هذا شبيهه، تعال معنا نحن سننطلق في سيارة اخرى مع السيد مقتدى من الكوفة لنصل الى براني النجف».
هنا طرأ تغيير على التيار الصدري، امنيا ولوجستيا، وبدأت ايران وفيلق القدس يؤسسان لنفوذ قوي داخل التيار، اوصلتنا لان يصبح قيس الخزعلي رفيق القيادي في حزب الله محمد الدقدوق بعد ان كان يرفض اي دور ايراني للتغلغل في تياره. وهكذا فان الانظمة العربية الرسمية ليس لها عقل استراتيجي ولا مشروع، هذه الانظمة البعيدة عن شعوبها والمعتمدة على نخب مزيفة منقطعة الصلة بمجتمعها لم تخسر فقط نفوذها لدى الحركات الاسلامية السنية، التي هي جزء مؤثر من نسيج مجتمعاتها، بل خسرت ايضا نفوذها بين حلفاء مفترضين كحركات شيعية عروبية في مواجهة ايران.
حاربوا ايران مع صدام ثم حاربوا صدام، ثم ها هم يعودون ليحاربوا ايران، وفي نفس الوقت يحاربون كل من يمكن ان يكون حليفهم ضد ايران. بينما تجمع ايران صفوفها وتحيك تحالفاتها كالسجاد الايراني، الذي يحاك لسنوات من دون كلل.
اليوم يقود الخزعلي اقوى ميليشيا شيعية موالية لايران من عرب العراق، الصدريين، ابناء الناصرية والديوانية ومدينة الصدر الفقراء البسطاء، وهو ابرز المدافعين عن حكومة المالكي الذي كان يوما ما خصما لدودا له ولتياره، وبينهما دماء، وحدتهم ايران والعقيدة التي تغذيها ايران ببراعة، في غياب الانظمة العربية الرسمية عن الترويج لاي عقيدة او مشروع يخاطب هوية المجتمع العميقة.
يصول الخزعلي ويجول على مقرات الجيش العراقي للمالكي، وكأنه قائد عسكري ومعه رفيقه من ايام النجف الشيخ الشيباني، حتى الاكراد يوجه لهم الخزعلي تهديدا، ويهاجم بارزاني الذي قد يكون له ثأر قديم معه، وقتل بالامس كرديا من حي الشعب (هناك من الشيعة المؤيدين للصدر يؤكدون ان عمه ابراهيم الخزعلي كان ضابط امن في نظام الحكم السابق لصدام حسين، وكان ضمن خلية تحاول اغتيال الملا مصطفى بارزاني قبل كشفهم واعدامهم في اربيل) .
انشق عن التيار الصدري الذي كان ناطقا باسمه واصبح اكثر قربا من خصومه حلفاء ايران في الشيعية السياسية، حزب المالكي، ولا يكاد يمر يوم بدون اتهامه من قبل الصدريين رفاق الامس بانه خائن، كما يقول البعض انه منتم لمنظمة سرية تدعى السلوكية (نسبة لسلوكا عاصمة الفرس لخمس قرون وهي المدائن جنوب بغداد).
من تيار شيعي عروبي معاد لايران واحزابها الى «سلوكي» يتغنى بامجاد ايران والفرس وقائد اكبر ميليشيا موالية لايران في العراق .يهاجم الخزعلي الكرد لانه يدرك بذكائه المتقد ان استقلال الاكراد يشكل خطرا على وحدة الشيعة، فاستقلال الكرد الذي يحضر له الان، لن يتم بمعزل عن كيان سني فيدرالي، سيوقف الصراع بين الشيعة والسنة او يجمده على الاقل ، مما قد يؤدي لانهاء حالة الارتصاص والتوحد الشيعي. اما الخطر الاصولي لسنة العراق، وهو ما يعني التفات الشيعة لصراعاتهم الداخلية وعودة الخلافات والتنافس بين الصدريين والحكيم والدعوة مرة اخرى، لذلك تجد المالكي وقيادات الشيعة يرفضون بشدة اي حديث عن تقسيم العراق، ويشددون على الوحدة، لانهم يدركون ربما مآلات الصراع الشيعية الشيعية القادمة حال تم التقسيم .
٭كاتب فلسطيني
وائل عصام
اقل كلمة تقال : مقال خطير بكل المقاييس وبالنسبة لي كقارئة اضاء على تفاصيل لا لم اكن اعلمها قبل هذا .
لماذا تلومون الشيعة العرب على حبهم الى ايران ، والعرب نفسهم يلقبونهم بـــالصفويين والفرس والمجوس
لماذا لا يمد العرب ايديهم الى الشيعة العرب ويكفون هذه الطائفية السخيفة
انا شيعي .. اشعر ان ايران تحميني بقوتها .. والسبب لان العرب خذلوني ويتهموني بأني صفوي مجوسي فارسي .. فكيف اشعر بعروبتي .. والعرب يسبوني ويدفعون مليارات لقتلي بالسيارات المفخخة
لم ينعت أحد من العرب الشيعة العراقيين بأنهم فرس ومجوس وصفويين اذ أن هذه الصفات لا تنطبق الا على الأيرانيين.
أما بالنسبة لموضوع المقال, فأنا اؤيد الكاتب عن غياب أي دور للعرب في العراق الجديد ولكن الفرس مكارين ايضا فهم لا يعادون اي من هذه التنظيمات الشيعية التي فرخت جراء الأحتلال الأمريكي ولكن المكر الأيراني الصفوي المجوسي (سمه ما شئت) يكمن في الأستيلاء على كل هذه التنظيمات و جعلها تتصارع أو تتحالف حسب الطلب والغرض هو الأبقاء على هيمنة الفرس على العراق أطول فترة ممكنة ولو ضحت بكل الشيعة. فمتى يستفيق الأخوة الشيعة في العراق ؟!
بين الحق والباطل اربع اصابع
تحليل رائع.
* بغض النظر عن التفاصيل والأسرار وما يدور ف الخفاء .
* معظم ( شيعة العراق ) مع ابران وقلة ضدها أو محايدة .
* ملالي ( ايران ) : إستخدموا جميع الأساليب ( الحسنة والقذرة )
في إخضاع شيعة العراق وإجبارهم على موالاة ايران .
* إستخدموا الإغراءات المادية والمناصب القيادية للموالين .
* إستخدموا الطرد والإقصاء والقتل للمعارضين .
* في النهاية : كل مخططات ( ايران ) ف العراق ( سقطت )
والعراق ذاهب الى التقسيم على الرغم من أنف ايران والموالين لها .
شكرا والشكر موصول للأخ الكاتب .
اذا فانت تعترف ياسامح ان ايران حريصة على وحدةالعراق وان ىالسنة هم من يقسم العراق
محد حريص على وحدة العراق ﻻ تركيا وﻻ ايران وﻻ غيرها من غير المنطق ان تهتم دول اخرى بوحدة بلدنا
* حياك الله أخ ( ابن الجنوب ) .
* وهل قرأت لي ( تعليق ) في الماضي أو الحاضر قلت أنّ ( ايران )
تسعى ( لتقسيم العراق ) أو سوريا ؟؟؟
* هي يا طيب عاوزة ( الجمل بما حمل ) ؟؟؟
* عاوزة تبلع ( العراق وسوريا ) ونصف ( لبنان ) ولا تبحث عن التقسيم .
* ألم تسمع تصريحات بعض الساسة في طهران عندما صرحوا :
أنّ ( سوريا ) محافظة إيرانية ؟؟؟
* طبعا هم حاولوا وما زالوا يحاولون الإستيلاء ع العراق بالكامل .
شكرا .
شكراً للاستاذ وائل على المقال الذي جاء بمعلومات عن قيس الخزعلي لم أكن مطلعاً عليها…
قيس الخزعلي وأبو بكر البغدادي هما قطبي الشر الذي يترأسان عصائب ” الباطل ” و ” دولة اللا أسلام ” الذي أبتلى بهما العراق بسبب فشل الذين يدعون أنهم سياسيوا العراق ما بعد 2003 وما المالكي ومافعل عبر الاعوام الثمانية الماضية ألا مثال على ما أقول…
وحدة العراق لا تأتي بالاماني والادعية ولا حتى بالقوة…أنما بالسلم الاهلي والعدل الاجتماعي وتحريم بل و تجريم الممارسات الطائفية ما بين الشيعة والسنة ثم تفعيل الاساليب الديمقراطية الحقيقية المتعارف عليها دولياً و العمل على فصل السلطات الثلاثة فصلاً كاملاً و نهائياً ثم العمل على مصالحة وطنية شاملة وأعادة كتابة الدستور (الفاشل) الذي تسبب في معظم ما نشهده من خراب في الوطن الذي تحمل ويتحمل الكثير…